الباحث القرآني

وقوله تعالى: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً: هو تذكيرٌ بيومِ القيامةِ، والفوجُ: الجماعة الكثيرة، ويُوزَعُونَ معناه: يكفّون في السوق، يَحْبِسُ أولُهُم عَلى آخرهم [[أخرجه الطبريّ (10/ 17) رقم (27113) ، وذكره ابن عطية (4/ 271) ، وابن كثير (3/ 376) بنحوه.]] قاله قتادة، ومنه وَازَع الجيشَ، ثم أخبر- تعالى- عن توقيفِه الكفرةَ يومَ القيامةِ وسؤالِهم على جهة التوبيخ: أَكَذَّبْتُمْ ... الآية، ثم قال: أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ على معنى استيفاء الحُجَجِ، أي: إن كان لكم عملٌ أو حُجَّةٌ فهاتوها. ثم أخبر عن وقوع القول عليهم، أي: نفوذُ العذابِ وحَتْمُ القَضَاءِ وأنهم لا ينطقونَ بحجَّةٍ، وهذا في موطن من مواطِنِ القيامةِ. ولما تكلَّم المحاسِبيُّ على أهوال القيامة، قال: واذكر الصراط بدقّته وهوله وزلَّتِه وعَظِيم خطره وجهنم تخفق بأمواجها من تحته، فيا له مِنْ مَنظرٍ ما أفْظَعَهُ وأهْوَلَهُ، فتَوهَّمْ ذلِكَ بقلبٍ فارغٍ، وعقلٍ جامعٍ، فإن أهوالَ يومِ القيامةِ إنما خَفَّتْ علَى الذِينَ تَوَهَّمُوهَا في الدنيا بعقولهم، فتحملوا في الدنيَا الهُمُومَ خَوْفاً مِن مَقامِ رَبِّهِمْ، فَخَفَّفَها مَوْلاَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عَنْهم، انتهى من «كتاب التوهم» . وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وهو القَرْنُ في قول جمهور الأمة، وصاحب الصور هو 55 أإسرافيل- عليه السلام-، وهذه النفخةُ المذكورة هنا هي نفخة/ الفَزَع، ورَوى أبو هريرةَ [[ذكره ابن عطية (4/ 272) .]] أنها ثلاثُ نفخات: نفخةُ الفَزَعِ، وهو فزع حياةِ الدُّنيَا وليْسَ بالفَزَع الأكْبَرِ، ونفخةُ الصَّعْقِ، ونفخةُ القيام من القبور. وقالت فرقة: إنما هما نفختان: كأنهم جَعَلُوا الفَزَعَ والصَّعْقَ في نفخةٍ وَاحِدَةٍ مستدلين بقوله تعالى: ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى ... الآية [الزمر: 68] . قالوا: وأخرى لا يقال إلا في الثانية. قال ع [[ينظر: «المحرر» (4/ 272) .]] : والأول أصحُّ، وأخرى يقال في الثالثةِ، ومنه قوله تعالى: وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى. [النجم: 20] . وقوله تعالى: إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ استثناءٌ فيمن قَضَى الله سبحانه مِنْ ملائكتِه، وأنبيائه، وشهداءِ عبيدِه أن لا ينالهم فزعُ النَّفْخِ في الصورِ، حَسَبَ ما ورد في ذلك من الآثار. قال ع [[ينظر: «المحرر» (4/ 272) .]] : وإذا كان الفزعُ الأَكْبَرُ لاَ ينالهُم فَهُمْ حَرِيُّونَ أن لا ينالَهم هَذا. وقرأ حمزة [[وبها قرأ حفص عن عاصم. وقرأ الباقون بالمد «آتوه» اسم فاعل، واحتجوا بقوله تعالى: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً [مريم: 95] . ينظر: «الحجة» 5/ 406، و «السبعة» (487) ، و «إعراب القراءات» (2/ 165) ، و «معاني القراءات» (2/ 247) ، و «شرح الطيبة» (5/ 117) ، و «العنوان» (146) ، و «حجة القراءات» (538) ، و «شرح شعلة» (531) ، و «إتحاف» (2/ 335) .]] : «وَكُلُّ أَتَوْهُ» على صيغة الفعل الماضي، والدَّاخِرُ: المُتَذَلِّلُ الخاضِعُ، قال ابن عباس وابن زيد: الداخرُ: الصاغرُ، وقد تظاهرَتِ الرواياتُ بأنَّ الاستثناءَ فِي هذِه الآيةِ إنما أريد به الشهداءُ: لأنهم أحياءٌ عند ربهم يُرْزَقُونَ، وهم أهلٌ للفزعِ لأنَّهُمْ بشر لكن فُضِّلُوا بالأمن في ذلك اليوم. ت: واختار الحليميُّ هذا القولَ قال: - وهو مروي عن ابن عباس-: إن المستَثْنَى هم الشهداء. وضعَّفَ ما عداه من الأقوال، قال القرطبي [[ينظر: «التذكرة» للقرطبي (1/ 233) .]] ، في «تذكرته» : وَقَدْ وَرَدَ في حديث أبي هريرة بِأَنَّهُمُ الشهداء وهو حديث صحيح [[هو موقوف عن أبي هريرة. ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 221) ، وعزاه لسعيد بن منصور، وابن جرير.]] ، انتهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب