الباحث القرآني

﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ﴾ التِفاتٌ إلى خِطابِ أُولَئِكَ بَعْدَ أنْ عَدَّدَ قَبائِحَهُمُ المُسْتَدْعِيَةَ لِمَزِيدِ سُخْطِهِ تَعالى عَلَيْهِمْ، والإنْكارُ إذا وُجِّهَ إلى المُخاطَبِ كانَ أبْلَغَ مِن تَوْجِيهِهِ إلى الغائِبِ، وأرْدَعَ لَهُ لِجَوازِ أنْ لا يَصِلَهُ (وكَيْفَ) اسْمٌ إمّا ظَرْفٌ وعُزِيَ إلى سِيبَوَيْهِ فَمَحَلُّها نَصْبٌ دائِمًا، أوْ غَيْرُ ظَرْفٍ، وعُزِيَ إلى الأخْفَشِ فَمَحَلُّها رَفْعٌ مَعَ المُبْتَدَإ، ونَصْبٌ مَعَ غَيْرِهِ، وادَّعى ابْنُ مالِكٍ أنَّ أحَدًا لَمْ يَقُلْ بِظَرْفِيَّتِها، إذْ لَيْسَتْ زَمانًا ولا مَكانًا لَكِنْ لِكَوْنِها تُفَسَّرُ بِقَوْلِكَ عَلى أيِّ حالٍ، أُطْلِقَ اسْمُ الظَّرْفِ عَلَيْها مَجازًا، واسْتَحْسَنَهُ ابْنُ هِشامٍ، ودُخُولُ الجَرِّ عَلَيْها شاذٌّ، وأكْثَرُ ما تُسْتَعْمَلُ اسْتِفْهامًا، والشَّرْطُ بِها قَلِيلٌ، والجَزْمُ غَيْرُ مَسْمُوعٍ، وأجازَهُ قِياسًا الكُوفِيُّونَ، وقُطْرُبٌ، والبَدَلُ مِنها أوِ الجَوابُ إذا كانَتْ مَعَ فِعْلٍ مُسْتَغْنٍ مَنصُوبٍ، ومَعَ ما لا يُسْتَغْنى مَرْفُوعٌ إنْ كانَ مُبْتَدَأً ومَنصُوبٌ إنْ كانَ ناسِخًا، وزَعَمَ ابْنُ مَوْهَبٍ أنَّها تَأْتِي عاطِفَةً، ولَيْسَ بِشَيْءٍ وهي هُنا لِلِاسْتِخْبارِ مُنْضَمًّا إلَيْهِ الإنْكارُ والتَّعْجِيبُ لِكُفْرِهِمْ بِإنْكارِ الحالِ الَّذِي لَهُ مَزِيدُ اخْتِصاصٍ بِها، وهي العِلْمُ بِالصّانِعِ، والجَهْلُ بِهِ، ألا يَرى أنَّهُ يَنْقَسِمُ بِاعْتِبارِهِما فَيُقالُ: كافِرٌ مُعانِدٌ وكافِرٌ جاهِلٌ، فالمَعْنى: أفِي حالِ العِلْمِ تَكْفُرُونَ أمْ في حالِ الجَهْلِ وأنْتُمْ عالِمُونَ بِهَذِهِ القِصَّةِ، وهو يَسْتَلْزِمُ العِلْمَ (p-213)بِصانِعٍ مَوْصُوفٍ بِصِفاتِ الكَمالِ مُنَزَّهٍ عَنِ النُّقْصانِ، وهو صارِفٌ قَوِيٌّ عَنِ الكُفْرِ، وصُدُورُ الفِعْلِ عَنِ القادِرِ مَعَ الصّارِفِ القَوِيِّ مَظِنَّةُ تَعْجِيبٍ وتَوْبِيخٍ، وفِيهِ إيذانٌ بِأنَّ كُفْرَهم عَنْ عِنادٍ، وهو أبْلَغُ في الذَّمِّ، وفِيهِ مِنَ المُبالَغَةِ أيْضًا ما لَيْسَ في (أتَكْفُرُونَ) لِأنَّ الإنْكارَ الَّذِي هو نَفْيٌ قَدْ تَوَجَّهَ لِلْحالِ الَّتِي لا تَنْفَكُّ، ويَلْزَمُ مِن نَفْيِها نَفْيُ صاحِبِها، بِطَرِيقِ البُرْهانِ، وإنْ شِئْتَ عَمَّمْتَ الحالَ، وإنْكارُ أنْ يَكُونَ لِكُفْرِهِمْ حالٌ يُوجَدُ عَلَيْها مَعَ أنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ يَجِبُ أنْ يَكُونَ وُجُودُهُ عَلى حالٍ مِنَ الأحْوالِ يَسْتَدْعِي إنْكارَ وُجُودِ الكُفْرِ بِذَلِكَ الطَّرِيقِ، ولا يَرُدُّ أنَّ الِاسْتِخْبارَ مُحالٌ عَلى اللَّطِيفِ الخَبِيرِ عَزَّ شَأْنُهُ لِأنَّهُ إمّا أنْ يَكُونَ بِمَعْنى طَلَبِ الخَبَرِ، فَلا نُسَلِّمُ المُحالِيَّةَ، إذْ قَدْ يَكُونُ لِتَنْبِيهِ المُخاطَبِ، وتَوْبِيخِهِ، ولا يَقْتَضِي جَهْلَ المُسْتَخْبِرِ، ولا يَلْزَمُ مِن ضَمِّ الإنْكارِ والتَّعْجِيبِ إلَيْهِ، وهُما مِنَ المَعانِي المَجازِيَّةِ لِلِاسْتِفْهامِ الجَمْعُ بَيْنَ الحَقِيقَةِ والمَجازِ، إنْ كانَ الِاسْتِخْبارُ حَقِيقَةً لِلصِّيغَةِ، وبَيْنَ مَعْنَيَيْنِ مَجازِيَّيْنِ إنْ كانَ مَجازًا، لِأنَّ الِانْفِهامَ بِطَرِيقِ الِاسْتِتْباعِ واللُّزُومِ لا مِن حاقَ الوَسَطُ، أوْ أنَّهُ تَجَوُّزٌ عَلى تَجَوُّزٍ لِشُهْرَةِ الِاسْتِفْهامِ في مَعْنى الِاسْتِخْبارِ حَتّى كَأنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِ، وإمّا أنْ يَكُونَ بِمَعْنى الِاسْتِفْهامِ فَنَقُولُ: لا قَدْحَ في صُدُورِهِ مِمَّنْ يَعْلَمُ المُسْتَفْهَمُ عَنْهُ، لِأنَّهُ كَما في الإتْقانِ: طَلَبُ الفَهْمِ، أمّا فَهْمُ المُسْتَفْهَمِ، وهو مُحالٌ عَلَيْهِ تَعالى، أوْ وُقُوعُ فَهْمِهِ مِمَّنْ لا يَفْهَمُ كائِنًا مَن كانَ، ولا اسْتِحالَةَ فِيهِ مِنهُ تَعالى، وكَذا لا اسْتِحالَةَ في وُقُوعِ التَّعْجِيبِ مِنهُ تَعالى، بَلْ قالُوا: إذا ورَدَ التَّعَجُّبُ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وعَلا لَمْ يَلْزَمْ مَحْذُورٌ، إذْ يُصْرَفُ إلى المُخاطَبِ، أوْ يُرادُ غايَتُهُ، أوْ يُرْجَعُ إلى مَذْهَبِ السَّلَفِ، وأتى سُبْحانَهُ بِتَكْفُرُونَ، ولَمْ يَأْتِ بِالماضِي، وإنْ كانَ الكُفْرُ قَدْ وقَعَ مِنهُمْ، لِأنَّ الَّذِي أُنْكِرَ الدَّوامُ والمُضارِعُ هو المُشْعِرُ بِهِ، ولِئَلّا يَكُونَ في الكَلامِ تَوْبِيخٌ لِمَن وقَعَ مِنهُ الكُفْرُ، مِمَّنْ آمَنَ كَأكْثَرِ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم. ﴿وكُنْتُمْ أمْواتًا فَأحْياكم ثُمَّ يُمِيتُكم ثُمَّ يُحْيِيكم ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ما قَبْلَ ثُمَّ حالٌ مِن ضَمِيرِ (تَكْفُرُونَ)، بِتَقْدِيرِ قَدْ لا مَحالَةَ خِلافًا لِمَن وهِمَ فِيهِ، والمَعْنى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ، وقَدْ خَلَقَكُمْ، فَعَبَّرَ عَنِ الخَلْقِ بِذَلِكَ، ولَمّا كانَ مَرْكُوزًا في الطِّباعِ، ومَخْلُوقًا في العُقُولِ أنْ لا خالِقَ إلّا اللَّهُ، كانَتْ حالًا تَقْتَضِي أنْ لا تُجامِعَ الكُفْرَ، والجُمَلُ بَعْدُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا تَعَلُّقَ لَها بِالحالِ، ولِذا غايَرَتْ ما قَبْلَها بِالحَرْفِ والصِّيغَةِ، ولَكَ أنْ تَجْعَلَ جَمِيعَ الجُمَلِ مُنْدَرِجَةً في الحالِ، وهو في الحَقِيقَةِ العِلْمُ بِالقِصَّةِ، كَأنَّهُ قِيلَ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ وأنْتُمْ عالِمُونَ بِهَذِهِ القِصَّةِ وبِأوَّلِها وآخِرِها، فَلا يَضُرُّ اشْتِمالُها عَلى ماضٍ ومُسْتَقْبَلٍ، وكِلاهُما لا يَصِحُّ أنْ يَقَعَ حالًا، ورَجَّحَ هَذا جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ، والحَياةُ قُوَّةٌ تَتْبَعُ الِاعْتِدالَ النَّوْعِيَّ، ويَفِيضُ مِنها سائِرُ القُوى، وقِيلَ: القُوَّةُ الحَسّاسَةُ والعُضْوُ المَفْلُوجُ حَيٌّ، وإلّا لَتَسارَعَ إلَيْهِ الفَسادُ، وعَدَمُ الإحْساسِ بِالفِعْلِ لا يَدُلُّ عَلى عَدَمِ القُوَّةِ، لِجَوازِ فِقْدانِ الأثَرِ لِمانِعٍ، وكَأنَّهم أرادُوا مِن ذَلِكَ قُوَّةَ اللَّمْسِ، لِأنَّ مُغايَرَةَ الحَياةِ لِما عَداهُ مِنَ الحَواسِّ ظاهِرَةٌ، فَإنَّها مُخْتَصَّةٌ بِعُضْوٍ دُونَ عُضْوٍ، وأنَّها مَفْقُودَةٌ في بَعْضِ أنْواعِ الحَيَواناتِ، وأنَّهُ يَلْزَمُ تَعَدُّدُ الحَياةِ بِالنَّوْعِ في شَخْصٍ واحِدٍ، إنْ قِيلَ بِكَوْنِ الحَياةِ كُلَّ واحِدٍ مِنها، وتَرْكُّبِها في الخارِجِ إنْ أُرِيدَ مَجْمُوعُها، وتُطْلَقُ مَجازًا عَلى القُوَّةِ النّامِيَةِ لِأنَّها مِن طَلائِعِها ومُقَدِّماتِها، وعَلى ما يَخُصُّ الإنْسانَ مِنَ الفَضائِلِ كالعَقْلِ والعِلْمِ، والإيمانِ مِن حَيْثُ أنَّها كَمالُها وغايَتُها، والمَوْتُ مُقابِلٌ لَها في كُلِّ مَرْتَبَةٍ، والكُلُّ في كِتابِ اللَّهِ تَعالى، وحَياتُهُ سُبْحانَهُ وتَعالى صِحَّةُ اتِّصافِهِ جَلَّ شَأْنُهُ بِالعِلْمِ والقُدْرَةِ، أوْ مَعْنًى قائِمٌ بِذاتِهِ تَعالى يَقْتَضِي ذَلِكَ، وأيْنَ التُّرابُ مِن رَبِّ الأرْبابِ، ثُمَّ إنَّ لِلنّاسِ في المُرادِ بِما في الآيَةِ الكَرِيمَةِ أقْوالًا شَتّى، والمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وابْنِ مَسْعُودٍ (p-214)ومُجاهِدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم أنَّ المُرادَ بِالمَوْتِ الأوَّلِ العَدَمُ السّابِقُ، والإحْياءِ الأوَّلِ الخَلْقُ، والمَوْتِ الثّانِي المَعْهُودُ في الدّارِ الدُّنْيا، والحَياةِ الثّانِيَةِ البَعْثُ لِلْقِيامَةِ، واخْتارَهُ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ، وادَّعى أنَّ قَوْلَهُ تَعالى ﴿وكُنْتُمْ أمْواتًا﴾ وإسْنادُهُ آخِرَ الإماتَةِ إلَيْهِ تَعالى مِمّا يُقَوِّيهِ، واخْتارَ آخَرُونَ أنَّ كَوْنَهم أمْواتًا هو مِن وقْتِ اسْتِقْرارِهِمْ نُطَفًا في الأرْحامِ إلى تَمامِ الأطْوارِ بَعْدَها، وأنَّ الحَياةَ الأُولى نَفْخُ الرُّوحِ بَعْدَ تِلْكَ الأطْوارِ، والإماتَةُ هي المَعْهُودَةُ، والإحْياءُ بَعْدَها هو البَعْثُ يَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ، ولَعَلَّهُ أقْرَبُ مِنَ الأوَّلِ، وإطْلاقُ الأمْواتِ عَلى تِلْكَ الأجْسامِ مَجازٌ، إنْ فُسِّرَ المَوْتُ بِعَدَمِ الحَياةِ عَمَّنِ اتَّصَفَ بِهِ، وحَقِيقَةٌ إنْ فُسِّرَ بِعَدَمِ الحَياةِ عَمّا مِن شَأْنِهِ قالَهُ السّالِيكُوتِيُّ، ويُفْهَمُ كَلامُ بَعْضِهِمْ أنَّهُ عَلى مَعْنى كالأمْواتِ عَلى التَّفْسِيرِ الثّانِي، وإنْ فُسِّرَ بِعَدَمِ الحَياةِ مُطْلَقًا كانَ حَقِيقَةً، وهو المَشْهُورُ، وأبْعَدُ الأقْوالِ عِنْدِي حَمْلُ المَوْتِ الأوَّلِ عَلى المَعْهُودِ بَعْدَ انْقِضاءِ الأجَلِ، والإحْياءِ الأوَّلِ عَلى ما يَكُونُ لِلْمَسْألَةِ في القَبْرِ، فَيَكُونُ قَدْ وضَعَ الماضِيَ مَوْضِعَ المُسْتَقْبَلِ لِتَحَقُّقِ الوُقُوعِ، ثُمَّ لا دَلِيلَ في الآيَةِ عَلى المُخْتارِ لِنَفْيِ عَذابِ القَبْرِ، إذْ نِهايَةُ ما فِيها عَدَمُ ذِكْرِ الإحْياءِ المُصَحِّحِ لَهُ، ونَحْنُ لا نَسْتَدِلُّ لَها بِذَلِكَ الوَجْهِ عَلَيْهِ، ولَنا والحَمْدُ لِلَّهِ تَعالى في ذَلِكَ المَطْلَبِ أدِلَّةٌ شَتّى، وكَذا لا دَلِيلَ لِلْمُجَسِّمَةِ القائِلِينَ بِأنَّهُ تَعالى في مَكانٍ في ”وإلَيْهِ تَرْجِعُونَ“ لِأنَّ المُرادَ بِالرُّجُوعِ إلَيْهِ الجَمْعُ في المَحْشَرِ حَيْثُ لا يَتَوَلّى الحُكْمَ سِواهُ، والأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ، ووَراءَ هَذا مِنَ المَقالِ ما لا يَخْفى عَلى العارِفِينَ، وفي قَوْلِهِ تَعالى (تُرْجَعُونَ) عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ دُونَ يُرْجِعُكُمُ المُناسِبِ لِلسِّياقِ مُراعاةً لِتُناسِبَ رُءُوسِ الآيِ مَعَ وُجُودِ التَّناسُبِ المَعْنَوِيِّ لِلسِّياقِ، ولِهَذا قِيلَ إنَّ قِراءَةَ الجُمْهُورِ أفْصَحُ مِن قِراءَةِ يَعْقُوبَ ومُجاهِدٍ وجَماعَةٍ (تَرْجِعُونَ) مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ، ولا يَرُدُّ أنَّ الآيَةَ إذا كانَتْ خِطابًا لِلْكُفّارِ، ومَعْنى العِلْمِ مُلاحَظٌ فِيها، امْتَنَعَ خِطابُهم مِمّا بَعْدَ ثُمَّ، وثُمَّ مِنَ الفِعْلَيْنِ لِأنَّهم لا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، لِأنَّ تَمَكُّنَهم مِنَ العِلْمِ لِوُضُوحِ الأدِلَّةِ آفاقِيَّةً وأنْفُسِيَّةً، وسُطُوعِ أنْوارِها عَقْلِيَّةً ونَقْلِيَّةً مُنَزَّلٌ مَنزِلَ العِلْمِ في إزاحَةِ العُذْرِ، وبِهَذا يَنْدَفِعُ أيْضًا ما قِيلَ هم شاكُّونَ في نِسْبَةِ ما تَقَدَّمَ إلَيْهِ تَعالى، فَكَيْفَ يَتَأتّى ذَلِكَ الخِطابُ بِهِ؟ ويَحْتَمِلُ كَما قِيلَ أنْ يَكُونَ الخِطابُ في الآيَةِ لِلْمُؤْمِنِ والكافِرِ، فَإنَّهُ سُبْحانَهُ لَمّا بَيَّنَ دَلائِلَ التَّوْحِيدِ أيْضًا مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ ﴿يا أيُّها النّاسُ﴾ إلى ﴿فَلا تَجْعَلُوا)،﴾ ودَلائِلَ النُّبُوَّةِ مِن (وإنْ كُنْتُمْ) إلى (إنْ كُنْتُمْ)، وأوْعَدَ بِــ ﴿فَإنْ لَمْ تَفْعَلُوا ولَنْ تَفْعَلُوا﴾ الآيَةَ ووَعَدَ بِـ ﴿وبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إلَخْ، أكَّدَ ذَلِكَ بِأنْ عَدَّدَ عَلَيْهِمُ النِّعَمَ العامَّةَ مِن قَوْلِهِ: ﴿وكُنْتُمْ أمْواتًا﴾ إلى ﴿هم فِيها خالِدُونَ)،﴾ والخاصَّةَ مِن ﴿يا بَنِي إسْرائِيلَ﴾ إلى ﴿ما نَنْسَخْ)،﴾ واسْتَقْبَحَ صُدُورَ الكُفْرِ مَعَ تِلْكَ النِّعَمِ مِنهم تَوْبِيخًا لِلْكافِرِ، وتَقْرِيرًا لِلْمُؤْمِنِ، وعَدَّ الإماتَةَ نِعْمَةً لِأنَّها وصْلَةٌ إلى الحَياةِ الأبَدِيَّةِ، واجْتِماعِ المُحِبِّ بِالحَبِيبِ، وقَدْ يُقالُ: إنَّ المَعْدُودَ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ، هو المَعْنى المُنْتَزَعُ مِنَ القِصَّةِ بِأسْرِها. ومِنَ الإشارَةِ قَوْلُ ابْنِ عَطاءٍ: ﴿وكُنْتُمْ أمْواتًا﴾ بِالظّاهِرِ ﴿فَأحْياكُمْ﴾ بِمُكاشَفَةِ الأسْرارِ ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ عَنْ أوْصافِ العُبُودِيَّةِ ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ بِأوْصافِ الرُّبُوبِيَّةِ، وقالَ فارِسٌ: ﴿وكُنْتُمْ أمْواتًا﴾ بِشَواهِدِكم ﴿فَأحْياكُمْ﴾ بِشَواهِدِهِ، ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ عَنْ شاهِدِكُمْ، ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ بِقِيامِ الحَقِّ، ﴿ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ عَنْ جَمِيعِ ما لَكم فَتَكُونُونَ لَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب