الباحث القرآني
(p-٥٧٥٧)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ المُمْتَحَنَةِ
بِفَتْحِ الحاءِ، وقَدْ تُكْسَرُ، فَعَلى الأوَّلِ هي صِفَةُ المَرْأةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِيها. وعَلى الثّانِي صِفَةُ السُّورَةِ، كَما قِيلَ لِبَراءَةَ (الفاضِحَةُ) كَما في (الأعْلامِ).
قالَ المَهايِمِيُّ: سُمِّيَتْ بِها لِدَلالَةِ آيَةِ الِامْتِحانِ عَلى أنَّهُ لا يُكْتَفى في بابِ الصِّحَّةِ بِظَواهِرِ الأدِلَّةِ كالهِجْرَةِ، بَلْ لا بُدَّ مِنَ اخْتِبارِ البَواطِنِ. فَدَلائِلُ الِاعْتِقاداتِ أوْلى بِذَلِكَ. وهَذا مِن أعْظَمِ مَقاصِدِ القُرْآنِ. انْتَهى.
وفِي (جَمالِ القُرّاءِ) أنَّها تُسَمّى سُورَةَ الِامْتِحانِ، وسُورَةَ المَوَدَّةِ. وهي مَدَنِيَّةٌ.
وآيُها ثَلاثَ عَشْرَةَ.
(p-٥٧٥٨)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[١] ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكم أوْلِياءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ وقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكم مِنَ الحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وإيّاكم أنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكم إنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهادًا في سَبِيلِي وابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ وأنا أعْلَمُ بِما أخْفَيْتُمْ وما أعْلَنْتُمْ ومَن يَفْعَلْهُ مِنكم فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ﴾
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكم أوْلِياءَ﴾ أيْ: أنْصارًا. نَهْيٌ لِأصْحابِ النَّبِيِّ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، عَنْ مُوالاةِ مُشْرِكِي مَكَّةَ المُحارِبِينَ لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ وقْتَئِذٍ، لِما فِيها مِنَ الفِتْنَةِ بِالدِّينِ وأهْلِهِ كَما يَأْتِي.
﴿تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ﴾ أيْ: صَمِيمِ المَحَبَّةِ، والباءُ زائِدَةٌ في المَفْعُولِ ﴿وقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكم مِنَ الحَقِّ﴾ أيْ: مِنَ الإيمانِ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وكِتابِهِ، الَّذِي هو نِهايَةُ الهُدى، وغايَةُ السَّعادَةِ.
ثُمَّ أشارَ إلى أنَّهم لَمْ يَكْفِهِمْ ذَلِكَ حَتّى آذَوُا المُؤْمِنِينَ، بِما يَقْطَعُ العَلائِقَ مَعَهم رَأْسًا، بِقَوْلِهِ: ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وإيّاكُمْ﴾ أيْ: مِن أرْضِكم ودِيارِكم ﴿أنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ﴾ أيْ: يُخْرِجُونَكم لِإيمانِكم بِاللَّهِ، الجامِعِ لِلْكَمالاتِ المُقْتَضِيَةِ انْقِيادَ النّاقِصِ لَهُ، لاسِيَّما بِاعْتِبارِ اتِّصافِهِ بِوَصْفِ كَوْنِهِ رَبّاكم بِالكَمالاتِ، فَهي بِالحَقِيقَةِ عَداوَةٌ مَعَ اللَّهِ.
قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هَذا مَعَ ما قَبْلَهُ مِنَ التَّهْيِيجِ عَلى عَداوَتِهِمْ، وعَدَمِ مُوالاتِهِمْ؛ لِأنَّهم أخْرَجُوا الرَّسُولَ وأصْحابَهُ مِن بَيْنِ أظْهُرِهِمْ، كَراهَةً لِما هم عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ، وإخْلاصِ العِبادَةِ لِلَّهِ وحْدَهُ؛ ولِهَذا قالَ تَعالى:
﴿أنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ﴾ أيْ: لَمْ يَكُنْ لَكم عِنْدَهم ذَنْبٌ إلّا إيمانُكم (p-٥٧٥٩)بِاللَّهِ رَبِّ العالَمِينَ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما نَقَمُوا مِنهم إلا أنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ﴾ [البروج: ٨] وكَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إلا أنْ يَقُولُوا رَبُّنا اللَّهُ﴾ [الحج: ٤٠] وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ﴾ أيْ: هاجَرْتُمْ ﴿جِهادًا في سَبِيلِي وابْتِغاءَ مَرْضاتِي﴾ أيْ: لِلْجِهادِ في طَرِيقِي الَّذِي شَرَعْتُهُ لَكُمْ، ودِينِي الَّذِي أمَرْتُكم بِهِ. والتِماسِ رِضائِي عَنْكُمُ الَّذِي لا ثَوابَ فَوْقَهُ، والشَّرْطُ مُتَعَلِّقٌ بِ: " لا تَتَّخِذُوا " أيْ: لا تَتَوَلَّوْا أعْدائِي إنْ كُنْتُمْ أوْلِيائِي ﴿تُسِرُّونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ وأنا أعْلَمُ بِما أخْفَيْتُمْ وما أعْلَنْتُمْ﴾ أيْ: مِنَ المَوَدَّةِ مَعَهم وغَيْرِها ﴿ومَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ﴾ أيِ: اتِّخاذُهم أوْلِياءَ ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ﴾ أيْ: جارَ عَنِ السَّبِيلِ السَّوِيِّ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ هُدًى ونَجاةً.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ تُلۡقُونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُوا۟ بِمَا جَاۤءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ یُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِیَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَـٰدࣰا فِی سَبِیلِی وَٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِیۚ تُسِرُّونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَاۤ أَخۡفَیۡتُمۡ وَمَاۤ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن یَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق