الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾. أصل الخشوع في اللغة: السكون [[انظر "تهذيب اللغة" (خشع) 1/ 1034، قال ابن فارس "الخاء والشين والعين" أصل واحد يدل على التطامن ... وهو قريب من الخضوع) 2/ 128. ونحوه قال الطبري: (أصل الخشوع: التواضع والتذلل والاستكانة) "تفسير الطبري" 1/ 261.]]، قال الله تعالى ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ﴾ [طه: 108]، أي سكنت، ويقال: جدار خاشع، إذا تداعى واستوى مع الأرض [["تهذيب اللغة" (خشع) 1/ 1034.]]. قال النابغة: وَنُؤْيٌ كَجِذْمِ الحَوْضِ أَثْلَمُ خَاشِعُ [[من قصيدة للنابغة الذيباني يمدح النعمان وصدره: رَماَدٌ كَكُحِل العين لَأْياً أُبِينُه يقول من الآيات التي عرف بها الدار (رماد ككحل العين، لَاْياً أبينه (أي بصعوبة بطء أتبينه، و (النُّؤْيُّ): حاجز حول البيت لئلا يدخله الماء، و (الْجِذْم): أصل الشيء (أثلم): تثلم: تهدم، و (الخاشع): المطمئن اللاصق بالأرض، ورد البيت في "تفسير الثعلبي" 1/ 69 ب، "التهذيب" (خشع) 1/ 1034، "اللسان" (خشع) 2/ 1166، والقرطبي 1/ 320، "ديوان النابغة" ص 53.]] ومنه الحديث (كانت الكعبة خُشعة على الماء) [[أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" بسنده عن عطاء عن ابن عباس، في رواية طويلة عن خلق الأرض وفيها (.. فبعث الله ريحًا هفافة فصفقت الماء فأبرز خشفة في موضع هذا البيت ..) قال المحقق: (حشفة) في جميع الأصول "الأعلام"، ورواها ابن ظهيرة عن عمر بن شبة (خشعة) "أخبار مكة" 1/ 32. أخرجه الخطابي من طريق الأزرقي بنحوه، "غريب الحديث" 2/ 496، وذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" 1/ 1034، وابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" 2/ 35.]] أي: ساكنة، وهذا أصله في اللغة. ثم استعمل في أشياء تعود [[في (ج): (يعود).]] إلى هذا الأصل، فقيل: خشعت الأرض، إذا لم تمطر، فلم تهتز [[في (ب): (فتهتز).]] بالنبات، قال الله تعالى: ﴿تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ﴾ [[وقد ورد سياق الآية في (أ)، (ج) (وترى) وهو تصحيف في الآية، وفي "تهذيب اللغة" وردت آية الحج: ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ [الحج: 5] انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 1034، والواحدي نقل كلام عنه.]] [فصلت: 39]. وخشع السنام، إذا ذهب شحمه وتطأطأ شرفه. وخشعت الأبصار، إذا سكنت ونظرت في الأرض من غير التفات. وقيل: للمطيع [[في (ج): (للماصع).]] المخبت: خاشع، لسكونه إلى الطاعة [["تهذيب اللغة" (خشع) 1/ 1034، وانظر: "مقاييس اللغة" (خشع) 2/ 182، "اللسان" (خشع) 2/ 1166.]]. قال المفسرون وأصحاب المعاني: إن [[(إن) ساقطة من (ب).]] جميع العبادات داخلة تحت قوله: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ﴾ لأنه أراد الصبر عليها [[أكثر المفسرين على أن المراد الاستعانة بالصلاة مع الصبر، لا الاستعانة بالصبر عليها، وقد تقدم الكلام على ذلك، وانظر: "تفسير الطبري" 1/ 260، "تفسير ابن عطية" 1/ 278، "الكشاف" 1/ 277، و"القرطبي" 1/ 317.]]، ولكن خصت الصلاة بالذكر تخصيصا وتفضيلا [[خصت الصلاة بالاستعانة بها من بين سائر العبادات لفضلها ولما يتلى فيها، انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 95، و"القرطبي" 1/ 317.]]، كقوله: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن: 68]، وقوله ﴿وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ [البقرة: 98]. وعلى قول من يقول: الصبر هو الصوم [[هو قول مجاهد كما سبق.]]، فإنما خص الصوم والصلاة، لأن القوم إنما كان يمنعهم عن الإسلام الشره وخوف ذهاب مأكلتهم [[في (ب): (مآكلهم) ولعله أولى.]] وحب الرئاسة وخوف زوالها، فأمروا بالصوم الذي يذهب الشره [[في (ج): (الشر).]]، وبالصلاة التي تورث الخشوع وتنفي الكبر والشرف [[(الشرف) كذا جاءت في جميع النسخ ولعل المراد حب الرئاسة والشرف المذموم. انظر "معاني القرآن" للزجاج 1/ 65، "تفسير ابن عطية" 1/ 278، "زاد المسير" 1/ 75، و"تفسير الرازي" 3/ 49.]]. وأريد بالصلاة الصلاة التي معها الإيمان بحمد ﷺ لأنها كانت تكبر [[في (أ): (تكفر) وما في (ب، ج) هو المثبت وهو الصواب.]] على [[في (ب): (عن).]] الكفار [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 95.]]. وعند أكثر أهل العلم أن الآية خطاب لأهل الكتاب [[انظر: "الطبري" 1/ 261، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 95، "زاد المسير" 1/ 75، "تفسير الرازي" 3/ 48، "تفسير الخازن" 1/ 118، و"ابن كثير" 1/ 93.]]، وهو مع ذلك أدب لجميع العباد [[قال ابن كثير: (الظاهر أن الآية وإن كانت خطابا في سياق إنذار بني إسرائيل فإنهم لم يقصدوا بها على سبيل التخصيص، وإنما هي عامة لهم ولغيرهم) 1/ 93.]]. وقال بعضهم: يرجع هذا القول إلى خطاب المسلمين فأمروا أن يستعينوا على ما يطلبونه من رضا الله وثوابه ونيل [[في (ج): (قبل).]] جنته بالصبر على أداء فرائضه، والقول الأول أظهر [[انظر: "تفسير الرازي" 3/ 48، و"تفسير الخازن" 1/ 118، "البحر" 1/ 185.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب