الباحث القرآني

﴿مَن كَانَ یَظُنُّ أَن لَّن یَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ فَلۡیَمۡدُدۡ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَاۤءِ ثُمَّ لۡیَقۡطَعۡ فَلۡیَنظُرۡ هَلۡ یُذۡهِبَنَّ كَیۡدُهُۥ مَا یَغِیظُ ۝١٥﴾ - نزول الآية

٥٠١٦٦- قال مقاتل بن سليمان: نزلت في نفر مِن أسد وغطفان قالوا: إنّا نخاف ألا يُنصر محمد، فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود، فلا يُجِيرونا ولا يُؤْوُونا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/١١٩. وذكر نحوه ابن جرير دون ذكر سنده أو قائله ١٦/٤٨٤ فقال: وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في أسد وغطفان، تباطؤوا عن الإسلام، وقالوا: نخاف أن لا يُنصَر محمد ﷺ، فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا مِن اليهود، فلا يميروننا.]]. (ز)

﴿مَن كَانَ یَظُنُّ أَن لَّن یَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ فَلۡیَمۡدُدۡ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَاۤءِ ثُمَّ لۡیَقۡطَعۡ فَلۡیَنظُرۡ هَلۡ یُذۡهِبَنَّ كَیۡدُهُۥ مَا یَغِیظُ ۝١٥﴾ - تفسير الآية

٥٠١٦٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق التميمي- في قوله: ﴿من كان يظن أن لن ينصره الله﴾ قال: مَن كان يظن أن لن ينصر الله محمدًا ﴿في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب﴾ قال: فليربط حبلًا، ﴿إلى السماء﴾ قال: إلى سماء بيته؛ السقف، ﴿ثم ليقطع﴾ قال: ثم يختنق به حتى يموت[[أخرجه عبد بن حميد -كما في فتح الباري ٨/٤٤١-، وابن جرير ١٦/٤٨٠، وابن أبي حاتم -كما في التغليق ٤/٢٦٠-، والحاكم ٢/٣٨٦. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وابن المنذر، وابن مردويه.]]٤٤٣٦. (١٠/٤٣١)

٤٤٣٦ علق ابنُ جرير (١٦/٤٨٠) على هذا القول بقوله: «فعلى قول هؤلاء تأويلُ الكلام: مَن كان يظن أن لن يرزق الله محمدًا في الدنيا، ولن يعطيه. وذكروا سماعًا من العرب: من ينصرني نصره الله، بمعنى: مَن يعطني أعطاه الله. وحكوا أيضًا سماعًا منهم: نصر المطر أرض كذا: إذا جادها وأحياها». وذكر ابنُ عطية (٦/٢٢٢) أنّ المراد بالسماء على هذا القول: الهواء علوًّا، فكأنه أراد: سقفًا أو شجرة أو نحوه.

٥٠١٦٨- عن عبد الله بن عباس، في قوله: ﴿من كان يظن أن لن ينصره الله﴾ يقول: أن لن يرزقه الله، ﴿فليمدد بسبب إلى السماء﴾ فليأخذ حبلًا فليربطه في سماء بيته، فليختنق به، ﴿فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ﴾ قال: فلينظر: هل ينفعه ذلك أو يأتيه برِزق؟![[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم.]]. (١٠/٤٣١)

٥٠١٦٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قوله: ﴿من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة﴾ إلى قوله: ﴿ما يغيظ﴾، قال: السماء التي أمر الله أن يمد إليها بسبب: سقف البيت، أمر أن يمد إليه بحبل فيختنق به، قال: ﴿فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ﴾ إذا اختنق؛ إن خشي أن لا ينصره الله؟![[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٨٠.]]. (ز)

٥٠١٧٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿من كان يظن أن لن ينصره الله﴾ قال: أن لن يرزقه الله، ﴿فليمدد بسبب إلى السماء﴾ قال: بحبل إلى سماء بيته، ﴿ثم ليقطع﴾ ثم ليختنق، ﴿فلينظر هل يذهبن كيده﴾ ذلك ﴿ما يغيظ﴾ قال: ذلك خيفة ألا يرزق[[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٨٢. وعلَّق أوله يحيى بن سلّام ١/٣٥٧. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]٤٤٣٧. (١٠/٤٣١)

٤٤٣٧ قال ابنُ عطية (٦/٢٢٣): «قال مجاهد: الضمير في ﴿يَنْصُرَهُ﴾ عائد على ﴿مَن﴾». وعلَّق عليه بقوله: «والمعنى: مَن كان مِن القلِقِين من المؤمنين».

٥٠١٧١- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد بن سليمان- في الآية، قال: مَن كان يظن أن لن ينصر الله محمدًا فليجعل حبلًا في سماء بيته، فليختنق به، فلينظر: هل يغيظ ذلك إلا نفسه؟![[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٨٣ مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١٠/٤٣٢)

٥٠١٧٢- عن أبي رجاء، قال: سُئِل عكرمة مولى ابن عباس عن قوله: ﴿فليمدد بسبب إلى السماء﴾. قال: سماء البيت، ﴿ثم ليقطع﴾ قال: ليختنق[[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٨٣.]]. (ز)

٥٠١٧٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- ﴿من كان يظن أن لن ينصره الله﴾، يقول: مَن كان يظن أنّ الله غيرُ ناصرٍ دينَه فليمدد بحبل إلى السماء؛ سماء البيت، فليختنق، فلينظر ما يرد ذلك في يده؟![[أخرجه عبد الرزاق ٢/٣٣، وابن جرير ١٦/٤٧٩. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم.]]٤٤٣٨. (١٠/٤٣٢)

٤٤٣٨ ساق ابنُ عطية (٦/٢٢٢) قول قتادة، ثم قال: «وهذا على جهة المَثَل السّائِر؛ قولهم: دونك الحبل فاختنق. يُقال ذلك للذي يريد مِن الأمر ما لا يمكنه».

٥٠١٧٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿من كان يظن﴾ يعني: يحسب ﴿أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة﴾ يعني: النبي ﷺ؛ ﴿فليمدد بسبب إلى السماء﴾ يعني: بحبل إلى سقف البيت، ﴿ثم ليقطع﴾ يعني: ليختنق، ﴿فلينظر هل يذهبن كيده﴾ يقول: فعله بنفسه إذا فعل ذلك، هل يذهبن ذلك ما يجد في قلبه مِن الغيظ بأنّ محمدًا لا ينصر ﴿ما يغيظ﴾ هل يذهب ذلك ما يجد في قلبه من الغيظ؟![[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/١١٩.]]٤٤٣٩. (ز)

٤٤٣٩ اختُلِف في عود الضمير في قوله: ﴿أن لن ينصره الله﴾؛ فقال قوم: عني به: النبي ﷺ. وقال آخرون: هو عائد على ﴿مَن﴾. واختُلِف في معنى النصر؛ فقال قوم: الغلبة. وقال آخرون: الرزق. واختُلف في المراد بالسماء؛ فقال قوم: سقف البيت ونحوه. وقال آخرون: السماء المعروفة، والمراد: فليمدد بحبل إليها فليقطع عن محمد ما يأتيه منها من الوحي. ورجَّح ابنُ جرير (١٦/٤٨٣-٤٨٤) مستندًا إلى السياق القولَ بعود الضمير على النبي ﷺ، وأنّ السماء: سقف البيت ونحوه، وأن النصر: الرزق، فقال: «وذلك أنّ الله -تعالى ذِكْرُه- ذَكَر قومًا يعبدونه على حرف، وأنهم يطمئنون بالدين إن أصابوا خيرًا في عبادتهم إياه، وأنهم يرتدون عن دينهم لشدة تصيبهم فيها، ثم أتبع ذلك هذه الآية، فمعلوم أنّه إنما أتبعه إياها توبيخًا لهم على ارتدادهم عن الدين، أو على شكهم فيه نفاقًا، استبطاءً منهم السعة في العيش، أو السبوغ في الرزق. وإذا كان الواجب أن يكون ذلك عقيب الخبر عن نفاقهم؛ فمعنى الكلام إذن إذ كان ذلك كذلك: مَن كان يحسب أن لن يرزق الله محمدًا ﷺ وأمته في الدنيا، فيوسع عليهم من فضله فيها، ويرزقهم في الآخرة من سني عطاياه وكرامته، استبطاء منه فعل الله ذلك به وبهم، فليمدد بحبل إلى سماء فوقه، إما سقف بيت أو غيره، مما يعلق به السبب مِن فوقه، ثم يختنق إذا اغتاظ من بعض ما قضى الله فاستعجل انكشاف ذلك عنه، فلينظر: هل يذهبن كيده اختناقه كذلك ما يغيظ؟! فإن لم يذهب ذلك غيظَه حتى يأتي الله بالفرج من عنده فيذهبه، فكذلك استعجاله نصر الله محمدًا ودينه لن يؤخر ما قضى الله له من ذلك عن ميقاته، ولا يعجل قبل حينه». ورجَّح ابنُ عطية (٦/٢٢٤) أن النصر الغلبة استنادًا إلى المعنى الأشهر في اللغة. ورجَّح ابنُ كثير (١٠/٢٣) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ بأن السماء هي سقف البيت ونحوه، فقال: «وقول ابن عباس وأصحابه أولى وأظهر في المعنى، وأبلغ في التهكم؛ فإن المعنى: من كان يظن أن الله ليس بناصر محمدًا وكتابه ودينه فليذهب فليقتل نفسه، إن كان ذلك غائظه، فإن الله ناصره لا محالة. قال الله تعالى: ﴿إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار﴾ [غافر:٥١-٥٢]، ولهذا قال: ﴿فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ﴾». وبنحوه ابنُ عطية (٦/٢٢٤).

٥٠١٧٥- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة﴾ فقرأ حتى بلغ: ﴿هل يذهبن كيده ما يغيظ﴾، قال: من كان يظن أن لن ينصر اللهُ نبيَّه ﷺ، ويكايد هذا الأمر ليقطعه عنه ومنه، فليقطع ذلك مِن أصله مِن حيث يأتيه، فإنّ أصله في السماء، فليمدد بسبب إلى السماء، ثم ليقطع عن النبي ﷺ الوحيَ الذي يأتيه من الله، فإنّه لا يكايده حتى يقطع أصله عنه، فكايد ذلك حتى قطع أصله عنه، ﴿فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ﴾ ما دخلهم من ذلك، وغاظهم الله به من نصرة النبي ﷺ، وما ينزل عليه[[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٧٩. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم مختصرًا.]]٤٤٤٠. (١٠/٤٣٢)

٤٤٤٠ علَّق ابنُ عطية (٦/٢٢٣) على قول ابن زيد بقوله: «والقطع -على هذا التأويل- ليس بالاختناق، بل هو جزْم السبب».

٥٠١٧٦- قال يحيى بن سلّام: قوله: ﴿من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ﴾ يعني: المنافق؛ أي: أنه يائس مِن أن ينصر الله محمدًا، لا يصدق بما وعد الله رسوله من نصره في الدنيا والآخرة. ونصره في الآخرة الحجة[[في تفسير هود بن محكم ٣/١٠٤: الجنة.]]؛ ﴿فليمدد بسبب﴾ بحبل ﴿إلى السماء﴾ سماء البيت، يعني: سقف البيت، أي: فلْيُعَلِّق حبلًا من سقف البيت فليختنق حتى يموت. يعني: بقوله: فـ﴿ليقطع﴾: فليختنق. وذلك كيده. قال: ﴿فلينظر هل يذهبن﴾ ذلك غيظه، أي: إنّ ذلك لا يُذهِب غيظَه[[تفسير يحيى بن سلّام ١/٣٥٧.]]٤٤٤١. (ز)

٤٤٤١ ساق ابنُ عطية (٦/٢٢٣) الأقوال، ثم ذكر أنّ الآية تحتمل معنًى آخر، وهو أن يُراد به: الكفار، وكل من يغتاظ بأن ينصره الله ويطمع أن لا يُنصر، قيل له: مَن ظن أن هذا لا ينصر فليمت كمدًا، هو منصور لا محالة، فليختنق هذا الظانُّ غيظًا وكمدًا. ثم قال: «ويؤيد هذا أن الطبريَّ والنقاش قالا: ويقال: نزلت في نفر من بني أسد وغطفان قالوا: نخاف أن ينصر محمد فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من يهود من المنافع». وبين أن الضمير في قوله: ﴿ينصره﴾ عائد -على هذا الاحتمال- على النبي ﷺ فقط. وتقدم في نزول الآية أن ما أورده ابن جرير الطبري دون عزو وسند، وفيه ١٦/٤٨٤ قولهم: «نخاف أن لا ينصر محمد»، على النفي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب