الباحث القرآني
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* * *
كَانَ سَبَبُ نُزُولِ صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ [[في هـ: "الآية"، والمثبت من م، أ.]] الْكَرِيمَةِ قِصَّةَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ حَاطِبًا هَذَا كَانَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ أَيْضًا، وَكَانَ لَهُ بِمَكَّةَ أَوْلَادٌ وَمَالٌ [[في م: "وأموال".]] ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قُرَيْشٍ أَنْفُسِهِمْ، بَلْ كَانَ حَلِيفًا [[في أ: "ضيفًا".]] لِعُثْمَانَ. فَلَمَّا عَزْمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى فَتْحِ مَكَّةَ لَمَّا نَقَضَ أَهْلُهَا الْعَهْدَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ الْمُسْلِمِينَ بِالتَّجْهِيزِ لِغَزْوِهِمْ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ، عَمِّ عَلَيْهِمْ خَبَرَنَا". فَعَمَدَ حَاطِبٌ هَذَا فَكَتَبَ كِتَابًا، وَبَعَثَهُ مَعَ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، يُعْلِمُهُمْ بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [مِنْ غَزْوِهِمْ] [[زيادة من م.]] ، لِيَتَّخِذَ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ يَدًا، فَأَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى ذَلِكَ [[في م: "فأصلح الله على ذلك رسوله".]] اسْتِجَابَةً لِدُعَائِهِ. فَبَعَثَ فِي أَثَرِ الْمَرْأَةِ فَأَخَذَ الْكِتَابَ مِنْهَا، وَهَذَا بَيِّنٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ. قال الإمام أحمد:
حدثنا سفيان، عن عَمْرو، أَخْبَرَنِي حَسَن بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي عُبَيد اللَّهِ [[في م: "عبد الله"]] بْنُ أَبِي رَافِعٍ -وَقَالَ مُرَّةُ: إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ، فَقَالَ: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينة مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوهُ مِنْهَا". فَانْطَلَقْنَا تَعَادى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، قُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ. قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ. قُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لنُلقين الثِّيَابَ. قَالَ: فَأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ عِقَاصها، فَأَخَذْنَا الْكِتَابَ فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا فِيهِ: من حاطب بن أبي بلتعة إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا؟ ". قَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ بِمَكَّةَ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا عَنْ ديني ولا رضى بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّهُ صَدَقكم". فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ: "إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، مَا يُدْرِيكَ لَعَلّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ".
وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا ابْنَ مَاجَهْ، مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَينة، بِهِ [[المسند (١/٧٩، ٨٠) وصحيح البخاري برقم (٣٠٠٧، ٤٨٩٠) وصحيح مسلم برقم (٢٤٩٤) وسنن أبي داود برقم (٢٦٥٠) وسنن الترمذي برقم (٣٣٠٥) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٥٨٥) .]] . وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ "الْمَغَازِي": فَأَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [[صحيح البخاري برقم (٤٢٧٤) .]] . وَقَالَ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ: قَالَ عَمْرٌو: وَنَزَلَتْ فِيهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ قَالَ [[في م: "وقال".]] : " لَا أَدْرِي الْآيَةَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ قَالَ عَمْرٌو". قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ -يَعْنِي: ابْنَ الْمَدِينِيِّ-: قِيلَ لِسُفْيَانَ فِي هَذَا: نَزَلَتْ ﴿لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ ؟ فَقَالَ سُفْيَانُ: هَذَا فِي حَدِيثِ النَّاسِ، حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو، مَا تَرَكْتُ مِنْهُ حَرْفًا، وَمَا أَرَى [[في م: "ولا أرى".]] أَحَدًا حَفِظَهُ غَيْرِي [[صحيح البخاري برقم (٤٨٩٠) .]] .
وَقَدْ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ حُصَين بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعْدِ [[في م: "عن سعيد".]] بْنِ عُبَيدة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبَا مَرْثَد، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ، وَقَالَ: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ: فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقُلْنَا: الكتابُ؟ فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ. فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا، فَقُلْنَا: مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ! لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لنُجردنك. فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزتها وَهِيَ مُحتَجِزة بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ. فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدعني فلأضْرِب عُنُقَهُ. فَقَالَ: "مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ ". قَالَ: وَاللَّهِ مَا بِي إِلَّا أَنْ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَّا لَهُ هُنَالِكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. فَقَالَ: "صَدَقَ، لَا تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا". فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ: "أَلَيْسَ مَنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ " فَقَالَ: "لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الجنة -أو: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". فدَمِعت عَيْنَا عُمر، وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ [[صحيح البخاري برقم (٣٩٨٣) وصحيح مسلم برقم (٢٤٩٤) .]] .
هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي "الْمَغَازِي" فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الهِسْنجَاني، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي سِنان -هُوَ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ-عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرة الجَمَلي، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ [[في هـ" "عن أبي إسحاق البختري الطائي ولالمثبت من الطبري.]] ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ، أَسَرَّ إِلَى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ مَكَّةَ، فِيهِمْ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ وَأَفْشَى فِي النَّاسِ أَنَّهُ يُرِيدُ خَيْبَرَ. قَالَ: فَكَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُرِيدُكُمْ. فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ: فَبَعَثَنِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَبَا مَرْثد، وليس منا رجل إلا وعند [[في م، أ: "وعنده".]] فَرَسٌ، فَقَالَ: "ائِتوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بِهَا امْرَأَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوهُ مِنْهَا". فَانْطَلَقْنَا حَتَّى رَأَيْنَاهَا بِالْمَكَانِ الَّذِي ذَكَر رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَقُلْنَا لَهَا: هَاتِ الْكِتَابَ. فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ. فَوَضَعْنَا مَتَاعَهَا وَفَتَّشْنَاهَا [[في م: "وفتشناه".]] فَلَمْ نَجِدْهُ فِي مَتَاعِهَا، فَقَالَ أَبُو مَرْثَدٍ: لَعَلَّهُ أَلَّا يَكُونَ مَعَهَا. فَقُلْتُ: مَا كَذَبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَا كَذَبْنَا [[في م: "ولا كاذب".]] . فَقُلْنَا لَهَا: لتخرجِنَّه أَوْ لنُعرينَّك. فَقَالَتْ: أَمَا تَتَّقُونَ اللَّهَ؟! أَلَسْتُمْ مُسْلِمِينَ؟ فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّهُ أَوْ لنعرينَّك. قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ حُجُزَتها. وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: أَخْرَجَتْهُ [[في م: "فأخرجته".]] مِنْ قُبُلها. فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا الْكِتَابُ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ. فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَائْذَنْ لِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟ ". قَالُوا: بَلَى. وَقَالَ عُمَرُ: بَلَى، وَلَكِنَّهُ قَدْ نَكَثَ وَظَاهَرَ أَعْدَاءَكَ عَلَيْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "فلعل الله اطلع إلى عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ". فَفَاضَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى حَاطِبٍ فَقَالَ: "يَا حَاطِبُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَكَانَ لِي بِهَا مَالٌ وَأَهْلٌ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إِلَّا وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَمْنَعُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَوَاللَّهِ-يَا رَسُولَ اللَّهِ-إِنِّي لَمُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "صَدَقَ حَاطِبٌ، فَلَا تَقُولُوا لِحَاطِبٍ إِلَّا خَيْرًا". قَالَ [[في م: "فقال".]] حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ الْآيَةَ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مِهْران، عَنْ أَبِي سِنَانٍ -سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ-بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ [[تفسير الطبري (٢٣/٣٨) .]] . وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسحَاق بْنِ يَسَار فِي السِّيرَةِ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَة بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَائِنَا قَالَ: لَمَّا أَجْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَسِيرَ [[في م: "السير".]] إِلَى مَكَّةَ، كَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ كِتَابًا إِلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ بِالَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْأَمْرِ فِي السَّيْرِ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَعْطَاهُ امْرَأَةً -زَعَمَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّهَا مِنْ مُزَيْنَةَ، وَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهَا: سَارَةُ، مَوْلَاةٌ لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ-وَجَعَلَ لَهَا جُعلا عَلَى أَنْ تُبَلِّغَهُ قُريشًا فَجَعَلَتْهُ فِي رَأْسِهَا، ثُمَّ فَتَلَتْ عَلَيْهِ قُرُونَهَا، ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ. وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الخبرُ مِنَ السَّمَاءِ بِمَا صَنَعَ حَاطِبٌ، فَبَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَقَالَ: "أَدْرِكَا امْرَأَةً قَدْ كَتَبَ مَعَهَا حَاطِبٌ بِكِتَابٍ إِلَى قُرَيْشٍ، يُحَذِّرُهُمْ مَا قَدْ أَجْمَعْنَا [[في م، أ: "اجتمعنا".]] لَهُ مِنْ أَمْرِهِمْ".
فَخَرَجَا حَتَّى أَدْرَكَاهَا بالخُلَيفْة -خُلَيْفَةِ [[في أ: "بالحليفة حليفة".]] بَنِي أَبِي أَحْمَدَ-فَاسْتَنْزَلَاهَا بِالْخُلَيْفَةِ، فَالْتَمَسَا فِي رَحْلِهَا فَلَمْ يَجِدَا شَيْئًا، فَقَالَ لَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: إِنِّي أَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ وَمَا كَذَبْنَا [[في م: "ولا كذبنا".]] ولتُخرجِنَّ لَنَا هَذَا الْكِتَابَ أَوْ لنكشفنَّك. فَلَمَّا رَأَتِ الجِدّ مِنْهُ قَالَتْ: أَعْرِضْ. فَأَعْرَضَ، فَحَلَّتْ قُرون رَأْسِهَا، فَاسْتَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْهَا، فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ. فَأَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ حَاطِبًا فَقَالَ: "يَا حَاطِبُ مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَمُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [[في م: "وبرسوله".]] مَا غَيَّرت وَلَا بَدّلت، وَلَكِنِّي كُنْتُ امْرَأً لَيْسَ لِي فِي الْقَوْمِ مِنْ أَهْلٍ وَلَا عَشِيرَةٍ، وَكَانَ لِي بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَلَد وَأَهْلٌ فَصَانَعْتُهُمْ عَلَيْهِمْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي فَلأضربْ عُنُقَهُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ نَافَقَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "وَمَا يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ! لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ إِلَى أَصْحَابِ بَدْرٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي حَاطِبٍ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الْمُمْتَحَنَةِ: ٤] إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ [[ورواه الطبري في تفسيره (٢٣/٣٩) من طريق أبي إسحاق.]] .
وَرَوَى مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَة نَحْوَ ذَلِكَ. وَهَكَذَا ذَكَرَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ: أَنَّهُ بَعَثَ سَارَةَ مَوْلَاةَ بَنِي هَاشِمٍ، وَأَنَّهُ أَعْطَاهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ فِي أَثَرِهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَأَدْرَكَاهَا بِالْجُحْفَةِ ... وَذَكَرَ تَمَامَ الْقِصَّةِ كَنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ. وَعَنِ السُّدِّيِّ قَرِيبًا مِنْهُ. وَهَكَذَا قَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ.
فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّارَ الَّذِينَ هُمْ مُحَارِبُونَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، الَّذِينَ شَرَعَ اللَّهُ [[في م: "شرع لهم".]] عَدَاوَتَهُمْ وَمُصَارَمَتَهُمْ، وَنَهَى أَنْ يُتَّخَذُوا أَوْلِيَاءَ وَأَصْدِقَاءَ وَأَخِلَّاءَ، كَمَا قَالَ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [الْمَائِدَةِ: ٥١] .
وَهَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الْمَائِدَةِ: ٥٧] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النِّسَاءِ: ١٤٤] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ٢٨] ؛ وَلِهَذَا قَبِل رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عُذْرَ حَاطِبٍ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مُصَانَعَةً لِقُرَيْشٍ، لِأَجْلِ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُمْ مِنَ الأموال والأولاد.
ويذكر هَاهُنَا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا الْأَجْلَحُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ رِبْعَيِ بْنِ حِرَاشٍ، سَمِعْتُ حُذيفة يَقُولُ: ضَرَب لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمْثَالًا وَاحِدًا وَثَلَاثَةً وَخَمْسَةً وَسَبْعَةً، وَتِسْعَةً، وَأَحَدَ عَشَرَ -قَالَ: فَضَرَبَ لَنَا مِنْهَا مَثَلًا وَتَرَكَ سَائِرَهَا، قَالَ: "إِنَّ قَوْمًا كَانُوا أَهْلَ ضَعْفٍ وَمَسْكَنَةٍ، قَاتَلَهُمْ أَهْلُ تَجَبُّرٍ وَعَدَاءٍ، فَأَظْهَرَ اللَّهُ أَهْلَ الضَّعْفِ عَلَيْهِمْ، فَعَمَدوا إِلَى عَدُوهم فَاسْتَعْمَلُوهُمْ وَسَلَّطُوهُمْ، فَأَسْخَطُوا اللَّهَ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ" [[المسند (٥/٤٠٧) وقال الهيثمي في المجمع (٥/٢٣٢) : "وفيه الأجلح الكندي وهو ثقة وقد ضعف، وبقية رجاله ثقات".]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ﴾ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنَ التَّهْيِيجِ عَلَى عَدَاوَتِهِمْ وَعَدَمِ مُوَالَاتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوا الرَّسُولَ وَأَصْحَابَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، كَرَاهَةً لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ﴾ أَيْ: لَمْ يَكُنْ لَكُمْ عِنْدَهُمْ ذَنْبٌ إِلَّا إِيمَانَكُمْ بِاللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ. الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [الْبُرُوجِ: ٨] ، وَكَقَوْلِهِ ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ [الْحَجِّ: ٤٠] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي﴾ أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ كَذَلِكَ فَلَا تَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ، إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ مُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِي بَاغِينَ لِمَرْضَاتِي عَنْكُمْ فَلَا تُوَالُوا أَعْدَائِي وَأَعْدَاءَكُمْ، وَقَدْ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ حَنَقًا عَلَيْكُمْ وَسُخْطًا لِدِينِكُمْ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ﴾ أَيْ: تَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَأَنَا الْعَالِمُ بِالسَّرَائِرِ وَالضَّمَائِرِ وَالظَّوَاهِرِ ﴿وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ﴾ أَيْ: لَوْ قَدَرُوا عَلَيْكُمْ لَمَا اتَّقَوْا [[في أ: "لما أبقوا".]] فِيكُمْ مِنْ أَذًى يَنَالُونَكُمْ بِهِ بِالْمَقَالِ وَالْفِعَالِ. ﴿وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ أَيْ: وَيَحْرِصُونَ عَلَى أَلَّا تَنَالُوا خَيْرًا، فَهُمْ عَدَاوَتُهُمْ لَكُمْ كَامِنَةٌ وَظَاهِرَةٌ، فَكَيْفَ تُوَالُونَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ؟ وَهَذَا تَهْيِيجٌ عَلَى عَدَاوَتِهِمْ أَيْضًا.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ أَيْ: قَرَابَاتُكُمْ لَا تَنْفَعُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ [[في م: "عند الله ولا أولادكم".]] إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِكُمْ سُوءًا، وَنَفْعُهُمْ لا يصل إليكم إذا أرضيتموهم بما يُسْخِطُ اللَّهَ، وَمَنْ وَافَقَ أَهْلَهُ عَلَى الْكُفْرِ لِيُرْضِيَهُمْ فَقَدْ خَابَ وخَسِر وضَلّ عَمَلُهُ، وَلَا يَنْفَعُهُ عِنْدَ اللَّهِ قَرَابَتُهُ مِنْ أَحَدٍ، وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: "فِي النَّارِ" فَلَمَّا [[في م: "قال: فلما".]] قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ: "إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ".
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ، مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، بِهِ [[المسند (٣/٢٦٨) وصحيح مسلم برقم (٢٠٣) وسنن أبي داود برقم (٨١٧٤) .]] .
{"ayahs_start":1,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ تُلۡقُونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُوا۟ بِمَا جَاۤءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ یُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِیَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَـٰدࣰا فِی سَبِیلِی وَٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِیۚ تُسِرُّونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَاۤ أَخۡفَیۡتُمۡ وَمَاۤ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن یَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ","إِن یَثۡقَفُوكُمۡ یَكُونُوا۟ لَكُمۡ أَعۡدَاۤءࣰ وَیَبۡسُطُوۤا۟ إِلَیۡكُمۡ أَیۡدِیَهُمۡ وَأَلۡسِنَتَهُم بِٱلسُّوۤءِ وَوَدُّوا۟ لَوۡ تَكۡفُرُونَ","لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُكُمۡۚ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ یَفۡصِلُ بَیۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ عَدُوِّی وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ تُلۡقُونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُوا۟ بِمَا جَاۤءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ یُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِیَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَـٰدࣰا فِی سَبِیلِی وَٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِیۚ تُسِرُّونَ إِلَیۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَاۤ أَخۡفَیۡتُمۡ وَمَاۤ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن یَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق