الباحث القرآني

ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - طَرَفًا مُجْمَلًا مِن أهْوالِ يَوْمِ القِيامَةِ، فَقالَ: ﴿ويَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا﴾ العامِلُ في الظَّرْفِ فِعْلٌ مَحْذُوفٌ خُوطِبَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، والحَشْرُ الجَمْعُ. قِيلَ: والمُرادُ (p-١٠٩٠)بِهَذا الحَشْرِ هو حَشْرُ العَذابِ بَعْدَ الحَشْرِ الكُلِّيِّ الشّامِلِ لِجَمِيعِ الخَلْقِ، ومِن لِابْتِداءِ الغايَةِ، والفَوْجُ: الجَماعَةُ كالزُّمْرَةِ، ومِن في ﴿مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا﴾ بَيانِيَّةٌ ﴿فَهم يُوزَعُونَ﴾ أيْ: يُحْبَسُ أوَّلُهم عَلى آخِرِهِمْ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ في هَذِهِ السُّورَةِ مُسْتَوْفًى، وقِيلَ: مَعْناهُ: يَدْفَعُونَ، ومِنهُ قَوْلُ الشَّمّاخِ: ؎وكَمْ وزَعْنا مِن خَمِيسٍ جَحْفَلِ ومَعْنى الآيَةِ: واذْكُرْ يا مُحَمَّدُ يَوْمًا نَجْمَعُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ جَماعَةً مُكَذِّبِينَ بِآياتِنا فَهم عِنْدَ ذَلِكَ الحَشْرِ يَرُدُّ أوَّلُهم عَلى آخِرِهِمْ أوْ يَدْفَعُونَ: أيِ: اذْكُرْ لَهم هَذا أوْ بَيِّنْهُ تَحْذِيرًا لَهم وتَرْهِيبًا. ﴿حَتّى إذا جاءُوا﴾ إلى مَوْقِفِ الحِسابِ قالَ اللَّهُ لَهم تَوْبِيخًا وتَقْرِيعًا ﴿أكَذَّبْتُمْ بِآياتِي﴾ الَّتِي أنْزَلْتُها عَلى رُسُلِي، وأمَرْتُهم بِإبْلاغِها إلَيْكم " و" الحالُ أنَّكم ﴿ولَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْمًا﴾ بَلْ كَذَّبْتُمْ بِها بادِئَ بَدْءٍ جاهِلِينَ لَها غَيْرَ ناظِرِينَ فِيها ولا مُسْتَدِلِّينَ عَلى صِحَّتِها أوْ بُطْلانِها تَمَرُّدًا وعِنادًا وجُرْأةً عَلى اللَّهِ وعَلى رُسُلِهِ، وفي هَذا مَزِيدُ تَقْرِيعٍ وتَوْبِيخٍ، لِأنَّ مَن كَذَّبَ بِشَيْءٍ ولَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْمًا فَقَدْ كَذَّبَ في تَكْذِيبِهِ، ونادى عَلى نَفْسِهِ بِالجَهْلِ وعَدَمِ الإنْصافِ، وسُوءِ الفَهْمِ، وقُصُورِ الإدْراكِ، ومِن هَذا القَبِيلِ مَن تَصَدّى لِذَمِّ عِلْمٍ مِنَ العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ أوْ لِذَمِّ عِلْمٍ هو مُقَدَّمَةٌ مِن مُقَدَّماتِها، ووَسِيلَةٌ يُتَوَسَّلُ بِها إلَيْها، ويُفِيدُ زِيادَةَ بَصِيرَةٍ في مَعْرِفَتِها، وتَعَقُّلِ مَعانِيها كَعُلُومِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ بِأسْرِها، وهي اثْنا عَشَرَ عِلْمًا، وعِلْمُ أُصُولِ الفِقْهِ فَإنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلى اسْتِنْباطِ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ عَنْ أدِلَّتِها التَّفْصِيلِيَّةِ مَعَ اشْتِمالِهِ عَلى بَيانِ قَواعِدِ اللُّغَةِ الكُلِّيَّةِ، وهَكَذا كُلُّ عِلْمٍ مِنَ العُلُومِ الَّتِي لَها مَزِيدُ نَفْعٍ في فَهْمِ كِتابِ اللَّهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ، فَإنَّهُ قَدْ نادى عَلى نَفْسِهِ بِأرْفَعِ صَوْتٍ بِأنَّهُ جاهِلٌ مُجادِلٌ بِالباطِلِ طاعِنٌ عَلى العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، مُسْتَحِقٌّ لِأنْ تَنْزِلَ بِهِ قارِعَةٌ مِن قَوارِعِ العُقُوبَةِ الَّتِي تَزْجُرُهُ عَنْ جَهْلِهِ وضَلالِهِ وطَعْنِهِ عَلى ما لا يَعْرِفُهُ، ولا يَعْلَمُ بِهِ، ولا يُحِيطُ بِكُنْهِهِ حَتّى يَصِيرَ عِبْرَةً لِغَيْرِهِ، ومَوْعِظَةً يَتَّعِظُ بِها أمْثالُهُ مِن ضِعافِ العُقُولِ ورِكاكِ الأدْيانِ، ورَعاعِ المُتَلَبِّسِينَ بِالعِلْمِ زُورًا وكَذِبًا، وأمْ في قَوْلِهِ: ﴿أمْ ماذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ هي المُنْقَطِعَةُ، والمَعْنى: أمْ أيُّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ حَتّى شَغَلَكم ذَلِكَ عَنِ النَّظَرِ فِيها والتَّفَكُّرِ في مَعانِيها، وهَذا الِاسْتِفْهامُ عَلى طَرِيقِ التَّبْكِيتِ لَهم. ﴿ووَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ قَرِيبًا، والباءُ في ﴿بِما ظَلَمُوا﴾ لِلسَّبَبِيَّةِ أيْ: وجَبَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ الظُّلْمِ الَّذِي أعْظَمُ أنْواعِهِ الشِّرْكُ بِاللَّهِ ﴿فَهم لا يَنْطِقُونَ﴾ عِنْدَ وُقُوعِ القَوْلِ عَلَيْهِمِ أيْ: لَيْسَ لَهم عُذْرٌ يَنْطِقُونَ بِهِ، أوْ لا يَقْدِرُونَ عَلى القَوْلِ لِما يَرَوْنَهُ مِنَ الهَوْلِ العَظِيمِ. وقالَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ: يُخْتَمُ عَلى أفْواهِهِمْ فَلا يَنْطِقُونَ، ثُمَّ بَعْدَ أنْ خَوَّفَهم بِأهْوالِ القِيامَةِ ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - ما يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ دَلِيلًا عَلى التَّوْحِيدِ، وعَلى الحَشْرِ، وعَلى النُّبُوَّةِ مُبالَغَةً في الإرْشادِ وإبْلاءً لِلْمَعْذِرَةِ. فَقالَ: ﴿ألَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ والنَّهارَ مُبْصِرًا﴾ أيْ: جَعَلْنا اللَّيْلَ لِلسُّكُونِ، والِاسْتِقْرارِ والنَّوْمِ، وذَلِكَ بِسَبَبِ ما فِيهِ مِنَ الظُّلْمَةِ فَإنَّهم لا يَسْعَوْنَ فِيهِ لِلْمَعاشِ، والنَّهارَ مُبْصِرًا لِيُبْصِرُوا فِيهِ ما يَسْعَوْنَ لَهُ مِنَ المَعاشِ الَّذِي لا بُدَّ لَهُ مِنهم، ووَصْفُ النَّهارِ بِالإبْصارِ، وهو وصْفٌ لِلنّاسِ مُبالَغَةٌ في إضاءَتِهِ كَأنَّهُ يُبْصِرُ ما فِيهِ. قِيلَ: في الكَلامِ حَذْفٌ، والتَّقْدِيرُ: وجَعَلْنا اللَّيْلَ مُظْلِمًا لِيَسْكُنُوا، وحَذَفَ مُظْلِمًا لِدَلالَةِ مُبْصِرًا عَلَيْهِ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ في الإسْراءِ وفي يُونُسَ إنَّ في ذَلِكَ المَذْكُورِ لَآياتٍ أيْ: عَلاماتٍ ودَلالاتٍ ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ بِاللَّهِ - سُبْحانَهُ - . ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - عَلامَةً أُخْرى لِلْقِيامَةِ فَقالَ ﴿ويَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ﴾ هو مَعْطُوفٌ عَلى ﴿ويَوْمَ نَحْشُرُ﴾ مَنصُوبٌ بِناصِبِهِ المُتَقَدِّمِ. قالَ الفَرّاءُ: إنَّ المَعْنى: وذَلِكم يَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ، والأوَّلُ أوْلى. والصُّورُ: قَرْنٌ يَنْفُخُ فِيهِ إسْرافِيلُ، وقَدْ تَقَدَّمَ في الأنْعامِ اسْتِيفاءُ الكَلامِ عَلَيْهِ. والنَّفَخاتُ في الصُّورِ ثَلاثٌ: الأُولى نَفْخَةُ الفَزَعِ، والثّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْقِ، والثّالِثَةُ نَفْخَةُ البَعْثِ. وقِيلَ: إنَّها نَفْخَتانِ، وإنَّ نَفْخَةَ الفَزَعِ إمّا أنْ تَكُونَ راجِعَةً إلى نَفْخَةِ الصَّعْقِ أوْ إلى نَفْخَةِ البَعْثِ، واخْتارَ هَذا القُشَيْرِيُّ والقُرْطُبِيُّ وغَيْرُهُما. وقالَ الماوَرْدِيُّ: هَذِهِ النَّفْخَةُ المَذْكُورَةُ هُنا يَوْمَ النُّشُورِ مِنَ القُبُورِ ﴿فَفَزِعَ مَن في السَّماواتِ ومَن في الأرْضِ﴾ أيْ: خافُوا وانْزَعَجُوا لِشِدَّةِ ما سَمِعُوا، وقِيلَ: المُرادُ بِالفَزَعِ هُنا: الإسْراعُ والإجابَةُ إلى النِّداءِ مِن قَوْلِهِمْ فَزِعْتُ إلَيْكَ في كَذا: إذا أسْرَعْتُ إلى إجابَتِكَ، والأوَّلُ أوْلى بِمَعْنى الآيَةِ. وإنَّما عَبَّرَ بِالماضِي مَعَ كَوْنِهِ مَعْطُوفًا عَلى مُضارِعٍ لِلدَّلالَةِ عَلى تَحَقُّقِ الوُقُوعِ حَسْبَما ذَكَرَهُ عُلَماءُ البَيانِ. وقالَ الفَرّاءُ: هو مَحْمُولٌ عَلى المَعْنى لِأنَّ المَعْنى إذا نَفَخَ إلّا ما شاءَ اللَّهُ أيْ: إلّا مَن شاءَ اللَّهُ أنْ لا يَفْزَعَ عِنْدَ تِلْكَ النَّفْخَةِ. واخْتُلِفَ في تَعْيِينِ مَن وقَعَ الِاسْتِثْناءُ لَهُ، فَقِيلَ: هُمُ الشُّهَداءُ والأنْبِياءُ، وقِيلَ: المَلائِكَةُ، وقِيلَ: جِبْرِيلُ ومِيكائِيلُ وإسْرافِيلُ ومَلَكُ المَوْتِ، وقِيلَ: الحُورُ العَيْنُ، وقِيلَ: هُمُ المُؤْمِنُونَ كافَّةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيما بَعْدُ ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنها وهم مِن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ﴾ ويُمْكِنُ أنْ يَكُونَ الِاسْتِثْناءُ شامِلًا لِجَمِيعِ المَذْكُورِينَ فَلا مانِعَ مِن ذَلِكَ ﴿وكُلٌّ أتَوْهُ داخِرِينَ﴾ قَرَأ الجُمْهُورُ " آتُوهُ " عَلى صِيغَةِ اسْمِ الفاعِلِ مُضافًا إلى الضَّمِيرِ الرّاجِعِ إلى اللَّهِ - سُبْحانَهُ - . وقَرَأ الأعْمَشُ ويَحْيى بْنُ وثّابٍ، وحَمْزَةُ وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ أتَوْهُ فِعْلًا ماضِيًا، وكَذا قَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ. وقَرَأ قَتادَةُ " وكُلٌّ أتاهُ " . قالَ الزَّجّاجُ: إنَّ مَن قَرَأ عَلى الفِعْلِ الماضِي فَقَدْ وحَّدَ عَلى لَفْظِ كُلٍّ، ومَن قَرَأ عَلى اسْمِ الفاعِلِ فَقَدْ جَمَعَ عَلى مَعْناهُ، وهو غَلَطٌ ظاهِرٌ، فَإنَّ كِلا القِراءَتَيْنِ لا تَوْحِيدَ فِيها، بَلِ التَّوْحِيدُ في قِراءَةِ قَتادَةَ فَقَطْ، ومَعْنى داخِرِينَ صاغِرِينَ ذَلِيلِينَ، وهو مَنصُوبٌ عَلى الحالِ، قَرَأ الجُمْهُورُ " داخِرِينَ " وقَرَأ الأعْرَجُ " دَخِرِينَ " بِغَيْرِ ألْفٍ، وقَدْ مَضى تَفْسِيرُ هَذا في سُورَةِ النَّحْلِ. ﴿وتَرى الجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً﴾ مَعْطُوفٌ عَلى يُنْفَخُ. والخِطابُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أوْ لِكُلِّ مَن يَصْلُحُ لِلرُّؤْيَةِ، و﴿تَحْسَبُها جامِدَةً﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِن ضَمِيرِ تَرى أوْ مِن مَفْعُولِهِ، لِأنَّ الرُّؤْيَةَ بَصَرِيَّةٌ، وقِيلَ: هي بَدَلٌ مِنَ (p-١٠٩١)الجُمْلَةِ الأُولى، وفِيهِ ضَعْفٌ، وهَذِهِ هي العَلامَةُ الثّالِثَةُ لِقِيامِ السّاعَةِ، ومَعْنى ﴿تَحْسَبُها جامِدَةً﴾ أيْ: قائِمَةً ساكِنَةً، وجُمْلَةُ ﴿وهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ أيْ: وهي تَسِيرُ سَيْرًا حَثِيثًا كَسَيْرِ السَّحابِ الَّتِي تُسَيِّرُها الرِّياحُ. قالَ القُتَيْبِيُّ: وذَلِكَ أنَّ الجِبالَ تُجْمَعُ وتُسَيَّرُ وهي في رُؤْيَةِ العَيْنِ كالقائِمَةِ وهي تَسِيرُ. قالَ القُشَيْرِيُّ وهَذا يَوْمَ القِيامَةِ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ - تَعالى -: ﴿وسُيِّرَتِ الجِبالُ فَكانَتْ سَرابًا﴾ [النبأ: ٢٠] قَرَأ أهْلُ الكُوفَةِ " تَحْسَبُها " بِفَتْحِ السِّينِ، وقَرَأ الباقُونَ بِكَسْرِها ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ انْتِصابُ " صُنْعَ " عَلى المَصْدَرِيَّةِ عِنْدَ الخَلِيلِ وسِيبَوَيْهِ وغَيْرِهِما أيْ: صَنَعَ اللَّهُ ذَلِكَ صُنْعًا، وقِيلَ: هو مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِقَوْلِهِ ﴿ويَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ﴾ وقِيلَ: مَنصُوبٌ عَلى الإغْراءِ أيِ: انْظُرُوا صُنْعَ اللَّهِ، ومَعْنى ﴿الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ الَّذِي أحْكَمَهُ، يُقالُ: رَجُلٌ تِقْنٌ أيْ: حاذِقٌ بِالأشْياءِ، وجُمْلَةُ ﴿إنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ﴾ تَعْلِيلٌ لِما قَبْلَها مِن كَوْنِهِ - سُبْحانَهُ - صَنَعَ ما صَنَعَ وأتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ. والخَبِيرُ: المُطَّلِعُ عَلى الظَّواهِرِ والضَّمائِرِ. قَرَأ الجُمْهُورُ بِالتّاءِ الفَوْقِيَّةِ عَلى الخِطابِ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وهِشامٌ بِالتَّحْتِيَّةِ عَلى الخَبَرِ. ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنها﴾ الألِفُ واللّامُ لِلْجِنْسِ أيْ: مَن جاءَ بِجِنْسِ الحَسَنَةِ فَلَهُ مِنَ الجَزاءِ والثَّوابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنها أيْ: أفْضَلُ مِنها وأكْثَرُ، وقِيلَ: خَيْرٌ حاصِلٌ مِن جِهَتِها، والأوَّلُ أوْلى. وقِيلَ: المُرادُ بِالحَسَنَةِ هُنا: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وقِيلَ: هي الإخْلاصُ، وقِيلَ: أداءُ الفَرائِضِ، والتَّعْمِيمُ أوْلى ولا وجْهَ لِلتَّخْصِيصِ وإنْ قالَ بِهِ بَعْضُ السَّلَفِ. قِيلَ: وهَذِهِ الجُمْلَةُ بَيانٌ لِقَوْلِهِ ﴿إنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ﴾ وقِيلَ: بَيانٌ لِقَوْلِهِ ﴿وكُلٌّ أتَوْهُ داخِرِينَ﴾ . قَرَأ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ ﴿وهم مِن فَزَعٍ﴾ بِالتَّنْوِينِ وفَتْحِ مِيمِ يَوْمَئِذٍ. وقَرَأ نافِعٌ بِفَتْحِها مِن غَيْرِ تَنْوِينٍ. وقَرَأ الباقُونَ بِإضافَةِ فَزَعٍ إلى يَوْمَئِذٍ. قالَ أبُو عُبَيْدٍ: وهَذا أعْجَبُ إلَيَّ لِأنَّهُ أعَمُّ التَّأْوِيلَيْنِ لِأنَّ مَعْناهُ: الأمْنُ مِن فَزَعِ جَمِيعِ ذَلِكَ اليَوْمِ، ومَعَ التَّنْوِينِ يَكُونُ الأمْنُ مِن فَزَعٍ دُونَ فَزَعٍ. وقِيلَ: إنَّهُ مَصْدَرٌ يَتَناوَلُ الكَثِيرَ فَلا يَتِمُّ التَّرْجِيحُ بِما ذَكَرَ، فَتَكُونُ القِراءَتانِ بِمَعْنًى واحِدٍ. وقِيلَ: المُرادُ بِالفَزَعِ هاهُنا هو الفَزَعُ الأكْبَرُ المَذْكُورُ في قَوْلِهِ: ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ﴾ [الأنبياء: ١٠٣]، ووَجْهُ قِراءَةِ نافِعٍ أنَّهُ نَصَبَ يَوْمَ عَلى الظَّرْفِيَّةِ لِكَوْنِ الإعْرابِ فِيهِ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ، ولَمّا كانَتْ إضافَةُ الفَزَعِ إلى ظَرْفٍ غَيْرِ مُتَمَكِّنٍ بُنِيَ، وقَدْ تَقَدَّمَ في سُورَةِ هُودٍ كَلامٌ في هَذا مُسْتَوْفًى. ﴿ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهم في النّارِ﴾ . قالَ جَماعَةٌ مِنَ الصَّحابَةِ ومَن بَعْدَهم حَتّى قِيلَ: إنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أهْلِ التَّأْوِيلِ: إنَّ المُرادَ بِالسَّيِّئَةِ هُنا الشِّرْكُ، ووَجْهُ التَّخْصِيصِ قَوْلُهُ: ﴿فَكُبَّتْ وُجُوهُهم في النّارِ﴾ فَهَذا الجَزاءُ لا يَكُونُ إلّا بِمِثْلِ سَيِّئَةِ الشِّرْكِ، ومَعْنى ﴿فَكُبَّتْ وُجُوهُهم في النّارِ﴾ أنَّهم كُبُّوا فِيها عَلى وُجُوهِهِمْ وأُلْقُوا فِيها وطُرِحُوا عَلَيْها، يُقالُ: كَبَبْتُ الرَّجُلَ: إذا ألْقَيْتَهُ لِوَجْهِهِ فانْكَبَّ وأكَبَّ، وجُمْلَةُ ﴿هَلْ تُجْزَوْنَ إلّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ بِتَقْدِيرِ القَوْلِ أيْ: يُقالُ ذَلِكَ، والقائِلُ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ أيْ: ما تُجْزَوْنَ إلّا جَزاءَ عَمَلِكم. ﴿إنَّما أُمِرْتُ أنْ أعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ البَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها﴾ لَمّا فَرَغَ - سُبْحانَهُ - مِن بَيانِ أحْوالِ المَبْدَأِ والمَعادِ أمَرَ رَسُولَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أنْ يَقُولَ لَهم هَذِهِ المَقالَةَ أيْ: قُلْ يا مُحَمَّدُ إنَّما أُمِرْتُ أنْ أخُصَّ اللَّهَ بِالعِبادَةِ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، والمُرادُ بِالبَلْدَةِ: مَكَّةُ، وإنَّما خَصَّها مِن بَيْنِ سائِرِ البِلادِ لِكَوْنِ فِيها بَيْتُ اللَّهِ الحَرامِ، ولِكَوْنِها أحَبَّ البِلادِ إلى رَسُولِهِ، والمَوْصُولُ صِفَةٌ لِلرَّبِّ، وهَكَذا قَرَأ الجُمْهُورُ. وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ مَسْعُودٍ " الَّتِي حَرَّمَها " عَلى أنَّ المَوْصُولَ صِفَةٌ لِلْبَلْدَةِ، ومَعْنى حَرَّمَها جَعَلَها حَرَمًا آمِنًا لا يُسْفَكُ فِيها دَمٌ، ولا يُظْلَمُ فِيها أحَدٌ، ولا يُصْطادُ صَيْدُها، ولا يُخْتَلى خَلاها ﴿ولَهُ كُلُّ شَيْءٍ﴾ مِنَ الأشْياءِ خَلْقًا ومِلْكًا وتَصَرُّفًا أيْ: ولِلَّهِ كُلُّ شَيْءٍ ﴿وأُمِرْتُ أنْ أكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ﴾ أيِ: المُنْقادِينَ لِأمْرِ اللَّهِ المُسْتَسْلِمِينَ لَهُ بِالطّاعَةِ، وامْتِثالِ أمْرِهِ، واجْتِنابِ نَهْيِهِ، والمُرادُ بِقَوْلِهِ أنْ أكُونَ أنْ أثْبُتَ عَلى ما أنا عَلَيْهِ. ﴿وأنْ أتْلُوَ القُرْآنَ﴾ أيْ: أُداوِمَ تِلاوَتَهُ وأُواظِبَ عَلى ذَلِكَ. قِيلَ: ولَيْسَ المُرادُ مِن تِلاوَةِ القُرْآنِ هُنا إلّا تِلاوَةَ الدَّعْوَةِ إلى الإيمانِ، والأوَّلُ أوْلى ﴿فَمَنِ اهْتَدى فَإنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ لِأنَّ نَفْعَ ذَلِكَ راجِعٌ إلَيْهِ أيْ: فَمَنِ اهْتَدى عَلى العُمُومِ، أوْ فَمَنِ اهْتَدى بِما أتْلُوهُ عَلَيْهِ فَعَمِلَ بِما فِيهِ مِنَ الإيمانِ، والأوَّلُ أوْلى " فَمَنِ اهْتَدى فَإنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ " لِأنَّ نَفْعَ ذَلِكَ راجِعٌ إلَيْهِ أيْ: فَمَنِ اهْتَدى عَلى العُمُومِ، أوْ فَمَنِ اهْتَدى بِما أتْلُوهُ عَلَيْهِ فَعَمِلَ بِما فِيهِ مِنَ الإيمانِ بِاللَّهِ، والعَمَلِ بِشَرائِعِهِ. قَرَأ الجُمْهُورُ " وأنْ أتْلُوَ " بِإثْباتِ الواوِ بَعْدَ اللّامِ عَلى أنَّهُ مِنَ التِّلاوَةِ وهي القِراءَةُ، أوْ مِنَ التِّلْوِ، وهو الِاتِّباعُ. وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ " وأنِ اتْلُ " بِحَذْفِ الواوِ أمْرًا لَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - كَذا وجَّهَهُ الفَرّاءُ. قالَ النَّحّاسُ: ولا نَعْرِفُ أحَدًا قَرَأ هَذِهِ القِراءَةَ، وهي مُخالِفَةٌ لِجَمِيعِ المَصاحِفِ ﴿ومَن ضَلَّ فَقُلْ إنَّما أنا مِنَ المُنْذِرِينَ﴾ أيْ: ومَن ضَلَّ بِالكُفْرِ وأعْرَضَ عَنِ الهِدايَةِ فَقُلْ لَهُ إنَّما أنا مِنَ المُنْذِرِينَ، وقَدْ فَعَلْتُ بِإبْلاغِ ذَلِكَ إلَيْكم ولَيْسَ عَلَيَّ غَيْرُ ذَلِكَ. وقِيلَ: الجَوابُ مَحْذُوفٌ أيْ: فَوَبالُ ضَلالِهِ عَلَيْهِ، وأُقِيمَ إنَّما أنا مِنَ المُنْذِرِينَ مَقامَهُ لِكَوْنِهِ كالعِلَّةِ لَهُ. ﴿وقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ﴾ عَلى نِعَمِهِ الَّتِي أنْعَمَ بِها عَلَيَّ مِنَ النُّبُوَّةِ والعِلْمِ وغَيْرِ ذَلِكَ، وقَوْلُهُ: ﴿سَيُرِيكم آياتِهِ﴾ هو مِن جُمْلَةِ ما أُمِرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أنْ يَقُولَهُ أيْ: سَيُرِيكُمُ اللَّهُ آياتِهِ في أنْفُسِكم وفي غَيْرِكم فَتَعْرِفُونَها أيْ: تَعْرِفُونَ آياتِهِ، ودَلائِلَ قُدْرَتِهِ ووَحْدانِيَّتِهِ، وهَذِهِ المَعْرِفَةُ لا تَنْفَعُ الكُفّارَ لِأنَّهم عَرَفُوها حِينَ لا يُقْبَلُ مِنهُمُ الإيمانُ، وذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِ المَوْتِ. ثُمَّ خَتَمَ السُّورَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿وما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ﴾ وهو كَلامٌ مِن جِهَتِهِ - سُبْحانَهُ - غَيْرُ داخِلٍ تَحْتَ الكَلامِ الَّذِي أمَرَ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أنْ يَقُولَهُ، وفِيهِ تَرْهِيبٌ شَدِيدٌ وتَهْدِيدٌ عَظِيمٌ. قَرَأ أهْلُ المَدِينَةِ والشّامِ وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ تَعْمَلُونَ بِالفَوْقِيَّةِ عَلى الخِطابِ، وقَرَأ الباقُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: داخِرِينَ قالَ: صاغِرِينَ. وأخْرَجَ هَؤُلاءِ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿وتَرى الجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً﴾ قالَ: قائِمَةً ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ قالَ: أحْكَمَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ قالَ: أحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وأوْثَقَهُ. (p-١٠٩٢)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - «﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنها﴾ قالَ: هي لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، ﴿ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهم في النّارِ﴾ قالَ: هي الشِّرْكُ»، وإذا صَحَّ هَذا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فالمَصِيرُ إلَيْهِ في تَفْسِيرِ كَلامِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - مُتَعَيَّنٌ ويُحْمَلُ عَلى أنَّ المُرادَ قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ بِحَقِّها، وما يَجِبُ لَها، فَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ كُلُّ طاعَةٍ، ويَشْهَدُ لَهُ ما أخْرَجَهُ الحاكِمُ في الكُنى عَنْ صَفْوانَ بْنِ عَسّالٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ جاءَ الإيمانُ والشِّرْكُ يَجْثُوانِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ -، فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْإيمانِ: انْطَلِقْ أنْتَ وأهْلُكَ إلى الجَنَّةِ، ويَقُولُ لِلشِّرْكِ: انْطَلِقِ أنْتَ وأهْلُكَ إلى النّارِ. ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنها﴾ يَعْنِي قَوْلَهُ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، ﴿ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ يَعْنِي الشِّرْكَ ﴿فَكُبَّتْ وُجُوهُهم في النّارِ﴾» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ وأنَسٍ ونَحْوِهِ مَرْفُوعًا. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والدَّيْلَمِيُّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - «مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ يَعْنِي شَهادَةَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ ﴿فَلَهُ خَيْرٌ مِنها﴾ يَعْنِي بِالخَيْرِ الجَنَّةَ ﴿ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ يَعْنِي الشِّرْكَ ﴿فَكُبَّتْ وُجُوهُهم في النّارِ﴾ وقالَ هَذِهِ تُنْجِي»، وهَذِهِ تُرْدِي. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في الأسْماءِ والصِّفاتِ، والخَرائِطِيُّ في مَكارِمِ الأخْلاقِ: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ﴾ قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، ﴿ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ قالَ: بِالشِّرْكِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، ﴿فَلَهُ خَيْرٌ مِنها﴾ قالَ: لَهُ مِنها خَيْرٌ، يَعْنِي مِن جِهَتِها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا ﴿فَلَهُ خَيْرٌ مِنها﴾ قالَ: ثَوابٌ، وأخْرَجَ أيْضًا عَنْهُ أيْضًا قالَ: البَلْدَةُ مَكَّةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب