الباحث القرآني

﴿وَٱسۡتَعِینُوا۟ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ﴾ - قراءات

١٦٢٣- قال سفيان الثوري: في قراءة عبد الله [بن مسعود] في قول الله -جل وعز-: (واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وبِالصَّلاةِ)[[تفسير سفيان الثوري ص٤٥. وهي قراءة شاذة.]]. (ز)

﴿وَٱسۡتَعِینُوا۟ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ﴾ - تفسير الآية

١٦٢٤- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾، قال: على مرضاة الله، واعلموا أنهما من طاعة الله[[أخرجه ابن جرير ١/٦٢٠، ٢/٦٩٨.]]. (١/٣٥٨)

١٦٢٥- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قوله: ﴿واستعينوا بالصبر﴾، قال: الصبر: الصيام[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٠٢ (٤٨٠). وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/١٣٧-.]]٢٠٨. (ز)

٢٠٨ وجَّه ابنُ جرير (١/٦١٧) تفسير الصبر بالصوم بقوله: «والصوم بعض معاني الصبر ... وأصل الصبر: منع النفس محابَّها، وكفها عن هواها؛ ... وقيل لشهر رمضان: شهر الصبر؛ لصبر صائميه عن المطاعم والمشارب نهارًا». ووجَّهه ابنُ عطية (١/٢٠١) فقال: «وخصَّ الصوم والصلاة على هذا القول بالذكر لتناسبهما في أنّ الصيام يمنع الشهوات ويُزَهِّد في الدنيا، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ... ويقرأ فيها القرآن الذي يذكر بالآخرة». ووجَّهه ابنُ تيمية (١/٢٠٥-٢٠٦) بقوله: «لأن الصائم يصبر نفسه عن شهواتها». ورجَّح ابنُ جرير (١/٦١٧) العموم في معنى الصبر، فقال: «وقد قيل: إن معنى الصبر في هذا الموضع: الصوم، والصوم بعض معاني الصبر عندنا، بل تأويل ذلك عندنا: أنّ الله -تعالى ذكره- أمرهم بالصبر على كلِّ ما كرهته نفوسهم من طاعة الله، وترك معاصيه». ونقل ابنُ عطية (١/٢٠٠-٢٠١) قولين آخرين: الأول: «استعينوا بالصبر على الطاعات وعن الشهوات، على نيل رضوان الله، وبالصلاة على نيل الرضوان وحط الذنوب، وعلى مصائب الدهر أيضًا». ثم علَّق عليه بقوله: «ومنه الحديث: كان رسول الله ﷺ إذا كربه أمر فزع إلى الصلاة. ومنه ما رُوِي: أنّ عبد الله بن عباس نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر، فاسترجع، وتنحى عن الطريق، وصلى، ثم انصرف إلى راحلته، وهو يقرأ: ﴿واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ﴾». والثاني: «الصبر على بابه، والصلاة الدعاء». وعلَّق عليه بقوله: «وتجيء هذه الآية على هذا القول مشبهة لقوله تعالى: ﴿إذا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثْبُتُوا واذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [الأنفال:٤٥]؛ لأنّ الثبات هو الصبر، وذكر الله هو الدعاء».

١٦٢٦- عن الحسن البصري: استعينوا بالصبر على الدِّين كله[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/١٣٧-.]]. (ز)

١٦٢٧- عن قتادة بن دِعامة، في قوله: ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾، قال: إنهما مَعُونَتان من الله، فاستعينوا بهما[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٣٤٨)

١٦٢٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿واستعينوا﴾ على طلب الآخرة ﴿بالصبر﴾ على الفرائض، ﴿والصلاة﴾ الخمس، حافظوا عليها في مواقيتها[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٠٢.]]. (ز)

١٦٢٩- عن مقاتل بن حَيّان -من طريق بُكَيْر بن مَعْرُوف- في قوله: ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾، يقول: استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض والصلاة، فحافظوا عليها، وعلى مواقيتها، وتلاوة القرآن فيها، وركوعها، وسجودها، وتكبيرها، والتشهد فيها، والصلاة على النبي ﷺ، وإكمال طهورها؛ فذلك إقامتها وإتمامها[[أخرجه البيهقي في الشعب (٩٦٨٥)، وابن أبي حاتم مختصرًا ١/١٠٢.]]. (١/٣٦٠)

١٦٣٠- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حَجّاج- في قوله: ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾، قال: إنهما معونتان على رحمة الله[[أخرجه ابن جرير ١/٦٢١.]]. (ز)

١٦٣١- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسْلَم -من طريق ابن وهْبٍ- في قوله: ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾ الآية، قال: قال المشركون: واللهِ، يا محمدُ، إنّك لتدعونا إلى أمر كبير. قال: إلى الصلاة والإيمان بالله[[أخرجه ابن جرير ١/٦٢١.]]. (١/٣٦٠)

١٦٣٢- عن محمد بن طلحة الأسدي -من طريق ابن أبي فُدَيْك- يقول: استعينوا بالصبر على الصيام[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٠٢ (٤٨٢).]]. (ز)

﴿وَٱسۡتَعِینُوا۟ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ﴾ - آثار متعلقة بالآية[[⟨ذكر السيوطي هنا ١/٣٤٩-٣٥٨ آثارًا كثيرة عن فضل الصبر.⟩{ع}]]

١٦٣٣- عن علي، قال: قال رسول الله ﷺ: «الصبر ثلاثة: فصبر على المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر على المعصية»[[أخرجه ابن أبي الدنيا في الصبر والثواب عليه ١/٣٠ (٢٤)، وأورده الدَّيْلَمِيُّ في مسند الفردوس ٢/٤١٦ (٣٨٤٦). قال ابن الجوزي في الموضوعات ٣/٤٥٠ (١٦٧٨): «موضوع». وقال الألباني في الضعيفة ٨/٢٦٤ (٣٧٩١): «ضعيف».]]. (١/٣٤٩)

١٦٣٤- عن عسعس: أنّ رسول الله ﷺ فَقَدَ رَجُلًا، فسأل عنه، فجاء، فقال: يا رسول الله، إنِّي أردت أن آتي هذا الجبل، فأخلو فيه، وأتعبد. فقال رسول الله ﷺ: «لَصَبْرُ أحدكم ساعةً على ما يكره في بعض مواطن الإسلام خيرٌ مِن عبادته خاليًا أربعين سنة»[[أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده ٢/٦٤٧ (٦٢٠)، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/٨٩. قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء ١/٦٨٩: «أخرجه البيهقي من حديث عسعس بن سلامة، قال ابن عبد البر: يقولون: إن حديثه مرسل. وكذا ذكره ابن حبان في ثقات التابعين». وقال ابن منده: «ذُكِر في الصحابة ولا يثبت». وينظر: تحفة التحصيل للعراقي ص٢٢٨، والإصابة ٤/٤٩٩.]]. (١/٣٥٤)

١٦٣٥- عن أبي حاضر الأسدي: أنّ رسول الله ﷺ فَقَد رجُلًا، فسأل عنه، فقيل: إنه قد تفرَّد يتعبَّد. فبعث إليه، فأُتِي به، فقال رسول الله ﷺ: «ألا إنَّ مَوْطِنًا من مواطن المسلمين أفضلُ من عبادة الرجل وحده ستين سنة» قالها ثلاثًا[[أخرجه البيهقي في الشعب ١٢/٢٠٠ (٩٢٧٦) من طريق عسعس، عن أبي حاضر الأسدي به مرسلًا.]]. (١/٣٥٤)

١٦٣٦- عن عمر بن الخطاب، قال: الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن، وأحسن منه الصبر عن محارم الله[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٠٢.]]. (١/٣٤٩)

١٦٣٧- عن سعيد بن جبير، قال: الصبر: اعتراف العبد لله بما أصاب منه، واحتسابه عند الله رجاء ثوابه. وقد يجزع الرجلُ وهو مُتَجلِّدٌ لا يُرى منه إلا الصبر[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٠٢. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي الدنيا في كتاب العزاء.]]. (١/٣٤٩)

١٦٣٨- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم – من طريق ابن وهب -، قال: الصبر في بابين: الصبر لله فيما أحب وإن ثَقُل على الأنفس والأبدان، والصبر لله عمّا كره وإن نازعت إليه الأهواء. فمَن كان هكذا فهو من الصابرين الذين يُسَلّمُ عليهم -إن شاء الله تعالى-[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢٦١-٢٦٢.]]. (١/٣٤٩)

﴿وَٱلصَّلَوٰةِۚ﴾ - تفسير

١٦٣٩- عن عُبادة بن محمد بن عُبادة بن الصامت، قال: لما حضرت عُبادة [بن الصامت] الوفاةَ قال: أُحَرِّج على إنسان منكم يبكي، فإذا خرجت نفسي فتوضؤوا، وأحسنوا الوضوء، ثم ليَدْخُلْ كلُّ إنسان منكم مسجدًا، فيصلي، ثم يستغفر لعُبادة ولنفسه؛ فإنّ الله -تبارك وتعالى- قال: ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾، ثم أسْرِعُوا بي إلى حُفْرَتي[[أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٩٦٨٣).]]. (١/٣٥٩)

١٦٤٠- عن حُميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أمه أم كُلْثُوم بنت عُقْبة -وكانت من المهاجرات الأُوَل- في قوله: ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾، قالت: غُشِيَ على عبد الرحمن بن عوف غَشْيَة، فظنوا أنه أفاض نفسَه فيها، فخرجت امرأته أم كُلْثُوم إلى المسجد تستعين بما أُمرت به من الصبر والصلاة، فلما أفاق قال: أغُشِي عَلَيَّ آنِفًا؟ قالوا: نعم. قال: صدقتم، إنه جاءني مَلَكان، فقالا لي: انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين. فقال ملك آخَر: ارجعا، فإن هذا ممن كتبت له السعادة وهم في بطون أمهاتهم، ويستمتع به بنوه ما شاء الله. فعاش بعد ذلك شهرًا، ثم مات[[أخرجه عبد الرزاق عن مَعْمر في جامعه (٢٠٠٦٥)، والبيهقي في الشعب (٩٦٨٤).]]. (١/٣٦٠)

١٦٤١- عن عبد الله بن عباس -من طريق زيد بن علي- أنّه كان في مسير له، فنُعِي إليه ابنٌ له، فنزل، فصلى ركعتين، ثم استرجع، وقال: فعلنا كما أمرنا الله، فقال: ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾[[أخرجه سعيد بن منصور (١٨٩-تفسير)، والحاكم ٢/٢٦٩-٢٧٠، والبيهقي في شعب الإيمان (٩٦٨١). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١/٣٥٩)

١٦٤٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق عُيَيْنَةَ بن عبد الرحمن، عن أبيه- أنه نُعِيَ إليه أخوه قُثَم وهو في مسير، فاسترجع، ثم تَنَحّى عن الطريق، فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين﴾[[أخرجه سعيد بن منصور (١٨٩، ٢٣١ - تفسير)، وابن جرير ١/٦٢٠، والبيهقي في الشعب (٩٦٨٢).]]٢٠٩. (١/٣٥٩)

٢٠٩ ذكر ابنُ جرير (١/٦٢٣) أنّ الأمر بالاستعانة بالصبر والصلاة في الآية خوطب به أحبار بني إسرائيل، فقال: «فمعنى الآية: واستعينوا أيها الأحبار من أهل الكتاب بحبس أنفسكم على طاعة الله، وكفِّها عن معاصي الله، وبإقامة الصلاة المانعة من الفحشاء والمنكر، المقربة من مراضي الله، العظيمة إقامتها إلا على المتواضعين لله، المستكينين لطاعته، المتذللين من مخافته». ونقل ابنُ كثير (١/٣٩١) قول ابن جرير، ثم رجَّح العموم بقوله: «هكذا قال، والظاهر أنّ الآية وإن كانت خطابًا في سياق إنذار بني إسرائيل فإنهم لم يقصدوا بها على سبيل التخصيص، وإنما هي عامة لهم ولغيرهم».

﴿وَٱلصَّلَوٰةِۚ﴾ - آثار متعلقة بالآية

١٦٤٣- عن حذيفة، قال: كان رسول الله ﷺ إذا حَزَبَه أمر[[أي: إذا نزل به مُهِمٌّ، أو أصابه غَمٌّ، يقال: حَزَبَه الأمر يحْزُبُه حَزْبًا: نابه، واشتد عليه. وقيل: ضغطه. لسان العرب (حزب).]] فَزِعَ إلى الصلاة[[أخرجه أحمد ٣٨/٣٣٠ (٢٣٢٩٩)، وأبو داود ٢/٤٨٥ (١٣١٩)، وابن جرير ١/٦١٨. قال ابن حجر في الفتح ٣/٢٠٥: «بإسناد حسن». وقال الألباني في صحيح أبي داود ٥/٦٥ (١١٩٢): «حسن».]]. (١/٣٥٨)

١٦٤٤- عن أبي الدرداء، قال: كان رسول الله ﷺ إذا كانت ليلةُ ريح كان مَفْزَعُه إلى المسجد حتى تسكن، وإذا حدث في السماء حَدَثٌ من كسوف شمس أو قمر كان مَفْزَعُه إلى الصلاة حتى ينجلي[[أخرجه ابن أبي الدنيا في المطر والرعد والبرق ص١٣٦ (١٣٢)، والطبراني في مسند الشاميين ١/٣٢٣، وأبو الشيخ في العظمة ٤/١٣٣١. قال ابن رجب في الفتح ٦/٣٢٧: «وهو منقطع، وفي إسناده نعيم بن حماد، وله مناكير». وقال الهيثمي في المجمع ٢/٢١١ (٣٢٧٧): «رواه الطبراني في الكبير من رواية زياد بن صخْر عن أبي الدَّرداء، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات».]]. (١/٣٥٨)

١٦٤٥- عن صهيب، عن النبي ﷺ، قال: «كانوا -يعني: الأنبياء- يفزعون إذا فزعوا إلى الصلاة»[[أخرجه أحمد ٣١/٢٦٨ (١٨٩٣٨)، وابن حبان ٥/٣١٢ (١٩٧٥). قال الألباني في الصحيحة ٣/٥٠ (١٠٦١): «وهذا إسناد صحيح، على شرط الشيخين».]]. (١/٣٥٩)

١٦٤٦- روي عنه ﷺ أنّه رأى أبا هريرة مُنبَطِحًا على بطنه، فقال له: «أشْكَنبَ دَرْدَ؟[[أي: أتشتكي بطنك. انظر: تعليق الشيخ أحمد شاكر على هذا الحديث في تحقيقه لتفسير ابن جرير.]]». قال: نعم. قال: «قم فَصَلِّ؛ فإن في الصلاة شفاء»[[أخرجه أحمد ١٥/٢٩ (٩٠٦٦) بلفظ: «أشِكَمَتْ دَرْدْ؟»، وابن ماجه ٤/٥١٢ (٣٤٥٨)، وابن جرير ١/٦١٩. قال ابن الجوزي في العلل المتناهية ١/١٧١-١٧٢: «ذواد بن علبة أبو المنذر الحارثي قال يحيى: لا يكتب حديثه. وقال مرة: ليس بشيء. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما لا أصل له». وقال ابن القيم في الزاد ٤/٢١٠: «وقد روي هذا الحديث موقوفًا على أبي هريرة، وأنه هو الذي قال ذلك لمجاهد، وهو أشبه». وقال الألباني في الضعيفة ٩/٦٢ (٤٠٦٦): «ضعيف».]]. (ز)

﴿وَإِنَّهَا لَكَبِیرَةٌ﴾ - تفسير

١٦٤٧- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿وإنَّها لَكَبِيرَةٌ﴾، قال: الصلاة[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٠٣ (٤٨٦).]]٢١٠. (ز)

٢١٠ ذهبَ ابنُ جرير (١/٦٢١) إلى معنى ما روي عن مجاهد من عَوْد الضمير في قوله تعالى: ﴿وإنها﴾ إلى الصلاة؛ مُستندًا إلى ظاهر التلاوة. وقال ابنُ كثير (١/٣٩٠): «ويحتمل أن يكون عائدًا على ما يدل عليه الكلام، وهو الوصية بذلك، كقوله تعالى في قصة قارون: ﴿وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ويْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا ولا يُلَقّاها إلا الصّابِرُونَ﴾ [القصص:٨٠]، وقال تعالى: ﴿ولا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ ولا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ فَإذا الَّذِي بَيْنَكَ وبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ ولِيٌّ حَمِيمٌ * وما يُلَقّاها إلا الَّذِينَ صَبَرُوا وما يُلَقّاها إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت:٣٤-٣٥]، أي: وما يلقّى هذه الوصية إلا الذين صبروا، ﴿وما يُلَقّاها﴾ أي: يؤتاها ويلهمها ﴿إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾». وقد نقل ابنُ جرير (١/٦٢١) وابنُ عطية (١/٢٠١) قولًا بكون الضمير فيه عائدًا على: إجابة محمد ﷺ. وانتقداه استنادًا إلى السياق؛ لكون إجابة محمد ﷺ لم يَجْرِ لها ذكر في الآية، ولم يدُلَّ عليها دليلٌ حتى يُقال بعود الضمير إليها. ونقل ابنُ عطية قولين آخرين في عود الضمير، ولم ينسبهما، فقال: «وقيل: على الاستعانة التي يقتضيها قوله: ﴿واسْتَعِينُوا﴾. وقيل: على العبادة التي يتضمنها بالمعنى ذكر الصبر والصلاة».

١٦٤٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وإنها لكبيرة﴾، يعني: حين صُرِفَت القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة، فكَبُر ذلك على اليهود، منهم: جُدَيُّ بن أخْطَب، وسعيد بن عمرو الشاعر، وغيرهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٠٢.]]. (ز)

١٦٤٩- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن مَعْروف- في قوله: ﴿وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين﴾، يقول: صَرْفُك عن بيت المقدس إلى الكعبة، كَبُر ذلك على المنافقين واليهود[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٠٣، والبيهقي في الشعب (٩٦٨٥).]]٢١١. (١/٣٦٠)

٢١١ انتَقَدَ ابنُ عطية (١/٢٠١) القول بعود الضمير على الكعبة، ولم يذكر مستندًا، فقال: «وقيل: يعود الضمير على الكعبة؛ لأن الأمر بالصلاة إنما هو إليها، وهذا أضعف من الذي قبله».

١٦٥٠- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: ﴿وإنها لكبيرة﴾، قال: قال المشركون: واللهِ، يا محمدُ، إنّك لتدعونا إلى أمر كبير. قال: إلى الصلاة، والإيمان بالله[[أخرجه ابن جرير ١/٦٢١.]]. (١/٣٦١)

﴿لَكَبِیرَةٌ﴾ - تفسير

١٦٥١- عن الضحاك بن مُزاحم -من طريق جُوَيْبِر- في قوله: ﴿وإنَّها لَكَبِيرَةٌ﴾، قال: لثقيلة[[أخرجه ابن جرير ١/٦٢٢.]]. (١/٣٦١)

﴿إِلَّا عَلَى ٱلۡخَـٰشِعِینَ ۝٤٥﴾ - تفسير

١٦٥٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿إلا على الخاشعين﴾، قال: المُصَدِّقِينَ بما أنزل الله[[أخرجه ابن جرير ١/٦٢٢، وابن أبي حاتم ١/١٠٣.]]. (١/٣٦١)

١٦٥٣- قال ابن عباس: يعني: المصلّين[[تفسير الثعلبي ١/١٨٩.]]. (ز)

١٦٥٤- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿إلا على الخاشعين﴾، قال: الخائفين[[أخرجه ابن جرير ١/٦٢٢.]]. (١/٣٦١)

١٦٥٥- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿إلا على الخاشعين﴾، قال: المؤمنين حقًّا[[تفسير مجاهد ص٢٠١، وأخرجه البخاري ٤/١٦٢٥، وابن جرير ١/٦٢٢، وابن أبي حاتم ١/١٠٣ (٤٩٠). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٣٦١)

١٦٥٦- قال الحسن البصري: الخائفين[[تفسير الثعلبي ١/١٨٩، وتفسير البغوي ١/٩٠.]]. (ز)

١٦٥٧- قال مقاتل بن سليمان: ثم استثنى فقال: ﴿إلا على الخاشعين﴾، يعني: إلا على المتواضعين من المؤمنين، لم يَكْبُر عليهم تحويل القبلة[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٠٢.]]. (ز)

١٦٥٨- عن مقاتل بن حَيّان -من طريق بُكَيْر بن مَعْرُوف- في قوله: ﴿إلا على الخاشعين﴾، يعني: المتواضعين[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٠٣، والبيهقي في الشعب (٩٦٨٥).]]. (١/٣٦٠)

١٦٥٩- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب-: الخشوع: الخوف والخشية لله ﷿. وقرأ قول الله -تبارك وتعالى-: ﴿خاشعين من الذل﴾ [الشورى:٤٥]، قال: قد أذلَّهم الخوفُ الذي نزل بهم، وخشعوا له[[أخرجه ابن جرير ١/٦٢٣.]]٢١٢. (ز)

٢١٢ جمع ابنُ جرير (١/٦٢٢) بين قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، وقول أبي العالية ومجاهد وابن زيد بقوله: «يعني بقوله: ﴿إلا على الخاشعين﴾: إلا على الخاضعين لطاعته، الخائفين سطواته، المصدقين بوعده ووعيده».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب