الباحث القرآني

(p-١)ولَما كانَ آخِرُ هَذِهِ القِصَصِ في الحَقِيقَةِ إبْطالَ كُلِّ ما خالَفَ الإسْلامَ؛ الَّذِي هو مَعْنى: ﴿إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ﴾ [آل عمران: ١٩] - وما بَعْدَ ذَلِكَ إنَّما جَرُّهُ - خَتَمَ الآيَةَ بِدَعْوى أنَّ المُخالِفِينَ مِنَ الخاسِرِينَ؛ وخَتَمَ ذَلِكَ بِأنَّ مَن ماتَ عَلى الكُفْرِ لا يُقْبَلُ إنْفاقُهُ لِلْإنْقاذِ مِمّا يَلْحَقُهُ مِنَ الشَّدائِدِ؛ لا بِدَفْعٍ لِقاهِرٍ؛ ولا بِتَقْوِيَةٍ لِناصِرٍ؛ فَتَشَوَّفَتِ النَّفْسُ إلى الوَقْتِ الَّذِي يُفِيدُ فِيهِ الإنْفاقُ؛ وأيِّ وُجُوهِهِ أنْفَعُ؛ فَأُرْشِدُ إلى ذَلِكَ؛ وإلى أنَّ الأحَبَّ مِنهُ أجْدَرُ بِالقَبُولِ؛ رُجُوعًا إلى ما قَرَّرَهُ - سُبْحانَهُ وتَعالى -؛ قَبْلَ آيَةِ الشَّهادَةِ بِالوَحْدانِيَّةِ؛ مِن صِفَةِ عِبادِهِ المُنْفِقِينَ؛ والمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحارِ؛ عَلى وجْهٍ أبْلَغَ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿لَنْ تَنالُوا البِرَّ﴾؛ وهو كَمالُ الخَيْرِ؛ ﴿حَتّى تُنْفِقُوا﴾؛ أيْ: في وُجُوهِ الخَيْرِ؛ ﴿مِمّا تُحِبُّونَ﴾؛ أيْ: مِن كُلِّ ما تَقْتَضُّونَ؛ كَما تَرَكَ إسْرائِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - أحَبَّ الطَّعامِ إلَيْهِ لِلَّهِ - سُبْحانَهُ وتَعالى. (p-٢)ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَإنْ أنْفَقْتُمْ مِنهُ؛ عَلِمَهُ اللَّهُ - سُبْحانَهُ وتَعالى -؛ فَأنالَكم بِهِ البِرَّ؛ وإنْ تَيَمَّمْتُمُ الخَبِيثَ الَّذِي تَكْرَهُونَهُ؛ فَأنْفَقْتُمُوهُ؛ لَمْ تَبَرُّوا؛ وكانَ كُلٌّ مِنَ المَحَبَّةِ والكَراهَةِ؛ أمْرًا خَفِيًّا؛ قالَ - سُبْحانَهُ وتَعالى - مُرَغِّبًا؛ مُرَهِّبًا: ﴿وما تُنْفِقُوا مِن شَيْءٍ﴾؛ أيْ: مِنَ المَحْبُوبِ وغَيْرِهِ؛ ﴿فَإنَّ اللَّهَ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ الكامِلَةُ - وقَدَّمَ الجارَّ اهْتِمامًا بِهِ؛ إظْهارًا لِأنَّهُ يَعْلَمُهُ مِن جَمِيعِ وُجُوهِهِ؛ كَما تَقُولُ لِمَن سَألَكَ: ”هَلْ تَعْلَمُ كَذا“: ”لا أعْلَمُ إلّا هُوَ“ - فَقالَ: ﴿بِهِ عَلِيمٌ﴾؛ فَهَذا كَما تَرى احْتِباكٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب