الباحث القرآني
﴿لَن تَنَالُوا۟ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا۟ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمࣱ ٩٢﴾ - نزول الآية
١٣٦٦٧- عن أنس بن مالك، قال: كان أبو طلحة أكثرَ أنصاريٍّ بالمدينة نخلًا، وكان أحبّ أمواله إليه بَيرَحاء[[بيرحاء -بفتح الباء وكسرها، وبفتح الراء وضمها، والمد فيهما، وبفتحهما والقصر-: اسم مال وموضع بالمدينة. لسان العرب (برح).]]، وكانت مستقبلة المسجد، وكان النبي ﷺ يدخلها ويشرب مِن ماء فيها طيب، فلما نزلت: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾ قال أبو طلحة: يا رسول الله، إن الله يقول: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾، وإن أحب أموالي إلي بَيْرَحاء، وإنها صدقة لله؛ أرجو برها وذُخْرَها عند الله، فضعها -يا رسول الله- حيث أراك الله. فقال رسول الله ﷺ: «بَخٍ، ذاك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين». فقال أبو طلحة: أفعل، يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه[[أخرجه البخاري ٢/١١٩ (١٤٦١)، ٣/١٠٢ (٢٣١٨)، ٤/٨ (٢٧٥٨)، ٤/١١ (٢٧٦٩)، ٦/٣٧ (٤٥٥٤)، ٧/١٠٩ (٥٦١١)، ومسلم ٢/٦٩٣ (٩٩٨).]]. (٣/٦٦٠)
١٣٦٦٨- عن أنس بن مالك، قال: لَمّا نزلت هذه الآية: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾ قال أبوطلحة: يا رسول الله، إن الله يسألنا مِن أموالنا، أشهد أني قد جعلت أرضي بريحا لله. فقال رسول الله ﷺ: «اجعلها في قرابتك». فجعلها في حسان بن ثابت، وأبي بن كعب[[أخرجه مسلم ٢/٦٩٤ (٩٩٨).]]. (٣/٦٦١)
١٣٦٦٩- عن أنس بن مالك، قال: لَمّا نزلت هذه الآية: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾، أو هذه الآية: ﴿من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا﴾ قال أبو طلحة: يا رسول الله، حائطي الذي بكذا وكذا صدقة، ولو استطعت أن أُسِرَّه لم أُعلنه. فقال رسول الله ﷺ: «اجعله في فقراء أهلك»[[أخرجه الترمذي ٥/٢٤٩-٢٥٠ (٣٢٤٢)، وأحمد ١٩/١٩١ (١٢١٤٤)، ٢٠/١٧٩ (١٢٧٨١)، ٢١/٢٩٥ (١٣٧٦٧). قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح». وصححه ابن خزيمة ٤/١٧٦-١٧٧ (٢٤٥٨).]]. (٣/٦٦١)
١٣٦٧٠- عن عبد الله بن عمر -من طريق مجاهد- أنّه لَمّا نزلت: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾ دعا بجارية له، فأعتقها[[أخرجه الإمام أحمد في الزهد ١/٣٤٨، وابن المنذر ١/٢٨٨ (٦٩٥)، من طريق إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر به. وفي سنده إبراهيم بن المهاجر، قال عنه ابن حجر في تقريب التهذيب (٢٥٤): «صدوق لين الحفظ».]]. (٣/٦٦٥)
١٣٦٧١- عن محمد بن المنكدر -من طريق عمرو بن دينار- قال: لَمّا نزلت هذه الآية: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾ جاء زيد بن حارثة بفرس له يقال لها: سَبل، لم يكن له مال أحب اليه منها، فقال: هي صدقة. فقبلها رسول الله ﷺ، وحمل عليها ابنه أسامة، فرأى رسول الله ﷺ ذلك في وجه زيد، فقال: «إنّ الله قد قبِلها منك»[[أخرجه سعيد بن منصور في التفسير من سننه ٣/١٠٦٥ (٥٠٧)، وابن المنذر ١/٢٨٦ (٦٩١) واللفظ له، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٤ (٣٨١٤). قال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف ١/١٩٣-١٩٤ (٢٠٢): «مرسل». وقال المناوي في الفتح السماوي ١/٣٧٢ (٢٧١): «أخرجه ابن المنذر مرسلًا، وابن جرير عن عمرو بن دينار مرسلًا، وعن أيوب السختياني مُعْضَلًا، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره، والطبري من طريقه، ومن رواية عمرو بن دينار، قال الحافظ ابن حجر: ورجاله ثقات».]]. (٣/٦٦٢)
١٣٦٧٢- عن عمرو بن دينار، مثله[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٧٦-٥٧٧. قال المناوي في الفتح السماوي ١/٣٧٢ (٢٧١): «أخرجه ابن المنذر مرسلا، وابن جرير عن عمرو بن دينار مرسلا، وعن أيوب السختياني معضلا، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره، والطبري من طريقه، ومن رواية عمرو بن دينار، قال الحافظ ابن حجر: ورجاله ثقات».]]. (٣/٦٦٢)
١٣٦٧٣- عن أيوب [السِّخْتِياني] وغيره -من طريق معمر- أنّها حين نزلت: ﴿لن تنالوا البر﴾ الآيةَ؛ جاء زيد بن حارثة بفرس له كان يُحِبُّها، فقال: يا رسول الله، هذه في سبيل الله. فحمل عليها رسول الله ﷺ أسامة بن زيد، فكأنّ زيدًا وجد في نفسه، فلما رأى ذلك منه النبي ﷺ قال: «أما إن الله قد قبلها»[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/٤٠٢ (٤٢٨)، وابن جرير ٥/٥٧٧. قال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف ١/١٩٤: «... ورواه عبد الرزاق في تفسيره، أخبرنا معمر، عن أيوب وغيره: أنه لما نزلت: ﴿لن تنالوا البر﴾ ... جاء زيد بن حارثة بفرس له وكان يحبها .... فذكره إلى آخره. ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبري بهذا الإسناد أيضًا، وهو معضل».]]. (٣/٦٦٣)
١٣٦٧٤- عن ثابت بن الحجاج، قال: بلغني: أنّه لَمّا نزلت هذه الآية: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾ قال زيد: اللَّهُمَّ، إنّك تعلم أنّه ليس لي مال أحب إلي مِن فرسي هذه. فتصدق بها على المساكين، فأقاموها تباع، وكانت تعجبه، فسأل النبي ﷺ، فنهاه أن يشتريها[[أخرجه ابن عساكر في تاريخه ١٩/٣٦٧، عن ثابت بن الحجاج به مرسلًا.]]. (٣/٦٦٣)
١٣٦٧٥- قال شهر بن حَوْشَب: لَمّا نزلت: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ﴾ قالت امرأة لجارية لها لا تملك غيرها: أأعتقك وتقيمين معي، غير أنّي لا أشترط عليك ذلك؟ فقالت: نعم. فلمّا أعتقتها ذهبت وتركتها، فأتت النبي ﷺ، فأخبرته بذلك، فقال النبي ﷺ: «دعيها؛ فقد حجبتك من النار، وإذا سمعتِ بشيءٍ قد جاءني فأتني، حتى أعطيك عوضها»[[أورده الثعلبي ٣/١١٠.]]. (ز)
﴿لَن تَنَالُوا۟ ٱلۡبِرَّ﴾ - تفسير
١٣٦٧٦- عن عبد الله بن مسعود -من طريق أبي عبيدة- في قوله: ﴿لن تنالوا البر﴾، قال: الجنة[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٨٤، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٣.]]. (٣/٦٦٦)
١٣٦٧٧- عن مسروق بن الأجدع -من طريق ابن إسحاق-، مثله[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٨٤.]]. (٣/٦٦٦)
١٣٦٧٨- عن عمرو بن ميمون -من طريق أبي إسحاق-= (ز)
١٣٦٧٩- وإسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط-، مثله[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٧٣. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٣/٧٠٣، وابن المنذر ١/٢٨٤ عن عمرو بن ميمون.]]. (٣/٦٦٦)
١٣٦٨٠- عن عبد الله بن عباس، في قوله: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ﴾، يعني: الجنّة[[تفسير الثعلبي ٣/١٠٩، وتفسير البغوي ٣/٦٦.]]١٢٩٠. (ز)
١٣٦٨١- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- قوله: ﴿البر﴾، قال: ما ثبت في القلوب من طاعة الله[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٧٠٣.]]. (ز)
١٣٦٨٢- عن مجاهد بن جبر، في قوله: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ﴾، يعني: الجنّة[[تفسير الثعلبي ٣/١٠٩، وتفسير البغوي ٣/٦٦.]]. (ز)
١٣٦٨٣- عن الحسن البصري، في قوله: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ﴾: لن يكونوا أبرارًا[[تفسير الثعلبي ٣/١٠٩، وتفسير البغوي ٣/٦٦.]]. (ز)
١٣٦٨٤- عن عطاء: لن تنالوا شرف الدين والتقوى حتى تتصدقوا وأنتم أصحّاء أشحّاء، تأملون العيش وتخشون الفقر[[تفسير الثعلبي ٣/١١٠، وتفسير البغوي ٣/٦٦ مختصرًا.]]. (ز)
١٣٦٨٥- عن عطية العوفي، في قوله: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ﴾، يعني: الطاعة[[تفسير الثعلبي ٣/١٠٩.]]. (ز)
١٣٦٨٦- عن أبي رَوْق، في قوله: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ﴾، يعني: الخير[[تفسير الثعلبي ٣/١٠٩.]]. (ز)
١٣٦٨٧- قال مقاتل بن سليمان: قوله سبحانه: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا﴾، يقول: لن تستكملوا التقوى حتى تنفقوا فى الصدقة[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٩٠.]]. (ز)
١٣٦٨٨- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- في قوله: ﴿لن تنالوا البر﴾، قال: التقوى[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٧٠٣.]]. (ز)
﴿حَتَّىٰ تُنفِقُوا۟ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمࣱ ٩٢﴾ - تفسير
١٣٦٨٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- قال: أراد بهذه الآية الزكاة، يعني: حتى تخرجوا زكاة أموالكم[[تفسير الثعلبي ٣/١١٠، وتفسير البغوي ٣/٦٦.]]. (ز)
١٣٦٩٠- عن الحسن البصري -من طريق عباد- قوله: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾، قال: من المال[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٧٤.]]. (ز)
١٣٦٩١- قال الحسن البصري: كل شيء أنفقه المسلم من ماله يبتغي به وجه الله تعالى فإنّه من الذي عنى الله سبحانه بقوله: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ﴾، حتى التمرة[[تفسير الثعلبي ٣/١١٠، وتفسير البغوي ٣/٦٦.]]. (ز)
١٣٦٩٢- قال الحسن البصري، في قوله: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾، يعني: الزكاة الواجبة[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زَمَنين ١/٣٠٢-.]]. (ز)
١٣٦٩٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في الآية، قال: لن تنالوا بِرَّ ربكم حتى تنفقوا مما يعجبكم، ومما تَهْوَون من أموالكم، ﴿وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم﴾ يقول: محفوظ ذلك لكم، الله به عليم شاكر له[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٧٣-٥٧٤، وابن المنذر ١/٢٨٩. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.]]. (٣/٦٦٦)
١٣٦٩٤- قال مقاتل بن سليمان: قوله سبحانه: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا﴾ يقول: لن تستكملوا التقوى حتى تنفقوا فى الصدقة ﴿مما تحبون﴾ من الأموال، ﴿وما تنفقوا من شيء﴾ يعني: من صدقة، ﴿فإن الله به عليم﴾ يعني: عالم به، يعني: بنِيّاتِكم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٩٠.]]. (ز)
﴿حَتَّىٰ تُنفِقُوا۟ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمࣱ ٩٢﴾ - النسخ في الآية
١٣٦٩٥- عن مجاهد بن جبر= (ز)
١٣٦٩٦- ومحمد بن السائب الكلبي: هذه الآية منسوخة، نسختها آية الزكاة[[تفسير الثعلبي ٣/١١٠، وتفسير البغوي ٣/٦٦.]]. (ز)
﴿حَتَّىٰ تُنفِقُوا۟ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمࣱ ٩٢﴾ - آثار متعلقة بالآية
١٣٦٩٧- عن عائشة، قالت: أُتِي رسول الله ﷺ بضَبٍّ، فلم يأكله، ولم يَنْهَ عنه، قلت: يا رسول الله، أفلا نطعمه المساكين؟ قال: «لا تطعموهم مما لا تأكلون»[[أخرجه أحمد ٤١/٢٥٦ (٢٤٧٣٦)، ٤١/٣٩٩-٤٠٠ (٢٤٩١٧)، ٤٢/٤٥ (٢٥١١٠)، من طريق حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به. قال شعبة: «ليس يذكر هذا عن إبراهيم إلا حماد». انظر: العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية عبد الله ٣/٤٣. وقال البيهقي السنن الكبرى ٩/٣٢٥: «تفرد به حماد بن أبى سليمان موصولًا». وقال الهيثمي في المجمع ٤/٣٧ (٦٠٦١): «رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح». وقال الألباني في الصحيحة ٥/٥٥٢ (٢٤٢٦): «الإسناد حسن».]]. (٣/٦٦٥)
١٣٦٩٨- عن عمر بن الخطاب -من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد- أنّه كتب إلى أبي موسى الأشعري أن يبتاع له جارية من سَبْيِ جَلُولاء[[جَلُولاء: قرية ببغداد. القاموس المحيط (جلل).]]، فدعا بها عمر، فقال: إن الله يقول: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾. فأعتقها عمر. قال: وهي مثل قوله: ﴿ويطعمون الطعام على حبه مسكينا﴾ [الإنسان:٨]، ومثل قوله: ﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾ [الحشر:٩][[أخرجه ابن جرير ٥/٥٧٤-٥٧٥، وابن المنذر ١/٢٨٧. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.]]. (٣/٦٦٢)
١٣٦٩٩- عن ميمون بن مِهران: أنّ رجلًا سأل أبا ذر: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة عماد الإسلام، والجهاد سَنام العمل، والصدقة شيء عجيب. فقال: يا أبا ذر، لقد تركت شيئًا هو أوثق عملي في نفسي، لا أراك ذكرته. قال: ما هو؟ قال: الصيام. فقال: قربة، وليس هنا. وتلا هذه الآية: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٧٦.]]. ١٢٩١ (٣/٦٦٣)
١٣٧٠٠- عن رجل من بني سليم، قال: جاورتُ أبا ذر بالرَّبَذَة[[الرَّبَذَة: قرية قرب المدينة، وبها دفن أبو ذر الغفاري. لسان العرب (ربذ).]]، وله فيها قطيع إبل، له فيها راعٍ ضعيف، فقلت: يا أبا ذر، ألا أكون لك صاحبًا؛ أكْنُف راعِيَك[[أي: أُعِينه وأكون إلى جانبه. لسان العرب (كنف).]]، وأقتبس منك بعض ما عندك، لعل الله أن ينفعني به؟ فقال أبو ذر: إن صاحبي من أطاعني، فإما أنت مطيعي فأنت لي صاحب، وإلا فلا. قلت: ما الذي تسألني فيه الطاعة؟ قال: لا أدعوك بشيء من مالي إلا توخيت أفضله. قال: فلبثت معه ما شاء الله، ثم ذكر له في الماء حاجة، فقال: ائْتِنِي ببعير من الإبل، فتصفحت الإبل، فإذا أفضلها فحلها ذَلُول، فهممت بأخذه، ثم ذكرت حاجتهم إليه، فتركته، وأخذت ناقة ليس في الإبل بعد الفحل أفضل منها، فجئت بها، فحانت منه نظرة. فقال: يا أخا بني سليم، خُنتَني. فلما فهمتها منه خَلَّيْت سبيل الناقة، ورجعت إلى الإبل، فأخذت الفحل، فجئت به، فقال لجلسائه: مَن رجلان يحتسبان عملهما؟ قال رجلان: نحن. قال: أما لا فأَنيخاه[[الإناخة: الإبراك. لسان العرب (نخخ).]]، ثم اعْقِلاه، ثم انحراه، ثم عدوا بيوت الماء فجَزِّئُوا لحمه على عددهم، واجعلوا بيت أبي ذر بيتًا منها. ففعلوا، فلما فَرَّق اللحم دعاني، فقال: ما أدري، أحفظت وصيتي فظهرت بها، أم نسيت فأعذرك؟ قلت: ما نسيت وصيتك، ولكن لما تصفحت الإبل وجدت فحلها أفضلها، فهممت بأخذه، فذكرت حاجتكم إليه، فتركته. فقال: ما تركته إلا لحاجتي إليه. قلت: ما تركته إلا لذلك. قال: أفلا أخبرك بيوم حاجتي؟! إنّ يوم حاجتي يوم أوضع في حفرتي، فذلك يوم حاجتي، إن في المال ثلاثة شركاء: القدر لا ينتظر أن يذهب بخيرها أو شرها، والوارث ينتظر متى تضع رأسك ثم يستفيئها وأنت ذميم، وأنت الثالث، فإن استطعت أن لا تكونن أعجز الثلاثة فلا تكونن، مع أنّ الله يقول: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾، وإن هذا الجمل كان مما أُحب من مالي، فأحببت أن أقدمه لنفسي[[عزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد. وأخرجه ابن المنذر ١/٢٨٦ مختصرًا، وكذلك أبو نعيم في حلية الأولياء ١/١٦٣ مختصرًا عن رجل من بني سليم، يقال له: عبدالله بن سيدان.]]. (٣/٦٦٣-٦٦٥)
١٣٧٠١- عن عبد الله بن عمر، قال: حضرتني هذه الآية: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾، فذكرت ما أعطاني الله، فلم أجد شيئًا أحب إلي من مَرْجانة، جارية لي رومية، فقلت: هي حرة لوجه الله، فلو أني أعود في شيء جعلته لله لنكحتها، فأنكحها نافعًا[[أخرجه البزار في كشف الأستار (٢١٩٤). وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.]]١٢٩٢. (٣/٦٦٢)
١٣٧٠٢- عن عبد الله بن عمر -من طريق مجاهد- أنّه قرأ وهو يصلي، فأتى على هذه الآية: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾، فأعتق جارية له وهو يصلي، أشار إليها بيده[[أخرجه أحمد في الزهد ص١٩٣-١٩٤، وابن المنذر ١/٢٨٨، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٤.]]. (٣/٦٦٥)
١٣٧٠٣- عن عبد الله بن عمر -من طريق عن نافع- أنّه كان يشتري السكر فيتصدق به، فنقول له: لو اشتريت لهم بثمنه طعامًا كان أنفع لهم من هذا. فيقول: إني أعرف الذي تقولون، ولكن سمعت الله يقول: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾، وابن عمر يحب السكر[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٨٨.]]١٢٩٣. (٣/٦٦٦)
١٣٧٠٤- عن الربيع بن خُثَيْم: أنّه وقف سائل على بابه، فقال: أطعموه سُكَّرًا. فقيل: ما يصنع هذا بالسكّر، فنطعمه خبزًا فهو أنفع له. فقال: ويحكم أطعموه سكّرًا؛ فإنّ الربيع يحب السكّر[[تفسير الثعلبي ٣/١١١.]]. (ز)
١٣٧٠٥- عن الربيع بن خُثَيْم: أنّه جاءه سائل في ليلة باردة، فخرج إليه فرآه كأنّه مقرور، قال: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ﴾، فنَزَع برتشًا[[كذا في مطبوعة المصدر، ولعله: بُرْنسًا.]] له وأعطاه إياه، وذكر أنّه كساه عروة[[تفسير الثعلبي ٣/١١١.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.