الباحث القرآني

* اللغة: (فَوْجاً) : الفوج: الجماعة والطائفة وجمعه أفواج وفئوج وجمع الجمع أفاوج وأفايج وأفاويج، والفائجة: الجماعة ومتسع ما بين كل مرتفعين من رمل أو غلط، وقال الراغب في مفرداته: «الفوج الجماعة المارة المسرعة وكأن هذا هو الأصل ثم أطلق وإن لم يكن مرور ولا إسراع والجمع أفواج وفئوج» . (يُوزَعُونَ) : تقدم قريبا في سورة النحل فجدد به عهدا، أي يحبس أولهم على آخرهم لأجل تلاحقهم. (داخِرِينَ) : صاغرين، وفي القاموس: دخر الشخص كمنع وفرح دخرا ودخورا صغر وذلّ، وأدخرته بالألف للتعدية. والدال مع الخاء فاء وعينا تفيدان معنا خاصا يدل على التضاؤل والتصاغر وما تنبو عنه النفس وتغثى الطباع، فالدّخ والدّخ الدخان وهو معروف يعمي العيون ويقذيها وقالت اعرابية لزوجها وكان قد كبر وأسنّ: لاخير في الشيخ إذا ما اجلخّا ... وسال غرب عينيه ولخّا وكان أكلا قاعدا وشخّا ... تحت رواق البيت يغشى الدّخا وانثنت الرجل فصارت فخّا ... وصار وصل الغانيات أخّا ومعنى يغشى الدخ انه يكثر التردد على النساء عند التنور يقول اطعمنني، ومعنى اجلخ سقط ولم يتحرك وقيل معناه اعوج، وأخ بفتح الهمزة كلمة تقال عند التأوه كذا قال ابن دريد ثم قال وأحسبها محدثة وقال الصاغاني: يقال للصبي إذا نهي عن فعل شيء قذر إخ بكسر الهمزة بمنزلة قول العجم كخ كأنه زجر وقد تفتح همزته، ودخدخ الرجل قارب الخطو مسرعا وتدخدخ الرجل انقبض، ودخس الشيء في الرماد أدخله ودسه ودخس الحافر أصابه داء الدخس وهو ورم في حافر الدابة والدخس بضم الدال دابة في البحر، ودخل معروف وهو يفيد التواري والتضاؤل ودخل في عقله بالبناء للمجهول أو جسده ودخل بكسر الخاء دخلا بفتحتين داخله الفساد فهو مدخول عليه والدخل بفتح الدال وسكون الخاء ما دخل عليك من مالك لتختزنه وتواريه عن العيون والداء والعيب والدخل بفتحتين ما داخل الإنسان من فساد في العقل والجسم والخديعة العيب في الحسب والدخيل من دخل في قوم وانتسب إليهم وليس منهم والجمع دخلاء وكل كلمة أعجمية ويقال داء دخيل أي داخل في أعماق البدن ويقال: إنه لخبيث الدّخلة بكسر الدال المشددة وهي باطن أمره، ودخمه دخما دفعه بإزعاج، ودخن الطعام واللحم من باب تعب أصابهما الدخان في حال الطبخ ولا شيء أخبث من طعمه آنذاك، وكم لهذه اللغة من عجائب. * الإعراب: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) الواو استئنافية والظرف متعلق بمحذوف تقديره اذكر وهو كلام مستأنف مسوق لبيان أحوال الكذابين بصورة اجمالية وجملة نحشر مجرورة بإضافة الظرف إليها ومن كل أمة متعلقان بنحشر و «من» هنا للتبعيض وفوجا مفعول به وممن صفة لفوجا و «من» هنا للتبيين وجملة يكذب صلة من والفاء عاطفة وهم مبتدأ وجملة يوزعون خبر. (حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) حرف غاية وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة جاءوا في محل جر بإضافة الظرف إليها ومتعلق جاءوا محذوف أي إلى مكان الحساب، وقال فعل ماض وفاعله مستتر يعود على الله تعالى، أكذبتم: الهمزة للاستفهام التوبيخي التقريعي وكذبتم فعل وفاعل، وبآياتي متعلقان بكذبتم ولم الواو حالية ولم حرف نفي وقلب وجزم وتحيطوا فعل مضارع مجزوم بلم وبها متعلقان بتحيطوا وعلما تمييز والجملة حالية مؤكدة للإنكار والتوبيخ وإظهار بشاعة التكذيب القائم على الارتجال وعدم التمعن والتبصر والتحقيق، وأم حرف عطف وهي هنا منقطعة فهي بمعنى بل وما اسم استفهام مبتدأ وذا اسم موصول خبر أو ماذا كلها اسم استفهام في محل نصب مفعول مقدم لتعملون وكنتم كان واسمها وجملة تعملون خبرها. (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) الواو عاطفة ووقع القول فعل وفاعل وعليهم متعلقان بوقع وبما ظلموا متعلقان بوقع أيضا أي بسبب ظلمهم وما مصدرية والفاء عاطفة وهم مبتدأ وجملة لا ينطقون خبر. (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الهمزة للاستفهام التقريري والإنكاري ولم حرف نفي وقلب وجزم ويروا فعل مضارع مجزوم بلم والرؤية هنا قلبية لا بصرية وأن وما بعدها سدت مسد مفعولي يروا وأن واسمها وجملة جعلنا خبرها والجعل هنا إن كان بمعنى الخلق لا بمعنى التصيير فتتعدى لواحد والليل مفعول جعلنا واللام للتعليل ويسكنوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل والجار والمجرور متعلقان بجعلنا على أنه علة له فهو بمثابة المفعول من أجله، ولكن لا يجوز النصب لاختلاف الفاعل، وفيه متعلقان بيسكنوا والنهار عطف على الليل ومبصرا حال أو مفعول به ثان وإن حرف مشبه بالفعل وفي ذلك خبرها المقدم واللام المزحلقة وآيات اسمها المؤخر ولقوم صفة وجملة يؤمنون صفة لقوم. (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) ويوم معطوف على ويوم نحشر منتظم في حكمه وهو الأمر بذكره وجملة ينفخ في محل جر بإضافة الظرف إليها ونائب الفاعل مستتر تقديره هو وفي الصور متعلقان بينفخ، ففزع عطف على ينفخ وسيأتي سر التعبير بالماضي في باب البلاغة، ومن فاعل فزع وفي السموات صلة ومن في الأرض عطف على من في السموات. (إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) إلا أداة استثناء ومن مستثنى وجملة شاء الله صلة، وكلّ: الواو للحال أو هي عاطفة وكل مبتدأ وساغ الابتداء به لما فيه من معنى العموم ولأن تنوينه عوض عن المضاف اليه أي وكلهم بعد احيائهم يوم القيامة، وجملة أتوه خبر وعبر بالماضي عن المستقبل لتحقق وقوعه كأنه وقع فعلا وداخرين حال. (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) الواو حرف عطف وترى الجبال فعل مضارع مرفوع وفاعل مستتر تقديره أنت ومفعول به والرؤية بصرية وجملة تحسبها حال من الجبال والهاء مفعول تحسبها الأول وجامدة مفعول تحسبها الثاني وهي الواو حالية وهي مبتدأ وجملة تمر خبر والجملة حال من جامدة. (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) صنع مفعول مطلق مؤكد لمضمون الجملة قبله وأضيف المصدر إلى فاعله والذي صفة لله وجملة أتقن صلة وكل شيء مفعول أتقن وان واسمها وخبرها وبما متعلقان بخبير وجملة تفعلون صلة ما. * البلاغة: في هذه الآيات فنون متعددة نوجزها فيما يلي: 1- المجاز العقلي: في قوله «والنهار مبصرا» فقد أسند الإبصار إلى الزمان وهو لا يعقل ولم يأت بالكلام مقابلا لما قبله وهو «ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه» بل جعله أحدهما علة والثاني حالا لأن التقابل قد روعي من جهة المعنى لأن معنى مبصرا ليبصروا فيه طرق التقلب والمكاسب، وهذا هو النظم المطبوع غير المتكلف. 2- الاخبار بالماضي عن المستقبل: وأخبر بالماضي عن المستقبل في قوله «ففزع من في السموات ومن في الأرض» وكان السياق يقضي بأن يأتي بالمستقبل أيضا ولكنه عدل إلى الماضي للإشعار بتحقيق الفزع وانه كائن لا محالة لأن الفعل الماضي يدل على وجود الفعل وكونه مقطوعا به. 3- الطباق: وفي قوله «وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب» طباق عجيب بين الجمود والحركة السريعة فجعل ما يبدو لعين الناظر كالجبل في جموده ورسوخه ولكنه سريع يمر مرورا حثيثا كما يمر السحاب وهذا شأن الأجرام العظام المتكاثرة العدد إذا تحركت لا تكاد تتبين حركتها كما قال النابغة في وصف جيش: بأرعن مثل الطود تحسب أنهم ... وقوف لحاج والركاب تهملج وهذا بيت رائع فالأرعن الجبل العالي وقد استعاره للجيش ثم شبهه بالطود وهو الجبل العظيم ليفيد المبالغة في الكثرة والحاج اسم جمع واحده حاجة والركاب المطي لا واحد له من لفظه والهملجة السير الرهو السريع فارسي معرب وفي الصحاح: «الهملاج من البراذين واحده الهماليج ومشيها الهملجة فارسي معرب» يقول: حاربنا العدو بجيش عظيم تظنهم واقفين لحاج لكثرتهم والحال أن ركابهم تسرع السير. وللزمخشري وصف بليغ لهذه الآيات نورده فيما يلي: «فانظر إلى بلاغة هذا الكلام وحسن نظمه وترتيبه ومكانة إضماده ورصانة تفسيره وأخذ بعضه بحجزة بعض كأنما أفرغ إفراغا واحدا، ولأمر ما أعجز القوى وأخرس الشقاشق ونحو هذا المصدر «أي صنع الله» إذا جاء عقيب كلام جاء كالشاهد بصحته والمنادي على سداده وأنه ما كان ينبغي أن يكون إلا كما قد كان، ألا ترى إلى قوله صنع الله، ووعد الله، وفطرة الله، بعد ما وسمها بإضافتها اليه بسمة التعظيم كيف تلاها بقوله: الذي أتقن كل شيء، ومن أحسن من الله صبغة، ولا يخلف الله الميعاد، لا تبديل لخلق الله» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب