الباحث القرآني
﴿كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ ٢١٩ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۗ﴾ - تفسير
٧٧٤١- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة﴾، يعني: في زَوالِ الدنيا وفَنائِها، وإقْبالِ الآخرة وبَقائِها[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٩٧، وابن أبي حاتم ٢/٣٩٤، وأبو الشيخ في العَظَمَة (٢٥). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٢/٥٥٦)
٧٧٤٢- عن الصَّعِقِ بن حَزْنٍ التَّمِيميِّ، قال: شهِدتُ الحسنَ وقرأ هذه الآية من البقرة: ﴿لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة﴾، قال: هي والله لِمَن تفَكَّرَ فيها، لَيَعْلَمَنَّ أنّ الدنيا دارُ بلاء، ثم دارُ فَناء، وليَعْلَمَنَّ أنّ الآخرةَ دارُ جَزاء، ثم دارُ بقاء[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٤. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٥٥٧)
٧٧٤٣- عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة﴾، قال: لِتَعْلَموا فضلَ الآخرةِ على الدنيا[[أخرجه عبد الرزاق ١/٨٨، وابن جرير ٣/٦٩٧، وابن أبي حاتم ٢/٣٩٤.]]. (٢/٥٥٦)
٧٧٤٤- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- في الآية، قال: مَن تَفَكَّر في الدنيا والآخرة عَرَف فَضْلَ إحداهما على الأخرى؛ عَرَف أنّ الدنيا دارُ بلاء، ثم دارُ فناء، وأنّ الآخرةَ دارُ بقاء، ثم دارُ جزاء، فكونوا مِمَّن يَصْرِمُ[[يَصْرِمُ: يقْطَعُ. لسان العرب (صرم).]] حاجةَ الدنيا لحاجةِ الآخرة[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٩٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وذكر يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٢٠- نحوه.]]. (٢/٥٥٧)
٧٧٤٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿كَذلِكَ﴾ يعظكم هكذا ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ﴾ يعني: أمر الصدقات؛ ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ يقول: لكي تتفكروا في أمر الدنيا؛ فتقولون: هي دارُ بلاء، وهي دارُ فَناء. ثُمَّ تتفكروا في الآخرة؛ فتعرِفُون فضلَها، فتقولون: هي دارُ خير، ودارُ بقاء. فتعملون لها في أيام حياتكم، فهذا التفكر فيهما[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٣.]]. (ز)
٧٧٤٦- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حَجّاج- قال: قوله: ﴿كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة﴾، قال: أمّا الدنيا فتعلمون أنها دارُ بلاء ثم فناء، والآخرة دارُ جزاء ثم بقاء، فتَتَفَكَّرُون؛ فتعملون للباقية منهما [[أخرجه ابن جرير ٣/٦٩٨. وجاء عقِبه: قال: وسمعتُ أبا عاصم يذكر نحو هذا أيضًا.]]٨٠١. (ز)
﴿وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡیَتَـٰمَىٰۖ قُلۡ إِصۡلَاحࣱ لَّهُمۡ خَیۡرࣱۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمۡ فَإِخۡوَ ٰنُكُمۡۚ﴾ - قراءات
٧٧٤٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق مِقْسَم- أنّه قرأ: (وإن تُخالِطُوهُمْ فَإخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ)[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٦. وهي قراءة شاذة؛ لمخالفتها رسم المصاحف.]]. (٢/٥٦٠)
﴿وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡیَتَـٰمَىٰۖ قُلۡ إِصۡلَاحࣱ لَّهُمۡ خَیۡرࣱۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمۡ فَإِخۡوَ ٰنُكُمۡۚ﴾ - نزول الآية
٧٧٤٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: لَمّا أنزل الله: ﴿ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن﴾ [الإسراء:٣٤]، و﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى﴾ [النساء:١٠] الآيتين؛ انطَلَق مَن كان عنده يتيمٌ، فعَزَلَ طعامَه من طعامِه، وشرابَه مِن شرابِه، فجعل يَفْضُلُ له الشيء من طعامه، فيجلس له حتى يأكله، أو يفسد فيُرْمى به، فاشْتَدَّ عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله ﷺ؛ فأنزل الله: ﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾. فخلطوا طعامَهم بطعامهم، وشرابَهم بشرابهم[[أخرجه أبو داود ٤/٤٩٣ (٢٨٧١)، والنسائي ٦/٢٥٦ (٣٦٦٩، ٣٦٧٠)، والحاكم ٢/١١٣ (٢٤٩٩)، ٢/٣٣١ (٣١٨٤)، ٢/٣٤٨ (٣٢٣٩)، وابن جرير ٣/٦٩٩، وابن أبي حاتم ٢/٣٩٥ (٢٠٨١)، ٣/٨٧٨ (٤٨٧٩)، من طريق إسرائيل وجرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه».]]. (٢/٥٥٧)
٧٧٤٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في الآية، قال: إنّ الله لَمّا أنزل: ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما﴾ الآية [النساء:١٠]؛ كَرِه المسلمون أن يَضُمُّوا اليتامى، وتَحَرَّجُوا أن يُخالِطُوهم في شيء، فسألوا رسول الله ﷺ؛ فأنزل الله: ﴿قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾[[أخرجه القاسم بن سلام في ناسخه ١/٢٣٨ (٤٣٧)، والطبراني في الكبير ١٢/٢٥١ (١٣٠٢٠)، وابن جرير ٣/٧٠١-٧٠٢، وابن المنذر ٢/٥٨٦-٥٨٧ (١٤٣٠). إسناده جيد. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (٢/٥٦٠)
٧٧٥٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قوله: ﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خيرٌ﴾ إلى ﴿إن الله عزيز حكيم﴾، وإنّ الناس كانوا إذا كان في حِجْر أحدهمِ اليتيمُ جَعَل طعامَه على ناحِيَةٍ، ولبنَه على ناحية؛ مَخافَة الوِزْرِ، وإنّه أصاب المؤمنين الجَهْد، فلم يكن عندهم ما يجعلون خَدَمًا لليتامى؛ فقال الله: ﴿قل إصلاحٌ لهم خير وإن تخالطوهم﴾ إلى آخر الآية[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٣-٧٠٤. الإسناد ضعيف، لكنها صحيفة صالحة ما لم تأت بمنكر أو مخالفة. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (ز)
٧٧٥١- عن الحكم، قال: سُئِل عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن مال اليتيم. فقال: لَمّا نزلت: ﴿ولا تَقْرَبُوا مالَ اليَتِيمِ إلا بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ﴾ [الإسراء:٣٤]؛ اجْتُنِبَت مخالطتُهم، واتَّقَوْا كُلَّ شيء، حتى اتَّقَوُا الماءَ، فلمّا نزلت: ﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾، قال: فخالطُوهم[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٠.]]. (ز)
٧٧٥٢- عن سعيد بن جبير-من طريق سالم الأَفْطَس- قال: لَمّا نزلت: ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما﴾ عزلوا أموالَهم من أموالِهم، فنزلت: ﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير﴾ إلى آخر الآية، قال: فخَلَطوا أموالَهم بأموالِهم[[أخرجه سفيان الثوري في تفسيره ص٩١، والواحديُّ في أسباب النزول (ت: الفحل) ص١٨٦ بنحوه. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد بلفظ: لَمّا نزلت: ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما﴾ الآية أمْسَك الناسُ، فلم يُخالِطوا الأيْتامَ في الطعامِ والأموال، حتى نزلت: ﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير﴾ الآية.]]. (٢/٥٥٨)
٧٧٥٣- عن سعيد بن جبير، قال: كان أهلُ البيت يكونُ عندَهم الأيتامُ في حُجورِهم، فيكونُ لليتيم الصِّرْمَةُ[[الصِّرْمَة: القطيع. لسان العرب (صرم).]] مِن الغَنَم، ويكون الخادمُ لأهل البيت، فيَبْعَثون خادمَهم فيَرْعى غنمَ الأيتام، أو يكونُ لأهل اليتيم الصِّرْمةُ مِن الغنم، ويكون الخادمُ للأيتام، فيَبْعَثون خادمَ الأيتام فيَرْعى غنمَهم، فإذا كان الرِّسْلُ[[الرِّسْلُ: اللبن، وأرسل القوم فهم مُرسِلون: كثر رِسْلهم، وصار لهم اللبن من مواشيهم. لسان العرب (رسل).]] وضَعوا أيديَهم جميعًا، أو يكونُ الطعام للأيتام، ويكون الخادمُ لأهل البيت، فيَأْمُرون خادمَهم فيصنع الطعام، ويكون الطعام لأهل البيت، ويكون الخادم للأيتام، فيَأْمُرون خادمَ الأيتام أن يصنعَ الطعام، فيَضَعون أيديَهم جميعًا. فلمّا نزَلت هذه الآية: ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما﴾ الآية [النساء:١٠]؛ قالوا: هذه مُوجِبةٌ. فاعْتَزَلُوهم، وفرَّقوا ما كان مِن خِلْطَتِهم، فشقَّ ذلك عليهم، فشَكَوْا ذلك إلى رسول الله ﷺ، فقالوا: إنّ الغنمَ قد بَقِيَت ليس لها راعٍ، والطعام ليس له مَن يَصْنَعُه. فقال: «قد سمِع اللهُ قولَكم، فإن شاء أجابكم». فنزلت هذه الآية: ﴿ويسألونك عن اليتامى﴾، ونزلت أيضًا: ﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى﴾ الآية [النساء:٣]، فقُصِروا على أربع. فقال: كما خَشِيتُم ألّا تُقْسِطوا في اليتامى، وتحَرَّجْتُم مِن مُخالَطَتِهم، حتى سأَلْتُم عنها؛ فهَلّا سأَلْتُم عن العدلِ في جَمْعِ النساء[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٢/٥٥٩)
٧٧٥٤- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق حجاج، عن ابن جُرَيْج- قال: عَزَلُوا طعامَهم عن طعامهم، وألبانَهم عن ألبانهم، وأُدْمِهُم عن أُدْمِهِم، فشقّ ذلك عليهم؛ فنزلت: ﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٢.]]. (ز)
٧٧٥٥- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق يحيى بن أيوب، عن ابن جُرَيْج- قال: َلَّما أنزلت آية الشِّدَّة التي في سورة النساء في اليتيم عَزَلُوا أموال اليتامى؛ فأُنزِلَت هذه الآية الأخرى: ﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾، قال مجاهد: الراعي، والأُدْم[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن ١/١٤٨ (٣٤٩).]]. (ز)
٧٧٥٦- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد بن سليمان- في قوله: ﴿ويسألونك عن اليتامى﴾، قال: كانوا في الجاهلية يُعَظِّمون شأن اليتيم، فلا يَمَسُّون من أموالهم شيئًا، ولا يركبون لهم دابةً، ولا يَطْعَمُون لهم طعامًا، فأصابهم في الإسلام جَهْدٌ شديد، حتى احتاجوا إلى أموال اليتامى، فسألوا نبيَّ الله ﷺ عن شأنِ اليتامى وعن مُخالَطَتِهم؛ فأنزل الله: ﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٤.]]. (ز)
٧٧٥٧- عن عامر الشَّعْبِيِّ -من طريق أشْعَث- قال: لَمّا نزلت هذه الآية: ﴿إنّ الذين يأكلونَ أموالَ اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسَيصْلونَ سعيرًا﴾ قال: فاجتنب الناسُ الأيتامَ، فجعل الرجلُ يَعْزِل طعامَه من طعامه، ومالَه من ماله، وشرابَه من شرابه. قال: فاشْتَدَّ ذلك على الناس؛ فنزلت: ﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح﴾. قال الشَّعْبِيُّ: فمَن خالط يتيمًا فلْيَتَوَسَّع عليه، ومَن خالطه ليأكل مِن ماله فلا يفعل[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠١.]]. (ز)
٧٧٥٨- عن عطاء بن أبي رباح -من طريق ابن جُرَيْج- أنّه سأله عن قوله: ﴿ويسألونك عن اليتامى، قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾. قال: لَمّا نزلت سورة النساء عَزَل الناسُ طعامَهم، فلم يُخالِطُوهم. قال: ثُمَّ جاءوا إلى النبي ﷺ، فقالوا: إنّا يَشُقُّ علينا أن نعزِل طعام اليتامى وهم يأكلون معنا. فنزلت: ﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٢.]]. (ز)
٧٧٥٩- عن عطاء قال: لَمّا نزل في اليتامى ما نزل اجْتَنَبهم الناس، فلم يُؤاكِلوهم، ولم يُشارِبوهم، ولم يُخالِطوهم؛ فأنزَل الله: ﴿ويسألونك عن اليتامى﴾ الآية. فخالَطَهم الناسُ في الطعام، وفيما سوى ذلك[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٥٥٨)
٧٧٦٠- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿ويسألونك عن اليتامى﴾ الآية، قال: كان أُنزِل قبل ذلك في سورة بني إسرائيل: ﴿ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن﴾ [الإسراء:٣٤]، فكانوا لا يُخالِطونهم في مَطْعَمٍ ولا غيرِه، فاشْتَدَّ ذلك عليهم؛ فأنزَل اللهُ الرخصةَ: ﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٠، والنحاس ص٥٥١. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن الأنباري. كما أخرج نحوه عبد الرزاق في تفسيره ١/٣٧٧، وابن جرير ٣/٧٠٠ من طريق مَعْمَر. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٢١-.]]. (٢/٥٥٨)
٧٧٦١- عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسباط- ﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح﴾، قال: كانت العربُ يُشَدِّدون في اليتيم، حتى لا يأكلوا معه في قَصْعَةٍ واحدة، ولا يركبوا له بعيرًا، ولا يستخدموا له خادمًا، فجاءوا إلى النبي ﷺ، فسألوه عنه. فقال: ﴿قل إصلاح لهم خيرٌ﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٣.]]. (ز)
٧٧٦٢- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: ﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم﴾ الآية، قال: فذُكِر لنا -والله أعلمُ-: أنه أُنزِل في بني إسرائيل: ﴿ولا تَقْرَبُوا مالَ اليَتِيمِ إلا بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أشُدَّهُ﴾ [الإسراء:٣٤]، فكبُرت عليهم، فكانوا لا يخالطونهم في طعام ولا شراب ولا غير ذلك، فاشْتَدَّ ذلك عليهم؛ فأنزل الله الرخصةَ، فقال: ﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاحٌ لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٠.]]. (ز)
٧٧٦٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ويَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ العَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ* فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ ويَسْئَلُونَكَ عَنِ اليَتامى﴾، وذلك أنّ الله ﷿ أنزَل في أموال اليتامى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا إنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نارًا وسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء:١٠]. فلَمّا نزلت هذه الآيةُ أشفق المسلمون من خُلْطَة اليتامى، فعَزَلُوا بيتَ اليتيم وطعامَه وخُدّامه على حِدَةٍ؛ مخافة العُذْرِ، فشَقَّ ذلك على المسلمين وعلى اليتامى اعتزالهم، فقال ثابت بن رِفاعَة للنبي ﷺ: قد سمِعْنا ما أنزل الله ﷿ في اليتامى فعَزَلْناهم والذي لهم، وعزَلْنا الذي لنا، فشَقَّ ذلك علينا وعليهم، وليس كلُّنا يَجِدُ سَعَةً في عَزْلِ اليتيمِ وطعامِه وخادمِه، فهل يصلح لنا خُلْطَتُهم، فيكون البيتُ والطعامُ [واحدًا] والخدمةُ وركوبُ الدّابَّةِ، ولا نَرْزَأَهُم شيئًا إلّا أن نعود عليهم بأفضل منه. فأنزل الله ﷿ فى قول ثابت بن رِفاعَة الأنصارى: ﴿ويَسْئَلُونَكَ عَنِ اليَتامى قُلْ إصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٨-١٨٩.]]. (ز)
﴿وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡیَتَـٰمَىٰۖ قُلۡ إِصۡلَاحࣱ لَّهُمۡ خَیۡرࣱۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمۡ فَإِخۡوَ ٰنُكُمۡۚ﴾ - تفسير الآية
٧٧٦٤- قالت عائشة -من طريق الأسود-: أخْلِطُ طعامَ يتيمى بطعامي، وشرابَه بشرابي؛ فإنِّي أكْرَهُ أن يكونَ مالُ اليتيم عندي كالعُرَّةِ[[عزاه السيوطي إلى وكيع، وعبد بن حميد. كذلك أخرجه وكيع -كما في تفسير ابن كثير ١/٥٨٦- من طريق إبراهيم. والعُرَّة: الجرب. لسان العرب (عرر).]]. (٢/٥٦١)
٧٧٦٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق السُّدِّيِّ، عمَّن حَدَّثه- ﴿وإن تُخالِطُوهم فإخوانُكم﴾، قال: المخالطة: أن تشربَ مِن لبنه ويشربَ من لبنك، وتأكلَ من قَصْعَتِه ويأكلَ من قَصْعَتِك، وتأكلَ من ثَمَرَتِه ويأكلَ من ثَمَرَتِك[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٥ (٢٠٨٢). وعزاه الحافظ في الفتح ٥/٣٩٥ إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٥٦٠)
٧٧٦٦- قال عبد الله بن عباس -من طريق حَجّاج، عن ابن جُرَيج-: والألبان، وخِدمة الخادم، وركوب الدابة.= (ز)
٧٧٦٧- قال عبد الملك ابن جريج: وفي المساكن. قال: والمساكنُ يومئذ عزِيزةٌ[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٢.]]. (ز)
٧٧٦٨- عن إبراهيم النَّخَعِيِّ -من طريق أبي مِسْكِين- قال: إنِّي لَأَكْرَهُ أن يكون مالُ اليتيم كالعُرَّة[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٥.]]. (ز)
٧٧٦٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- ﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾، قال: مخالطة اليتيم في المراعي، والأُدْم[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٣ وفيه: عن ابن أبي نجيح أو عيسى عن قيس بن سعد، وابن أبي حاتم ٢/٣٩٥ (٢٠٨٤)، كذلك أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٢ من طريق ابن جريج.]]. (ز)
٧٧٧٠- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد بن سليمان- في قوله: ﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾، قال: يعني بالمخالطة: ركوب الدابة، وخِدْمَة الخادم، وشُرْبَ اللَّبَن[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٤.]]. (ز)
٧٧٧١- عن طاووس -من طريق ابنه- في قوله: ﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾، قال: هذا إذا كان طعامُك أفضلَ من طعامه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٥ (٢٠٨٣).]]. (ز)
٧٧٧٢- عن عُقَيْلِ بن خالد، قال: سألتُ ابن شهاب [الزُّهْري] عن قول الله تعالى: ﴿قل إصلاح لهم خير﴾. قال: فترى أنّ خيرًا لهم أن يصلح مالُهم معزولًا على حِدَتِه، ولا يُلْبَس بغيره. ومَن كان يرى أنّ خَلْطَ أموالهم بماله أزْيَدُ لهم، وصلح للقيام على أموالهم، فيَرى أن يفعل ذلك بهم إن كان خيرًا لهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٥ (٢٠٨٠).]]. (ز)
٧٧٧٣- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿قل إصلاح لهم خيرٌ﴾: يُصْلِح له مالَه، وأمره له خيرٌ، وإن يخالطه فيأكل معه، ويطعمه، ويرْكب راحلته، ويحمله، ويستخدم خادمه، ويخدمه، فهو أجودُ، ﴿والله يعلم المفسد من المصلح﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٣، وابن أبي حاتم ٢/٣٩٥ (عقب ٢٠٧٩) مختصرًا.]]. (ز)
٧٧٧٤- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: ﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاحٌ لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾، يقول: مخالطتهم في ركوب الدّابَّة، وشُرْبِ اللبنِ، وخِدْمَةِ الخادم. يقول: الوَلِيُّ الذي يلي أمرَهم، فلا بأس عليه أن يركب الدابةَ، أو يشرب اللبن، أو يخدمه الخادمُ[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٠.]]. (ز)
٧٧٧٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ويَسْئَلُونَكَ عَنِ اليَتامى قُلْ إصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾، يقول: ما كان لليتيم فيه صلاح فهو خيرٌ أن تفعلوه. ثُمَّ قال سبحانه: ﴿وإنْ تُخالِطُوهُمْ﴾ في المسكن، والطعام، والخدمة، وركوب الدابة ﴿فَإخْوانُكُمْ﴾: فهم إخوانكم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٩.]]. (ز)
٧٧٧٦- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: ﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاحٌ لهم خير﴾، يعني: الذين يَلُون أموال اليتامى. يقول: إصلاح اليتامى خير[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٥ (٢٠٧٩).]]. (ز)
٧٧٧٧- عن سعيد بن جبير= (ز)
٧٧٧٨- وإبراهيم النخعي، نحو ذلك[[علقه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٥ (عقب ٢٠٧٩).]]. (ز)
٧٧٧٩- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- ﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾، قال: قد يخالط الرجلُ أخاه[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٥.]]. (ز)
﴿وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ ٱلۡمُفۡسِدَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِۚ﴾ - تفسير
٧٧٨٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق السُّدِّيِّ، عمَّنْ حَدَّثه- ﴿والله يعلم المفسد من المصلح﴾، قال: يعلم مَن يَتَعَمَّدُ أكلَ مال اليتيم، ومَن يَتَحَرَّجُ منه ولا يَأْلُو[[لا يَأْلُو: لا يقصر ولا يبطئ. ينظر: لسان العرب (ألا).]] عن إصلاحه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٦ (٢٠٨٧). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٥٦٠)
٧٧٨١- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- ﴿والله يعلم المفسد من المصلح﴾، يعني: أنّ الله لا يَخْفى عليه الذين يريدون منكم الإصلاح لهم، والإفساد عليهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٦ (٢٠٨٨).]]. (ز)
٧٧٨٢- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط-= (ز)
٧٧٨٣- ومقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف-، نحو ذلك[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٦ (عقب ٢٠٨٨).]]. (ز)
٧٧٨٤- عن عامر الشَّعْبِيِّ -من طريق أشْعَث- ﴿والله يعلم المفسد من المصلح﴾، قال: فمَن خالَط يتيمًا فلْيَتَوَسَّعْ عليه، ومَن خالطه ليأكل مالَه فلا يفعلْ[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٨.]]. (ز)
٧٧٨٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ﴾ لمال اليتيم ﴿مِنَ المُصْلِحِ﴾ لماله[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٩.]]. (ز)
٧٧٨٦- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: ﴿والله يعلم المفسد من المصلح﴾، قال: الله يعلم حين تَخْلِطُ مالَك بمالِه، أتُرِيدُ أن تُصْلِحَ مالَه أو تُفْسِدَه فتأكلَه بغير حقٍّ[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٧.]]. (٢/٥٦٠)
﴿وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَأَعۡنَتَكُمۡۚ﴾ - تفسير
٧٧٨٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿ولو شاء الله لأعنتكم﴾، يقول: لأحْرَجَكم، وضَيَّق عليكم، ولكنه وسَّع، ويَسَّرَ[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٨، وابن أبي حاتم ٢/٣٩٦ (٢٠٩٠). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٢/٥٦٠)
٧٧٨٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق السُّدِّيِّ، عمَّن حدَّثه- ﴿ولو شاء الله لأعنتكم﴾، يقول: لو شاء ما أحلَّ لكم ما أصَبْتُم مِمّا لا تَتَعَمَّدون[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٦ (٢٠٨٩). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٥٦٠)
٧٧٨٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق مِقْسَم- في قوله: ﴿ولو شاء الله لأعنتكم﴾، قال: لو شاء الله لَجَعَل ما أصَبْتُم من أموال اليتامى مُوبِقًا[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٩، وابن أبي حاتم ٢/٣٩٦. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (٢/٥٦١)
٧٧٩٠- عن سعيد بن جبير، في قوله: ﴿ولو شاء الله لأعنتكم﴾، قال: لأحْرَجَكم[[أخرجه ابن المنذر -كما في فتح الباري ٥/٣٩٤-.]]. (ز)
٧٧٩١- عن مجاهد بن جبر -من طريق قيس بن سعد- في قول الله -تعالى ذِكْرُه-: ﴿ولو شاء الله لأعنتكم﴾: لَحَرَّم عليكم المَرْعى، والأُدْم[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٨، وابن أبي حاتم ٢/٣٩٧ (٢٠٩٤).]]٨٠٢. (ز)
٧٧٩٢- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق أبي مُصْلِح- في قوله: ﴿ولو شاء الله لأعنتكم﴾، قال: لو لم يُبَيِّن لكم لَأَثِمْتُم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩٧ (٢٠٩٤).]]. (ز)
٧٧٩٣- عن قتادة بن دِعامة: ﴿ولو شاء الله لأعنتكم﴾، قال: لو شاء الله لأَعْنَتَكم؛ فلَمْ تُؤَدُّوا فريضةً، ولم تقوموا بحقٍّ[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٥٦١)
٧٧٩٤- عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسباط- ﴿ولو شاء الله لأعنتكم﴾: لَشَدَّد عليكم[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٩.]]. (ز)
٧٧٩٥- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قال: لَجَهَدَكُم؛ فلَمْ تعملوا بحقٍّ، ولم تُؤَدُّوا فريضةً[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٩، وابن أبي حاتم ٢/٣٩٧ (٢٠٩٣).]]. (ز)
٧٧٩٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ﴾، يقول: لآثَمَكُم في دينكم -نظيرُها في براءة قولُه سبحانه: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ﴾ [التوبة:١٢٨]، يقول: ما أثِمْتُم-، فحَرَّم عليكم خُلْطَتَهم في الذي لهم؛ كتحريم الميتة، والدم، ولحم الخنزير؛ فلم تنتفعوا بشيء منه[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٩.]]. (ز)
٧٧٩٧- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قول الله: ﴿ولو شاء الله لأعنتكم﴾، قال: لَشَقَّ عليكم في الأمر، ذلك العَنَتُ[[أخرجه ابن جرير ٣/٧٠٩.]]٨٠٣. (ز)
﴿إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ٢٢٠﴾ - تفسير
٧٧٩٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ﴾ في مُلْكِه، ﴿حَكِيمٌ﴾ يعني: ما حَكَم في أموال اليتامى[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٩.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.