الباحث القرآني
﴿وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ جَعَلۡنَا بَیۡنَكَ وَبَیۡنَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ حِجَابࣰا مَّسۡتُورࣰا ٤٥﴾ - نزول الآيات
٤٣٢١٢- عن محمد ابن شهاب الزهري، قال: كان رسول الله ﷺ إذا تلا القرآن على مُشركي قريش، ودعاهم إلى الله؛ قالوا يهزءون به: قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه، وفي آذانِنا وقر، ومن بيننا وبينك حجاب. فأنزل الله في ذلك من قولهم: ﴿وإذا قرأت القرآن﴾ الآيات[[أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام ١/٣١٦-. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٩/٣٦٩)
٤٣٢١٣- قال مقاتل بن سليمان: نزلت في أبي لهب وامرأته، وأبي البَخْتري، وزَمْعَة -اسمه عمرو بن الأسود-، وسهيل، وحويطب، كلهم من قريش[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٣٣.]]. (ز)
﴿وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ جَعَلۡنَا بَیۡنَكَ وَبَیۡنَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ حِجَابࣰا مَّسۡتُورࣰا ٤٥﴾ - تفسير الآية
٤٣٢١٤- عن أسماء بنت أبي بكر -من طريق ابن تَدْرُسَ- قالت: لما نزلت: ﴿تبت يدا أبي لهب﴾ أقبلت العوراء أمُّ جميل ولها ولولَةٌ، وفي يدها فِهرٌ[[الفهر: الحجر ملء الكف. وقيل: هو الحجر مطلقًا. النهاية (فهر).]]، وهي تقول: مُذَمَّمًا أبَينا ودينه قَلَينا وأَمرَه عَصَينا ورسول الله ﷺ جالس، وأبو بكر إلى جنبه، فقال أبو بكر: لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك. فقال: «إنها لن تراني». وقرأ قرآنًا اعتصم به، كما قال تعالى: ﴿وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا﴾، فجاءت حتى قامت على أبي بكر، فلم ترَ النَّبي ﷺ، فقالت: يا أبا بكر، بلغني أن صاحبك هجاني. فقال أبو بكر: لا، وربِّ هذا البيت، ما هجاك. فانصرفت وهي تقول: قد عَلِمتْ قريشٌ أنِّي بنتُ سيِّدها[[أخرجه الحاكم ٢/٣٩٣ (٣٣٧٦)، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٨/٥١٦-. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه».]]. (٩/٣٦٦)
٤٣٢١٥- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا﴾. قال: الحجاب المستور: أكِنَّةٌ على قلوبهم أن يفقَهوه، وأن ينتفعوا به؛ أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم[[أخرجه ابن جرير ١٤/٦٠٨. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم. كما أخرجه يحيى بن سلام ١/١٣٨ مختصرًا.]]٣٨٤٨. (٩/٣٧٠)
٤٣٢١٦- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: ﴿وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا﴾، قال: قال أبي: لا يفقهونه، وقرأ: ﴿وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا﴾، فهم لا يخلص ذلك إليهم[[أخرجه ابن جرير ١٤/٦٠٨.]]٣٨٤٩. (ز)
٤٣٢١٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وإذا قرأت القرآن﴾ في الصلاة أو غير الصلاة؛ ﴿جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة﴾ يعني: لا يصدقون بالبعث الذى فيه جزاء الأعمال ﴿حجابا مستورا﴾ يعني بالحجاب المستور: قوله تعالى: ﴿وجعلنا على قلوبهم أكنة﴾ ...[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٣٣.]]. (ز)
٤٣٢١٨- عن زهير بن محمد، في قوله: ﴿وإذا قرأت القرءان﴾ الآية، قال: ذاك رسول الله ﷺ، إذا قرأ القرآن على المشركين بمكة سمعوا قراءته، ولا يرونه[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (٩/٣٧٠)
﴿وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ جَعَلۡنَا بَیۡنَكَ وَبَیۡنَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ حِجَابࣰا مَّسۡتُورࣰا ٤٥﴾ - آثار متعلقة بالآية
٤٣٢١٩- عن أسماء بنت أبي بكر: أن أمَّ جميل دخلت على أبي بكر وعنده رسول الله ﷺ، فقالت: يا ابن أبي قحافة، ما شأن صاحبك يُنشِدُ فِيَّ الشعر؟ فقال: واللهِ، ما صاحبي بشاعر، وما يدري ما الشِّعر. فقالت: أليس قد قال: ﴿في جيدها حبلٌ من مسد﴾ [المسد:٥]، فما يُدريه ما في جيدي؟ فقال النَّبي ﷺ: «قل لها: هل ترينَّ عندي أحدًا؟ فإنها لن تراني؛ جُعِل بيني وبينها حجاب». فسألها أبو بكر، فقالت: أتهزأُ بي؟ واللهِ، ما أرى عندك أحدًا[[أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٢/١٩٦، وابن عساكر في تاريخه ٦٧/١٧٣، من طريق أبي الحسن علي بن أحمد بن عبدان، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الصفار، قال: حدثنا أبو حصين محمد بن الحسين، قال: حدثنا منجاب هو ابن الحارث، قال: حدثنا ابن مسهر، عن سعيد بن كثير، عن أبيه، عن أسماء به. رجاله موثقون، غير الراوي عن أسماء، وهو كثير بن عبيد القرشي التيمي أبو سعيد الكوفي، فلم نجد فيه جرحًا ولا تعديلًا.]]. (٩/٣٦٧)
٤٣٢٢٠- عن أبي بكر الصديق، قال: كنت جالسًا عند المقام، ورسول الله ﷺ في ظِلِّ الكعبة بين يديَّ، إذ جاءت أمُّ جميل بنت حرب بن أُمية زوجة أبي لهب، ومعها فِهرانِ، فقالت: أين الذي هجاني وهجا زوجي؟ واللهِ، لئن رأيته لأَرُضَّنَّ أُنثَيَيه بهذين الفهرين. وذلك عند نزول: ﴿تبت يدا أبي لهب﴾. قال أبو بكر: فقلت لها: يا أمَّ جميل، ما هجاك ولا هجا زوجك. قالت: واللهِ، ما أنت بكَذّاب، وإن الناس ليقولون ذاك. ثم ولَّت ذاهبة، فقلت: يا رسول الله، إنها لم ترَك! فقال النَّبي ﷺ: «حالَ بيني وبينها جبريل»[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٩/٣٦٧)
٤٣٢٢١- عن عبد الله بن عباس، قال: لما نزلت ﴿تبت يدا أبي لهب﴾ جاءت امرأة أبي لهب، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لو تَنَحَّيتَ عنها، فإنها امرأة بَذِيَّةٌ. قال: «سيُحالُ بيني وبينها». فلم تره، فقالت: يا أبا بكر، هجانا صاحبك. قال: واللهِ، ما ينطق بالشعر، ولا يقوله. فقالت: إنك لمُصَدَّقٌ. فاندفعت راجعة، فقال أبو بكر: يا رسول الله، ما رأتك! قال: «كان بيني وبينها مَلَكٌ يستُرُني بجَناحِه حتى ذهبت»[[أخرجه البزار ١/٦٨-٦٩ (١٥)، ١/٢١٢-٢١٣، وأبو نعيم في دلائل النبوة ١/١٩٤ (١٤١). قال البزار: «وهذا الحديث حسن الإسناد». وقال الهيثمي في المجمع ٧/١٤٤ (١١٥٢٩): «فيه عطاء بن السائب، وقد اختلط». وقال ابن حجر في الفتح ٨/٧٣٨: «بإسناد حسن».]]. (٩/٣٦٨)
٤٣٢٢٢- عن العباس بن محمد المِنقَرِيِّ، قال: قَدِم حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المدينة حاجًّا، فاحتَجنا إلى أن نُوجِّهَ رسولًا، وكان في الخوف، فأبى الرسول أن يخرج، وخاف على نفسه من الطريق، فقال الحسين: أنا أكتب لك رقعة فيها حِرْز، لن يَضُرَّك شيء -إن شاء الله-. فكتب له رقعة، وجعلها الرسول في صُرَّتِه، فذهب الرسول، فلم يلبث أن جاء سالمًا، فقال: مررت بالأعراب يمينًا وشمالًا، فما هَيَّجَني منهم أحد. والحِرز عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب، وإن هذا الحِرز كان الأنبياء يَتَحَرَّزُ به من الفراعنة: ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ ﴿قال اخسئوا فيها ولا تُكلمون﴾ [المؤمنون:١٠٩]، ﴿إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيًا﴾ [مريم:١٨]، أخَذتُ بسمع الله وبصره وقوته على أسماعكم وأبصاركم وقوتكم -يا معشر الجن، والإنس، والشياطين، والأعراب، والسباع، والهوام، واللصوص- مما يخاف ويحذَر فلان بن فلان، سترتُ بينه وبينكم بستر النبوة التي استتروا بها مِن سطوات الفراعنة، جبريل عن أيمانكم، وميكائيل عن شمائلكم، ومحمد ﷺ أمامكم، والله تعالى مِن فوقكم يمنعُكم من فلان بن فلان؛ في نفسه، وولده، وأهله، وشعره، وبشره، وماله، وما عليه، وما معه، وما تحته، وما فوقه: ﴿وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا* وجعلنا على قلوبهم أكنة﴾ إلى قوله: ﴿نفورًا﴾. وصلى الله على محمد وسلم كثيرًا[[أخرجه ابن عساكر ٣٨/٢٩٧-٢٩٨. وعزاه السيوطي إلى القاسم ابن عساكر في كتاب آيات الحرز.]]. (٩/٣٦٩-٣٧٠)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.