الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ [[قراءة نافع.]] مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) قَالَ الزُّهْرِيُّ: صَاحَ الشَّيْطَانُ يَوْمَ أُحُدٍ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَانْهَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ، كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ عرف رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، رَأَيْتُ عَيْنَيْهِ مِنْ تَحْتِ الْمِغْفَرِ تُزْهِرَانِ، فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنِ اسْكُتْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا" الْآيَةَ. وَ "كَأَيِّنْ" بِمَعْنَى كَمْ. قَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ: هِيَ أَيُّ دَخَلَتْ. عَلَيْهَا كَافُ التَّشْبِيهِ وَبُنِيَتْ مَعَهَا فَصَارَ فِي الْكَلَامِ مَعْنَى وَكَمْ وَصُوِّرَتْ فِي الْمُصْحَفِ نُونًا، لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ. نُقِلَتْ عَنْ أَصْلِهَا فَغُيِّرَ لَفْظُهَا لِتَغَيُّرِ مَعْنَاهَا، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فَتَلَعَّبَتْ [[في اوح: فلغت.]] بِهَا الْعَرَبُ وَتَصَرَّفَتْ فِيهَا بِالْقَلْبِ وَالْحَذْفِ، فَحَصَلَ فِيهَا لُغَاتٌ أَرْبَعٌ قُرِئَ بِهَا. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ "وَكَائِنْ" مِثْلَ وَكَاعِنْ، عَلَى وَزْنِ فاعل، وأصله كي فَقُلِبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا، كَمَا قُلِبَتْ فِي يَيْأَسُ [[القلب في ذلك على لغة من يقلب حرف العلة الساكن المفتوح ما قبله ألفا، وهى لغة بلحارث بن كعب وخثعم وزبيد وقبائل من اليمن، كما ذكره الواحدي في وسيطه في تفسير قوله تعالى: "إِنْ هذانِ لَساحِرانِ".]] فَقِيلَ يَاءَسُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَكَائِنْ بِالْأَبَاطِحِ مِنْ صَدِيقٍ ... يَرَانِي لَوْ أُصِبْتُ هُوَ الْمُصَابَا
وَقَالَ آخَرُ:
وَكَائِنْ رَدَدْنَا عَنْكُمُ مِنْ مُدَجَّجٍ ... يَجِيءُ أَمَامَ الرَّكْبِ يَرْدِي [[يردى: يمشى الرديان (بالتحريك) وهو ضرب من المشي فيه تبختر. والمقنع: الذي تقنع بالسلاح، كالبيضة والمغفر.]] مُقَنَّعَا
وَقَالَ آخَرُ:
وَكَائِنْ فِي الْمَعَاشِرِ [[في البحر: المعاسر.]] مِنْ أُنَاسٍ ... أَخُوهُمْ فَوْقَهُمْ وَهُمُ كرام
وقرأ ابن محيصن "وكين" مَهْمُوزًا مَقْصُورًا مِثْلَ وَكَعِنْ، وَهُوَ مِنْ كَائِنْ حُذِفَتْ أَلِفُهُ. وَعَنْهُ أَيْضًا "وَكَأْيِنْ" مِثْلَ وَكَعْيِنْ وهو مقلوب كي الْمُخَفَّفِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ "كَأَيِّنْ" بِالتَّشْدِيدِ مِثْلَ كَعَيِّنْ وَهُوَ الْأَصْلُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
كَأَيِّنْ مِنْ أُنَاسٍ لم يزالوا ... أخوهم فوقهم وهم كرام
وَقَالَ آخَرُ:
كَأَيِّنْ أَبَدْنَا مِنْ عَدُوٍّ بِعِزِّنَا ... وَكَائِنْ أَجَرْنَا مِنْ ضَعِيفٍ وَخَائِفِ
فَجَمَعَ بَيْنَ لُغَتَيْنِ: كَأَيِّنْ وَكَائِنْ، وَلُغَةٌ خَامِسَةٌ كَيْئِنْ مِثْلَ كيعن، وكأنه مخفف من كيئ مَقْلُوبِ كَأَيِّنْ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ غَيْرَ لُغَتَيْنِ: كَائِنْ مِثْلَ كَاعِنْ، وَكَأَيِّنْ مِثْلَ كَعَيِّنْ، تَقُولُ كَأَيِّنْ رَجُلًا لَقِيتُ، بِنَصْبِ مَا بَعْدَ كَأَيِّنْ عَلَى التَّمْيِيزِ. وَتَقُولُ أَيْضًا: كَأَيِّنْ مِنْ رَجُلٍ لَقِيتُ، وَإِدْخَالُ مِنْ بَعْدَ كَأَيِّنْ أَكْثَرُ مِنَ النصب بها وأجود. وبكائن تَبِيعُ هَذَا الثَّوْبَ؟ أَيْ بِكَمْ تَبِيعُ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَكَائِنْ ذَعَرْنَا مِنْ مَهَاةٍ وَرَامِحٍ ... بِلَادُ الْعِدَا [[كذا في الأصول المهاة: البقرة الوحشية. والرامح: الثور الوحشي، لان قرنه بمنزلة الرمح فهو رامح: والمعنى لا يقيم مع الانس في مكان. الذي في ديوانه: "بلاد الورى ليست له ببلاد".]] لَيْسَتْ لَهُ بِبِلَادِ
قَالَ النَّحَّاسُ: وَوَقَفَ أَبُو عَمْرٍو "وَكَأَيْ" بِغَيْرِ نُونٍ، لِأَنَّهُ تنوين. وروى ذلك سورة ابن الْمُبَارَكِ عَنِ الْكِسَائِيِّ. وَوَقَفَ الْبَاقُونَ بِالنُّونِ اتِّبَاعًا لِخَطِ الْمُصْحَفِ. وَمَعْنَى الْآيَةِ تَشْجِيعُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْأَمْرُ بِالِاقْتِدَاءِ بِمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ خِيَارِ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ، أَيْ كَثِيرٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كثير، أو كثير من الأنبياء قالوا فَمَا ارْتَدَّ أُمَمُهُمْ، قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ لِلْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. قَالَ الْحَسَنُ: مَا قُتِلَ نَبِيٌّ فِي حَرْبٍ قَطُّ. وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: مَا سَمِعْنَا أَنَّ نَبِيًّا قُتِلَ فِي الْقِتَالِ. وَالثَّانِي عَنْ قَتَادَةَ وَعِكْرِمَةَ. وَالْوَقْفُ- عَلَى هَذَا الْقَوْلِ- عَلَى "قُتِلَ" جَائِزٌ، وَهِيَ قِرَاءَةُ نَافِعٍ وَابْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي عَمْرٍو وَيَعْقُوبَ. وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتَارَهَا أَبُو حَاتِمٍ. وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ "قُتِلَ" وَاقِعًا عَلَى النَّبِيِّ وَحْدَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ تَمَامُ الْكَلَامِ عِنْدَ قَوْلِهِ "قُتِلَ" وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ، أَيْ وَمَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ، كَمَا يُقَالُ: قُتِلَ الْأَمِيرُ مَعَهُ جَيْشٌ عَظِيمٌ، أَيْ وَمَعَهُ جَيْشٌ. وَخَرَجْتُ مَعِي تِجَارَةٌ، أَيْ وَمَعِي. الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ نَالَ النَّبِيَّ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الرِّبِّيِّينَ، وَيَكُونَ وَجْهُ الْكَلَامِ قُتِلَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: قَتَلْنَا بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي سَلِيمٍ، وَإِنَّمَا قَتَلُوا بَعْضَهُمْ. وَيَكُونُ قَوْلُهُ "فَما وَهَنُوا" رَاجِعًا إِلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ. قُلْتُ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِنُزُولِ الْآيَةِ وَأَنْسَبُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يُقْتَلْ، وَقُتِلَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَابْنُ عامر "قاتَلَ" وهي قراءة ابْنِ مَسْعُودٍ، وَاخْتَارَهَا أَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ. إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَمِدَ مَنْ قَاتَلَ كَانَ مَنْ قُتِلَ دَاخِلًا فِيهِ، وَإِذَا حَمِدَ مَنْ قُتِلَ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ غَيْرُهُمْ، فَقَاتَلَ أَعَمُّ وَأَمْدَحُ. وَ "الرِّبِّيُّونَ" بِكَسْرِ الرَّاءِ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ. وَقِرَاءَةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِضَمِّهَا. وَابْنِ عَبَّاسٍ بِفَتْحِهَا، ثَلَاثُ لُغَاتٍ. وَالرِّبِّيُّونَ الْجَمَاعَاتُ الْكَثِيرَةُ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ وَعِكْرِمَةَ، وَاحِدُهُمْ رُبِّيٌ بِضَمِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، مَنْسُوبٌ إِلَى الرِّبَّةِ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْضًا وَضَمِّهَا، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: الرِّبِّيُّونَ الْأُلُوفُ الْكَثِيرَةُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الرِّبِّيُّونَ الْأَتْبَاعُ. وَالْأَوَّلُ أَعْرَفُ فِي اللُّغَةِ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْخِرْقَةِ الَّتِي تُجْمَعُ فِيهَا الْقِدَاحُ: رِبَّةٌ وَرُبَّةٌ. وَالرِّبَابُ قَبَائِلُ تَجَمَّعَتْ. وَقَالَ أَبَانُ بْنُ ثَعْلَبٍ: الرِّبِّيُّ عَشْرَةُ آلَافٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمُ الْعُلَمَاءُ الصُّبُرُ. ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ وَالسُّدِّيُّ: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ، قَالَ حَسَّانُ:
وَإِذَا معشر تجافوا عن الح ... ق حملنا عليهم ربيا
وقال الزجاج: ها هنا قراءتان "رِبِّيُّونَ" بضم الراء- و "رِبِّيُّونَ" بِكَسْرِ الرَّاءِ، أَمَّا الرُّبِّيُّونَ (بِالضَّمِّ): الْجَمَاعَاتُ الْكَثِيرَةُ. وَيُقَالُ: عَشْرَةُ آلَافٍ. قُلْتُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "رِبِّيُّونَ" بِفَتْحِ الرَّاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّبِّ. قَالَ الْخَلِيلُ: الرِّبِّيُّ الْوَاحِدُ مِنَ الْعُبَّادِ الَّذِينَ صَبَرُوا مَعَ الْأَنْبِيَاءِ. وَهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ نُسِبُوا إِلَى التَّأَلُّهِ وَالْعِبَادَةِ وَمَعْرِفَةِ الرُّبُوبِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ "وَهَنُوا" أَيْ ضَعُفُوا، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَالْوَهْنُ: انْكِسَارُ الْجِدِّ [[الواهنة: القصيري وهى أسفل الأضلاع.]] بِالْخَوْفِ. وَقَرَأَ الحسن وأبو الْحَسَنُ وَأَبُو السَّمَّالِ "وَهَنُوا" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا، لُغَتَانِ عَنْ أَبِي زَيْدٍ. وَهَنَ الشَّيْءُ يَهِنُ وَهْنًا. وَأَوْهَنْتُهُ أَنَا وَوَهَّنْتُهُ ضَعَّفْتُهُ. وَالْوَاهِنَةُ: أَسْفَلُ الْأَضْلَاعِ وَقِصَارُهَا [[الواهنة: القصيري وهى أسفل الأضلاع.]]. وَالْوَهَنُ مِنَ الْإِبِلِ: الْكَثِيفُ. وَالْوَهْنُ: سَاعَةٌ تَمْضِي مِنَ اللَّيْلِ، وَكَذَلِكَ الْمَوْهِنُ. وَأَوْهَنَّا صِرْنَا [[كذا في دو اللسان، وفى هـ وأ وح: ضربنا.]] فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، أَيْ مَا وَهَنُوا لِقَتْلِ نَبِيِّهِمْ، أَوْ لِقَتْلِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، أَيْ مَا وَهَنَ بَاقِيهُمْ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ.
(وَما ضَعُفُوا) أَيْ عَنْ عَدُوِّهِمْ.
(وَمَا اسْتَكانُوا) أَيْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي الْجِهَادِ. وَالِاسْتِكَانَةُ: الذِّلَّةُ وَالْخُضُوعُ، وَأَصْلُهَا "اسْتَكَنُوا" عَلَى افْتَعَلُوا، فَأُشْبِعَتْ فَتْحَةُ الْكَافِ فَتَوَلَّدَتْ مِنْهَا أَلِفٌ. وَمَنْ جَعَلَهَا مِنَ الْكَوْنِ فهي استفعلوا، والأول أشبه بمعنى الآية. وقرى "فَمَا وَهْنُوا وَمَا ضَعْفُوا" بِإِسْكَانِ الْهَاءِ وَالْعَيْنِ. وَحَكَى الْكِسَائِيُّ "ضَعَفُوا" بِفَتْحِ الْعَيْنِ. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْهُمْ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ أَوْ قُتِلَ نَبِيُّهُمْ بِأَنَّهُمْ صَبَرُوا وَلَمْ يَفِرُّوا وَوَطَّنُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ، وَاسْتَغْفَرُوا لِيَكُونَ مَوْتُهُمْ عَلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ إِنْ رُزِقُوا الشَّهَادَةَ، وَدَعَوْا فِي الثَّبَاتِ حَتَّى لَا يَنْهَزِمُوا، وَبِالنَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ. وَخَصُّوا الْأَقْدَامَ بِالثَّبَاتِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْجَوَارِحِ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهَا. يَقُولُ: فَهَلَّا فَعَلْتُمْ وَقُلْتُمْ مِثْلَ ذَلِكَ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ؟ فَأَجَابَ دُعَاءَهُمْ وَأَعْطَاهُمُ النَّصْرَ وَالظَّفَرَ وَالْغَنِيمَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْمَغْفِرَةَ فِي الْآخِرَةِ إِذَا صَارُوا إِلَيْهَا. وَهَكَذَا يَفْعَلُ اللَّهُ مَعَ عِبَادِهِ الْمُخْلِصِينَ التَّائِبِينَ الصَّادِقِينَ النَّاصِرِينَ لِدِينِهِ، الثَّابِتِينَ عِنْدَ لِقَاءِ عَدُوِّهِ بِوَعْدِهِ الْحَقِّ، وَقَوْلِهِ الصِّدْقِ.
(وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) يَعْنِي الصَّابِرِينَ عَلَى الْجِهَادِ. وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ "وَمَا كَانَ قَوْلُهُمْ" بِالرَّفْعِ، جَعَلَ الْقَوْلَ اسْمًا لَكَانَ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ وَمَا كَانَ قَوْلُهُمْ إِلَّا قَوْلَهُمْ: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) وَمَنْ قَرَأَ بِالنَّصْبِ جَعَلَ الْقَوْلَ خَبَرَ كَانَ. وَاسْمُهَا "إِلَّا أَنْ قالُوا". رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا يَعْنِي الصَّغَائِرَ (وَإِسْرافَنا) يَعْنِي الْكَبَائِرَ. وَالْإِسْرَافُ: الْإِفْرَاطُ فِي الشَّيْءِ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَصَحِيحِ السُّنَّةِ مِنِ الدُّعَاءِ وَيَدَعَ مَا سِوَاهُ، وَلَا يَقُولَ أَخْتَارُ كَذَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ اخْتَارَ لِنَبِيِّهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَعَلَّمَهُمْ كَيْفَ يَدْعُونَ.
{"ayahs_start":146,"ayahs":["وَكَأَیِّن مِّن نَّبِیࣲّ قَـٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّیُّونَ كَثِیرࣱ فَمَا وَهَنُوا۟ لِمَاۤ أَصَابَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا۟ وَمَا ٱسۡتَكَانُوا۟ۗ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِینَ","وَمَا كَانَ قَوۡلَهُمۡ إِلَّاۤ أَن قَالُوا۟ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِیۤ أَمۡرِنَا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"],"ayah":"وَكَأَیِّن مِّن نَّبِیࣲّ قَـٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّیُّونَ كَثِیرࣱ فَمَا وَهَنُوا۟ لِمَاۤ أَصَابَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا۟ وَمَا ٱسۡتَكَانُوا۟ۗ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق