الباحث القرآني
مقدمة السورة
٧٦٤١٨- عن عبد الله بن عباس -من طُرُق- قال: نزلتْ سورة الممتحنة بالمدينة[[أخرجه النحاس ص٧١١ من طريق أبي عمرو بن العلاء عن مجاهد، والبيهقي ٧/١٤٣ في دلائل النبوة من طريق خُصَيف عن مجاهد. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (١٤/٤٠٢)
٧٦٤١٩- عن عبد الله بن الزبير، مثله[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (١٤/٤٠٢)
٧٦٤٢٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء الخُراسانيّ-: مدنيّة، ونَزَلَتْ بعد سورة الأحزاب[[أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن ١/٣٣-٣٥.]]. (ز)
٧٦٤٢١- عن عكرمة مولى ابن عباس= (ز)
٧٦٤٢٢- والحسن البصري -من طريق يزيد النحوي-: مدنيّة[[أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٧/١٤٢-١٤٣.]]. (ز)
٧٦٤٢٣- عن قتادة بن دعامة -من طرق-: مدنيّة[[أخرجه الحارث المحاسبي في فهم القرآن ص٣٩٥-٣٩٦ من طريقي معمر وسعيد، وأبو بكر ابن الأنباري -كما في الإتقان ١/٥٧- من طريق همام.]]. (ز)
٧٦٤٢٤- عن محمد بن شهاب الزُّهريّ: مدنيّة، ونزلتْ بعد سورة الأحزاب[[تنزيل القرآن ص٣٧-٤٢.]]. (ز)
٧٦٤٢٥- عن علي بن أبي طلحة: مدنيّة[[أخرجه أبو عبيد في فضائله (ت: الخياطي) ٢/٢٠٠، وقال أبو عبيد: الممتحَنة -بفتح الحاء-.]]. (ز)
٧٦٤٢٦- قال مقاتل بن سليمان: سورة الامتحان مدنيّة، عددها ثلاث عشرة آية كوفيّة[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٢٩٥.]]٦٥٥٨. (ز)
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ تُلۡقُونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُوا۟ بِمَا جَاۤءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ یُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِیَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَـٰدࣰا فِی سَبِیلِی وَٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِیۚ تُسِرُّونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَاۤ أَخۡفَیۡتُمۡ وَمَاۤ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن یَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ ١﴾ - نزول الآية
٧٦٤٢٧- عن علي بن أبي طالب، قال: بعثَني رسول الله ﷺ أنا والزّبير والمِقداد، فقال: «انطلِقوا حتى تَأتُوا رَوضة خاخٍ[[روضة خاخ -هي بخاءين معجمتين-: موضع بين مكة والمدينة. النهاية (خوخ).]]؛ فإنّ بها ظَعِينة[[الظعينة هنا: الجارية، وأصلها: الهودج، وسميت بها الجارية؛ لأنها تكون فيه. ينظر: صحيح مسلم بشرح النووي ١٦/٥٥.]]، معها كتاب، فخُذوه منها، فائتُوني به». فخَرجنا حتى أتينا الرّوضة فإذا نحن بالظَّعِينة، فقُلنا: أخرجِي الكتاب. قالت: ما معي كتاب. قُلنا: لتُخرجِنّ الكتاب، أو لنُلْقِينّ الثياب. فأَخرجتْه من عِقاصِها[[العَقِيصة: الشعر المَعْقُوص، وهو نحو من المضْفُور. وأصل العَقْص: اللَّيُّ وإدخال أطراف الشعر في أصوله. النهاية (عقص).]]، فأَتينا به النبيَّ ﷺ، فإذا فيه من حاطِب بن أبي بَلْتَعة إلى أُناسٍ مِن المشركين بمكة يُخبرهم ببعض أمر النبيِّ ﷺ، فقال النبيُّ ﷺ: «ما هذا، يا حاطِب؟!». قال: لا تَعْجَل عليَّ، يا رسول الله، إني كنتُ امرًا مُلصقًا في قريش، ولم أكن مِن أنفُسها، وكان مَن معك مِن المهاجرين لهم قراباتٌ يَحمُون بها أهليهم وأموالهم بمكة، فأحببتُ -إذ فاتني ذلك مِن النّسب فيهم- أنْ أصطنِع إليهم يدًا يَحمُون بها قرابتي، وما فعلتُ ذلك كُفرًا ولا ارتدادًا عن ديني. فقال النبيُّ ﷺ: «صَدق». فقال عمر: دَعني -يا رسول الله ﷺ- أضرب عُنُقه. فقال: «إنّه شهد بدرًا، وما يُدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم؟!». ونَزَلَتْ فيه: ﴿يأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ﴾[[أخرجه البخاري ٤/٥٩-٦٠ (٣٠٠٧)، ٤/٧٦ (٣٠٨١)، ٥/٧٧-٧٨ (٣٩٨٣)، ٥/١٤٥ (٤٢٧٤)، ٦/١٤٩ (٤٨٩٠)، ٨/٥٧-٥٨ (٦٢٥٩)، ٩/١٨-١٩ (٦٩٣٩)، ومسلم ٤/١٩٤١ (٢٤٩٤)، وابن جرير ٢٢/٥٥٩-٥٦٠، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٨/٨٤-.]]. (١٤/٤٠٢)
٧٦٤٢٨- عن علي بن أبي طالب -من طريق الحارث- قال: لَمّا أراد رسولُ الله ﷺ أن يأتي مكة أسَرَّ إلى ناسٍ مِن أصحابه أنه يريد مكة -منهم حاطِب بن أبي بَلْتَعة-، وأفشى في الناس أنه يريد خَيبر، فكتب حاطِب إلى أهل مكة أنّ رسول الله ﷺ يريدكم، فأُخبر رسول الله ﷺ، فبَعثني أنا وأبا مَرْثَد، فقال: «ائتُوا رَوضة خاخ» فذكر نحو ما تقدم؛ فأنزل الله: ﴿يأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ﴾ الآية[[أخرجه أبو يعلى ١/٣١٩-٣٢٠ (٣٩٧)، وابن جرير ٢٢/٥٦٠-٥٦١، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٨/٨٤-، من طريق الحارث، عن علي به. وسنده حسن.]]. (١٤/٤٠٣)
٧٦٤٢٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق مجاهد- في قول الله: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ﴾ إلى قوله: ﴿بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾: في مُكاتبة حاطِب بن أبي بَلْتَعة ومَن معه إلى كفار قريش يُحذِّرونهم[[أخرجه الحاكم ٢/٥٢٧ (٣٨٠٢) مطولًا، من طريق إبراهيم بن الحسين، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس به. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». ووافقه الذهبي في التلخيص.]]. (١٤/٤٠٩)
٧٦٤٣٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية- في قوله: ﴿يأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ﴾ إلى آخر الآية، قال: نَزَلَتْ في رجلٍ كان مع النبيِّ ﷺ بالمدينة مِن قريش، كتب إلى أهله وعشيرته بمكة، يُخبرهم ويُنذرهم أنّ رسول الله ﷺ سائر إليهم، فأُخبر رسول الله ﷺ بصحيفته، فبعث علي بن أبي طالب، فأتاه بها[[أخرجه ابن جرير ٢٢/٥٦١، من طريق العَوفيّين، عن ابن عباس به. إسناد ضعيف، لكنها صحيفة صالحة ما لم تأت بمنكر أو مخالفة. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (١٤/٤٠٤)
٧٦٤٣١- عن أنس بن مالك -من طريق قتادة- ﴿يأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ﴾، قال: لَمّا أراد النبيُّ ﷺ السَّيْرُورة مِن الحُدَيبية إلى مشركي قريش، كَتب إليهم حاطِب بن أبي بَلْتَعة يُحذِّرهم، فأَطلَع اللهُ على ذلك، فوُجد الكتاب مع امرأة من مشركي قريش في قَرْنٍ من رأسها، فقال له: «ما حمَلك على الذي صنعتَ؟». قال: أما واللهِ ما ارتبتُ في أمرِ الله ولا شككتُ فيه، ولكنه كان لي بها أهلٌ ومال، فأردتُ مصانعةَ قريش. وكان حليفًا لهم، ولم يكن منهم، فأنزل الله فيه القرآن: ﴿يأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ﴾ الآية[[أخرجه الطبراني في مسند الشاميين ٤/٩ (٢٥٧٧)، وابن مردويه -كما في الفتح ٨/٦٣٦، ١٢/٣٠٦- مختصرًا من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس بن مالك به. وسنده ضعيف؛ سعيد بن بشير قال عنه ابن حجر في تقريب التهذيب (٢٢٧٦): «ضعيف».]]. (١٤/٤٠٤)
٧٦٤٣٢- عن أنس بن مالك، قال: أمّن رسولُ الله ﷺ الناسَ يوم فتْح مكة إلا أربعة؛ عبد العُزّى بن خطل، ومِقْيَس بن ضُبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سَرح، وأُمّ سارة، فذكر الحديث، قال: وأمّا أُمُّ سارة فإنها كانت مولاةً لقريش، فأتَتْ رسولَ الله ﷺ، فشَكَتْ إليه الحاجة، فأعطاها شيئًا، ثم أتاها رجلٌ، فبعث معها بكتاب إلى أهل مكة يتقرّبُ بذلك إليها لِحِفْظ عياله، وكان له بها عيال، فأَخبر جبريلُ النبيَّ ﷺ بذلك، فبَعث في أثَرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، فلحِقاها في الطريق، ففَتَّشاها، فلم يَقدِرا على شيءٍ معها، فأقبَلا راجِعَيْن، ثم قال أحدُهما لصاحبه: واللهِ، ما كَذَبنا، ولا كُذِبنا، ارجع بنا إليها. فَرجَعا إليها، فسَلّا سيفهما، فقالا: واللهِ، لَنُذيقنّكِ الموتَ أو لتَدفَعِنّ إلينا الكتاب. فأنكَرتْ، ثم قالتْ: أدفعه إليكما على أن لا تَرُدّاني إلى رسول الله ﷺ. فقَبلا ذلك منها، فحلّتْ عِقاص رأسها، فأَخرجَت الكتاب مِن قَرْنٍ من قرونها، فدفعتْه إليهما، فرجعا به إلى رسول الله ﷺ، فدفَعاه إليه، فدعا الرجلَ، فقال: «ما هذا الكتاب؟». فقال: أُخبِرك، يا رسول الله، إنه ليس مِن رجل مِمّن معك إلا وله بمكة مَن يَحفَظه في عياله، فكتبتُ بهذا الكتاب ليكونوا لي في عيالي. فأنزل الله: ﴿يأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ﴾ الآية[[أخرجه الطبراني في الأوسط ٦/٣٤٢-٣٤٤ (٦٥٧٧)، وابن عساكر في تاريخه ٢٩/٢٩-٣١ (٥٩٤٠، ٥٩٤١)، من طريق الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن أنس بن مالك به. قال الهيثمي في المجمع ٦/١٦٧-١٦٨ (١٠٢٣٥): «فيه الحكم بن عبد الملك، وهو ضعيف».]]. (١٤/٤٠٦)
٧٦٤٣٣- عن عبد الرحمن بن حاطِب بن أبي بَلْتَعة -من طريق عُروة بن الزبير- وحاطِب رجلٌ مِن أهل اليمن كان حليفًا للزّبير بن العوام مِن أصحاب النبيِّ ﷺ، قد شهد بدرًا، وكان بنوه وإخوته بمكة، فكتب حاطِب -وهو مع رسول الله ﷺ بالمدينة- إلى كفار قريش بكتاب يَنتَصح لهم فيه، فدعا رسولُ الله ﷺ عليًّا والزّبير، فقال لهما: «انطلِقا حتى تُدركا امرأة معها كتاب، فخُذا الكتاب، فائتِياني به». فانطلَقا حتى أدركا المرأة بحُلَيْفة بني أحمد، وهي من المدينة على قريب من اثني عشر ميلًا، فقالا لها: أعطِنا الكتاب الذي معكِ. قالت: ليس معي كتاب. قالا: كَذبتِ، قد حدَّثنا رسول الله ﷺ: أنّ معكِ كتابًا، واللهِ، لَتُعْطِيَنّ الكتاب الذي معكِ، أو لا نَترك عليكِ ثوبًا إلا التمَسنا فيه. قالتْ: أوَلَستم بناس مسلمين؟ قالا: بلى، ولكن رسول الله ﷺ قد حدَّثنا أنّ معكِ كتابًا. حتى إذ ظنتْ أنهما مُلتَمسان كلّ ثوب معها، حلّتْ عِقاصها، فأَخرجتْ لهما الكتاب مِن بين قرون رأسها، كانت قد اعتَقَصتْ عليه، فأَتيا رسول الله ﷺ، فإذا هو كتاب من حاطِب بن أبي بَلْتَعة إلى أهل مكة، فدعا رسولُ الله ﷺ حاطبًا، قال: «أنتَ كتبتَ هذا الكتاب؟». قال: نعم. قال: «فما حمَلكَ على أن تَكتب به؟». قال حاطِب: أما واللهِ ما ارتبتُ منذ أسلمتُ في الله ﷿، ولكني كنتُ امرءًا غريبًا فيكم أيها الحي مِن قريش، وكان لي بنون وإخوة بمكة، فكتبتُ إلى كفار قريش بهذا الكتاب لكي أدفع عنهم. فقال عمر: ائذن لي -يا رسول الله- أضرب عُنُقه. فقال رسول الله ﷺ: «دَعْه؛ فإنه قد شهد بدرًا، وإنك لا تدري لعلّ الله اطّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فإني غافِر لكم ما عمِلتم». فأنزل الله في ذلك: ﴿يأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ﴾ حتى بلغ: ﴿لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كانَ يَرْجُو اللَّهَ واليَوْمَ الآخِرَ﴾[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (١٤/٤٠٥)
٧٦٤٣٤- عن سعيد بن جُبَير، قال: اسم الذي أُنَزِلَتْ فيه: ﴿يأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ﴾: حاطِب بن أبي بَلْتَعة[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (١٤/٤١٠)
٧٦٤٣٥- عن عُروة بن الزّبير -من طريق محمد بن جعفر بن الزّبير- قالوا: لَمّا أجمع رسولُ الله ﷺ السَّير إلى مكة كتب حاطِب بن أبي بَلْتَعة كتابًا إلى قريش يُخبِرهم بالذي أجمع عليه رسول الله ﷺ مِن الأمر في السَّير إليهم، ثم أعطاه امرأة -يزعم محمد بن جعفر: أنها من مُزْينة، وزعم غيره: أنها سارة؛ مولاة لبعض بني عبد المُطّلب- وجعل لها جُعْلًا على أن تُبلّغه قريشًا، فجَعلتْه في رأسها، ثم فَتَلَتْ عليه قرونها، ثم خَرجتْ به. وأتى رسولَ الله ﷺ الخبرُ من السماء بما صنع حاطِب، فبعث عليَّ بن أبي طالب والزّبير بن العوام ﵄، فقال: «أدرِكا امرأة قد كَتب معها حاطِب بكتاب إلى قريش يُحذِّرهم ما قد اجتَمعنا له في أمرهم». فخَرجا حتى أدركاها بالحُليفة؛ حُليفة ابن أبي أحمد، فاستنزَلاها، فالتمَسا في رحْلها، فلم يجدا شيئًا، فقال لها علي بن أبي طالب ﵁: إني أحلف بالله ما كَذب رسول الله ﷺ ولا كذبنا، ولتُخرِجِنّ إلَيَّ هذا الكتاب، أو لنَكشِفنّكِ. فلما رأت الجِدّ منه قالت: أعرِض عنِّي. فأَعرَض عنها، فحلَّتْ قرون رأسها، فاستَخرجَت الكتاب، فدفَعتْه إليه، فجاء به إلى رسول الله ﷺ، فدعا رسول الله ﷺ حاطبًا، فقال: «يا حاطِب، ما حمَلكِ على هذا؟». فقال: يا رسول الله، أما واللهِ إنّي لَمُؤمنٌ بالله ورسوله، ما غيّرتُ ولا بدّلتُ، ولكني كنتُ امرأً ليس لي في القوم أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم أهلٌ وولد، فصانعتُهم عليهم. فقال عمر بن الخطاب ﵁: دَعني، يا رسول الله، فلأضرب عُنُقه، فإنّ الرجل قد نافق. فقال رسول الله ﷺ: «وما يدريك، يا عمر، لعلّ الله قد اطّلع على أصحاب بدر يوم بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم». فأنزل الله ﷿ في حاطِب: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ﴾ إلى قوله: ﴿وإلَيْكَ أنَبْنا﴾ إلى آخر القصة[[أخرجه ابن جرير ٢٢/٥٦١. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (ز)
٧٦٤٣٦- عن عُروة بن الزّبير -من طريق معمر، عن الزُّهريّ – نحوه. وفي آخره: قال الزهري: وفيه نَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ﴾ حتى بلغ: ﴿واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٨٧، وابن جرير ٢٢/٥٦١.]]. (ز)
٧٦٤٣٧- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قول الله: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ﴾ إلى قوله: ﴿بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ في مُكاتبة حاطِب بن أبي بَلْتَعة ومَن معه إلى كفار قريش يُحذِّرونهم[[أخرجه ابن جرير ٢٢/٥٦٣، وعبد بن حميد -كما في التغليق ٤/٣٣٨، والفتح ٨/٦٣٣-.]]. (١٤/٤٠٩)
٧٦٤٣٨- عن الحسن البصري، قال: كَتب حاطِب بن أبي بَلْتَعة إلى المشركين كتابًا يَذكُر فيه مَسيرَ النبيِّ ﷺ، فبَعث به مع امرأة، فبَعث رسول الله ﷺ في طَلبها، فأُخذ الكتاب منها، فجِيء به إلى النبيِّ ﷺ، فدعا حاطبًا، فقال: «أنتَ كتبتَ هذا الكتاب؟». قال: نعم يا رسول الله، أما والله إني لَمؤمنٌ بالله وبرسوله، وما كفرتُ منذ أسلمتُ، ولا شككتُ منذ استيقنتُ، ولكني كنتُ امرءًا لا نَسب لي في القوم، إنما كنتُ حَليفَهم، وفي أيديهم من أهلي ما قد علمتَ، فكتبتُ إليهم بشيء قد علمتُ أن لن يُغني عنهم من الله شيئًا أراده؛ أنْ أدرأ به عن أهلي ومالي، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، خَلِّ عني وعن عدوّ الله هذا المنافق، فأضرب عُنُقه. فنظر إليه رسول الله ﷺ نَظرًا عرف عمر أنه قد غَضِب، ثم قال: «ويحك، يا ابن الخطاب، وما يدريك لعلّ الله قد اطّلع على أهل موطن مِن مواطن الخير، فقال للملائكة: اشهدوا أنِّي قد غفرتُ لأَعبُدي هؤلاء، فليَعملوا ما شاؤوا». قال عمر: الله ورسوله أعلم. قال: «إنهم أهل بدر فاجتنِبْ أهل بدر، إنهم أهل بدر فاجتنِبْ أهل بدر، إنهم أهل بدر فاجتنِب أهل بدر»[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١٤/٤٠٧)
٧٦٤٣٩- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد - قوله: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ﴾ حتى بلغ: ﴿سَواءَ السَّبِيلِ﴾، ذُكر لنا: أنّ حاطبًا كَتب إلى أهل مكة يُخبِرهم سيرورة نبي الله ﷺ إليهم زمن الحُدَيبية، فأَطلع الله ﷿ نبيّه -عليه الصلاة والسلام- على ذلك. وذُكر لنا: أنهم وجدوا الكتاب مع امرأة في قَرْنٍ من رأسها، فدعاه نبيُّ الله ﷺ، فقال: «ما حمَلك على الذي صنعتَ؟». قال: واللهِ، ما شككتُ في أمر الله، ولا ارتددتُ فيه، ولكن لي هناك أهلًا ومالًا، فأردتُ مصانعة قريش على أهلي ومالي. وذُكر لنا: أنه كان حليفًا لقريش لم يكن مِن أنفُسهم، فأنزل الله ﷿ في ذلك القرآن، فقال: ﴿إنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أعْداءً ويَبْسُطُوا إلَيْكُمْ أيْدِيَهُمْ وأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ ووَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾[[أخرجه ابن جرير ٢٢/٥٦٤. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وفيه: فأنزل الله القرآن، وقال: ﴿إنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أعْداءً ويَبْسُطُوا إلَيْكُمْ أيْدِيَهُمْ وأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ﴾ إلى قوله: ﴿قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبْراهِيمَ والَّذِينَ مَعَهُ﴾، ﴿إلّا قَوْلَ إبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾.]]. (١٤/٤٠٩)
٧٦٤٤٠- قال يحيى بن سلّام: بلَغني: أنّه كَتب مع امرأة مولاة لبني هاشم، وجعل لها جُعْلًا، وجَعلت الكتاب في خمارها، فجاء جبريل إلى رسول الله، فأَخبَره، فبَعث رسول الله في طَلبها عليًّا ورجلًا آخر، ففتَّشاها، فلم يجدا معها شيئًا، فأراد صاحبه الرجوع، فأبى عليٌّ، وسلّ عليها السيف، وقال: واللهِ، ما كَذبتُ ولا كُذِبت. فأَخذتْ عليهما إنْ أعطتْه إياهما ألا يَرُدّاها، فأَخرجت الكتاب من خمارها. قال الكلبي: فأرسل رسول الله إليه: «هل تعرف هذا، يا حاطِب؟». قال: نعم. قال: «فما حمَلك عليه؟». قال: أما والذي أنزل عليك الكتاب، ما كفرتُ منذ آمنتُ، ولا أحببتُهم منذ فارقتُهم، ولم يكن مِن أصحابك أحدٌ إلا وله بمكة مَن يَمنع الذي له غيري، فأحببتُ أن أتخذ عندهم مَودّة، وقد علمتُ أنّ الله مُنزل عليهم بأسه ونِقمته، وإنّ كتابي لن يُغني عنهم شيئًا. فصدّقه رسول الله وعَذره؛ فأنزل الله هذا فيه[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/٣٧٦-.]]. (ز)
٧٦٤٤١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ﴾ وذلك أنّ النبي ﷺ أمر الناسَ بالجهاد وعَسكَرَ، وكتب حاطِب بن أبي بَلْتَعة إلى أهل مكة: إنّ محمدًا قد عَسكَر، وما أراه إلا يريدكم؛ فخذوا حِذركم. وأَرسَل بالكتاب مع سارة مولاة أبي عمرو بن صيفيّ بن هاشم، وكانت قد جاءتْ من مكة إلى المدينة، فأعطاها حاطِب بن أبي بَلْتَعة عشرة دنانير على أن تُبلغ كتابه أهل مكة، وجاء جبريل، فأَخبَر النبيَّ ﷺ بأمْر الكتاب وأمْر حاطِب، فبَعث رسولُ الله ﷺ عليَّ بن أبي طالب ﵇، والزّبير بن العوام، وقال لهما: «إنْ أعطتْكما الكتابَ عفوًا خلِّيا سبيلها، وإنْ أبتْ فاضربا عُنُقها». فسارا حتى أدَركاها بالجُحْفةِ، وسألاها عن الكتاب، فحَلفَت: ما معها كتاب. وقالت: لَأنا إلى خيركم أفقر مِنِّي إلى غير ذلك. فابتَحَثاها، فلم يجدا معها شيئًا، فقال الزّبير لعلي بن أبي طالب ﵄: ارجع بنا، فإنّا لا نرى معها شيئًا. فقال علي: واللهِ، لأضربنّ عُنُقها، واللهِ، ما كَذَب رسول الله ﷺ ولا كذبنا. فقال الزّبير: صدقتَ، اضرب عُنُقها. فسلَّ علِيٌّ سيفه، فلما عرفت الجِدّ منهما أخذتْ عليهما المواثيق: لئن أعطيتُكما الكتاب لا تقتلاني، ولا تَسبِياني، ولا تَرُدّاني إلى محمد ﷺ، ولتُخلّيان سبيلي. فأَعطَياها المواثيق، فاستَخرجت الصّحيفة مِن ذؤابتها، ودَفعتْها، فخلَّيا سبيلها، وأقْبَلا بالصّحيفة فوضَعاها في يدي رسول الله ﷺ، فقرأها، فأرسَل إلى حاطِب بن أبي بَلْتَعة، فقال له: «أتعرف هذا الكتاب؟». قال: نعم. قال: «فما حمَلك على أن تُنذر بنا عدوَّنا؟». قال حاطِب: اعفُ عنِّي، عفا الله عنك، فوالذي أنزل عليك الكتاب، ما كفرتُ منذ أسلمتُ، ولا كذبتُك منذ صدّقتك، ولا أبغضتُك منذ أحببتُك، ولا واليتُهم منذ عاديتُهم، وقد علمتُ أنّ كتابي لا ينفعهم ولا يضرّك، فاعذرني، جعلني الله فداك؛ فإنه ليس من أصحابك أحدٌ إلا وله بمكة مَن يَمنع ماله وعشيرته غيري، وكنتُ حليفًا ولست من أنفُس القوم، وكان حُلفائي قد هاجروا كلّهم، وكنتُ كثير المال والضّيعة بمكة، فخِفتُ المشركين على مالي، فكتبتُ إليهم لأتوسّل إليهم بها، وأَتّخذها عندهم مَودّة لأدفع عن مالي، وقد علمتُ أنّ الله مُنزل بهم خِزيه ونِقمته، وليس كتابي يُغني عنهم شيئًا. فعرف رسول الله ﷺ أنه قد صَدق فيما قال، فأنزل الله تعالى عِظَةً للمؤمنين أن يعودوا لِمِثل صَنيع حاطِب بن أبي بَلْتَعة، فقال تعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ﴾ ... وفي حاطِب نَزَلَتْ هذه الآية: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ يُوادُّونَ مَن حادَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ إلى آخر الآية [المجادلة:٢٢][[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٢٩٧-٢٩٩.]]٦٥٥٩. (ز)
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ تُلۡقُونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُوا۟ بِمَا جَاۤءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ یُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِیَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَـٰدࣰا فِی سَبِیلِی وَٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِیۚ تُسِرُّونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَاۤ أَخۡفَیۡتُمۡ وَمَاۤ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن یَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ ١﴾ - تفسير الآية
٧٦٤٤٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ٦٥٦٠ أوْلِياءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ٦٥٦١﴾ يعني: الصّحيفة، ﴿وقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الحَقِّ﴾ يعني: القرآن، ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ﴾ مِن مكة ﴿وإيّاكُمْ﴾ قد أُخرِجوا مِن دياركم، يعني: من مكة ﴿أنْ تُؤْمِنُوا﴾ يعني: بأنْ آمنتم ﴿بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهادًا فِي سَبِيلِي وابْتِغاءَ مَرْضاتِي٦٥٦٢﴾ فلا تُلقُوا إليهم بالمودّة، ﴿تُسِرُّونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ﴾ يعني: بالصّحيفة فيها النّصيحة، ﴿وأَنا أعْلَمُ٦٥٦٣ بِما أخْفَيْتُمْ﴾ يعني: بما أسْررتم في أنفسكم مِن المودّة والولاية، ﴿وما أعْلَنْتُمْ﴾ لهم من الولاية، ﴿ومَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ﴾ يعني: ومَن يُسرّ بالمودّة إلى الكفار ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ﴾ يقول: فقد أخطا قَصْد طريق الهُدى[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٢٩٩.]]. (ز)
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ تُلۡقُونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُوا۟ بِمَا جَاۤءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ یُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِیَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَـٰدࣰا فِی سَبِیلِی وَٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِیۚ تُسِرُّونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَاۤ أَخۡفَیۡتُمۡ وَمَاۤ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن یَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ ١﴾ - آثار متعلقة بالآية
٧٦٤٤٣- عن عمر بن الخطاب -من طريق ابن عباس- قال: كَتب حاطِب بن أبي بَلْتَعة إلى المشركين بكتاب، فجِيء به إلى النبيِّ ﷺ، فقال: «يا حاطِب، ما دعاك إلى ما صنعتَ؟». قال: يا رسول الله، كان أهلي فيهم، فخَشيتُ أن يَصرِموا عليهم. فقلتُ: أكتب كتابًا لا يضرّ الله ورسوله. فقلتُ: أضرب عُنُقه، يا رسول الله؟ فقد كفر. فقال: «وما يدريك -يا ابن الخطاب- أن يكون اللهُ اطّلع على أهل هذه العصابة مِن أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم»[[أخرجه البزار (١٩٧)، والحاكم ٤/٨٧ (٦٩٦٦)، من طريق عكرمة بن عمار، عن أبي زميل، عن ابن عباس، عن عمر بن الخطاب به. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه هكذا، إنما اتفقا على حديث عبد الله بن أبي رافع ﵁، عن علي: بعثني رسول الله ﷺ وأبا مَرثد والزبير إلى رَوضة خاخ. بغير هذا اللفظ». ووافقه الذهبي في التلخيص. وقال الهيثمي في المجمع ٩/٣٠٣-٣٠٤ (١٥٦٦٢): «رواه أبو يعلى في الكبير، والبزار، والطبراني في الأوسط باختصار، ورجالهم رجال الصحيح». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة ٧/٢٦٧ (٦٨٢٣): «سند صحيح». وقال ابن حجر في المطالب العالية ١٥/٣٥١ (٣٧٥٦): «إسناده صحيح».]]. (١٤/٤٠٥)
٧٦٤٤٤- عن جابر -من طريق أبي الزّبير-: أنّ حاطِب بن أبي بَلْتَعة كَتب إلى أهل مكة يَذكُر أنّ النبيَّ ﷺ أراد غَزوهم، فدُلَّ النبيُّ ﷺ على المرأة التي معها الكتاب، فأَرسل إليها، فأُخذ كتابها من رأسها، فقال: «يا حاطِب، أفعلتَ؟». قال: نعم، أما إني لم أفعل غِشًّا لرسول الله ﷺ ولا نِفاقًا، قد علمتُ أنّ الله مُظهِرٌ رسولَه ومُتِمٌّ له، غير أني كنتُ غريبًا بين ظَهرانيهم، وكانت والدتي معهم، فأردتُ أنْ أتّخذ بها عندهم. فقال له عمر: ألا أضربُ رأس هذا؟ قال: «أتقتل رجلًا مِن أهل بدر؟! وما يدريك لعلّ الله قد اطّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم»[[أخرجه أحمد ٢٣/٩١ (١٤٧٧٤)، وابن حبان ١١/١٢١-١٢٢ (٤٧٩٧)، من طريق الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله به. قال ابن كثير في البداية والنهاية ٦/٥٢٤: «تفرد بهذا الحديث من هذا الوجه الإمام أحمد، وإسناده على شرط مسلم». وقال الهيثمي في المجمع ٩/٣٠٣ (١٥٦٦٠): «رجال أحمد رجال الصحيح». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة ٧/٢٦٧-٢٦٨ (٦٨٢٤): «سند صحيح».]]. (١٤/٤٠٨)
٧٦٤٤٥- عن جابر: أنّ عبدًا لِحاطِب بن أبي بَلْتَعة جاء إلى رسول الله ﷺ ليشتكي حاطِبًا، فقال: يا رسول الله، ليَدخُلَنّ حاطِبٌ النارَ. فقال رسول الله ﷺ: «كذبتَ، لا يدخلها؛ فإنه قد شهد بدرًا والحُدَيبية»[[أخرجه مسلم ٤/١٩٤٢ (٢٤٩٥)، والثعلبي ٩/٢٩٢.]]. (١٤/٤٠٨)
٧٦٤٤٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي صالح- قال: أقبلتْ سارة مولاة أبي عمرو بن صيفيّ بن هاشم بن عبد منافٍ من مكة إلى المدينة المنورة، ورسول الله ﷺ يَتجهّز لفتْح مكة، فلمّا رآها رسول الله ﷺ قال: «ما لكِ، يا سارة؟ أُمسلمةٌ جئتِ؟» قالت: لا. قال: «أفمُهاجِرةٌ جئتِ؟» قالت: لا. قال: «فما حاجتكِ؟». قالت: كنتم الأصل والموالي والعشيرة، وقد ذهب موالِيَّ، وقد احتجتُ حاجة شديدةً، فَقدمتُ عليكم لتكسُوني، وتُنفقوا علَيّ، وتَحملوني. فقال النبي ﷺ: «فأين أنتِ من شباب أهل مكة» -وكانت امرأة مُغنّية نائحة-، فقالت: يا محمد، ما طلب أحدٌ منهم شيئًا منذ كانت وقعة بدر. قال: فحثّ عليها رسول الله ﷺ بني عبد المُطّلب وبني هاشم، فكَسَوها، وأَعطَوها نفقة، وحملوها، فلما أرادت الخروج إلى مكة أتاها حاطِب بن أبي بَلْتَعة -رجل من أهل اليمن، حَليف للزّبير بن العوام-، فجعل لها جُعلًا على أن تُبلغ كتابه. إلى آخر الحديث[[أخرجه الهذيل بن حبيب -كما في مقاتل بن سليمان ٤/٢٩٩-٣٠٠-، من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس به. إسناده ضعيف جدًّا. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]٦٥٦٤. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.