الباحث القرآني

(p-٧٩)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ المُمْتَحَنَةِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكم أوْلِياءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ وقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكم مِنَ الحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وإيّاكُمْ﴾ . نَهى تَعالى المُؤْمِنِينَ عَنِ اتِّخاذِ العَدُوِّ المُشْرِكِ أوْلِياءَ، ولَفْظُ العَدُوِّ مُفْرَدٌ، ويُطْلَقُ عَلى الفَرْدِ والجَماعَةِ. وَمِن إطْلاقِهِ عَلى الفَرْدِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَقُلْنا ياآدَمُ إنَّ هَذا عَدُوٌّ لَكَ ولِزَوْجِكَ﴾ [طه: ١١٧] يَعْنِي بِالعَدُوِّ إبْلِيسَ. وَمِن إطْلاقِهِ عَلى الجَمْعِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَتَتَّخِذُونَهُ وذُرِّيَّتَهُ أوْلِياءَ مِن دُونِي وهم لَكم عَدُوٌّ﴾ [الكهف: ٥٠]، والمُرادُ هُنا الجَمْعُ لِما في السِّياقِ مِنَ القَرائِنِ مِنها قَوْلُهُ (أوْلِياءَ) بِالجَمْعِ، ومِنها: ﴿تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ﴾، وهو ضَمِيرُ جَمْعٍ، ومِنها: وقَدْ كَفَرُوا بِواوِ الجَمْعِ، ومِنها يُخْرِجُونَ أيْضًا بِالجَمْعِ، وقَوْلُهُ بَعْدَها: ﴿إنْ يَثْقَفُوكم يَكُونُوا لَكم أعْداءً ويَبْسُطُوا﴾ [الممتحنة: ٢] وكُلُّها بِضَمائِرِ الجَمْعِ. أمّا العَدُوُّ المُرادُ هُنا فَقَدْ عَمَّ وخَصَّ في وصْفِهِ فَوَصَفَهُ أوَّلًا بِقَوْلِهِ: ﴿وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكم مِنَ الحَقِّ﴾، وخَصَّ بِوَصْفِهِ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ، والوَصْفُ بِالكُفْرِ يَشْمَلُ الجَمِيعَ، فَيَكُونُ ذِكْرُهُما مَعًا لِلتَّأْكِيدِ والِاهْتِمامِ بِالخاصِّ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَن كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ ومَلائِكَتِهِ ورُسُلِهِ وجِبْرِيلَ﴾ [البقرة: ٩٨] فَفي ذِكْرِ الخاصِّ هُنا وهو وصْفُ العَدُوِّ بِإخْراجِ الرَّسُولِ والمُؤْمِنِينَ لِلتَّهْيِيجِ عَلى مَن أخْرَجُوهم مِن دِيارِهِمْ كَقَوْلِهِ: ﴿وَأخْرِجُوهم مِن حَيْثُ أخْرَجُوكُمْ﴾ [البقرة: ١٩١] . وَقَدْ بَيَّنَ تَعالى المُرادَ بِالَّذِينِ أخْرَجُوا الرَّسُولَ والمُؤْمِنِينَ في عِدَّةِ مَواضِعَ، مِنها قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكَأيِّنْ مِن قَرْيَةٍ هي أشَدُّ قُوَّةً مِن قَرْيَتِكَ الَّتِي أخْرَجَتْكَ﴾ [محمد: ١٣] أيْ: مَكَّةَ، ومِنها قَوْلُهُ: ﴿إلّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إذْ أخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إذْ هُما في الغارِ﴾ (p-٨٠)[التوبة: ٤٠] الآيَةَ. فَعَلَيْهِ يَكُونُ المُرادُ بِعَدُوِّي وعَدُوِّكم هُنا خُصُوصَ المُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ. وَقَدْ أجْمَعَ المُفَسِّرُونَ عَلى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في حاطِبِ بْنِ أبِي بَلْتَعَةَ، وقِصَّةِ الرِّسالَةِ مَعَ الظَّعِينَةِ لِأهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ الفَتْحِ بِإخْبارِهِمْ بِتَجَهُّزِ المُسْلِمِينَ إلَيْهِمْ مِمّا يُؤَيِّدُ المُرادَ بِالعَدُوِّ هُنا، ولَكِنْ، وإنْ كانَتْ بِصُورَةِ السَّبَبِ قَطْعِيَّةَ الدُّخُولِ إلّا أنَّ عُمُومَ اللَّفْظِ لا يُهْمَلُ، فَقَوْلُهُ: ﴿عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ﴾، وقَوْلُهُ: ﴿وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكم مِنَ الحَقِّ﴾ يَشْمَلُ كُلَّ مَن كَفَرَ بِما جاءَنا مِنَ الحَقِّ كاليَهُودِ، والنَّصارى، والمُنافِقِينَ، ومَن تَجَدَّدَ مِنَ الطَّوائِفِ الحَدِيثَةِ. وَقَدْ جاءَ النَّصُّ عَلى كُلِّ طائِفَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، فَفي سُورَةِ المُجادِلَةِ عَنِ المُنافِقِينَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هم مِنكم ولا مِنهُمْ﴾ [المجادلة: ١٤] . وَتَكَلَّمَ عَلَيْها الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ - . وَعَنِ اليَهُودِ في سُورَةِ ”الحَشْرِ“ كَما تَقَدَّمَ، وعَنِ اليَهُودِ والنَّصارى مَعًا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ والنَّصارى أوْلِياءَ﴾ [المائدة: ٥١] . وَمِنَ الطَّوائِفِ المُحْدَثَةِ كُلُّ مَن كَفَرَ بِما جاءَنا مِنَ الحَقِّ مِن شُيُوعِيَّةٍ وغَيْرِهِمْ، وكالهِنْدُوكِيَّةِ، والبُوذِيَّةِ وغَيْرِهِمْ، ومِمّا يَتْبَعُ هَذا العُمُومَ ما جاءَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكم هُزُوًا ولَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم والكُفّارَ أوْلِياءَ واتَّقُوا اللَّهَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿وَإذا نادَيْتُمْ إلى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُوًا ولَعِبًا ذَلِكَ بِأنَّهم قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ﴾ [المائدة: ٥٧ - ٥٨] . فَكُلُّ مَن هَزِئَ بِشَيْءٍ مِنَ الدِّينِ أوِ اتَّخَذَهُ لَعِبًا ولَهْوًا فَإنَّهُ يُخْشى عَلَيْهِ مِن تَناوُلِ هَذِهِ الآيَةِ إيّاهُ. * تَنْبِيهٌ ذِكْرُ المُقابَلَةِ هُنا بَيْنَ ﴿عَدُوِّي وعَدُوَّكم أوْلِياءَ﴾ فِيهِ إبْرازُ صُورَةِ الحالِ وتَقْبِيحُ الفِعْلِ؛ لِأنَّ العَداوَةَ تَتَنافى مَعَ المُوالاةِ والمُسارَّةِ لِلْعَدُوِّ بِالمَوَدَّةِ، وقَدْ ناقَشَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ قَضِيَّةَ التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ في تَقْدِيمِ عَدُوِّي أوَّلًا، وعَطْفِ عَدُوِّكم عَلَيْهِ، فَقالَ الفَخْرُ الرّازِيُّ: التَّقْدِيمُ لِأنَّ عَداوَةَ العَبْدِ لِلَّهِ بِدُونِ عِلَّةٍ، وعَداوَةَ العَبْدِ لِلْعَبْدِ لِعِلَّةٍ، وما كانَ بِدُونِ عِلَّةٍ فَهو مُقَدَّمٌ عَلى (p-٨١)ما كانَ بِعِلَّةٍ. ا هـ. والَّذِي يَظْهَرُ واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ أنَّ التَّقْدِيمَ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ، وبَلاغِيٍّ، وهو أنَّ عَداوَةَ العَبْدِ لِلَّهِ هي الأصْلُ، وهي أشَدُّ قُبْحًا، فَلِذا قُدِّمَتْ، وقُبْحُها في أنَّهم عَبَدُوا غَيْرَ خالِقِهِمْ، وشَكَرُوا غَيْرَ رازِقِهِمْ، وكَذَّبُوا رُسُلَ رَبِّهِمْ وآذَوْهم. وَقَدْ جاءَ في الأحادِيثِ القُدْسِيَّةِ ما يُسْتَأْنَسُ بِهِ في ذَلِكَ فِيما رَواهُ البَيْهَقِيُّ والحاكِمُ عَنْ مُعاذٍ، والدَّيْلَمِيُّ وابْنُ عَساكِرَ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ ما نَصُّهُ: «إنِّي والجِنُّ والإنْسُ في نَبَأٍ عَظِيمٍ أخْلُقُ ويُعْبُدُ غَيْرِي، وأرْزُقُ ويُشْكَرُ غَيْرِي» وفِيهِ «خَيْرِي إلى العِبادِ نازِلٌ، وشَرُّهم إلَيَّ صاعِدٌ أتَحَبَّبُ إلَيْهِمْ بِالنِّعَمِ ويَتَبَغَّضُونَ إلَيَّ بِالمَعاصِي» كَما أنَّ تَقْدِيمَهُ يُؤَكِّدُ بِأنَّهُ هو السَّبَبُ في العَداوَةِ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ والكافِرِينَ، وما كانَ سَبَبًا فَحَقُّهُ التَّقْدِيمُ. وَيَدُلُّ عَلى ما ذَكَرْنا مِن أنَّهُ الأصْلُ، أنَّ الكَفّارَ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وانْتَفَتْ عَداوَتُهم لِلَّهِ لَأصْبَحُوا إخْوانًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وانْتَفَتِ العَداوَةُ بَيْنَهُما، وكَذا كَوْنُهُ مُغَيًّا بِغايَةٍ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلا تَتَّخِذُوا مِنهم أوْلِياءَ حَتّى يُهاجِرُوا في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٨٩]، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالى في قَوْمِ إبْراهِيمَ: ﴿وَبَدا بَيْنَنا وبَيْنَكُمُ العَداوَةُ والبَغْضاءُ أبَدًا حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وحْدَهُ﴾ [الممتحنة: ٤] فَإذا هاجَرَ المُشْرِكُونَ وآمَنَ الكافِرُونَ، انْتَفَتِ العَداوَةُ وجاءَتِ المُوالاةُ. وَمِمّا قَدَّمْنا مِن أنَّ سَبَبَ النَّهْيِ عَنْ مُوالاةِ الأعْداءِ، هو الكُفْرُ يُعْلَمُ أنَّهُ إذا وُجِدَتْ عَداوَةٌ لا لِسَبَبِ الكُفْرِ فَلا يُنْهى عَنْ تِلْكَ المُوالاةِ؛ لِتَخَلُّفِ العِلَّةِ الأساسِيَّةِ، كَما جاءَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ مِن أزْواجِكم وأوْلادِكم عَدُوًّا لَكم فاحْذَرُوهُمْ﴾ [التغابن: ١٤]، ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وَإنْ تَعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التغابن: ١٤] . فَلَمّا تَخَلَّفَ السَّبَبُ الأساسِيُّ في النَّهْيِ عَنْ مُوالاةِ العَدُوِّ الَّذِي هو الكُفْرُ، جاءَ الحَثُّ عَلى العَفْوِ والصَّفْحِ والغُفْرانِ؛ لِأنَّ هَذِهِ العَداوَةَ لِسَبَبٍ آخَرَ هو ما بَيَّنَهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما أمْوالُكم وأوْلادُكم فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: ١٥]، فَكانَ مُقْتَضاها فَقَطِ الحَذَرُ مِن أنْ يَفْتِنُوهُ، وكانَ مُقْتَضى الزَّوْجِيَّةِ حُسْنَ العِشْرَةِ، كَما هو مَعْلُومٌ. وسَيَأْتِي زِيادَةُ إيضاحٍ لِهَذِهِ المَسْألَةِ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى. وَقَدْ نَصَّ صَراحَةً عَلى عَدَمِ النَّهْيِ المَذْكُورِ في خُصُوصِ مَن لَمْ يُعادُوهم في الدِّينِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكم في الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوكم مِن دِيارِكم أنْ تَبَرُّوهم وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ﴾ (p-٨٢)الآيَةَ [الممتحنة: ٨] . وَلِلْمُوالاةِ أحْكامٌ عامَّةٌ وخاصَّةٌ، وقَدْ بَحَثَها الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ - في عِدَّةِ مَواضِعَ مِنَ الأضْواءِ: مِنها في الجُزْءِ الثّانِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهم مِنكم فَإنَّهُ مِنهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]، وقَدْ أطالَ البَحْثَ فِيها. وَمِنها في الجُزْءِ الثّالِثِ عُرِضَ ضِمْنَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ هَذا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هي أقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩]، وبَيْنَ رَوابِطِ العالَمِ الإسْلامِيِّ بِتَوَسُّعٍ. وَمِنها في الجُزْءِ الرّابِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أفَتَتَّخِذُونَهُ وذُرِّيَّتَهُ أوْلِياءَ﴾ [الكهف: ٥٠] الآيَةَ. وَمِنها في مَخْطُوطِ السّابِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَكَأيِّنْ مِن قَرْيَةٍ هي أشَدُّ قُوَّةً مِن قَرْيَتِكَ الَّتِي أخْرَجَتْكَ أهْلَكْناهُمْ﴾ [محمد: ٢٦]، وأحالَ فِيها عَلى آيَةِ ”المُمْتَحَنَةِ“ هَذِهِ. وَمِنها أيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكم في بَعْضِ الأمْرِ﴾ [محمد: ٢٦]، وأحالَ عِنْدَها عَلى مَواضِعَ مُتَقَدِّمَةٍ مِن سُورَةِ ”الشُّورى“ ”وَبَنِي إسْرائِيلَ“ . وَمِنها في سُورَةِ ”المُجادِلَةِ“ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ [المجادلة: ١٤] . وَفِيما كَتَبَهُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ - بَيانٌ لِكُلِّ جَوانِبِ أحْكامِ هَذِهِ الآيَةِ، غَيْرَ أنِّي لَمْ أجِدْهُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ - تَعَرَّضَ لِما في هَذِهِ السُّورَةِ مِن خُصُوصِ التَّخْصِيصِ لِلْآيَةِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ﴾ الآيَةَ [الممتحنة: ٨] . وَلَمْ أسْمَعْ مِنهُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ - فِيها شَيْئًا مَعَ أنَّها نَصٌّ في تَخْصِيصِ العُمُومِ مِن هَذِهِ الآيَةِ، وسَيَأْتِي لَها بَيانٌ لِذَلِكَ عِنْدَها إنْ شاءَ اللَّهُ. * تَنْبِيهٌ رَدُّ أهْلِ السُّنَّةِ بِهَذِهِ الآيَةِ وأمْثالِها عَلى المُعْتَزِلَةِ قَوْلَهم: إنَّ المَعْصِيَةَ تُنافِي الإيمانَ؛ (p-٨٣)لِأنَّ اللَّهَ ناداهم بِوَصْفِ الإيمانِ مَعَ قَوْلِهِ: ﴿وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكم فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ﴾، فَلَمْ يُخْرِجْهم بِضَلالِهِمْ عَنْ عُمُومِ إيمانِهِمْ، ويَشْهَدُ لِهَذا أنَّ الضَّلالَ هُنا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ لا مُطْلَقَ السَّبِيلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب