﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا﴾ بَيانٌ إجْمالِيٌّ لِحالِ المُكَذِّبِينَ عِنْدَ قِيامِ السّاعَةِ بَعْدَ بَيانِ بَعْضِ مَبادِئِها، و"يَوْمَ" مَنصُوبٌ بِمُضْمَرٍ خُوطِبَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، والمُرادُ بِهَذا الحَشْرِ: هو الحَشْرُ لِلْعَذابِ بَعْدَ الحَشْرِ الكُلِّيِّ الشّامِلِ لِكافَّةِ الخَلْقِ، وتَوْجِيهِ الأمْرِ بِالذِّكْرِ إلى الوَقْتِ مَعَ أنَّ المَقْصُودَ تَذْكِيرُ ما وقَعَ فِيهِ مِنَ الحَوادِثِ قَدْ مَرَّ بَيانُ سِرِّهِ مِرارًا؛ أيْ: واذْكُرْ لَهم وقْتَ حَشْرِنا؛ أيْ: جَمْعِنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ مِن أُمَمِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، أوْ مِن أهْلِ كُلِّ قَرْنٍ مِنَ القُرُونِ جَماعَةً كَثِيرَةً، فَمِن تَبْعِيضِيَّةٌ؛ لِأنَّ كُلَّ أُمَّةٍ مُنْقَسِمَةٌ إلى مُصَدِّقٍ ومُكَذِّبٍ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا﴾ بَيانٌ لِلْفَوْجِ؛ أيْ: فَوْجًا مُكَذِّبِينَ بِها ﴿فَهم يُوزَعُونَ﴾ أيْ: يُحْبَسُ أوَّلُهم عَلى آخِرِهِمْ حَتّى يَتَلاحَقُوا ويَجْتَمِعُوا في مَوْقِفِ التَّوْبِيخِ والمُناقَشَةِ، وفِيهِ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وتَباعُدِ أطْرافِهِمْ ما لا يَخْفى. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أبُو جَهْلٍ، والوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ، وشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ يُساقُونَ بَيْنَ يَدَيْ أهْلِ مَكَّةَ، وهَكَذا يُحْشَرُ قادَةُ سائِرِ الأُمَمِ بَيْنَ أيْدِيهِمْ إلى النّارِ.
{"ayah":"وَیَوۡمَ نَحۡشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةࣲ فَوۡجࣰا مِّمَّن یُكَذِّبُ بِـَٔایَـٰتِنَا فَهُمۡ یُوزَعُونَ"}