الباحث القرآني
وهي مَدَنِيَّةٌ.
قالَ القُرْطُبِيُّ في قَوْلِ الجَمِيعِ.
وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ، والنَّحّاسُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الحَشْرِ بِالمَدِينَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبّاسٍ: سُورَةُ الحَشْرِ، قالَ: سُورَةُ النَّضِيرِ: يَعْنِي أنَّها نَزَلَتْ في بَنِي النَّضِيرِ كَما صَرَّحَ بِذَلِكَ في بَعْضِ الرِّواياتِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ وهو العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذا في سُورَةِ الحَدِيدِ.
﴿هو الَّذِي أخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ مِن دِيارِهِمْ لِأوَّلِ الحَشْرِ﴾ هم بَنُو النَّضِيرِ، وهم رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ مِن ذُرِّيَّةِ هارُونَ، نَزَلُوا المَدِينَةَ في فِتَنِ بَنِي إسْرائِيلَ انْتِظارًا مِنهم لِمُحَمَّدٍ ﷺ، فَغَدَرُوا بِالنَّبِيِّ ﷺ بَعْدَ أنْ عاهَدُوهُ، وصارُوا عَلَيْهِ مَعَ المُشْرِكِينَ، فَحاصَرَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتّى رَضُوا بِالجَلاءِ.
قالَ الكَلْبِيُّ: كانُوا أوَّلَ مَن أُجْلِيَ مِن أهْلِ الذِّمَّةِ مِن جَزِيرَةِ العَرَبِ، ثُمَّ أُجْلِيَ آخِرُهم في زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ، فَكانَ جَلاؤُهم أوَّلَ حَشْرٍ مِنَ المَدِينَةِ، وآخِرَ حَشْرٍ إجْلاءُ عُمَرَ لَهم.
وقِيلَ إنَّ أوَّلَ الحَشْرِ إخْراجُهم مِن حُصُونِهِمْ إلى خَيْبَرَ، وآخِرَ الحَشْرِ إخْراجُهم مِن خَيْبَرَ إلى الشّامِ، وقِيلَ آخِرُ الحَشْرِ هو حَشْرُ جَمِيعِ النّاسِ إلى أرْضِ المَحْشَرِ، وهي الشّامُ.
قالَ عِكْرِمَةُ: مَن شَكَّ أنَّ المَحْشَرَ يَوْمَ القِيامَةِ في الشّامِ فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الآيَةَ، وأنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ لَهم: اخْرُجُوا، قالُوا إلى أيْنَ ؟ قالَ إلى أرْضِ المَحْشَرِ.
قالَ ابْنُ العَرَبِيِّ: الحَشْرُ أوَّلُ وأوْسَطُ وآخِرُ.
فالأوَّلُ إجْلاءُ بَنِي النَّضِيرِ، والأوْسَطُ إجْلاءُ أهْلِ خَيْبَرَ، والآخِرُ يَوْمَ القِيامَةِ.
وقَدْ أجْمَعَ المُفَسِّرُونَ عَلى أنَّ هَؤُلاءِ المَذْكُورِينَ في الآيَةِ هم بَنُو النَّضِيرِ، ولَمْ يُخالِفْ في ذَلِكَ إلّا الحَسَنُ البَصْرِيُّ فَقالَ: هم بَنُو قُرَيْظَةَ، وهو غَلَطٌ. فَإنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ ما حُشِرُوا، بَلْ قُتِلُوا «بِحُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ لَمّا رَضُوا بِحُكْمِهِ، فَحَكَمَ عَلَيْهِمْ بِأنْ تُقْتَلَ مُقاتِلَتُهم، وتُسْبى ذَرارِيُّهم، وتُغْنَمَ أمْوالُهم، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِسَعْدٍ: لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِن فَوْقِ سَبْعَةِ أرْقِعَةٍ» .
واللّامُ في ﴿لِأوَّلِ الحَشْرِ﴾ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ " أخْرَجَ "، وهي لامُ التَّوْقِيتِ كَقَوْلِهِ: ﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: ٧٨] .
﴿ما ظَنَنْتُمْ أنْ يَخْرُجُوا﴾ هَذا خِطابٌ لِلْمُسْلِمِينَ: أيْ ما ظَنَنْتُمْ أيُّها المُسْلِمُونَ أنَّ بَنِي النَّضِيرِ يَخْرُجُونَ مِن دِيارِهِمْ لِعِزَّتِهِمْ ومَنَعَتِهِمْ، وذَلِكَ أنَّهم كانُوا أهْلَ حُصُونٍ مانِعَةٍ وعَقارٍ ونَخِيلٍ واسِعَةٍ، وأهْلَ عَدَدٍ وعُدَّةٍ ﴿وظَنُّوا أنَّهم مانِعَتُهم حُصُونُهم مِنَ اللَّهِ﴾ أيْ وظَنَّ بَنُو النَّضِيرِ أنَّ حُصُونَهم تَمْنَعُهم مِن بَأْسِ اللَّهِ، وقَوْلُهُ " مانِعَتُهم " خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وحُصُونُهم مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ.
والجُمْلَةُ خَبَرُ " أنَّهم " .
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ﴿مانِعَتُهُمْ﴾ خَبَرَ أنَّهم " وحُصُونُهم " فاعِلَ ﴿مانِعَتُهم﴾ .
ورَجَّحَ الثّانِيَ أبُو حَيّانَ.
والأوَّلُ أوْلى ﴿فَأتاهُمُ اللَّهُ مِن حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾ أيْ أتاهم أمْرُ اللَّهِ مِن حَيْثُ لَمْ يَخْطُرْ بِبالِهِمْ أنَّهُ يَأْتِيهِمْ أمْرُهُ مِن تِلْكَ الجِهَةِ.
وهُوَ أنَّهُ سُبْحانَهُ أمَرَ نَبِيَّهُ ﷺ بِقِتالِهِمْ وإجْلائِهِمْ وكانُوا لا يَظُنُّونَ ذَلِكَ.
وقِيلَ هو قَتْلُ رَئِيسِهِمْ كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، والسُّدِّيُّ، وأبُو صالِحٍ.
فَإنَّ قَتْلَهُ أضْعَفَ شَوْكَتَهم.
وقِيلَ إنَّ الضَّمِيرَ في أتاهم و﴿لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾ لِلْمُؤْمِنِينَ: أيْ فَأتاهم نَصْرُ اللَّهِ مِن حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا.
والأوَّلُ أوْلى لِقَوْلِهِ: ﴿وقَذَفَ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ فَإنَّ قَذْفَ الرُّعْبِ كانَ في قُلُوبِ بَنِي النَّضِيرِ لا في قُلُوبِ المُسْلِمِينَ.
قالَ أهْلُ اللُّغَةِ: الرُّعْبُ الخَوْفُ الَّذِي يُرْعِبُ الصَّدْرَ: أيْ يَمْلَؤُهُ، وقَذْفُهُ إثْباتُهُ فِيهِ.
وقِيلَ كانَ قَذْفُ الرُّعْبِ في قُلُوبِهِمْ بِقَتْلِ سَيِّدِهِمْ كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ، والأوْلى عَدَمُ تَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ وتَفْسِيرِهِ بِهِ.
بَلِ المُرادُ بِالرُّعْبِ الَّذِي قَذَفَهُ اللَّهُ في قُلُوبِهِمْ هو الَّذِي ثَبَتَ في الصَّحِيحِ مِن قَوْلِهِ ﷺ: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ» (p-١٤٧٣)﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهم بِأيْدِيهِمْ وأيْدِي المُؤْمِنِينَ﴾ وذَلِكَ أنَّهم لَمّا أيْقَنُوا بِالجَلاءِ حَسَدُوا المُسْلِمِينَ أنْ يَسْكُنُوا مَنازِلَهم فَجَعَلُوا يُخْرِبُونَها مِن داخِلٍ، والمُسْلِمُونَ مِن خارِجٍ.
قالَ قَتادَةُ، والضَّحّاكُ: كانَ المُؤْمِنُونَ يُخَرِّبُونَ مِن خارِجٍ لِيَدْخُلُوا، واليَهُودُ مِن داخِلٍ لِيَبْنُوا بِهِ ما خُرِّبَ مِن حِصْنِهِمْ.
قالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى تَخْرِيبِها بِأيْدِي المُؤْمِنِينَ أنَّهم عَرَّضُوها لِذَلِكَ.
قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿يُخْرِبُونَ﴾ بِالتَّخْفِيفِ.
وقَرَأ الحَسَنُ، والسُّلَمِيُّ، ونَصْرُ بْنُ عاصِمٍ، وأبُو العالِيَةِ، وأبُو عَمْرٍو بِالتَّشْدِيدِ.
قالَ أبُو عَمْرٍو: إنَّما اخْتَرْتُ القِراءَةَ بِالتَّشْدِيدِ؛ لِأنَّ الإخْرابَ تَرْكُ الشَّيْءِ خَرابًا، وإنَّما خَرَّبُوها بِالهَدْمِ.
ولَيْسَ ما قالَهُ بِمُسَلَّمٍ، فَإنَّ التَّخْرِيبَ والإخْرابَ عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ بِمَعْنًى واحِدٍ.
قالَ سِيبَوَيْهِ: إنَّ مَعْنى فَعَّلْتَ وأفْعَلْتَ يَتَعاقَبانِ نَحْوَ أخْرَبْتَهُ وخَرَّبْتَهُ أفْرَحْتَهُ وفَرَّحْتَهُ واخْتارَ القِراءَةَ الأُولى أبُو عُبَيْدٍ، وأبُو حاتِمٍ.
قالَ الزُّهْرِيُّ، وابْنُ زَيْدٍ، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: لَمّا صالَحَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ عَلى أنَّ لَهم ما أقَلَّتِ الإبِلُ كانُوا يَسْتَحْسِنُونَ الخَشَبَةَ أوِ العَمُودَ فَيَهْدِمُونَ بُيُوتَهم ويَحْمِلُونَ ذَلِكَ عَلى إبِلِهِمْ ويُخَرِّبُ المُؤْمِنُونَ باقِيَها.
وقالَ الزُّهْرِيُّ أيْضًا: يُخَرِّبُونَ بُيُوتَهم بِنَقْضِ المُعاهَدَةِ وأيْدِي المُؤْمِنِينَ بِالمُقاتَلَةِ، وقالَ أبُو عَمْرٍو: بِأيْدِيهِمْ في تَرْكِهِمْ لَها وبِأيْدِي المُؤْمِنِينَ في إجْلائِهِمْ عَنْها، والجُمْلَةُ إمّا مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيانِ ما فَعَلُوهُ، أوْ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ ﴿فاعْتَبِرُوا ياأُولِي الأبْصارِ﴾ أيِ اتَّعِظُوا وتَدَبَّرُوا وانْظُرُوا فِيما نَزَلَ بِهِمْ يا أهْلَ العُقُولِ والبَصائِرِ.
قالَ الواحِدِيُّ: ومَعْنى الِاعْتِبارِ النَّظَرُ في الأُمُورِ لِيُعْرَفَ بِها شَيْءٌ آخَرُ مِن جِنْسِها.
﴿ولَوْلا أنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاءَ لَعَذَّبَهم في الدُّنْيا﴾ أيْ لَوْلا أنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الخُرُوجَ مِن أوْطانِهِمْ عَلى ذَلِكَ الوَجْهِ وقَضى بِهِ عَلَيْهِمْ لَعَذَّبَهم بِالقَتْلِ والسَّبْيِ في الدُّنْيا كَما فَعَلَ بِبَنِي قُرَيْظَةَ.
والجَلاءُ مُفارَقَةُ الوَطَنِ، يُقالُ جَلا بِنَفْسِهِ جَلاءً، وأجْلاهُ غَيْرُهُ إجْلاءً.
والفَرْقُ بَيْنَ الجَلاءِ والإخْراجِ وإنْ كانَ مَعْناهُما في الإبْعادِ واحِدًا مِن جِهَتَيْنِ: إحْداهُما أنَّ الجَلاءَ ما كانَ مَعَ الأهْلِ والوَلَدِ، والإخْراجَ قَدْ يَكُونُ مَعَ بَقاءِ الأهْلِ والوَلَدِ.
الثّانِي أنَّ الجَلاءَ لا يَكُونُ إلّا لِجَماعَةٍ.
والإخْراجَ يَكُونُ لِجَماعَةٍ ولِواحِدٍ.
كَذا قالَ الماوَرْدِيُّ ﴿ولَهم في الآخِرَةِ عَذابُ النّارِ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ غَيْرُ مُتَعَلِّقَةٍ بِجَوابِ لَوْلا مُتَضَمِّنَةٌ لِبَيانِ ما يَحْصُلُ لَهم في الآخِرَةِ مِنَ العَذابِ وإنْ نَجَوْا مِن عَذابِ الدُّنْيا.
والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ذَلِكَ إلى ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الجَلاءِ في الدُّنْيا والعَذابِ في الآخِرَةِ ﴿بِأنَّهم شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ أيْ بِسَبَبِ المُشاقَّةِ مِنهم لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ بِعَدَمِ الطّاعَةِ والمَيْلِ مَعَ الكُفّارِ ونَقْضِ العَهْدِ ﴿ومَن يُشاقِّ اللَّهَ فَإنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ اقْتَصَرَ هاهُنا عَلى مُشاقَّةِ اللَّهِ؛ لِأنَّ مُشاقَّتَهُ مُشاقَّةٌ لِرَسُولِهِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ يُشاقِّ بِالإدْغامِ.
وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْفَعِ " يُشاقِقُ " بِالفَكِّ.
﴿ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ أوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإذْنِ اللَّهِ﴾ قالَ مُجاهِدٌ: إنَّ بَعْضَ المُهاجِرِينَ وقَعُوا في قَطْعِ النَّخْلِ فَنَهاهم بَعْضُهم، وقالُوا: إنَّما هي مَغانِمُ لِلْمُسْلِمِينَ، وقالَ الَّذِينَ قَطَعُوا: بَلْ هو غَيْظٌ لِلْعَدُوِّ، فَنَزَلَ القُرْآنُ بِتَصْدِيقِ مَن نَهى عَنْ قَطْعِ النَّخْلِ وتَحْلِيلِ مَن قَطَعَهُ مِنَ الإثْمِ فَقالَ: ﴿ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ﴾ قالَ قَتادَةُ، والضَّحّاكُ: إنَّهم قَطَعُوا مِن نَخِيلِهِمْ وأحْرَقُوا سِتَّ نَخَلاتٍ.
وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ: إنَّهم قَطَعُوا نَخْلَةً وأحْرَقُوا نَخْلَةً، فَقالَ بَنُو النَّضِيرِ وهم أهْلُ كِتابٍ: يا مُحَمَّدُ ألَسْتَ تَزْعُمُ أنَّكَ نَبِيٌّ تُرِيدُ الصَّلاحَ، أفَمِنَ الصَّلاحِ قَطْعُ النَّخْلِ وحَرْقُ الشَّجَرِ ؟ وهَلْ وجَدْتَ فِيما أُنْزِلَ عَلَيْكَ إباحَةَ الفَسادِ في الأرْضِ ؟ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ووَجَدَ المُسْلِمُونَ في أنْفُسِهِمْ فَنَزَلَتِ الآيَةُ.
ومَعْنى الآيَةِ: أيُّ شَيْءٍ قَطَعْتُمْ مِن ذَلِكَ أوْ تَرَكْتُمْ فَبِإذْنِ اللَّهِ، والضَّمِيرُ في ﴿تَرَكْتُمُوها﴾ عائِدٌ إلى " ما " لِتَفْسِيرِها بِاللِّينَةِ، وكَذا في قَوْلِهِ: ﴿قائِمَةً عَلى أُصُولِها﴾ ومَعْنى " عَلى أُصُولِها ": أنَّها باقِيَةٌ عَلى ما هي عَلَيْهِ.
واخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ في تَفْسِيرِ اللِّينَةِ، فَقالَ الزُّهْرِيُّ، ومالِكٌ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمَةُ، والخَلِيلُ: إنَّها النَّخْلُ كُلُّهُ إلّا العَجْوَةَ.
وقالَ مُجاهِدٌ: إنَّها النَّخْلُ كُلُّهُ ولَمْ يَسْتَثْنِ عَجْوَةً ولا غَيْرَها.
وقالَ الثَّوْرِيُّ: هي كِرامُ النَّخْلِ.
وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: إنَّها جَمِيعُ أنْواعِ التَّمْرِ سِوى العَجْوَةِ والبَرْنِيِّ.
وقالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: إنَّها العَجْوَةُ خاصَّةً، وقِيلَ: هي ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ، يُقالُ لِتَمْرِهِ: اللَّوْنُ، تَمْرُهُ أجْوَدُ التَّمْرِ.
وقالَ الأصْمَعِيُّ: هي الدَّقَلُ، وأصْلُ اللِّينَةِ لِوْنَةٌ فَقُلِبَتِ الواوُ ياءً لِانْكِسارِ ما قَبْلَها، وجَمْعُ اللِّينَةِ لِينٌ، وقِيلَ: لِيانٌ.
وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ: ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ ولا تَرَكْتُمْ قَوْمًا. ﴿عَلى أُصُولِها﴾ أيْ قائِمَةً عَلى سُوقِها، وقُرِئَ " عَلى أصْلِها " وقُرِئَ " قائِمًا عَلى أُصُولِهِ " ﴿ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ﴾ أيْ لِيُذِلَّ الخارِجِينَ عَنِ الطّاعَةِ، وهُمُ اليَهُودُ ويَغِيظَهم في قَطْعِها وتَرْكِها لِأنَّهم إذا رَأوُا المُؤْمِنِينَ يَتَحَكَّمُونَ في أمْوالِهِمْ كَيْفَ شاءُوا مِنَ القَطْعِ والتَّرْكِ ازْدادُوا غَيْظًا.
قالَ الزَّجّاجُ: ﴿ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ﴾ بِأنْ يُرِيَهم أمْوالَهم يَتَحَكَّمُ فِيها المُؤْمِنُونَ كَيْفَ أحَبُّوا مِن قَطْعٍ وتَرْكٍ، والتَّقْدِيرُ: ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ أذِنَ في ذَلِكَ، يَدُلُّ عَلى المَحْذُوفِ قَوْلُهُ: ﴿فَبِإذْنِ اللَّهِ﴾ وقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الآيَةِ عَلى جَوازِ الِاجْتِهادِ وعَلى تَصْوِيبِ المُجْتَهِدِينَ، والبَحْثُ مُسْتَوْفًى في كُتُبِ الأُصُولِ.
﴿وما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنهُمْ﴾ أيْ ما رَدَّهُ عَلَيْهِ مِن أمْوالِ الكُفّارِ، يُقالُ فاءَ يَفِيءُ إذا رَجَعَ، والضَّمِيرُ في " مِنهم " عائِدٌ إلى بَنِي النَّضِيرِ ﴿فَما أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِن خَيْلٍ ولا رِكابٍ﴾ يُقالُ وجَفَ الفَرَسُ والبَعِيرُ يَجِفُ وجْفًا: وهو سُرْعَةُ السَّيْرِ، وأوْجَفَهُ صاحِبُهُ إذا حَمَلَهُ عَلى السَّيْرِ السَّرِيعِ، ومِنهُ قَوْلُ تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ:
؎مَذاوِيدُ بِالبِيضِ الحَدِيثِ صِقالُها عَنِ الرَّكْبِ أحْيانًا إذا الرَّكْبُ أوْجَفُوا
وقالَ نُصَيْبٌ:
؎ألا رُبَّ رَكْبٍ قَدْ قَطَعْتُ وجِيفَهم ∗∗∗ إلَيْكَ ولَوْلا أنْتَ لَمْ يُوجِفِ الرَّكْبُ
و" ما " في ﴿فَما أوْجَفْتُمْ﴾ نافِيَةٌ، والفاءُ جَوابُ الشَّرْطِ إنْ كانَتْ " ما " في قَوْلِهِ: ﴿ما أفاءَ اللَّهُ﴾ شَرْطِيَّةً وإنْ مَوْصُولَةً فالفاءُ زائِدَةٌ، و" مِن " في قَوْلِهِ: ﴿مِن خَيْلٍ﴾ زائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ، والرِّكابُ ما يُرْكَبُ مِنَ الإبِلِ خاصَّةً، والمَعْنى: أنَّ ما (p-١٤٧٤)رَدَّ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن أمْوالِ بَنِي النَّضِيرِ لَمْ تَرْكَبُوا لِتَحْصِيلِهِ خَيْلًا ولا إبِلًا ولا تَجَشَّمْتُمْ لَها شُقَّةً ولا لَقِيتُمْ بِها حَرْبًا ولا مَشَقَّةً، وإنَّما كانَتْ مِنَ المَدِينَةِ عَلى مِيلَيْنِ، فَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحانَهُ أمْوالَ بَنِي النَّضِيرِ لِرَسُولِهِ ﷺ خاصَّةً لِهَذا السَّبَبِ.
فَإنَّهُ افْتَتَحَها صُلْحًا وأخَذَ أمْوالَها، وقَدْ كانَ سَألَهُ المُسْلِمُونَ أنْ يُقَسِّمَ لَهم فَنَزَلَتِ الآيَةُ ﴿ولَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَن يَشاءُ﴾ مِن أعْدائِهِ، وفي هَذا بَيانُ أنَّ تِلْكَ الأمْوالَ كانَتْ خاصَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ دُونَ أصْحابِهِ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُوجِفُوا عَلَيْها بِخَيْلٍ ولا رِكابٍ، بَلْ مَشَوْا إلَيْها مَشْيًا، ولَمْ يُقاسُوا فِيها شَيْئًا مِن شَدائِدِ الحُرُوبِ ﴿واللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ يُسَلِّطُ مَن يَشاءُ عَلى مَن أرادَ، ويُعْطِي مَن يَشاءُ ويَمْنَعُ مَن يَشاءُ ﴿لا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ وهم يُسْألُونَ﴾ .
﴿ما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن أهْلِ القُرى﴾ هَذا بَيانٌ لِمَصارِفِ الفَيْءِ بَعْدَ بَيانِ أنَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ خاصَّةً، والتَّكْرِيرُ لِقَصْدِ التَّقْرِيرِ والتَّأْكِيدِ، ووُضِعَ " أهْلُ القُرى " مَوْضِعَ قَوْلِهِ: " مِنهم "، أيْ: مِن بَنِيَ النَّضِيرِ لِلْإشْعارِ بِأنَّ هَذا الحُكْمَ لا يَخْتَصُّ بِبَنِي النَّضِيرِ وحْدَهم، بَلْ هو حُكْمٌ عَلى كُلِّ قَرْيَةٍ يَفْتَحُها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صُلْحًا ولَمْ يُوجِفْ عَلَيْها المُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ ولا رِكابٍ.
قِيلَ: والمُرادُ بِالقُرى: بَنُو النَّضِيرِ وقُرَيْظَةُ وفَدْكُ وخَيْبَرُ.
وقَدْ تَكَلَّمَ أهْلُ العِلْمِ في هَذِهِ الآيَةِ والَّتِي قَبْلَها: هَلْ مَعْناهُما مُتَّفِقٌ أوْ مُخْتَلِفٌ، فَقِيلَ: مَعْناهُما مُتَّفِقٌ كَما ذَكَرْنا، وقِيلَ: مُخْتَلِفٌ، وفي ذَلِكَ كَلامٌ لِأهْلِ العِلْمِ طَوِيلٌ.
قالَ ابْنُ العَرَبِيِّ: لا إشْكالَ أنَّها ثَلاثَةُ مَعانٍ في ثَلاثِ آياتٍ.
أمّا الآيَةُ الأُولى، وهي قَوْلُهُ: ﴿وما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنهُمْ﴾ فَهي خاصَّةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَهُ وهي أمْوالُ بَنِي النَّضِيرِ وما كانَ مِثْلَها.
وأمّا الآيَةُ الثّانِيَةُ، وهي قَوْلُهُ: ﴿ما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن أهْلِ القُرى﴾ فَهَذا كَلامٌ مُبْتَدَأٌ غَيْرُ الأوَّلِ بِمُسْتَحَقٍّ غَيْرِ الأوَّلِ وإنِ اشْتَرَكَتْ هي والأوْلى في أنَّ كُلَّ واحِدَةٍ مِنهُما تَضَمَّنَتْ شَيْئًا أفاءَهُ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ واقْتَضَتِ الآيَةُ الأوْلى أنَّهُ حاصِلٌ بِغَيْرِ قِتالٍ، واقْتَضَتْ آيَةُ الأنْفالِ، وهي الآيَةُ الثّالِثَةُ أنَّهُ حاصِلٌ بِقِتالٍ، وعَرِيَتِ الآيَةُ الثّانِيَةُ، وهي قَوْلُهُ: ﴿ما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن أهْلِ القُرى﴾ عَنْ ذِكْرِ حُصُولِهِ بِقِتالٍ أوْ بِغَيْرِ قِتالٍ، فَنَشَأ الخِلافُ مِن هاهُنا، فَطائِفَةٌ قالَتْ هي مُلْحَقَةٌ بِالأُولى وهي مالُ الصُّلْحِ.
وطائِفَةٌ قالَتْ هي مُلْحَقَةٌ بِالثّالِثَةِ وهي آيَةُ الأنْفالِ.
والَّذِينَ قالُوا إنَّها مُلْحَقَةٌ بِآيَةِ الأنْفالِ اخْتَلَفُوا هَلْ هي مَنسُوخَةٌ أوْ مُحْكَمَةٌ. هَذا مَعْنى حاصِلِ كَلامِهِ.
وقالَ مالِكٌ: إنَّ الآيَةَ الأُولى مِن هَذِهِ السُّورَةِ خاصَّةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، والآيَةَ الثّانِيَةَ هي في بَنِي قُرَيْظَةَ، ويَعْنِي أنَّ مَعْناها يَعُودُ إلى آيَةِ الأنْفالِ.
ومَذْهَبُ الشّافِعِيِّ أنَّ سَبِيلَ خُمْسِ الفَيْءِ سَبِيلُ خُمْسِ الغَنِيمَةِ، وأنَّ أرْبَعَةَ أخْماسِهِ كانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ وهي بَعْدَهُ لِصالِحِ المُسْلِمِينَ ﴿فَلِلَّهِ ولِلرَّسُولِ ولِذِي القُرْبى واليَتامى والمَساكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ﴾ المُرادُ بِقَوْلِهِ: لِلَّهِ أنَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ بِما يَشاءُ ولِلرَّسُولِ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ ولِذِي القُرْبى وهم بَنُو هاشِمٍ وبَنُو المُطَّلِبِ لِأنَّهم قَدْ مُنِعُوا مِنَ الصَّدَقَةِ فَجُعِلَ لَهم حَقًّا في الفَيْءِ.
قِيلَ: تَكُونُ القِسْمَةُ في هَذا المالِ عَلى أنْ يَكُونَ أرْبَعَةُ أخْماسِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وخُمُسُهُ يُقَسَّمُ أخْماسًا: لِلرَّسُولِ خُمُسٌ، ولِكُلِّ صِنْفٍ مِنَ الأصْنافِ الأرْبَعَةِ المَذْكُورَةِ خُمُسٌ، وقِيلَ: يُقَسَّمُ أسْداسًا.
السّادِسُ سَهْمُ اللَّهِ سُبْحانَهُ ويُصْرَفُ إلى وُجُوهِ القُرَبِ، كَعِمارَةِ المَساجِدِ ونَحْوِ ذَلِكَ ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِياءِ مِنكُمْ﴾ أيْ كَيْلا يَكُونَ الفَيْءُ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِياءِ دُونَ الفُقَراءِ، والدُّولَةُ اسْمٌ لِلشَّيْءِ يَتَداوَلُهُ القَوْمُ بَيْنَهم، يَكُونُ لِهَذا مَرَّةً، ولِهَذا مَرَّةً.
قالَ مُقاتِلٌ: المَعْنى أنَّهُ يَغْلِبُ الأغْنِياءُ الفُقَراءَ فَيُقَسِّمُونَهُ بَيْنَهم.
قَرَأ الجُمْهُورُ يَكُونُ بِالتَّحْتِيَّةِ دُولَةً بِالنَّصْبِ: أيْ كَيْلا يَكُونَ الفَيْءُ دُولَةً.
وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ، والأعْرَجُ، وهِشامٌ، وأبُو حَيّانَ: " تَكُونَ " بِالفَوْقِيَّةِ " دُولَةٌ " بِالرَّفْعِ: أيْ كَيْلا تَقَعَ أوْ تُوجَدَ دُولَةٌ و" كانَ " تامَّةٌ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿دُولَةً﴾ بِضَمِّ الدّالِ
وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ، والسُّلَمِيُّ بِفَتْحِها.
قالَ عِيسى بْنُ عُمَرَ، ويُونُسُ، والأصْمَعِيُّ هُما لُغَتانِ بِمَعْنًى واحِدٍ.
وقالَ أبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ: الدَّوْلَةُ بِالفَتْحِ الَّذِي يُتَداوَلُ مِنَ الأمْوالِ، وبِالضَّمِّ الفِعْلُ.
وكَذا قالَ أبُو عُبَيْدَةَ.
ثُمَّ لَمّا بَيَّنَ لَهم سُبْحانَهُ مَصارِفَ هَذا المالِ أمَرَهم بِالِاقْتِداءِ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: ﴿وما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكم عَنْهُ فانْتَهُوا﴾ أيْ ما أعْطاكم مِن مالِ الغَنِيمَةِ فَخُذُوهُ وما نَهاكم عَنْ أخْذِهِ فانْتَهُوا عَنْهُ ولا تَأْخُذُوهُ.
قالَ الحَسَنُ، والسُّدِّيُّ: ما أعْطاكم مِن مالِ الفَيْءِ فاقْبَلُوهُ، وما مَنَعَكم مِنهُ فَلا تَطْلُبُوهُ.
وقالَ ابْنُ جُرَيْحٍ: ما آتاكم مِن طاعَتِي فافْعَلُوا، وما نَهاكم عَنْهُ مِن مَعْصِيَتِي فاجْتَنِبُوهُ.
والحَقُّ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ عامَّةٌ في كُلِّ شَيْءٍ يَأْتِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن أمْرٍ أوْ نَهْيٍ أوْ قَوْلٍ أوْ فِعْلٍ.
وإنْ كانَ السَّبَبُ خاصًّا فالِاعْتِبارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ.
وكُلُّ شَيْءٍ أتانا بِهِ مِنَ الشَّرْعِ فَقَدْ أعْطانا إيّاهُ وأوْصَلَهُ إلَيْنا.
وما أنْفَعَ هَذِهِ الآيَةَ وأكْثَرَ فائِدَتَها
ثُمَّ لَمّا أمَرَهم بِأخْذِ ما أمَرَهم بِهِ الرَّسُولُ وتَرْكِ ما نَهاهم عَنْهُ أمَرَهم بِتَقْواهِ وخَوَّفَهم شِدَّةَ عُقُوبَتِهِ.
فَقالَ: ﴿واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ فَهو مُعاقِبٌ مَن لَمْ يَأْخُذْ ما آتاهُ الرَّسُولُ ولَمْ يَتْرُكْ ما نَهاهُ عَنْهُ.
وقَدْ أخْرَجَ، الحاكِمُ، وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ «عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: كانَتْ غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ، وهم طائِفَةٌ مِنَ اليَهُودِ عَلى رَأْسِ سِتَّةِ أشْهُرٍ مِن وقْعَةِ بَدْرٍ، وكانَ مَنزِلُهم ونَخْلُهم في ناحِيَةِ المَدِينَةِ، فَحاصَرَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتّى نَزَلُوا عَلى الجَلاءِ، وعَلى أنَّ لَهم ما أقَلَّتِ الإبِلُ مِنَ الأمْتِعَةِ والأمْوالِ إلّا الحَلْقَةَ: يَعْنِي السِّلاحَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿لِأوَّلِ الحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أنْ يَخْرُجُوا﴾ فَقاتَلَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ حَتّى صالَحَهم عَلى الإجْلاءِ وجَلّاهم إلى الشّامِ، وكانُوا مِن سِبْطٍ لَمْ يُصِبْهم جَلاءٌ فِيما خَلا، وكانَ اللَّهُ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، ولَوْلا ذَلِكَ لَعَذَّبَهم في الدُّنْيا بِالقَتْلِ والسَّبْيِ»، وأمّا قَوْلُهُ: ﴿لِأوَّلِ الحَشْرِ﴾ فَكانَ إجْلاؤُهم ذَلِكَ أوَّلَ حَشْرٍ في الدُّنْيا إلى الشّامِ.
وأخْرَجَ البَزّارُ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ (p-١٤٧٥)والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ «عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: مَن شَكَّ أنَّ المَحْشَرَ بِالشّامِ فَلْيَقْرَأ هَذِهِ الآيَةَ ﴿هُوَ الَّذِي أخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ مِن دِيارِهِمْ لِأوَّلِ الحَشْرِ﴾ قالَ لَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ: اخْرُجُوا، قالُوا: إلى أيْنَ ؟ قالَ: إلى أرْضِ المَحْشَرِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ وابْنُ عَساكِرَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ حاصَرَهم حَتّى بَلَغَ مِنهم كُلَّ مَبْلَغٍ، فَأعْطَوْهُ ما أرادَ مِنهم، فَصالَحَهم عَلى أنْ يَحْقِنَ لَهم دِماءَهم، وأنْ يُخْرِجَهم مِن أرْضِهِمْ وأوْطانِهِمْ، وأنْ يَسِيرُوا إلى أذْرِعاتِ الشّامِ، وجَعَلَ لِكُلِّ ثَلاثَةٍ مِنهم بَعِيرًا وسِقاءً.
وفِي البُخارِيِّ، ومُسْلِمٍ وغَيْرِهِما عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَرَقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وقَطَّعَ، وهي البُوَيْرَةُ ولَها يَقُولُ حَسّانُ:
؎لَهانَ عَلى سَراةِ بَنِي لُؤَيٍّ ∗∗∗ حَرِيقٌ بِالبِوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ أوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإذْنِ اللَّهِ ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ﴾» .
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ والنَّسائِيُّ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ «عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: اللِّينَةُ النَّخْلَةُ ﴿ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ﴾ قالَ: اسْتَنْزَلُوهم مِن حُصُونِهِمْ وأمَرُوا بِقَطْعِ النَّخْلِ فَحَكَّ في صُدُورِهِمْ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: قَدْ قَطَعْنا بَعْضًا وتَرَكْنا بَعْضًا، فَلْنَسْألُنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ هَلْ لَنا فِيما قَطَعْنا أجْرٌ، وهَلْ عَلَيْنا فِيما تَرَكْنا مِن وِزْرٍ ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ﴾ الآيَةَ»، وفي البابِ أحادِيثُ، والكَلامُ في صُلْحِ بَنِي النَّضِيرِ مَبْسُوطٌ في كُتُبِ السِّيَرِ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما «عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: كانَتْ أمْوالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمّا أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ، ومِمّا لَمْ يُوجِفِ المُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ ولا رِكابٍ، وكانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ خاصَّةً، فَكانَ يُنْفِقُ عَلى أهْلِهِ مِنها نَفَقَةَ سَنَةٍ ثُمَّ يَجْعَلُ ما بَقِيَ في السِّلاحِ والكُراعِ عُدَّةً في سَبِيلِ اللَّهِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَما أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِن خَيْلٍ ولا رِكابٍ﴾ فَجَعَلَ ما أصابَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَحْكُمُ فِيهِ ما أرادَ، ولَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ خَيْلٌ ولا رِكابٌ يُوجَفُ بِها.
قالَ: والإيجافُ أنْ يُوضِعُوا السَّيْرَ، وهي لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَكانَ مِن ذَلِكَ خَيْبَرُ وفَدْكُ وقُرى عُرَيْنَةَ.
وأُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ يَعْمِدَ لِيَنْبُعَ، فَأتاها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فاحْتَواها كُلَّها، فَقالَ ناسٌ: هَلّا قَسَّمَها اللَّهُ فَأنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهُ، فَقالَ: ﴿ما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن أهْلِ القُرى﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أيْضًا قالَ: كانَ ما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن خَيْبَرَ نِصْفًا لِلَّهِ ورَسُولِهِ، والنِّصْفُ الآخَرُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَكانَ الَّذِي لِلَّهِ ورَسُولِهِ مِن ذَلِكَ الكَثِيبَةَ والوَطِيحَ وسَلالِمَ ووَجْرَةَ، وكانَ الَّذِي لِلْمُسْلِمِينَ الشِّقَّ، والشِّقُّ ثَلاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا، ونَطاةَ خَمْسَةُ أسْهُمٍ، ولَمْ يُقَسِّمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن خَيْبَرَ لِأحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ إلّا لِمَن شَهِدَ الحُدَيْبِيَةَ، ولَمْ يَأْذَنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ تَخَلَّفَ عَنْهُ عِنْدَ مَخْرَجِهِ إلى الحُدَيْبِيَةِ أنْ يَشْهَدَ مَعَهُ خَيْبَرَ إلّا جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرامٍ الأنْصارِيِّ.وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: كانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ صَفايا في النَّضِيرِ وخَيْبَرَ وفَدْكَ، فَأمّا بَنُو النَّضِيرِ فَكانَتْ حَبْسًا لِنَوائِبِهِ، وأمّا فَدْكُ فَكانَتْ لِابْنِ السَّبِيلِ، وأمّا خَيْبَرُ فَجَزَّأها ثَلاثَةَ أجْزاءٍ: قَسَّمَ مِنها جُزْءَيْنِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وحَبَسَ جُزْءًا لِنَفْسِهِ ولِنَفَقَةِ أهْلِهِ، فَما فَضَلَ عَنْ نَفَقَةِ أهْلِهِ رَدَّها عَلى فُقَراءِ المُهاجِرِينَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ زَنْجَوَيْهِ في الأمْوالِ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: ما عَلى وجْهِ الأرْضِ مُسْلِمٌ إلّا ولَهُ في هَذا الفَيْءِ حَقٌّ إلّا ما مَلَكَتْ أيْمانُكم.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: لَعَنَ اللَّهُ الواشِماتِ والمُسْتَوْشِماتِ والمُتَنَمِّصاتِ والمُتَفَلِّجاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّراتِ لِخَلْقِ اللَّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأةً مِن بَنِي أسَدٍ يُقالُ لَها أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجاءَتِ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقالَتْ: بَلَغَنِي أنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وكَيْتَ، قالَ: وما لِي لا ألْعَنُ مَن لَعَنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وهو في كِتابِ اللَّهِ ؟ قالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ ما بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ فَما وجَدْتُ فِيهِ شَيْئًا مِن هَذا، قالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِهِ لَقَدْ وجَدْتِهِ، أما قَرَأْتِ ﴿ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكم عَنْهُ فانْتَهُوا﴾ قالَتْ: بَلى، قالَ: فَإنَّهُ قَدْ نَهى عَنْهُ.
{"ayahs_start":2,"ayahs":["هُوَ ٱلَّذِیۤ أَخۡرَجَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مِن دِیَـٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن یَخۡرُجُوا۟ۖ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَیۡثُ لَمۡ یَحۡتَسِبُوا۟ۖ وَقَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَۚ یُخۡرِبُونَ بُیُوتَهُم بِأَیۡدِیهِمۡ وَأَیۡدِی ٱلۡمُؤۡمِنِینَ فَٱعۡتَبِرُوا۟ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَبۡصَـٰرِ","وَلَوۡلَاۤ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡجَلَاۤءَ لَعَذَّبَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ","ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ شَاۤقُّوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۖ وَمَن یُشَاۤقِّ ٱللَّهَ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ","مَا قَطَعۡتُم مِّن لِّینَةٍ أَوۡ تَرَكۡتُمُوهَا قَاۤىِٕمَةً عَلَىٰۤ أُصُولِهَا فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَلِیُخۡزِیَ ٱلۡفَـٰسِقِینَ","وَمَاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡهُمۡ فَمَاۤ أَوۡجَفۡتُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ خَیۡلࣲ وَلَا رِكَابࣲ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یُسَلِّطُ رُسُلَهُۥ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ","مَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِ كَیۡ لَا یَكُونَ دُولَةَۢ بَیۡنَ ٱلۡأَغۡنِیَاۤءِ مِنكُمۡۚ وَمَاۤ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُوا۟ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ"],"ayah":"وَمَاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡهُمۡ فَمَاۤ أَوۡجَفۡتُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ خَیۡلࣲ وَلَا رِكَابࣲ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یُسَلِّطُ رُسُلَهُۥ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق