الباحث القرآني
وقد صح عن النبي أنه قال: يقول الله تعالى: " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ".
وفي لفظ: " كل عمل ابن آدم يضاعف له الحسنة بعشر أمثالها قال الله تعالى إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"
وما ذاك إلا لأنه صبر النفس ومنعها من شهواتها كما في الحديث نفسه يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ولهذا قال النبي لمن سأله عن أفضل الأعمال: " عليك بالصوم فإنه لا عدل له" ولما كان الصبر حبس النفس عن إجابة داعي الهوى وكان هذا حقيقة الصوم فإنه حبس النفس عن إجابة داعي شهوة الطعام والشراب والجماع فسر الصبر في قوله تعالى ﴿واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ﴾ أنه الصوم وسمى رمضان شهر الصبر.
وقال بعض السلف الصوم نصف الصبر وذلك أن الصبر حبس النفس عن إجابة داعي الشهوة والغضب فإن النفس تشتهي الشيء لحصول اللذة بإدراكه وتغضب لنفرتها من المؤلم لها والصوم صبر عن مقتضى الشهوة فقط وهي شهوة البطن والفرج دون مقتضى الغضب ولكن من تمام الصوم وكماله صبر النفس عن إجابة داعي الأمرين وقد أشار إلى ذلك النبي في الحديث الصحيح وهو قوله: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يجهل ولا يصخب فإن أحد سابه أو شاتمه فليقل إني صائم "
فأرشد إلى تعديل قوى الشهوة والغضب وأن الصائم ينبغى له أن يحتمى من إفسادهما لصومه فهذه تفسد صومه وهذه تحبط أجره كما قال في الحديث الآخر: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ".
قالوا ويكفي في فضل الصبر على الشكر قوله تعالى ﴿إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون﴾ فجعل فوزهم جزاء صبرهم وقال تعالى ﴿والله مع الصابرين﴾ لا شيء يعدل معيته لعبده كما قال بعض العارفين: ذهب الصابرون بخير الدنيا والآخرة لأنهم نالوا معية الله.
وقال تعالى ﴿واصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإنَّكَ بِأعْيُنِنا﴾ وهذا يتضمن الحراسة والكلاءة والحفظ للصبر لحكمه.
وقد وعد الصابرين بثلاثة أشياء كل واحد خير من الدنيا وما عليها وهي صلواته تعالى عليهم ورحمته لهم وتخصيصهم بالهداية في قوله تعالى ﴿أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون﴾ وهذا مفهم لحصر الهدى فيهم وأخبر أن الصبر من عزم الأمور في آيتين من كتابه وأمر رسوله أن يتشبه بصبر أولي العزم من الرسل.
وقد تقدم ذكر ذلك.
قالوا وقد دل الدليل على أن الزهد في الدنيا والتقلل منها مهما أمكن من الاستكثار منها والزهد فيها حال الصابر والاستكثار منها حال الشاكر قالوا وقد سئل المسيح صلوات الله وسلامه عليه عن رجلين مرا بكنز فتخطاه أحدهما ولم يلتفت إليه وأخذه الآخر وأنفقه في طاعة الله تعالى أيهما أفضل؟
فقال الذي لم يلتفت إليه وأعرض عنه أفضل عند الله
قالوا ويدل على صحة هذا أن النبي عرضت عليه مفاتيح كنوز الأرض فلم يأخذها وقال بل أجوع يوما وأشبع يوما ولو أخذها لأنفقها في مرضاة الله وطاعته فآثر مقام الصبر عنها والزهد فيها قالوا وقد علم أن الكمال الإنساني في ثلاثة أمور علوم يعرفها وأعمال يعمل بها وأحوال ترتب له على علومه وأعماله وأفضل العلم والعمل والحال العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله والعمل بمرضاته وانجذاب القلب إليه بالحب والخوف والرجاء فهذا أشرف ما في الدنيا وجزاؤه أشرف ما في الآخرة وأجل المقاصد معرفة الله ومحبته والأنس بقربه والشوق إلى لقائه والتنعم بذكره وهذا أجل سعادة الدنيا والآخرة وهذا هو الغاية التي تطلب لذاتها، وإنما يشعر العبد تمام الشعور بأن ذلك عين السعادة إذا انكشف له الغطاء وفارق الدنيا ودخل الآخرة وإلا فهو في الدنيا وإن شعر بذلك بعض الشعور فليس شعوره به كاملا للمعارضات التي عليه والمحن التي امتحن بها وإلا فليست السعادة في الحقيقة سوى ذلك، وكل العلوم والمعارف تبع لهذه المعرفة مرادة لأجلها وتفاوت العلوم في فضلها بحسب إفضائها إلى هذه المعرفة وبعدها فكل علم كان أقرب افضاء إلى العلم بالله وأسمائه وصفاته فهو أعلى مما دونه وكذلك حال القلب فكل حال كان أقرب إلى المقصود الذي خلق له فهو أشرف مما دونه وكذلك الأعمال فكل عمل كان أقرب إلى تحصيل هذا المقصود كان أفضل من غيره ولهذا كانت الصلاة والجهاد من أفضل الأعمال وأفضلها لقرب إفضائها إلى المقصود وهكذا يجب أن يكون فإن كل ما كان الشيء أقرب إلى الغاية كان أفضل من البعيد عنها.
{"ayah":"وَٱسۡتَعِینُوا۟ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِیرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَـٰشِعِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق