الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ ويَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتامى قُلْ إصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وإنْ تُخالِطُوهُمْ فَإخْوانُكُمْ واللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ ولَوْ شاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: ٢٢٠].
كانتِ العربُ تتوسَّعُ في مالِ الأيتامِ، ومالُهُمْ في غالبِهِ يحتاجُ إلى إدارةٍ وتصرُّفٍ، لأنّه لا يُنتفَعُ به إلاَّ بذلك، فغالِبُ مالِ العربِ إمّا زَرْعٌ وغَرْسٌ أو ماشِيَةٌ، والنَّقْدانِ فيهم قليلٌ، والزَّرْعُ والغَرْسُ والماشيةُ تحتاجُ إلى رعايةٍ حتّى تُخرِجَ وتُدِرَّ وتُنتِجَ، فكان لا بُدَّ مِن عائلٍ لها، وربَّما تَساهَلَ أقوامٌ بأَخْذِ أموالِ اليتامى، وزادُوا في أخذِ حقِّهم، وترخَّصوا بالزِّيادةِ على ما يَستحِقُّونَ، وربَّما جعَلُوها خُلْطةً مع مالِهم بلا تمييزٍ، وغلَبَ تقديرُهُمْ لحظِّ أنفُسِهِمْ على أيتامِهم، فأنزَلَ اللهُ على نبيِّهِ قولَهُ: ﴿ولا تَقْرَبُوا مالَ اليَتِيمِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ﴾ [الأنعام: ١٥٢]، فخاف كثيرٌ منهم لإيمانِهِ، وتورَّعَ عن قربِ مالِ اليتيمِ، وتردَّدَ كثيرٌ، حتّى زهِدَ الناسُ في رعايةِ الأيتامِ وتنميةِ مالِهم.
روى ابنُ المنذِرِ، وابنُ جريرٍ، عن عَلِيٍّ، عن ابنِ عَبّاسٍ، فِي قولِهِ عزّ وجل: ﴿ويَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتامى قُلْ إصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾ قالَ: ذلك أنَّ اللهَ ـ جَلَّ وعَزَّ ـ لمّا أنْزَلَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا إنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نارًا﴾ الآيةَ [النساء: ١٠]، كَرِهَ المُسْلِمُونَ أنْ يَضُمُّوا اليَتامى إلَيْهِمْ، وتَحَرَّجُوا أنْ يُخالِطُوهُمْ فِي شَيْءٍ، وسَأَلُوا النَّبِيَّ ﷺ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ـ جَلَّ وعَزَّ ـ: ﴿ويَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتامى قُلْ إصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾ إلى قولِهِ: ﴿لأَعْنَتَكُمْ﴾، لأَحْرَجَكُمْ وضَيَّقَ عَلَيْكُمْ، ولَكِنَّهُ وسَّعَ ويَسَّرَ، فَقالَ: ﴿ومَن كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ومَن كانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦] [[«تفسير الطبري» (٣/٧٠٢)، و«تفسير ابن المنذر» (٢/٥٨٦).]].
وقال بهذا المعنى وأنّ الآيةَ المحذِّرةَ مِن مالِ اليتيمِ هي آيةُ النِّساءِ جماعةٌ، كالشَّعْبيِّ وعَطاءِ بنِ أبي رَباحٍ[[«تفسير ابن أبي حاتم» (٣/٨٧٨).]].
والمشهورُ: أنّ النِّساءَ نزَلَتْ بعدَ البقرةِ، ولعلَّ الآيةَ المحذِّرةَ مِن قُرْبِ مالِ اليتيمِ والتشديدَ في ذلك قولُهُ تعالى: ﴿ولا تَقْرَبُوا مالَ اليَتِيمِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ﴾ [الأنعام: ١٥٢].
فقد روى ابنُ جريرٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عَبّاسٍ، قال: لمّا نَزَلَتْ: ﴿ولا تَقْرَبُوا مالَ اليَتِيمِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ﴾ [الأنعام: ١٥٢] عزَلُوا أموالَ اليتامى، فذكَرُوا ذلك لرسولِ اللهِ ﷺ، فنَزَلَتْ: ﴿وإنْ تُخالِطُوهُمْ فَإخْوانُكُمْ واللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ ولَوْ شاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ﴾، فخالَطُوهم[[«تفسير الطبري» (٣/٦٩٨).]].
وقال: بأنّ الآيةَ المحذِّرةَ التي لأَجْلِها نزَلَتْ آيةُ البابِ هي قولُهُ تعالى: ﴿ولا تَقْرَبُوا مالَ اليَتِيمِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ﴾ [الأنعام: ١٥٢] جماعةٌ مِن السَّلَفِ، كابنِ أبي ليلى، وسعيدٍ، وقتادةَ، والرَّبِيعِ[[«تفسير الطبري» (٣/٦٩٩ ـ ٧٠٠).]].
التشديدُ في مالِ اليتيمِ:
وقيل: إنّ الجاهِلِينَ مِن العَرَبِ كانوا يعظِّمونَ أمرَ اليتيمِ حتّى في جاهِليَّتِهم، ويَحترِزونَ منه احترازًا يُضِرُّ باليتيمِ ويَمنَعُه مِن الانتِفاعِ بمالِهِ وتنميتِهِ، روى أسباطٌ، عنِ السُّدِّيِّ: ﴿ويَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتامى قُلْ إصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وإنْ تُخالِطُوهُمْ فَإخْوانُكُمْ واللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ﴾، قال: كانتِ العربُ يُشَدِّدونَ في اليتيمِ حتّى لا يَأكُلُوا معه في قَصْعةٍ واحدةٍ، ولا يَرْكَبُوا له بعيرًا، ولا يَستَخدِمُوا له خادِمًا، فجاؤُوا إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَسَألُوه عنه؟ فقال: ﴿قُلْ إصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾، يُصلِحُ له مالَهُ وأَمْرَهُ له خيرٌ، وإنْ يُخالِطْهُ فيأكُلْ معه ويُطعِمْهُ ويَرْكَبْ راحِلَتَهُ ويَحمِلْهُ، ويَستخدِمْ خادِمَهُ ويَخْدُمْهُ، فهو أجْودُ، ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ﴾ [[«تفسير الطبري» (٣/٧٠٣).]].
ورواهُ العَوْفِيُّ عنِ ابنِ عبّاسٍ بنحوِه[[«تفسير الطبري» (٣/٧٠٤).]].
ورُوِيَ عنِ الضَّحّاكِ كذلك[[«تفسير الطبري» (٣/٧٠٤).]].
ولعلَّ العرَبَ لم يكونوا على حالٍ واحدةٍ، ففيهِمُ المتساهِلُ، وهم الأكثرُ، وفيهِمُ المتشدِّدُ على نَفْسِهِ وعلى اليتيمِ بما يَضُرُّه ويَضُرُّ اليتيمَ، وهم قِلَّةٌ، وكِلا الحالَيْنِ بحاجةٍ إلى بيانٍ.
وقد بَيَّنَ اللهُ حالَ مُخالَطَتِهم كمُخالطَةِ الإخوةِ بلا حَرَجٍ، ﴿وإنْ تُخالِطُوهُمْ فَإخْوانُكُمْ﴾، فعن ابنِ وهبٍ، قال: قال ابنُ زَيْدٍ: ﴿وإنْ تُخالِطُوهُمْ فَإخْوانُكُمْ﴾، قال: «قد يُخالِطُ الرَّجُلُ أخاهُ»[[«تفسير الطبري» (٣/٧٠٥).]].
ومُخالَطةُ الإخوةِ فيها مِن المُسامَحةِ والمَوَدَّةِ التي لا يُحِبُّ الإنسانُ معها أنْ يُضِرَّ بمالِ أخيه كمالِهِ، كما في الحديثِ: (لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتّى يُحِبَّ لأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) [[أخرجه البخاري (١٣) (١/١٢)، ومسلم (٤٥) (١/٦٧)، من حديث أنَسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه.]]، فهو يُحِبُّ في مالِهِ الحفظَ، ويَرضى فيه المسامَحَةَ، وعلامةُ صدقِ الإنسانِ في ذلك: نِيَّتُهُ الحَسَنةُ، ولذا قال اللَّهُ: ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ﴾، يَعني: مَن بَيَّتَ إصلاحَ المالِ وحِفظَهُ بمسامَحةٍ، ومَن بَيَّتَ إفسادَهُ وجعَلَ المسامَحةَ في الخُلْطةِ بابًا للتزيُّدِ والتكثُّرِ والتربُّصِ بمالِ اليتيمِ.
وقد روى حَمّادٌ، عنْ إبراهيمَ، عن عائشةَ، قالتْ: «إنِّي لأَكْرَهُ أنْ يَكونَ مالُ اليتيمِ عندي عُرَّةً، حتّى أخْلِطَ طعامَهُ بطَعامي، وشَرابَه بشَرابي».
وعن أبي مِسكينٍ، عن إبراهيمَ، قال: «إنِّي لَأَكْرَهُ أنْ يَكُونَ مالُ اليتيمِ كالعُرَّةِ».
رَواهُما ابنُ جريرٍ[[«تفسير الطبري» (٣/٧٠٥).]].
وكالعُرَّةِ، يَعني: كالقَذَرِ، يَأنَفُ الإنسانُ مِن قُرْبِهِ ومِن مماسَّتِهِ.
واللهُ أرادَ حَثَّ الناسِ على خُلْطةِ اليتيمِ مع حُسْنِ قصدٍ، دفعًا للمشقَّةِ والحَرَجِ لكافِلِ اليتيمِ، مِن أن يتكلَّفَ الحسابَ، وربَّما دَفَعَهُ ذلك إلى الوَسْوَسةِ، وربَّما حَمَلَهُ على تركِ مالِ اليتيمِ والزُّهْدِ في تنميتِهِ، فيُضِرُّ ذلك باليتيمِ.
أثرُ النِّيَّةِ في التعاملِ مع مال اليتيمِ:
وقولُه: ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ﴾.
فيه: أثرُ النِّيَّةِ والقصدِ على العملِ، واللهُ رجَعَ الناسَ إلى صالِحِ نِيّاتِهم وفاسِدِها، وعليها يُحاكَمُونَ، وأنّ القصدَ يؤثِّرُ في حُكْمِ أخْذِ مالِ اليتيمِ، فقاصِدُ السُّوءِ يتحيَّنُ الأخذَ ويستكثِرُ، وقاصِدُ الخيرِ لا يتحيَّنُ ويقلِّلُ، فأرادَ اللهُ مِن الناسِ إصلاحَ المقاصِدِ، لتؤثِّرَ على التوازنِ في العملِ، الذي لا يشعُرُ صاحِبُهُ باختلالِهِ إلاَّ بشعورِه بحقيقةِ قصدِهِ ونِيَّتِهِ.
والنِّيَّةُ هي مدارُ الثوابِ والعقابِ، وإنِ اختلَفَ العملُ الظاهِرُ، فاللهُ لا يجازِي قاصِدَ الخيرِ الذي أضَرَّ بمالِ اليتيمِ بحُسْنِ قصدٍ ضَرَرًا عظيمًا إلاَّ خيرًا، لقَصْدِهِ الحَسَنِ، ويجازِي قاصِدَ الشرِّ الذي أضَرَّ بمالِ اليتيمِ ضَرَرًا يسيرًا بالإثمِ، لقصدِه السُّوء.
روى ابنُ وهْبٍ، قال: قال ابنُ زَيْدٍ في قولِ اللَّهِ ـ تعالى ذِكْرُه ـ: ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ﴾، قال: «اللهُ يَعْلَمُ حِينَ تَخلِطُ مالَكَ بمالِهِ: أتُرِيدُ أنْ تُصلِحَ مالَهُ، أو تُفسِدَهُ فتَأْكُلَهُ بغيرِ حَقٍّ»[[«تفسير الطبري» (٣/٧٠٧).]].
وقال الشَّعْبيُّ: «مَن خالَطَ يَتيمًا، فلْيتَوَسَّعْ عليه، ومَن خالَطَهُ ليأكُلَ مالَهُ، فلا يَفعَلْ»[[«تفسير الطبري» (٣/٧٠٨).]].
وقولُه: ﴿ولَوْ شاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ﴾، أيْ: شَقَّ عليكم في مالِ اليتيمِ وشدَّد، وكلَّفَكُمْ ما يَضُرُّ بكم وبه، ولكنَّ اللهَ رحيمٌ لطيفٌ بعبادِه، والعنَتُ هو المشقَّةُ، كقولِهِ تعالى: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨]، أيْ: ما يَشُقُّ عليكم.
فعن عليِّ بنِ أبي طَلْحةَ، عنِ ابنِ عبّاسٍ: ﴿ولَوْ شاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ﴾، يقولُ: «لو شاءَ اللهُ، لَأَحْرَجَكم فضَيَّقَ عليكم، ولكنَّهُ وسَّعَ ويَسَّرَ، فقال: ﴿ومَن كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ومَن كانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦]»[[«تفسير الطبري» (٣/٧٠٨)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٢/٣٩٦).]].
وعن مِقْسَمٍ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، قولَهُ: ﴿ولَوْ شاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ﴾، قال: «ولو شاء اللهُ، لَجَعَلَ ما أصَبْتُم مِن أموالِ اليتامى مُوبِقًا»[[«تفسير الطبري» (٣/٧١٠)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٢/٣٩٦).]].
الاحتياطُ في مالِ اليتيمِ عند المتاجرة به:
ويَحتاطُ كافلُ اليتيمِ لمالِ اليتيمِ، ويَجتنِبُ ما يُضِرُّ به، وما هو مِن حظوظِ نَفْسِه، فيَجتنِبُ شراءَ مالِ اليتيمِ لِحَظِّ نفسِه، أو الشراءَ بمالِ اليتيمِ مِن مالِه، حتّى لا يَدْفَعَهُ ذلك إلى الزيادةِ في حقِّ نَفْسِه، والنقصانِ في حقِّ اليتيمِ، فإنّ النفسَ الصالحةَ تُحِبُّ لنفسِها الخيرَ ولغيرِها، ولكنَّها عندَ المزاحَمةِ قلَّما تُغلِّبُ نَفْسَها، فتُؤثِرُ غيرَها على حظِّ نَفْسِها.
فكافِلُ اليتيمِ يكونُ في مقامِ البائعِ والمشتري، أصيلًا عن نفسِه، ووكيلًا عنِ اليتيمِ، وربَّما وقَعَ في البيعِ نوعُ شائبةٍ ولو دقيقةً لا يُدْرِكُها الإنسانُ، ورُبَّما كان ثَمَّةَ ظِنَّةُ سُوءٍ في عمَلِهِ مِن اليتيمِ إذا كَبِرَ ورَشَدَ، أو مِن قَراباتِه، فأدّى ذلك إلى خصومةٍ ونزاعٍ.
وهذا على الاحتياطِ والاحترازِ، وأمّا جوازُ أصلِ البيعِ في مالِه، فهو موضِعُ خلافٍ عندَ الفقهاءِ:
فعن مالكٍ في المشهورِ عنه: الجَوازُ.
ورُوِيَ عن عمرَ وعائشةَ وابنِ عمرَ والحسنِ بنِ عليٍّ والنَّخَعيِّ.
روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عنِ القاسمِ، قال: «كنّا أيتامًا في حَجْرِ عائشةَ، فكانت تُزَكِّي أموالَنا، وتُبضِعُها في البَحْرِ»[[أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢١٣٧٥) (٤/٣٩٠).]].
وقال أبو حَنِيفةَ: «له أن يَشترِيَ مالَ الطِّفْلِ اليتيمِ لنَفْسِهِ بأكثَرَ مِن ثَمَنِ المِثْلِ، لأنّه إصلاحٌ دلَّ عليهِ ظاهرُ القرآنِ».
ومنَعَ منه الشافعيُّ في النكاحِ، وفي البيعِ، لأنّ اللهَ لم يذكُرْ في الآيةِ التصرُّفَ، بل قال: ﴿إصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾، فذكَرَ الإصلاحَ، ولم يذكُرِ التصرُّفَ.
وعلى قولِ الشافعيِّ: يجوزُ البيعُ منه والشِّراءُ له، إذا كان ذلك برِبْحٍ بيِّنٍ، كالمِثْلِ وشِبْهِه.
قال محمَّدُ بنُ عبدِ الحَكَمِ: «وله أن يبيعَ له بالدَّيْنِ، إن رَأى ذلك نَظَرًا».
تزويجُ اليتيمِ:
واختُلِفَ كذلك في تزويجِه، لأنّ في تزويجِهِ مَهْرًا يُدفَعُ مِن مالِ اليتيمِ، وهو تصرُّفٌ في مالِه:
وقد جوَّز مالكٌ وأبو حنيفةَ وأحمدُ: تزويجَهُ، لأنّ الزواجَ إصلاحٌ له وتقويمٌ وتثبيتٌ، وإعانةٌ له في تدبيرِ شأنِهِ ورعايتِه.
والشافعيُّ لا يَرى في التزويجِ إصلاحًا إلاَّ مِن جِهةِ دفعِ الحاجةِ، ولا حاجةَ قبلَ البلوغِ.
والأظهَرُ: جوازُ إنكاحِهِ إذا كان في ذلك صلاحُ أمرِهِ وشأنِهِ ورِعايتُه، وصيانةُ عِرْضِهِ وسَتْرُه، وحِفْظُ مالِه، ويدخُلُ في ذلك ما يَتبَعُ التزويجَ مِن نفقةِ العُرْسِ ووَلِيمَتِهِ وضَرْبِ الدُّفِّ، وتطبيبِ الزَّوْجةِ عندَ مَرَضِها، ونَفَقَتِها، ونحو ذلك.
قال ابنُ كِنانةَ: «وله أنْ يُنفِقَ في عُرْسِ اليتيمِ ما يصلُحُ مِن صنيعٍ وطِيبٍ، ومصلَحَتُهُ بقَدْرِ حالِهِ وحالِ مَن يزوَّجُ إليه، وبقدرِ كَثْرةِ مالِهِ»[[ينظر: «تفسير القرطبي» (٣/٤٥٠).]].
{"ayah":"فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۗ وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡیَتَـٰمَىٰۖ قُلۡ إِصۡلَاحࣱ لَّهُمۡ خَیۡرࣱۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمۡ فَإِخۡوَ ٰنُكُمۡۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ ٱلۡمُفۡسِدَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَأَعۡنَتَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق