الباحث القرآني

﴿كَیۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنتُمۡ أَمۡوَ ٰ⁠تࣰا فَأَحۡیَـٰكُمۡۖ ثُمَّ یُمِیتُكُمۡ ثُمَّ یُحۡیِیكُمۡ ثُمَّ إِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ ۝٢٨﴾ - تفسير

١٠٥٨- عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي ﷺ -من طريق السدي، عن مُرَّة الهمداني-= (ز)

١٠٥٩- وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح- في قوله: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وكُنْتُمْ أمْواتًا فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾، قال: لم تكونوا شيئًا، فخلقكم، ثم يُمِيتكم، ثم يُحْيِيكم يوم القيامة[[أخرجه ابن جرير ١/٤٤٣. وعزاه السيوطي إليه دون ذكر ابن عباس.]]١٢٢. (١/٢٢٨)

١٢٢ رَجَّحَ ابنُ جرير (١/٤٤٧)، وابنُ عطية (١/١٦١)، وابنُ كثير (١/٣٣٢) القولَ بكونهما إحياءين وإماتتين. قال ابنُ عطية: «هو أوْلى هذه الأقوال؛ لأنه الذي لا محيد للكُفّار عن الإقرار به في أول ترتيبه، ثم إن قوله أولًا: ﴿كنتم أمواتا﴾، وإسناده آخرًا الإماتةَ إليه تبارك وتعالى؛ مِمّا يقوي ذلك القولَ»، وهو في هذا مُستنِدٌ إلى دلائل عقليّة. وحكم ابنُ كثير عليه بالصحة مُستندًا لنظائرِه في القرآن، فقال: «وهو كقوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إلى يَوْمِ القِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ [الجاثية:٢٦]». ووجَّهه ابنُ جرير (١/٤٤٧-٤٤٨ بتصرف) بقوله: «فأمّا وجه تأويل من تَأَوَّل قوله: ﴿كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم﴾ أي: لم تكونوا شيئًا؛ فإنه ذَهَب إلى نحو قول العرب للشيء الدارس، والأمر الخامل الذكر: هذا شيء ميت، وهذا أمر ميت. يراد بوصفه بالموت: خمول ذكره، ودروس أثره من الناس. فكذلك تأويل قول من قال في قوله: ﴿وكنتم أمواتا﴾ لم تكونوا شيئًا، أي: كنتم خمولًا لا ذِكْرَ لكم، وذلك كان موتكم فأحياكم، فجعلكم بشرًا أحياء، ثم يميتكم بقبض أرواحكم وإعادتكم، ثم يحييكم بإعادة أجسامكم إلى هيئاتها، ونفخ الروح فيها»، ومُستندُهم في هذا لغةُ العربِ كما هو ظاهر. وقال ابنُ كثير (١/٣٣٢) مُستندًا إلى النظائرِ: «عَبَّر عن الحال قبل الوجود بالموت؛ بجامع ما يشتركان فيه من عدم الإحساس، كما قال في الأصنام: ﴿أمواتٌ غيرُ أحياء﴾ [النحل:٢١]، وقال: ﴿وآية لهم الأرضُ الميْتةُ أحييناها﴾ [يس:٣٣]».

١٠٦٠- عن عبد الله بن مسعود -من طريق أبي الأَحْوَص- في قوله -جلَّ وعزَّ-: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وكُنْتُمْ أمْواتًا فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾: هي مثلُ الآية التي في أول المؤمن: ﴿ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾ [غافر:١١][[أخرجه سفيان الثوري ص٤٣، وابن جرير ١/٤٤٣، ٢٠/٢٩١، وابن أبي حاتم ١/٧٣ كلاهما من طريق سفيان بلفظ: في قوله: ﴿أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾ [غافر:١١]، قال: هي كالتي في البقرة: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وكُنْتُمْ أمْواتًا فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾. وكذلك الطبراني في الكبير (٩٠٤٤، ٩٠٤٥)، والحاكم ٢/٤٣٧ من طريق أبي إسحاق، عن الأحوص به. وأورده السيوطي عند تفسير آية سورة غافر، وعزاه إليهم، وإلى الفريابي، وعبد بن حميد.]]. (١٣/٢٣)

١٠٦١- عن الضحاك= (ز)

١٠٦٢- وعطاء، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٧٣.]]. (ز)

١٠٦٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جُرَيْج، عن عطاء الخراساني- في قوله: ﴿وكنتم أمواتا﴾ في أصلاب آبائكم، لم تكونوا شيئًا، حتى خلقكم، ثم يميتكم موتة الحق، ثم يحييكم حين يبعثكم. قال: وهي مثل قوله: ﴿ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾ [غافر:١١][[أخرجه ابن جرير ١/٤٤٤ مُقتصِرًا على آخره، وابن أبي حاتم ١/٧٣. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١/٢٢٩)

١٠٦٤- وعن الحسن البصري، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٧٣.]]. (ز)

١٠٦٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- في قوله: ﴿ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾ [غافر:١١]، قال: كنتم ترابًا قبل أن يخلقكم؛ فهذه ميتة، ثم أحياكم فخلقكم؛ فهذه حياة، ثم يميتكم فترجعون إلى القبور؛ فهذه ميتة أخرى، ثم يبعثكم يوم القيامة؛ فهذه حياة؛ فهما ميتتان وحياتان، فهو قوله: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وكُنْتُمْ أمْواتًا فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾[[أخرجه ابن جرير ١/٤٤٥، وابن أبي حاتم ١/٧٣. وأورده السيوطي عند تفسير آية سورة غافر، وعزاه إلى ابن مردويه.]]. (١٣/٢٤)

١٠٦٦- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في الآية، يقول: حين لم يكونوا شيئًا، ثم أحياهم حين خلقهم، ثم أماتهم، ثم أحياهم يوم القيامة، ثم رجعوا إليه بعد الحياة[[أخرجه ابن جرير ١/٤٤٤، وابن أبي حاتم ١/٧٣.]]. (١/٢٣٠)

١٠٦٧- عن مجاهد -من طريق ابن جُرَيْج- في الآية، قال: لم تكونوا شيئًا حتى خلقكم، ثم يميتكم الموتة الحق، ثم يحييكم. وقوله: ﴿ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾ [غافر:١١] مثلُها[[أخرجه ابن جرير ١/٤٤٤.]]. (١/٢٢٩)

١٠٦٨- عن أبي صالح [باذام] -من طريق السدي- في الآية، قال: يميتكم، ثم يحييكم في القبر، ثم يميتكم[[أخرجه ابن جرير ١/٤٤٥. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٧٣. وعزاه السيوطي إلى وكيع.]]١٢٣. (١/٢٢٩)

١٢٣ وجَّهَ ابنُ جرير (١/٤٤٨) قولَ أبي صالح، فقال: «وأمّا وجْهُ تأويل من تَأَوَّل ذلك: أنّه الإماتة التي هي خروج الروح من الجسد، فإنه ينبغي أن يكون ذهب بقوله: ﴿وكنتم أمواتا﴾ إلى أنّه خطابٌ لأهل القبور بعد إحيائهم في قبورهم». ثم انتقده بظاهرِ الآية وسياقها، فقال: «وذلك معنى بعيد؛ لأن التوبيخ هنالك إنما هو توبيخ على ما سلف وفرط من إجرامهم، لا استعتاب واسترجاع. وقوله -جَلَّ ذِكْرُه-: ﴿كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا﴾ توبيخ مستعتب عباده، وتأنيب مسترجع خلقه من المعاصي إلى الطاعة، ومن الضلالة إلى الإنابة، ولا إنابة في القبور بعد الممات، ولا توبة فيها بعد الوفاة». وعلَّقَ ابنُ كثير (١/٣٣٢) على قول أبي صالح بقوله: «وهذا غريب».

١٠٦٩- عن قتادة -من طريق سعيد- في الآية، قال: كانوا أمواتًا في أصلاب آبائهم، فأحياهم الله فأخرجهم، ثم أماتهم الموتة التي لابد منها، ثم أحياهم للبعث يوم القيامة؛ فهما حياتان ومَوْتتان[[أخرجه ابن جرير ١/٤٤٦. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٧٣. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وذكر يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/١٣٠- أنّ في تفسير قتادة: ﴿فأحياكم﴾ في الأرحام، وفي الدنيا.]]١٢٤. (١/٢٢٩)

١٢٤ علَّقَ ابنُ جرير (١/٤٤٨) على قول قتادة، فقال: «عنى بذلك: أنهم كانوا نُطَفًا لا أرواح فيها، فكانت بمعنى سائر الأشياء الموات التي لا أرواح فيها، وإحياؤُه إيّاها -تعالى ذكره- نفخُه الأرواحَ فيها، وإماتتُه إيّاهم بعد ذلك قبضُه أرواحَهم، وإحياؤُه إيّاهم بعد ذلك نفخُ الأرواح في أجسامهم يومَ يُنفخ في الصور، ويُبْعَث الخلق للموعود».

١٠٧٠- وعن إسماعيل السدي -من طريق أسباط-، نحو ذلك[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٧٣.]]. (ز)

١٠٧١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿كيف تكفرون بالله﴾ بأنّه واحد لا شريك له، ﴿وكنتم أمواتا﴾ يعني: نُطَفًا، ﴿فأحياكم﴾ يعني: فخلقكم، وذلك قوله سبحانه: ﴿يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي﴾ [يونس:٣١، والروم:١٩]، ﴿ثم يميتكم﴾ عند إحيائكم، ﴿ثم يحييكم﴾ من بعد الموت يوم القيامة، ﴿ثم إليه ترجعون﴾ فيجزيكم بأعمالكم. فأمّا اليهود فعرفوا وسكتوا، وأما المشركون فقالوا: أئِذا كنا ترابًا مَن يقدِر أن يبعثنا من بعد الموت؟! فأنزل الله ﷿: ﴿هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩٥.]]. (ز)

١٠٧٢- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قول الله تعالى: ﴿ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾ [غافر:١١]، قال: خَلَقَهم من ظهْر آدم حين أخَذَ عليهم الميثاق. وقرأ: ﴿وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم﴾ حتى بلغ: ﴿أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون﴾ [الأعراف:١٧٢-١٧٣]، قال: فكسَّبهم العقل، وأخذ عليهم الميثاق. قال: وانتزع ضِلْعًا من أضلاع آدم القُصَيْرى[[القُصَيْرى -مقصورة- أسفل الأضلاع أو آخر ضلعٍ في الجنب. القاموس المحيط (قصر).]]، فخلق منه حواء، ذكره عن النبي ﷺ. قال: وذلك قول الله تعالى: ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء﴾ [النساء:١]، قال: بَثَّ منهما بعد ذلك في الأرحام خَلْقًا كثيرًا. وقرأ: ﴿يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق﴾ [الزمر:٦]، قال: خلقًا بعد ذلك. قال: فلما أخَذ عليهم الميثاق أماتهم، ثم خلقهم في الأرحام، ثم أماتهم، ثم أحياهم يوم القيامة، فذلك قول الله: ﴿ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا﴾ [غافر:١١]. وقرأ قول الله: ﴿وأخذنا منهم ميثاقا غليظا﴾ [النساء:١٥٤، والأحزاب:٧]، قال: يومئذ. قال: وقرأ قول الله: ﴿واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا﴾ [المائدة:٧][[أخرجه ابن جرير ١/٤٤٦-٤٤٧، ٢٠/٢٩٢.]]١٢٥. (ز)

١٢٥ علَّقَ ابن جرير (١/٤٤٨-٤٤٩) على قول ابن زيد قائلًا: «الإماتةُ الأولى عنده إعادةُ الله -جل ثناؤه- عبادَه في أصلاب آبائهم، بعد ما أخذهم من صُلْب آدم، وأنّ الإحياء الآخر هو نفخُ الأرواح فيهم في بطون أمهاتهم، وأن الإماتة الثانية هي قبض أرواحهم للعود إلى التراب، والمصير في البرزخ إلى يوم البعث، وأنّ الإحياء الثالث هو نفخ الأرواح فيهم لبعث الساعة ونشر القيامة». ثم انتقده لمخالفتِه ظاهرَ الآيةِ بقوله: «وهذا تأويلٌ إذا تَدَبَّره المتدبر وجده خلافًا لظاهر قول الله الذي زعم مُفَسِّرُه أن الذي وصفنا من قوله تفسيره، وذلك أنّ الله -جل ثناؤه- أخبر في كتابه عن الذين أخبر عنهم من خلقه أنّهم قالوا: ﴿ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾، وزعم ابن زيد في تفسيره أنّ الله أحياهم ثلاث إحياءات، وأماتهم ثلاث إماتات ... وليس ذلك من تأويل هاتين الآيتين -أعني قوله: ﴿كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا﴾ الآية، وقوله: ﴿ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾- في شيء؛ لأن أحدًا لم يدَّعِ أن الله أمات من ذَرَأ يومئذ غيرَ الإماتة التي صار بها في البرزخ إلى يوم البعث». وعلَّقَ ابنُ كثير (١/٣٣٢) على قول ابن زيد بقوله: «وهذا غريب». وزاد ابن عطية (بتصرف ١/١٦٠، ١٦١) أقوالًا أخرى في معنى الآية، فقال: «وقال آخرون: كنتم أمواتًا بكون آدم من طين ميتًا قبل أن يحيى، ثم نفخ فيه الروح فأحياكم بحياة آدم، ثم يميتكم الموت المعهود، ثم يحييكم للبعث يوم القيامة ... كنتم أمواتًا في الأرحام قبل نفخ الروح، ثم أحياكم بالإخراج إلى الدنيا، ثم كما تقدم ... وروي عن ابن عباس أيضًا أنه قال: وكنتم أمواتًا بالخمول، فأحياكم بأن ذكرتم وشرفتم بهذا الدين والنبي الذي جاءكم».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب