الباحث القرآني

﴿أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمࣰا مُّسۡرِفِینَ ۝٥﴾ - قراءات

٦٩٢٨٣- عن عاصم، أنّه قرأ: ﴿أنْ كُنتُمْ﴾ بنصب الألف[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وهي قراءة العشرة، ماعدا نافعًا، وأبا جعفر، وحمزة، والكسائي، وخلفًا العاشر؛ فإنهم قرؤوا: ‹إن كُنتُمْ› بكسر الهمزة. انظر: النشر ٢/٣٦٨، والإتحاف ص٤٩٤.]]٥٨٣٨. (١٣/١٨٨)

٥٨٣٨ اختُلف في قراءة قوله: ﴿أن كنتم﴾؛ فقرأ قوم بفتح الهمزة، وقرأ غيرهم بكسرها. وذكر ابنُ جرير (٢٠/٥٥٠) أن قراءة الفتح بمعنى: لأن كنتم، وقراءة الكسر بمعنى: أفنضرب عنكم الذكر صفحًا إذ كنتم قومًا مسرفين. وبنحوه قال ابنُ عطية (٧/٥٣٤). ثم رجَّح ابنُ جرير (٢٠/٥٥١) صحة كلتا القراءتين مستندًا إلى شهرتهما، وصحة معناهما، وإلى لغة العرب، فقال: «والصواب مِن القول في ذلك عندنا: أنّ الكسر والفتح في الألف في هذا الموضع قراءتان مشهورتان في قرأة الأمصار صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن العرب إذا تقدّم»أن«-وهي بمعنى الجزاء- فعلٌ مستقبِل كسروا ألفها أحيانًا، فمحّضوا لها الجزاء، فقالوا: أقوم إن قمت. وفتحوها أحيانًا، وهم ينوون ذلك المعنى، فقالوا: أقوم أن قمت. بتأويل: لأن قمت، فإذا كان الذي تقدمها من الفعل ماضيًا لم يتكلموا إلا بفتح الألف من»أن«فقالوا: قمتُ أَنْ قمتَ، وبذلك جاء التنزيل، وتتابع شعر الشعراء».

﴿أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمࣰا مُّسۡرِفِینَ ۝٥﴾ - تفسير الآية

٦٩٢٨٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العَوفيّ- في قوله: ﴿أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾، قال: أحسبتم أنْ نصفح عنكم ولم تفعلوا ما أُمِرتُم به[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٥٤٩.]]. (١٣/١٨٦)

٦٩٢٨٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾، قال: تُكَذِّبون بالقرآن، ثم لا تُعاقَبون عليه[[تفسير مجاهد ص٥٩٢، وأخرجه الفريابي -كما في التغليق ٤/٣٠٦، والفتح ٨/٥٦٦-، وابن جرير ٢٠/٥٤٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١٣/١٨٦)

٦٩٢٨٦- عن الحسن البصري، قال: لم يبعث اللهُ رسولًا إلا أن أنزل عليه كتابًا، فإنْ قَبِله قومُه وإلّا رُفِع، فذلك قوله: ﴿أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ﴾ لا تقبلونه، فتلقّته قلوب نقِيَّةٌ، قالوا: قَبِلناه، ربَّنا، قَبِلناه، ربَّنا. ولو لم يفعلوا لرُفِع، ولم يُترك منه شيء على ظهر الأرض[[عزاه السيوطي إلى محمد بن نصر في كتاب الصلاة.]]. (١٣/١٨٧)

٦٩٢٨٧- عن أبي صالح باذام -من طريق إسماعيل- ﴿أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾، قال: العذاب[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٥٤٨. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (١٣/١٨٦)

٦٩٢٨٨- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾، قال: لو أنّ هذه الأمة لم يؤمنوا لضُرِب عنهم الذِّكر صفحًا[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٥٤٩.]]. (ز)

٦٩٢٨٩- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿أفنضرب عنكم الذّكر صفحًا ان كنتم قومًا مسرفين﴾: أي: مشركين. واللهِ، لو أنّ هذا القرآن رُفِع حين ردَّه أوائلُ هذه الأمة لهلكوا، ولكنَّ الله عاد بعائدته ورحمته، كرّره عليهم، ودعاهم إليه عشرين سنة، أو ما شاء الله مِن ذلك[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٥٤٩، وإسحاق البستي ص٣١٣، وابن أبي حاتم -كما في الفتح ٨/٥٦٩-. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]٥٨٣٩. (١٣/١٨٦)

٥٨٣٩ علَّق ابنُ كثير (١٢/٣٠٠) على هذا القول الذي قاله قتادة، وابن زيد، والحسن، فقال: «وقول قتادة لطيف المعنى جدًّا، وحاصله أنه يقول في معناه: إنّه تعالى من لطفه ورحمته بخلْقه لا يترك دعاءهم إلى الخير والذّكر الحكيم -وهو القرآن-، وإن كانوا مسرفين معرضين عنه، بل يأمر به ليهتدي مَن قَدّر هدايته، وتقوم الحجة على مَن كَتب شقاوته».

٦٩٢٩٠- عن إسماعيل السُّدّيّ -من طريق أسباط- ﴿أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾، قال: أفنضرب عنكم العذاب[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٥٤٨.]]. (ز)

٦٩٢٩١- عن محمد بن السّائِب الكلبي: ﴿صَفْحًا﴾ أنَذَرُ الذِّكرَ مِن أجلكم؟![[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/١٧٥-.]]. (ز)

٦٩٢٩٢- قال محمد بن السّائِب الكلبي: ﴿أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾ أفنترككم سُدًى؛ لا نأمركم، ولا ننهاكم[[تفسير الثعلبي ٨/٣٢٨، وتفسير البغوي ٧/٢٠٦.]]. (ز)

٦٩٢٩٣- قال مقاتل بن سليمان: قوله: ﴿أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾ يقول لأهل مكة: أفنُذهِب عنكم هذا القرآن سُدًى؛ لا تُسألون عن تكذيبٍ به ﴿أنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ﴾ يعني: مشركين[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٧٨٩.]]. (ز)

٦٩٢٩٤- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾ قال: الذِّكر ما أُنزل عليهم مما أمرهم الله به ونهاهم ﴿صَفْحًا﴾ لا نذكر لكم منه شيئًا[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٥٤٩-٥٥٠.]]٥٨٤٠. (ز)

٥٨٤٠ اختُلف في المراد بالذِّكْر على قولين: الأول: أنّه ذِكْر العذاب، فالمعنى: أفنُمْسِكُ عن عذابكم ونترُكُكم على كفركم؟!. الثاني: أنه القرآن، فالمعنى: أفنُمْسِكُ عن إنزال القرآن من أجل أنكم لا تؤمِنون به؟! ورجَّح ابنُ جرير (٢٠/٥٥٠) -مستندًا إلى السياق- القولَ الأول الذي قاله ابن عباس، والسُّدّيّ، ومجاهد، وأبو صالح، ومقاتل، فقال: «لأنّ الله -تبارك وتعالى- أتْبَع ذلك خبرَه عن الأمم السالفة قبل الأُمَّة التي توعّدها بهذه الآية في تكذيبها رسلها، وما أحلّ بها مِن نقمته، ففي ذلك دليلٌ على أنّ قوله: ﴿أفنضرب عنكم الذكر صفحا﴾ وعيدٌ منه للمخاطبين به مِن أهل الشِّرك؛ إذ سلكوا في التكذيب بما جاءهم عن الله رسولهم مسلك الماضين قبلهم». وقال ابنُ عطية (٧/٥٣٣-٥٣٤): "قوله تعالى: ﴿صَفْحًا﴾ انتصابه كانتصاب ﴿صُنْعَ اللَّهِ﴾ [النمل:٨٨]، فيحتمل أن يكون بمعنى: العفو والغفر للذنب، فكأنه يقول: أفنترك تذكيركم وتخويفكم عفوًا عنكم وغفرًا لإجرامكم أن كنتم، أو من أجل أن كنتم قومًا مسرفين، هذا لا يصلح، وهذا قول ابن عباس ومجاهد، ويحتمل قوله: ﴿صَفْحًا﴾ أن يكون بمعنى: مغفولًا عنه، أي: نتركه يمرُّ لا تؤخذون بقوله ولا بتدبُّره ولا تُنَبهون عليه، وهذا المعنى نظير قول الشاعر: تمر الصبا صفحًا بساكن ذي الغضا ويصدع قلبي إن يهب هبوبها أي: تمر مغفولًا عنها، فكأن هذا المعنى: أفنترككم سدًى، وهذا هو منحى قتادة وغيره، ومن اللفظة قول كثير: صفوحًا فما تلقاك إلا بخيلة فمَن ملّ منها ذلك الوصل ملّت".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب