الباحث القرآني

(p-١٨٦)﴿ولَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ أنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ومَن يَشْكُرْ فَإنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ومَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ ﴿وإذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وهو يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وهْنًا عَلى وهْنٍ وفِصالُهُ في عامَيْنِ أنِ اشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ إلَيَّ المَصِيرُ﴾ ﴿وإنْ جاهَداكَ عَلى أنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وصاحِبْهُما في الدُّنْيا مَعْرُوفًا واتَّبِعْ سَبِيلَ مَن أنابَ إلَيَّ ثُمَّ إلَيَّ مَرْجِعُكم فَأُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ ﴿يا بُنَيَّ إنَّها إنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ أوْ في السَّماواتِ أوْ في الأرْضِ يَأْتِ بِها اللَّهُ إنَّ اللَّهَ لِطَيْفٌ خَبِيرٌ﴾ ﴿يا بُنَيَّ أقِمِ الصَّلاةَ وأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ وانْهَ عَنِ المُنْكَرِ واصْبِرْ عَلى ما أصابَكَ إنَّ ذَلِكَ مِن عَزْمِ الأُمُورِ﴾ ﴿ولا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ ولا تَمْشِ في الأرْضِ مَرَحًا إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ﴾ ﴿واقْصِدْ في مَشْيِكَ واغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إنَّ أنْكَرَ الأصْواتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ﴾ . اخْتُلِفَ في لُقْمانَ، أكانَ حُرًّا أمْ عَبْدًا ؟ فَإذا قُلْنا: كانَ حُرًّا، فَقِيلَ: هو ابْنُ باعُورا. قالَ وهْبٌ: ابْنُ أُخْتِ أيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ. وقالَ مُقاتِلٌ: ابْنُ خالَتِهِ. وقِيلَ: كانَ مِن أوْلادِ آزَرَ، وعاشَ ألْفَ سَنَةٍ، وأدْرَكَ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وأخَذَ مِنهُ العِلْمَ، وكانَ يُفْتِي قَبْلَ مَبْعَثِ داوُدَ، فَلَمّا بُعِثَ داوُدُ، قَطَعَ الفَتْوى، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ ؟ فَقالَ: ألا أكْتَفِي إذا كُفِيتُ ؟ وكانَ قاضِيًا في بَنِي إسْرائِيلَ. وقالَ الواقِدِيُّ: كانَ قاضِيًا في بَنِي إسْرائِيلَ، وزَمانُهُ ما بَيْنَ عِيسى ومُحَمَّدٍ، عَلَيْهِما السَّلامُ، والأكْثَرُونَ عَلى أنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا. وقالَ عِكْرِمَةُ، والشَّعْبِيُّ: كانَ نَبِيًّا. وإذا قُلْنا: كانَ عَبْدًا، اخْتُلِفَ في جِنْسِهِ، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ المُسَيَّبِ، ومُجاهِدٌ: كانَ نُوبِيًّا مُشَقَّقَ الرِّجْلَيْنِ ذا مَشافِرَ. وقالَ الفَرّاءُ وغَيْرُهُ: كانَ حَبَشِيًّا مَجْدُوعَ الأنْفِ ذا مِشْفَرٍ. واخْتُلِفَ فِيما كانَ يُعانِيهِ مِنَ الأشْغالِ، فَقالَ خالِدُ بْنُ الرَّبِيعِ: كانَ نَجّارًا، وفي مَعانِي الزَّجّاجِ: كانَ نَجّادًا، بِالدّالِ. وقالَ ابْنُ المُسَيَّبِ: كانَ خَيّاطًا. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كانَ راعِيًا. وقِيلَ: كانَ يَحْتَطِبُ لِمَوْلاهُ كُلَّ يَوْمٍ حُزْمَةً. وهَذا الِاضْطِرابُ في كَوْنِهِ حُرًّا أوْ عَبْدًا، وفي جِنْسِهِ، وفِيما كانَ يُعانِيهِ، يُوجِبُ أنْ لا يُكْتَبَ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ، ولا يُنْقَلَ، لَكِنِ المُفَسِّرُونَ مُولَعُونَ بِنَقْلِ المُضْطَرِباتِ حَشْوًا وتَكْثِيرًا، والصَّوابُ تَرْكُهُ. وحِكْمَةُ لُقْمانَ مَأْثُورَةٌ كَثِيرَةٌ، مِنها: قِيلَ لَهُ: أيُّ النّاسِ شَرٌّ ؟ قالَ: الَّذِي لا يُبالِي أنْ يَراهُ النّاسُ مُسِيئًا. وقالَ لَهُ داوُدُ، عَلَيْهِ السَّلامُ، يَوْمًا: كَيْفَ أصْبَحْتَ ؟ قالَ: أصْبَحْتُ في يَدِ غَيْرِي، فَتَفَكَّرَ داوُدُ فِيهِ، فَصُعِقَ صَعْقَةً. وقالَ وهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: قَرَأْتُ في حِكَمِ لُقْمانَ أكْثَرَ مِن عَشَرَةِ آلافٍ. و﴿الحِكْمَةَ﴾ المَنطِقُ الَّذِي يَتَّعِظُ بِهِ ويَتَنَبَّهُ بِهِ، ويَتَناقَلُهُ النّاسُ لِذَلِكَ. ﴿أنِ اشْكُرْ﴾ قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أنْ هي المُفَسِّرَةُ؛ لِأنَّ إيتاءَ الحِكْمَةِ في مَعْنى القَوْلِ، وقَدْ نَبَّهَ سُبْحانَهُ عَلى أنَّ الحِكْمَةَ الأصْلِيَّةَ والعِلْمَ الحَقِيقِيَّ هو العَمَلُ بِهِما، أوْ عِبادَةُ اللَّهِ والشُّكْرُ لَهُ، حَيْثُ فَسَّرَ إيتاءَ الحِكْمَةِ بِالبَعْثِ عَلى الشَّكِّ. وقالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: ﴿ولَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ﴾ لِأنْ يَشْكُرَ اللَّهَ، فَجَعَلَها مَصْدَرِيَّةً، لا تَفْسِيرِيَّةً. وحَكى سِيبَوَيْهِ: كَتَبْتُ إلَيْهِ بِأنْ قُمْ. ﴿فَإنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ أيْ: ثَوابَ الشُّكْرِ لا يَحْصُلُ إلّا لِلشّاكِرِينَ، إذْ هو تَعالى غَنِيٌّ عَنِ الشُّكْرِ، فَشُكْرُ الشّاكِرِ لا يَنْفَعُهُ، وكُفْرُ مَن كَفَرَ لا يَضُرُّهُ. و﴿حَمِيدٌ﴾ مُسْتَحِقٌّ الحَمْدَ لِذاتِهِ وصِفاتِهِ. ﴿وإذْ قالَ﴾ أيْ: واذْكُرْ إذْ، وقِيلَ: يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وآتَيْناهُ الحِكْمَةَ، إذْ قالَ، واخْتُصِرَ لِدَلالَةِ المُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ. وابْنُهُ بارٌّ، أيْ: أوْ أنْعِمْ، أوِ اشْكُرْ، أوْ شاكِرٌ، أقْوالٌ. ﴿وهُوَ يَعِظُهُ﴾ جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ. قِيلَ: كانَ ابْنُهُ وامْرَأتُهُ كافِرَيْنِ، فَما زالَ يَعِظُهُما حَتّى أسْلَما. والظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ مِن كَلامِ لُقْمانَ. وقِيلَ: هو خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ، مُنْقَطِعٌ عَنْ كَلامِ لُقْمانَ، مُتَّصِلٌ بِهِ في تَأْكِيدِ المَعْنى؛ وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ما ظاهِرُهُ أنَّهُ مِن كَلامِ لُقْمانَ. وقَرَأ البَزِّيُّ: ”يا بُنَيْ“ بِالسُّكُونِ، و”﴿يابُنَيَّ إنَّها﴾“ بِكَسْرِ الياءِ، و”﴿يابُنَيَّ أقِمِ﴾“ بِفَتْحِها. وقِيلَ: بِالسُّكُونِ في الأُولى والثّانِيَةِ، والكَسْرِ في الوُسْطى؛ وحَفْصٌ والمُفَضَّلُ عَنْ عاصِمٍ: بِالفَتْحِ في الثَّلاثَةِ عَلى تَقْدِيرِ: يا بُنَيَّ، والِاجْتِزاءِ بِالفَتْحَةِ عَنِ الألِفِ. وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ: بِالكَسْرِ في الثَّلاثَةِ. ﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ﴾ لَمّا بَيَّنَ لُقْمانُ لِابْنِهِ أنَّ الشِّرْكَ ظُلْمٌ ونَهاهُ عَنْهُ، كانَ ذَلِكَ حَثًّا عَلى طاعَةِ اللَّهِ، ثُمَّ بَيَّنَ أنَّ الطّاعَةَ تَكُونُ لِلْأبَوَيْنِ، وبَيَّنَ السَّبَبَ في ذَلِكَ، فَهو مِن كَلامِ لُقْمانَ مِمّا وصّى بِهِ ابْنَهُ، أخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِذَلِكَ. وقِيلَ: هو مِن كَلامِ اللَّهِ، قالَهُ لِلُقْمانَ، أيْ: قُلْنا لَهُ اشْكُرْ. وقُلْنا لَهُ: ﴿ووَصَّيْنا﴾ . وقِيلَ: هَذِهِ (p-١٨٧)الآيَةُ اعْتِراضٌ بَيِّنٌ أثْناءَ وصِيَّتِهِ لِلُقْمانَ، وفِيها تَشْدِيدٌ وتَوْكِيدٌ لِاتِّباعِ الوَلَدِ والِدَهُ، وامْتِثالِ أمْرِهِ في طاعَةِ اللَّهِ تَعالى. وقالَ القُرْطُبِيُّ: والصَّحِيحُ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ وآيَةَ العَنْكَبُوتِ نَزَلَتا في سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ، وعَلَيْهِ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ. ولَمّا خَصَّ الأُمَّ بِالمَشَقّاتِ مِنَ الحَمْلِ والنِّفاسِ والرِّضاعِ والتَّرْبِيَةِ، نَبَّهَ عَلى السَّبَبِ المُوجِبِ لِلْإيصاءِ، ولِذَلِكَ جاءَ في الحَدِيثِ الأمْرُ بِبِرِّ الأُمِّ ثَلاثَ مَرّاتٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الأبَ، فَجَعَلَ لَهُ مَرَّةً الرُّبْعَ مِنَ المَبَرَّةِ. ﴿وهْنًا عَلى وهْنٍ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: شِدَّةً بَعْدَ شِدَّةٍ، وخَلْقًا بَعْدَ خَلْقٍ. وقالَ الضَّحّاكُ: ضَعْفًا بَعْدَ ضَعْفٍ. وقالَ قَتادَةُ: جُهْدًا عَلى جُهْدٍ، يَعْنِي: ضَعْفَ الحَمْلِ، وضَعْفَ الطَّلْقِ، وضَعْفَ النِّفاسِ، وانْتَصَبَ عَلى هَذِهِ الأقْوالِ عَلى الحالِ. وقِيلَ: ﴿وهْنًا عَلى وهْنٍ﴾ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً، إلى آخِرِ النَّشْأةِ، فَعَلى هَذا يَكُونُ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ المَنصُوبِ في حَمْلَتْهُ، وهو الوَلَدُ. وقَرَأ عِيسى الثَّقَفِيُّ، وأبُو عَمْرٍو في رِوايَةٍ: ”﴿وهْنًا عَلى وهْنٍ﴾“، بِفَتْحِ الهاءِ فِيهِما، فاحْتَمَلَ أنْ يَكُونَ كالشَّعْرِ والشَّعَرِ، واحْتَمَلَ أنْ يَكُونَ مَصْدَرَ وهِنَ بِكَسْرِ الهاءِ يَوْهَنُ وهَنًا، بِفَتْحِها في المَصْدَرِ قِياسًا. وقَرَأ الجُمْهُورُ: بِسُكُونِ الهاءِ فِيهِما. وقَرَءُوا: ﴿وفِصالُهُ﴾ . وقَرَأ الحَسَنُ، وأبُو رَجاءٍ، وقَتادَةُ، والجَحْدَرِيُّ، ويَعْقُوبُ: ”وفَصْلَهُ“، ومَعْناهُ الفِطامُ، أيْ: في تَمامِ عامَيْنِ، عَبَّرَ عَنْهُ بِنِهايَتِهِ، وأجْمَعُوا عَلى اعْتِبارِ العامَيْنِ في مُدَّةِ الرِّضاعِ في بابِ الأحْكامِ والنَّفَقاتِ، وأمّا في تَحْرِيمِ اللَّبَنِ في الرِّضاعِ فَخِلافٌ مَذْكُورٌ في الفِقْهِ. و﴿أنِ اشْكُرْ﴾ في مَوْضِعِ نَصْبٍ، عَلى قَوْلِ الزَّجّاجِ. وقالَ النَّحّاسُ: الأجْوَدُ أنْ تَكُونَ مُفَسِّرَةً. (لِي) أيْ: عَلى نِعْمَةِ الإيمانِ. ﴿ولِوالِدَيْكَ﴾ عَلى نِعْمَةِ التَّرْبِيَةِ ﴿إلَيَّ المَصِيرُ﴾ تَوَعَّدَ أثْناءَ الوَصِيَّةِ. ﴿وإنْ جاهَداكَ﴾ إلى: ﴿فَلا تُطِعْهُما﴾ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلَيْهِ في العَنْكَبُوتِ، إلّا أنَّ هُنا عَلى، وهُناكَ: لِتُشْرِكَ، بِلامِ العِلَّةِ. وانْتَصَبَ ﴿مَعْرُوفًا﴾ عَلى أنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: صَحّابًا، أوْ مُصاحِبًا مَعْرُوفًا وعِشْرَةً جَمِيلَةً، وهو إطْعامُهُما وكِسْوَتُهُما وعَدَمُ جَفائِهِما وانْتِهارِهِما، وعِيادَتُهُما إذا مَرِضا، ومُواراتُهُما إذا ماتا. ﴿واتَّبِعْ سَبِيلَ مَن أنابَ إلَيَّ﴾ أيْ: رَجَعَ إلى اللَّهِ، وهو سَبِيلُ الرَّسُولِ ﷺ لا سَبِيلُهُما. ﴿ثُمَّ إلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ أيْ: مَرْجِعُكَ ومَرْجِعُهُما، فَأُجازِي كُلًّا مِنكم بِعَمَلِهِ. ولَمّا نَهى لُقْمانُ ابْنَهُ عَنِ الشِّرْكِ، نَبَّهَهُ عَلى قُدْرَةِ اللَّهِ، وأنَّهُ لا يُمْكِنُ أنْ يَتَأخَّرَ عَنْ مَقْدُورِهِ شَيْءٌ؛ فَقالَ: ﴿يابُنَيَّ إنَّها إنْ تَكُ﴾ والظّاهِرُ أنَّ الضَّمِيرَ في (إنَّها) ضَمِيرُ القِصَّةِ. وقَرَأ نافِعٌ: ”مِثْقالُ“، بِالرَّفْعِ عَلى ﴿إنْ تَكُ﴾ تامَّةً، وهي قِراءَةُ الأعْرَجِ وأبِي جَعْفَرٍ، وأخْبَرَ عَنْ مِثْقالٍ، وهو مُذَكَّرٌ، إخْبارَ المُؤَنَّثِ، لِإضافَتِهِ إلى مُؤَنَّثٍ، وكَأنَّهُ قالَ: إنْ تَكُ زِنَةَ حَبَّةٍ؛ وباقِي السَّبْعَةِ: بِالنَّصْبِ عَلى ﴿إنْ تَكُ﴾ ناقِصَةً، واسْمُها ضَمِيرٌ يُفْهَمُ مِن سِياقِ الكَلامِ تَقْدِيرُهُ: هي، أيِ: الَّتِي سَألْتُ عَنْها. وكانَ فِيما رُوِيَ قَدْ سَألَ لُقْمانُ ابْنَهُ: أرَأيْتَ الحَبَّةَ تَقَعُ في مَغاصِ البَحْرِ أيَعْلَمُها اللَّهُ ؟ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ ضَمِيرَ جَوْهَرٍ لا ضَمِيرَ عَرَضٍ، ويُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: ﴿إنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ﴾ . وقَرَأ عَبْدُ الكَرِيمِ الجَزَرِيُّ: ”فَتَكِنَّ“، بِكَسْرِ الكافِ وشَدِّ النُّونِ وفَتْحِها؛ وقِراءَةُ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي فَجَّةَ البَعْلَبَكِّيِّ: ”فَتُكَنَّ“، بِضَمِّ التّاءِ وفَتْحِ الكافِ والنُّونِ مُشَدَّدَةً. وقَرَأ قَتادَةُ: ”فَتَكِنْ“، بِفَتْحِ التّاءِ وكَسْرِ الكافِ وسُكُونِ النُّونِ، مِن وكَنَ يَكِنُ، ورُوِيَتْ هَذِهِ القِراءَةُ عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ أيْضًا: أيْ: تَسْتَقِرُّ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ ضَمِيرَ عَرَضٍ، أيْ: تِلْكَ الفِعْلَةُ مِنَ الطّاعَةِ أوِ المَعْصِيَةِ. وعَلى مَن قَرَأ بِنَصْبِ مِثْقالٍ، يَجُوزُ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ في ”أنَّها“ ضَمِيرَ الفِعْلَةِ، لا ضَمِيرَ القِصَّةِ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَمَن نَصَبَ، يَعْنِي ”مِثْقالَ“، كانَ الضَّمِيرُ لِلْهَيْئَةِ مِنَ الإساءَةِ والإحْسانِ، أيْ: كانَتْ مَثَلًا في الصِّغَرِ والقَماءَةِ، كَحَبَّةِ الخَرْدَلِ، فَكانَتْ مَعَ صِغَرِها في أخْفى مَوْضِعٍ وأحْرَزِهِ، كَجَوْفِ الصَّخْرَةِ، أوْ حَيْثُ كانَتْ مِنَ العالَمِ العُلْوِيِّ أوِ السُّفْلِيِّ. ﴿يَأْتِ بِها اللَّهُ﴾ يَوْمَ القِيامَةِ، فَيُحاسِبُ عَلَيْها. ﴿إنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ﴾ يَتَوَصَّلُ عِلْمُهُ إلى كُلِّ خَفِيٍّ. ﴿خَبِيرٌ﴾ عالِمٌ بِكُنْهِهِ. وعَنْ قَتادَةَ: لَطِيفٌ بِاسْتِخْراجِها، خَبِيرٌ بِمُسْتَقَرِّها. وبَدَأ لَهُ بِما يَتَعَلَّقُ بِهِ أوَّلًا، وهو كَيْنُونَةُ الشَّيْءِ. ﴿فِي صَخْرَةٍ﴾ وهو ما صُلِبَ مِنَ (p-١٨٨)الحَجَرِ وعَسُرَ إخْراجُهُ مِنها، ثُمَّ أتْبَعَهُ بِالعالَمِ العُلْوِيِّ، وهو أغْرَبُ لِلسّامِعِ، ثُمَّ أتْبَعَهُ بِما يَكُونُ مَقَرَّ الأشْياءِ لِلشّاهِدِ، وهو الأرْضُ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ والسُّدِّيِّ، أنَّ هَذِهِ الصَّخْرَةَ هي الَّتِي عَلَيْها الأرْضُ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هي تَحْتَ الأرَضِينَ السَّبْعِ، يُكْتَبُ فِيها أعْمالُ الفُجّارِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قِيلَ: أرادَ الصَّخْرَةَ الَّتِي عَلَيْها الأرْضُ والحُوتُ والماءُ، وهي عَلى ظَهْرِ مَلَكٍ. وقِيلَ: هي صَخْرَةٌ في الرِّيحِ، وهَذا كُلُّهُ ضَعِيفٌ لا يَثْبُتُ سَنَدُهُ، وإنَّما مَعْنى الكَلامِ: المُبالَغَةُ والِانْتِهاءُ في التَّفَهُّمِ، أيْ: إنَّ قُدْرَتَهُ تَنالُ ما يَكُونُ في تَضاعِيفِ صَخْرَةٍ، وما يَكُونُ في السَّماءِ والأرْضِ. انْتَهى. قِيلَ: وخَفاءُ الشَّيْءِ يُعْرَفُ بِصِغَرِهِ عادَةً، ويُبْعِدُهُ عَنِ الرّائِي. وبِكَوْنِهِ في ظُلْمَةٍ وبِاحْتِجابِهِ، فَفي صَخْرَةٍ إشارَةٌ إلى الحِجابِ، وفي السَّماواتِ إشارَةٌ إلى البُعْدِ، وفي الأرْضِ إشارَةٌ إلى الظُّلْمَةِ، فَإنَّ جَوْفَ الأرْضِ أظْلَمُ الأماكِنِ. وفي قَوْلِهِ: ﴿يَأْتِ بِها اللَّهُ﴾ دَلالَةٌ عَلى العِلْمِ والقُدْرَةِ، كَأنَّهُ قالَ: يُحِيطُ بِها عِلْمُهُ وقُدْرَتُهُ. ولَمّا نَهاهُ أوَّلًا عَنِ الشِّرْكِ، وأخْبَرَهُ ثانِيًا بِعِلْمِهِ تَعالى وباهِرِ قُدْرَتِهِ، أمَرَهُ بِما يَتَوَسَّلُ بِهِ إلى اللَّهِ مِنَ الطّاعاتِ، فَبَدَأ بِأشْرَفِها، وهو الصَّلاةُ، حَيْثُ يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ بِها، ثُمَّ بِالأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، ثُمَّ بِالصَّبْرِ عَلى ما يُصِيبُهُ مِنَ المِحَنِ جَمِيعِها، أوْ عَلى ما يُصِيبُهُ بِسَبَبِ الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ مِمَّنْ يَبْعَثُهُ عَلَيْهِ، والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ مِمَّنْ يُنْكِرُهُ عَلَيْهِ، فَكَثِيرًا ما يُؤْذى فاعِلُ ذَلِكَ، وهَذا إنَّما يُرِيدُ بِهِ بَعْدَ أنْ يَمْثُلَ هو في نَفْسِهِ فَيَأْتِيَ بِالمَعْرُوفِ. إنَّ ذَلِكَ إشارَةٌ إلى ما تَقَدَّمَ مِمّا نَهاهُ عَنْهُ وأمَرَهُ بِهِ. والعَزْمُ مَصْدَرٌ، فاحْتَمَلَ أنْ يُرادَ بِهِ المَفْعُولُ، أيْ: مِن مَعْزُومِ الأُمُورِ، واحْتَمَلَ أنْ يُرادَ بِهِ الفاعِلُ، أيْ: عازِمِ الأُمُورِ، كَقَوْلِهِ: ﴿فَإذا عَزَمَ الأمْرُ﴾ [محمد: ٢١] . وقالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مِمّا عَزَمَهُ اللَّهُ وأمَرَ بِهِ؛ وقِيلَ: مِن مَكارِمِ الأخْلاقِ وعَزائِمِ أهْلِ الحَزْمِ، السّالِكِينَ طَرِيقَ النَّجاةِ. والظّاهِرُ أنَّهُ يُرِيدُ مِن لازِماتِ الأُمُورِ الواجِبَةِ؛ لِأنَّ الإشارَةَ بِذَلِكَ إلى جَمِيعِ ما أمَرَ بِهِ ونَهى عَنْهُ. وهَذِهِ الطّاعاتُ يَدُلُّ إيصاءُ لُقْمانَ عَلى أنَّها كانَتْ مَأْمُورًا بِها في سائِرِ المِلَلِ. والعَزْمُ: ضَبْطُ الأمْرِ ومُراعاةُ إصْلاحِهِ. وقالَ مُؤَرِّجٌ: العَزْمُ: الحَزْمُ، بِلُغَةِ هُذَيْلٍ. والحَزْمُ والعَزْمُ أصْلانِ، وما قالَهُ المُبَرِّدُ مِن أنَّ العَيْنَ قُلِبَتْ حاءً لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِاطِّرادِ تَصارِيفِ كُلِّ واحِدٍ مِنَ اللَّفْظَيْنِ، فَلَيْسَ أحَدُهُما أصْلًا لِلْآخَرِ. ﴿ولا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ﴾ أيْ: لا تُوَلِّهِمْ شِقَّ وجْهِكَ، كَفِعْلِ المُتَكَبِّرِ، وأقْبِلْ عَلى النّاسِ بِوَجْهِكَ مِن غَيْرِ كِبْرٍ ولا إعْجابٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ والجَماعَةُ. قالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَندادُ: نَهى أنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ مِن غَيْرِ حاجَةٍ، وأوْرَدَ قَرِيبًا مِن هَذا ابْنُ عَطِيَّةَ احْتِمالًا فَقالَ: ويَحْتَمِلُ أنْ يُرِيدَ: ولا سُؤالًا ولا ضَراعَةً بِالفَقْرِ. قالَ: والأوَّلُ، يَعْنِي تَأْوِيلَ ابْنِ عَبّاسٍ والجَماعَةِ، أظْهَرُ لِدَلالَةِ ذِكْرِ الِاخْتِيالِ والعَجْزِ بَعْدَهُ. وقالَ مُجاهِدٌ: ﴿ولا تُصَعِّرْ﴾ أرادَ بِهِ الإعْراضَ، كَهَجْرِهِ بِسَبِّ أخِيهِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ عامِرٍ، وعاصِمٌ، وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: ”تُصَعِّرْ“، بِفَتْحِ الصّادِ وشَدِّ العَيْنِ؛ وباقِي السَّبْعَةِ: بِألِفٍ؛ والجَحْدَرِيُّ: ”يُصَعِّرُ“ مُضارِعَ أصْعَرَ. ﴿ولا تَمْشِ في الأرْضِ مَرَحًا﴾ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى هَذِهِ الجُمْلَةِ في سُورَةِ سُبْحانَ. ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ﴾ تَقَدَّمَ الكَلامُ في النِّساءِ عَلى نَظِيرِ هَذِهِ الجُمْلَةِ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَن كانَ مُخْتالًا فَخُورًا﴾ [النساء: ٣٦] . ولَمّا وصّى ابْنَهُ بِالأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، إذْ صارَ هو في نَفْسِهِ مُمْتَثِلًا لِلْمَعْرُوفِ مُزْدَجَرًا عَنِ المُنْكَرِ، أمَرَ بِهِ غَيْرَهُ وناهِيًا عَنْهُ غَيْرَهُ، نَهاهُ عَنِ التَّكَبُّرِ عَلى النّاسِ والإعْجابِ والمَشْيِ مَرَحًا، وأخْبَرَهُ أنَّهُ تَعالى لا يُحِبُّ المُخْتالَ، وهو المُتَكَبِّرُ، ولا الفَخُورَ. قالَ مُجاهِدٌ: وهو الَّذِي يُعَدِّدُ ما أعْطى، ولا يَشْكُرُ اللَّهَ. ويَدْخُلُ في الفَخُورِ: الفَخْرُ بِالأنْسابِ. ﴿واقْصِدْ في مَشْيِكَ واغْضُضْ مِن صَوْتِكَ﴾ ولَمّا نَهاهُ عَنِ الخُلُقِ الذَّمِيمِ، أمَرَهُ بِالخُلُقِ الكَرِيمِ، وهو القَصْدُ في المَشْيِ، بِحَيْثُ لا يُبْطِئُ، كَما يَفْعَلُ المُتَنامِسُونَ والمُتَعاجِبُونَ، يَتَباطَئُونَ في نَقْلِ خُطُواتِهِمُ المُتَنامِسِينَ لِلرِّياءِ والمُتَعاجِبُ لِلتَّرَفُّعِ، ولا يُسْرِعُ، كَما يَفْعَلُ الخَرِقُ المُتَهَوِّرُ. ونَظَرَ أبُو جَعْفَرٍ المَنصُورُ إلى أبِي عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ فَقالَ: كُلُّكم يَمْشِي رُوَيْدًا، كُلُّكم يَطْلُبُ صَيْدًا، غَيْرَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ. (p-١٨٩)وقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ خَبَبِ اليَهُودِ ودَبِيبِ النَّصارى، ولَكِنَّ مَشْيًا بَيْنَ ذَلِكَ. وقِيلَ مَعْناهُ: اجْعَلْ بَصَرَكَ مَوْضِعَ قَدَمِكَ. وقُرِئَ: ”وأقْصِدْ“، بِهَمْزَةِ القَطْعِ: أيْ: سَدِّدْ في مَشْيِكَ؛ مِن أقْصَدَهُ الرّامِي إذا سَدَّدَ سَهْمَهُ نَحْوَ الرَّمِيَّةِ، ونَسَبَها ابْنُ خالَوَيْهِ لِلْحِجازِ. والغَضُّ مِنَ الصَّوْتِ: التَّنْقِيصُ مِن رَفْعِهِ وجَهارَتِهِ، والغَضُّ: رَدُّ طُمُوحِ الشَّيْءِ، كالصَّوْتِ والنَّظَرِ والزِّمامِ. وكانَتِ العَرَبُ تَفْتَخِرُ بِجَهارَةِ الصَّوْتِ، وتَمْدَحُ بِهِ في الجاهِلِيَّةِ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎جَهِيرُ الكَلامِ جَهِيرُ العُطاسِ جَهِيرُ الرُّواءِ جَهِيرُ النَّعَمِ ؎ويَخْطُو عَلى الأيْنِ خَطْوَ الظَّلِيمِ ∗∗∗ ويَعْلُو الرِّجالَ بِخَلْقٍ عَمَمِ وغَضُّ الصَّوْتِ أوْفَرُ لِلْمُتَكَلِّمِ، وأبْسَطُ لِنَفْسِ السّامِعِ وفَهْمِهِ. و(أنْكَرَ): ”أفْعَلُ“ إنْ بُنِيَ مِن فِعْلِ المَفْعُولِ، كَقَوْلِهِمْ: أشْغَلُ مِن ذاتِ النِّحْيَيْنِ؛ وبِناؤُهُ مِن ذَلِكَ شاذٌّ. والأصْواتُ: أصْواتُ الحَيَوانِ كُلُّها. وأنْكَرَ جَماعَةٌ لِلْمَذامِّ اللّاحِقَةَ لِلْأصْواتِ، والحِمارُ مَثَلٌ في الذَّمِّ البَلِيغِ والشَّتِيمَةِ. شُبِّهَ الرّافِعُونَ أصْواتَهم بِالحَمِيرِ، وأصْواتُهم بِالنُّهاقِ، ولَمْ يُؤْتَ بِأداةِ التَّشْبِيهِ، بَلْ أُخْرِجَ مَخْرَجَ الِاسْتِعارَةِ، وهَذِهِ أقْصى مُبالَغَةٍ في الذَّمِّ والتَّنْفِيرِ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ. ولَمّا كانَ صَوْتُ الحَمِيرِ مُتَماثِلًا في نَفْسِهِ، لا يَكادُ يَخْتَلِفُ في الفَظاعَةِ، أُفْرِدَ؛ لِأنَّهُ في الأصْلِ مَصْدَرٌ. وأمّا أصْواتُ الحَمِيرِ فَغَيْرُ مُخْتَلِفَةٍ جِدًّا، جُمِعَتْ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ أنْكَرَ الأصْواتِ﴾ فالمَعْنى: أنْكَرَ أصْواتِ الحَمِيرِ، بِالجَمْعِ بِغَيْرِ لامٍ. وقالَ الحَسَنُ: كانَ المُشْرِكُونَ يَتَفاخَرُونَ بِرَفْعِ الأصْواتِ، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ بِأنَّهُ لَوْ كانَ خَيْرًا، فُضِّلَ بِهِ الحَمِيرُ. والظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿إنَّ أنْكَرَ الأصْواتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ﴾ مِن كَلامِ لُقْمانَ لِابْنِهِ، تَنْفِيرٌ لَهُ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ، ومُماثَلَةُ الحَمِيرِ في ذَلِكَ. قِيلَ: هو مِن كَلامِ اللَّهِ تَعالى، وفَرَغَتْ وصِيَّةُ لُقْمانَ في قَوْلِهِ: ﴿واغْضُضْ مِن صَوْتِكَ﴾ رَدًّا لِلَّهِ بِهِ عَلى المُشْرِكِينَ الَّذِينَ كانُوا يَتَفاخَرُونَ بِجَهارَةِ الصَّوْتِ، ورَفْعُ الصَّوْتِ يُؤْذِي السّامِعَ ويَقْرَعُ الصِّماخَ بِقُوَّةٍ، ورُبَّما يَخْرُجُ الغِشاءُ الَّذِي هو داخِلُ الأُذُنِ. وقِيلَ: ﴿واقْصِدْ في مَشْيِكَ﴾ إشارَةٌ إلى الأفْعالِ ﴿واغْضُضْ مِن صَوْتِكَ﴾ إشارَةٌ إلى الأقْوالِ، فَنَبَّهَ عَلى التَّوَسُّطِ في الأفْعالِ، وعَلى الإقْلالِ مِن فُضُولِ الكَلامِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب