الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ أكثر أهل التفسير على أن الهاء في (ينصره) كناية عن محمد -ﷺ- [["الكشف والبيان" للثعلبي 3/ 48 ب وانظر الطبري 17/ 125 - 127.]].
قال ابن عباس: يريد أن لن ينصر الله محمدًا [[رواه الطبري 17/ 126 - 127، والحاكم في "مستدركه" 2/ 386، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 15 وعزاه للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه.]].
وهو قول قتادة [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 33، والطبري 17/ 126.]]، والسدي، والكلبي [[ذكره عن السدي والكلبي الرازي 23/ 15، وأبو حيان في "البحر" 6/ 357.]]، وابن زيد [[رواه الطبري 17/ 126، وابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" 6/ 16.]]، واختيار الفراء والزجاج.
قال الزجاج: أي من كان يظن أن لن ينصر الله محمدًا حتى يظهره على الدين كله فليمت غيظًا، وهو تفسير قوله ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ﴾ [[في (ظ): (من)، وهو خطأ.]] فليشدد حبلاً في سقفه [[في (أ): (شقفه).]] ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ أي: ليمد الحبل حتى ينقطع [[في (ظ) زيادة: (الحبل)، بعد قوله (ينقطع)، وليست عند الزجاج.]] فيموت مختنقًا [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 417.]].
وقال الفراء: من كان منكم يظن أن الله لن ينصر محمدًا [[العبارة في (ظ)، (د)، (ع): (أن لن ينصر الله محمدا)، وما أثبتنا من (أ) هو الموافق لمعاني الفراء.]] بالغلبة حتى يظهر دين الله فليجعل في سماء بيته حبلاً ثم ليختنق، فذلك قوله ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ [[في (ظ)، (د)، (ع) زيادة: (فذلك) بعد قوله: (ثم ليقط) ، ولا معنى لها.]] أي: اختناقًا. وفي قراءة عبد الله (ثم ليقطعه) يعني السبب [["معاني القرآن" للفراء 2/ 218.]].
وعلى هذا القول النصر معناه: حسن المعونة وعون المظلوم والإظهار بالغلبة.
ومعنى (فليقطع) فليختنق في قول جميع المفسرين [[القول بأن معنى (فليقطع) فليختنق في قول جميع المفسرين محل نظر، فقد قيل (فليقطع) أي فليقطع النصر أو الوحي عن محمد -ﷺ- إن تهيأ له ذلك. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس 3/ 90، "النكت" للماوردي 4/ 12، "زاد المسير" 5/ 414.]].
ووجه ما ذكره [[في (أ): (ذكرناه)، وهو خطأ.]] الزجاج والفراء أنه يقطعه بجذبه إياه حتى ينقطع، فيموت اختناقًا.
وذكر الأزهري وجها آخر فقال: أجمع المفسرون على أن تأويل قوله ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ ثم ليختنق، وهو محتاج إلى شرح يزيد في بيانه، ومعنى ﴿لْيَقْطَعْ﴾ ليمد الحبل مشدودًا على حلقه مدًا شديدًا حتى يقطع [[في (ظ): (تنقطع).]] حياته ونفسه خنقًا [["تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 188 (قطع).]].
وعلى هذا معنى ﴿لْيَقْطَعْ﴾ ليقطع نفسه. والقول هو الأول، ويدل عليه قراءة عبد الله (ليقطعه) بالهاء الراجع إلى السبب.
قال الأزهري: والمعنى: فليختنق غيظًا حتى يموت، فإن الله [[لفظ الجلالة لم يرد في (د)، (ع). وفي (ظ): (فإنه مظهره).]] مظهره ولا ينفعه غيظه [["تهذيب اللغة" للأزهري 12/ 160 (نصر) وفي المطبوع: ولا ينفعه موته خنقًا. وفي "اللسان" 5/ 210: ولا ينفعه غيظه وموته خنقًا. فيظهر أن (غيظه) ساقطة من المطبوع.]].
قوله تعالى: ﴿هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ﴾ أي: صنيعه وحيلته ﴿مَا يَغِيظُ﴾ (ما) بمعنى المصدر، أي: هل يذهبن كيده غيظه؟ ويجوز أن يكون (ما) بمعنى: (الذي)، والمعنى [[في (ظ)، (د)، (ع): (وهو المعنى).]]: هل يذهبن كيده الذي يغيظه؟ [["تفسير الطبري" 17/ 128، "الكشف والبيان" للثعلبي 3/ 48 ب.]].
والأول قول الفراء والزجاج [[انظر: "معاني القرآن" للفراء 2/ 218، و"معاني القرآن" للزجاج 3/ 417.]]. ويقال: غظتُ فُلانًا أغيظُه غَيْظًا [["تهذيب اللغة" للأزهري 8/ 173 (غاظ) نقلاً عن الليث. وهو في "العين" 4/ 439 (غيظ).]].
وروى ثعلب عن ابن الأعرابي: غاظهُ وأغَاظَهُ وغَيَّظه بمعنى واحد [["تهذيب اللغة" للأزهري 8/ 173 (غاظ) عن ثعلب، عن ابن الأعرابي.]].
وشرح ابن قتيبة هذه الآية على هذا القول بأبلغ بيان فقال: كان قوم من المسلمين لشدة غيظهم وحنقهم على المشركين يستبطؤون ما وعد الله رسوله [[في (أ): (ورسوله)، وما أثبتناه هو الموافق للمشكل ص 358.]] من النصر، وآخرون من المشركين يريدون اتباعه ويخشون أن لا يتم له أمره، فقال الله ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ﴾ يعني محمدًا -ﷺ- على مذهب العرب في الإضمار لغير مذكور [[العبارة في (ظ)، (د)، (ع): (لغيره في الإضمار مذكور. وهي عبارة غير مفهومة.]]، وهو يسمعني أعده النصر والإظهار والتمكين، أو كان [[في (ظ)، (د)، (ع): (إذ كان)، وفي "المشكل" ص 358: (وإن كان.]] يستعجل به قبل الوقت الذي قضيت أن يكون ذلك فيه ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ﴾ أي: بحبل ﴿إِلَى السَّمَاءِ﴾ يعني سقف البيت، وكل شيء علاك [[في (أ): (وكل ما علاك)، والمثبت هو الموافق للمشكل ص 358.]] وأظلك فهو سماء، والسحاب: سماء، يقول الله: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا﴾ [[في جميع النسخ: (وأنزلنا)، وهو خطأ.]] [ق: 9]، وقال سلامة بن جندل [[هو: سلامة بن جندل بن عبد عمرو، من بني كعب بن سعدة التميمي، أبو مالك.
شاعر جاهلي قديم، وهو من فرسان تميم المعدودين، في شعره حكمة وجودة، وهو ممن يصف الخيل فيحسن.
"طبقات فحول الشعراء" 1/ 155، "الشعر والشعراء" ص 166، "خزانة الأدب" 4/ 29، "الأعلام" للزركلي 3/ 106.]] يذكر قتل [[في (أ): (قبل)، وفي (د): (قبل): بإهمال ثانية. ومهملة في (ظ)، (ع).]] كسرى النعمان [[هو: النعمان بن المنذر بن المنذر بن امرئ القيس اللخمي، أبو قابوس. من أشهر ملوك الحيرة في الجاهلية، ملك الحيرة بعد أبيه، وكانت متابعة للفرس، وهو صاحب إيفاد العرب على كسرى، نقم عيله كسرى أمرًا فعزله وسجنه حتى مات، وقيل ألقاه تحت أرجل الفيلة فوطئته، فهلك نحو 15 ق. هـ.
انظر: "الكامل" لابن الأثير 1/ 246، "البداية والنهاية" 1/ 199، "الأعلام" للزركلي 8/ 43.]]:
هُوَ المُدْخِلُ النُّعمانَ بيتًا سماؤه نُحورُ ... الفُيول [[في (أ): (القبول).]] بعد بَيْتِ مُسَرْدَق [[البيت أنشده ابن قتيبة لسلامة في "مشكل القرآن" ص 358.
وهو في "ديوانه" ص 184، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 399 ومنه (المولج) في موضع (المدخل)، و (صدور) في موضع (نحور). والطبري 15/ 238 بمثل رواية أبي عبيدة، و"لسان العرب" 10/ 158 وفيه صدور).
وبيت مُسردق: هو أن يكون أعلاه وأسفله مشدود كله. "لسان العرب" 10/ 158 (سردق) "القاموس المحيط" 3/ 244.]] يعني: سقفه، وذلك أنه أدخله بيتًا فيه فيلة فتوطأته حتى قتلته [[في (أ): (فيه قبله)، وانظر قصة قتل كسرى للنعمان في: "الكامل" لابن الأثير 1/ 287 - 289، "خزانة الأدب" للبغدادي 3/ 383 - 386.]]. وقوله [[في (أ): (قوله).]] ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ قال المفسرون: ليختنق. وقوله ﴿فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ﴾ [[من بعد (فلينظر) ساقط من (ظ)، (د)، (ع).]] هل يذهب ذلك ما [[في (ظ): (مما).]] في قلبه؟.
وفعل هذا رجل وَعَدْتَه شيئًا مرة بعد مرة، ووكدت على نفسك الوعد [[في (ظ)، (د)، (ع): (الوعيد)، وهو خطأ.]]، وهو يراجعك في ذلك، ولا تسكن نفسه إلى قولك، فتقول له: إن كنت لا تثق بما أقول، فاذهب فاختنق [[في (أ): (واختنق).]]. تريد: اجهد جهدك. هذا معنى قول المفسرين. انتهت الحكاية عنه [["مشكل القرآن" لابن قتيبة ص 358 - 359 مع اختلاف يسير.]].
ومعنى ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ﴾ إلي آخر الآية إنما أمر بالخنق لا على وجه الإلزام، ولكن [[في (ظ)، (د)، (ع): (لكن).]] إشارة إلى أنه لا حيلة له، وليس يتوصل إلى تقديم النصر قبل وقته، وإخراج ما يظن من [[(من): زيادة من (أ).]] أن محمدًا -عليه السلام- لا ينصر عن قلبه فلم يبق له [[(له): ليست في (ظ)، (د)، (ع).]] إلا الخنق ليستريح [[في (أ): (لتستريح).]] من غيظه بتأخر النصر عن محمد -ﷺ- كما قال الشاعر: إنْ كنت لا ترضى بما قد ترى [[في (أ): (إن كنت لا ترى بما قد ترضى)، وهو خطأ.]] ... فدونك الحبل به فاختنق [[لم أهتد لهذا البيت.]]
أي: لا سبيل إلى تغييره [[مهملة في (أ).]]، فإنْ غاظك ما تراه ولا ترضاه فخذ الحبل واختنق حتى تستريح.
وذُكر أنَّ هذه الآية نزلت في قوم من أسد وغطفان [[أسد: قبيلة عظيمة، تنسب إلى أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهذه ذات بطون كثيرة.
انظر: "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم ص 11، 479، "نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب" للقلقشندي ص 47 - 48، "معجم قبائل العرب" لكحالة 1/ 21. وغطفان: بطن عظيم متسع كثير الأفخاذ، وهم بنو غطفان بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
انظر: "الجمهرة" ص 248، "نهاية الأرب" ص 348، "معجم قبائل العرب" لكحالة 3/ 888 - 889.]] تباطؤوا عن الإسلام، وقالوا نخاف أن لا ينصر محمد فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود فلا يميروننا [[يميروننا: يعني: يجلبوا لنا الطعام. "لسان العرب" 5/ 188 (مير).]] ولا يؤوننا، فنزلت هذه الآية ذما لهم على هذا الظن واستعجالهم ما [[في (ظ): (بما).]] قد وعدهم [[في (أ): (وعده).]] الله [[ذكره الطبري 17/ 128 من غير سند، وذكره ابن الجوزي 5/ 412 عن مقاتل. وهو في "تفسير مقاتل" 2/ 21 أ.]].
ولابن زيد طريق آخر في تفسير هذه الآية، وهو أن جعل السماء في قوله ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ﴾ السماء المعروفة، وقال: معناه: من كان يظن [[في (أ): (نظر)، وهو خطأ.]] أن لن ينصر الله نبيه، ويكايده [[في (أ): (لكابده).]] في أمره، فليقطع ذلك من أصله من حيث يأتيه، فإن أصله في السماء، فذلك قوله ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ عن النبي -ﷺ- الوحي الذي يأتيه من الله، فلينظر هل يقدر على إذهاب [[في (أ): (ذهاب).]] غيظه بهذا الفعل؟ [[ذكر عنه بهذا اللفظ الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 48 ب. وقد رواه الطبري 17/ 126، وابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" 6/ 16 بنحوه.]].
وهذا التفسير لا يوافق معنى قوله ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ﴾ [[في (أ): (بنصر الله): وهو خطأ.]] لأن من ظن ذلك لا يقال له: إن كنت تظن أنه غير منصور فاقطع النصر عنه. ولو كان أول الكلام: من يغيظه أن ينصره الله، أو ما أشبه هذا؛ حج [[في (أ): (أصح)، وهو خطأ.]] تفسير ابن زيد، وليس في أوائل [[في (ظ)، (د)، (ع): (أواخر).]] الآية: من أراد أن يكايده، أو يقطع النصر عنه، أو شيء من هذا المعنى الذي بني ابن زيد تفسير باقي الآية عليه.
هذا الذي ذكرنا كله على قول من يقول الهاء في (ينصره) كناية عن النبي -ﷺ-.
ومذهب مجاهد والضحاك [[يظهر أن الواحدي اعتمد في نسبة هذا القول على الطبري، فقد قال الطبري في "تفسيره" 17/ 127: وقال آخرون: الهاء في (ينصره) من ذكر (من) ... ثم قال == الطبري: ذكر من قال ذلك. ثم ذكر الطبري آثارًا عن مجاهد وغيره، ثم قال 175/ 128: حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (فليمدد بسبب) يعني: بحبل (إلى السماء) يعني: سماء البيت. أهـ.
والنص -كما ترى- ليس فيه ما يدل على أن الضحاك يرى أن الهاء عائدة إلى (من). وقد جاء عن الضحاك ما يخالف ما نسب إليه، فقد روى عبد بن حميد وابن المنذر كما في "الدر المنثور" 6/ 16 عنه في الآية قال: من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا، فليجعل حبلاً في سماء بيته، فليختنق به، فلينظر هل يغيظ ذلك إلا نفسه؟.]]: أن الهاء كناية عن (من) في قوله ﴿مَنْ كَانَ﴾.
قال مجاهد: ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ﴾ أن لن يرزقه الله [[رواه الطبري 17/ 127، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 15 وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.]].
وهذا القول هو اختيار أبي عبيدة، قال: ﴿أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ﴾ أن لن يرزقه [[في (د)، (ع): (أن لن ينصره) أن لن يرزقه.]]. قال: ووقف علينا رجل من بني أبي بكر [[في المطبوع من "المجاز" 2/ 46، بني بكر، وأشار المحقق إلى أنه في نسخة: بني أبي بكر. وما ذكره الواحدي هنا من قوله (ابن كلاب) ليس في المجاز لأبي عبيدة فيحتمل أن يكون السائل من بني أبي بكر -كما وقع في إحدى نسخ المجاز وكما نسبه الواحدي إلى بني أبي بكر ابن كلاب- وهو كما قال ابن الأثير في تهذيب الأنساب 1/ 170 نسبة إلى أبي بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، واسمه عبيد، ينسب إليه كثير. أهـ.
ويحتمل أن يكون السائل من بني بكر -كما وقع في بعض نسخ المجاز- وهو كما قال ابن الأثير (1708) نسبة إلى بكر بن وائل، أبو بكر بن عبد مناة من كنانة بن خزيمة، أو بكر بن عوف بن النخع.
وقد وقع عند ابن الجوزي 5/ 4، والرازي 17/ 23، وأبي حيان 3/ 357، والشنقيطي 5/ 51، من بني بكر.]] بن كلاب فقال: من ينصرني نصره الله. أي: من يعطيني أعطاه الله. وأنشد للراعي: أبوك الذي أجْدى عليَّ بَنَصْرِهِ ... فأنْصت عنّي بعده كُلَّ قائل [[البيت أنشده أبو عبيدة في "مجاز القرآن" 25/ 46 - 47.
وهو في "ديوانه" ص 209 من أبيات يمدح بها يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وفيه (فأسكت) في موضع (فأنصت). و"الاشتقاق" لابن دريد ص 110 وفيه (فأسكت).
وهو من غير نسبة في: "تهذيب اللغة" للأزهري 12/ 155، و"اللسان" 2/ 99، و"تاج العروس" 5/ 123 (نصت).]]
وأصل هذا من قولهم: نصرت السماء أرض كذا، إذا سَقَتْها [[انظر (نصر) في: "تهذيب اللغة" 12/ 160، "الصحاح" 2/ 829، "لسان العرب" 5/ 211.]].
قال أبو عبيد: نُصَرت البلاد، فهي منصورة. ونُصِرَ القوم، إذا غِيثُوا [[هكذا في جميع النسخ و"اللسان" لابن منظور 5/ 211. وفي المطبوع من "تهذيب الأزهري": أعيثوا.]]. وأنشد [[في (أ): (وأنشد الشاعر فقال).]]:
من كان أخْطاه الربيع فإنّما ... نُصرَ الحجاز بغَيث عبد الواحد [[قول أبي عبيد وإنشاده في "تهذيب اللغة" للأزهري 12/ 159 - 160 منسوبًا إليه. والبيت لابن ميادة يمدح عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك. وهو في "ديوانه" ص 112)، و"الوحشيات" (الحماسة الصغرى) لأبي تمام ص 270، وفيه: (يجود) في موضع (يغيث). ومن غير نسبة في "تهذيب اللغة" للأزهري 12/ 160 (نصر)، و"المخصص" لابن سيدة 9/ 121، و"اللسان" 5/ 211 (نصر).]]
قال ابن قتيبة -على هذا القول-: كأنه يريد من كان قانطا من رزق الله ورحمته فليفعل ذلك الذي ذكره [[في (أ): (ذكر).]] من الاختناق، ولينظر هل يذهب كيده - أي: حيلته- غيظه لتأخر الرزق عنه؟ [["مشكل القرآن" لابن قتيبة ص 365. وليس فيه: الذي ذكره من الاختناق.]].
وقوله: ﴿مَا يَغِيظُ﴾ يعني حنقه أن لا يرزق. وهذا ذم على سوء الظن بالله.
وفي قوله ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ قراءتان: كسر اللام وتسكينها [[قرأ أبو عمرو، وابن عامر، وورش عن نافع: (ثم ليقطع) بكسر اللام، وقرأ الباقون بسكون اللام: (ثم ليقطع). "السبعة" ص 434 - 435، "التبصرة" ص 265، "التيسير" ص 156، "الإقناع" 2/ 705.]].
والأصل [[في (ظ)، (د)، (ع): (فالأصل).]] الكسر عند الابتداء، فإذا تقدمها الواو والفاء أو (ثم) [[في (أ): (وثم)، والمثبت من باقي النسخ هو الموافق لما في الحجة.]] فمن أسكن مع الفاء [[في (أ): (مع الواو والفاء).]] والواو فلأنهما [[في (ظ): (فإنهما)، وهو خطأ.]] يصيران كشيء من نفس الكلمة؛ لأن كل واحد منهما لا ينفرد بنفسه. فسكن اللام، كما ذكرنا فيمن سكن (وهي) (فهي) [[في (أ): (وفي)، وهو خطأ.]] [[في "الحجة" للفارسي 5/ 270: وقبل ذلك قولهم: ﴿وَهِىَ﴾ [هود: 42]، ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ﴾ [البقرة: 74].]]. وأما (ثم) فإنه ينفصل بنفسه ويسكت عليه، فليس في هذا كالفاء والواو [ولهذا لم يسكن أبو عمرو بعد (ثم). ومن سكن بعده شبه الميم من (ثم) بالواو والفاء] [[ساقط من (ظ)، (د)، (ع).]] وجعله كقولهم: (أراك [[في (أ)، (د): (اذاك)، وفي (ظ)، (ع): (اداك)، والتصويب من "الحجة" 5/ 270.]] منتفخًا). وعلى هذا قول العجاج:
فَبَاتَ مُنْتَصْبًا وما تكَرْدَسا [[في (أ): (بكردشا).]] [[هذا الشطر من الرجز للعجاج بهذه الرواية (منتصبا) في "الحجة" للفارسي 1/ 408، 5/ 270، و"الخصائص" لابن جني 2/ 338، وفي "اللسان" 1/ 758 (نصب) من غير نسبة.
وروايته في "ديوان العجاج" ص 130، و"تهذيب اللغة" 10/ 423 (كردس)، و"اللسان" 6/ 195 (كردس): (فبات منتصا وما تكردسا. ولا شاهد فيه على هذه الرواية. وهو يصف فيها حمارًا وحشيًّا، وبعده: إذا أحس نبأة توجسا.
قال الأصمعي في "شرحه لديوان العجاج" ص 130: (قوله (منتصبا) أي منتصبًا. والمكردس: الذي قد رمى بنفسه.]]
وهذا مما تقدم الكلام فيه. ومن قرأ بعض هذا بالسكون وبعضه بالحركة [[قرأ بعض هذا بالسكون وبعضه بالحركة: أبو عمرو، وابن عامر في غير رواية ابن ذكران، وورث عن نافع، وابن كثير في رواية قنبل.
فقرأ أبو عمرو، وابن عامر، وورش عن نافع: (ثم ليقطع)، (ثم ليقضوا) بكسر اللام، ووافقهم في (ليقضوا) وحدها ابن كثير في رواية قنبل.
ووافق هؤلاء المتقدمون بقية القراء في قراءة (وليوفوا)، (وليطوفوا) بإسكان اللام. أمَّا رواية ابن ذكوان عن ابن كثير فبالكسر في المواطن الأربعة.
"السبعة" ص 434 - 435، "المبسوط" لابن مهران 257، "التبصرة" ص 215، "التيسير" ص 156، "النشر" 2/ 326.]] من ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا﴾ ﴿وَلْيُوفُوا﴾ ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا﴾ [الحج: 29] فإنه أخذ بالوجهين لاجتماعهما في الجواز [[من قوله: (والأصل) إلى هنا هذا كلام الفارسي في "الحجة" 5/ 269 - 270 مع تصرف وانظر: "علل القراءات" للأزهري 2/ 420 - 421، "إعراب القراءات السبع وعللها" لابن خالويه 2/ 73، و"حجة القراءات" لابن زنجلة ص 473 - 474.]].
{"ayah":"مَن كَانَ یَظُنُّ أَن لَّن یَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ فَلۡیَمۡدُدۡ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَاۤءِ ثُمَّ لۡیَقۡطَعۡ فَلۡیَنظُرۡ هَلۡ یُذۡهِبَنَّ كَیۡدُهُۥ مَا یَغِیظُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق