الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ قَالَ السُّهَيْلِيُّ: اسْمُ ابْنِهِ ثَارَانُ، فِي قَوْلِ الطَّبَرِيِّ وَالْقُتَبِيِّ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مُشْكِمٌ. وَقِيلَ أَنْعَمُ، حَكَاهُ النَّقَّاشُ. وَذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ أَنَّ ابْنَهُ وَامْرَأَتَهُ كَانَا كَافِرَيْنِ فَمَا زَالَ يَعِظُهُمَا حَتَّى أَسْلَمَا. قُلْتُ: وَدَلَّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: (لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾[[راجع ج ٧ ص ٢٩ فما بعد.]] [الانعام: ٨٢] شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَالُوا: أَيُّنَا لَا يَظْلِمْ نَفْسِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَيْسَ هُوَ كَمَا تَظُنُّونَ إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ: "إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" فَقِيلَ: إِنَّهُ مِنْ كَلَامِ لُقْمَانَ. وَقِيلَ: هُوَ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مُنْقَطِعًا مِنْ كَلَامِ لُقْمَانَ مُتَّصِلًا بِهِ فِي تَأْكِيدِ الْمَعْنَى، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَدِيثُ الْمَأْثُورُ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [الانعام: ٨٢] أَشْفَقَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: "إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" فَسَكَنَ إِشْفَاقُهُمْ، وَإِنَّمَا يَسْكُنُ إِشْفَاقُهُمْ بِأَنْ يَكُونَ خَبَرًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ يَسْكُنُ الْإِشْفَاقُ بِأَنْ يَذْكُرَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْ عَبْدٍ قَدْ وَصَفَهُ بِالْحِكْمَةِ وَالسَّدَادِ. وَ "إِذْ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِمَعْنَى اذكر. وقال الزجاج فِي كِتَابِهِ فِي الْقُرْآنِ: إِنَّ "إِذْ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِ "آتَيْنا" وَالْمَعْنَى: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ إِذْ قَالَ. النَّحَّاسُ: وَأَحْسَبُهُ غَلَطًا، لِأَنَّ فِي الْكَلَامِ وَاوًا تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ: "يَا بُنَيَّ" بِكَسْرِ الْيَاءِ، لِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ، وَمَنْ فَتَحَهَا فَلِخِفَّةِ الْفَتْحَةِ عِنْدَهُ، وَقَدْ مَضَى فِي "هُودَ" [[في نسخ الأصل: (يوسف) وهو تحريف. راجع ج ٩ ص ٣٩.]] الْقَوْلُ فِي هَذَا. وَقَوْلُهُ: "يَا بُنَيَّ" لَيْسَ هُوَ عَلَى حَقِيقَةِ التَّصْغِيرِ وَإِنْ كَانَ عَلَى لَفْظِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ التَّرْقِيقِ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ: يا أخي، وللصبي هو كويس.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب