الباحث القرآني

قوله عزّ وجل: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً جماعة مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ يحبس أوّلهم على آخرهم ليجتمعوا ثمّ يساقون إلى النار، وقال ابن عباس: يُوزَعُونَ: يدفعون حَتَّى إِذا جاؤُ يوم القيامة قالَ الله سبحانه لهم أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً ولم تعرفوا حقّ معرفتها أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فيها من تكذيب أو تصديق، وقيل: هو توبيخ، أي ماذا كنتم تعملون حين لم تبحثوا عنها، ولم تتفكّروا فيها؟ وَوَقَعَ الْقَوْلُ ووجب العذاب عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا أشركوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ لأنّ أفواههم مختومة. وقال أكثر المفسّرين: فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ بحجّة وعذر، نظيره قوله سبحانه: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ [[سورة المرسلات: 35- 36.]] أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا خلقنا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً مضيئا يبصر فيه إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكرت لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يصدّقون فيعتبرون قوله تعالى: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وهي النفخة الأولى. أخبرنا محمّد عبد الله بن حامد الوزّان قال: أخبرنا محمّد بن جعفر بن يزيد الصيرفي قال: حدّثنا علي بن حرب قال: حدّثنا أسباط قال: حدّثنا سلمان التميمي [[في النسخة الثانية: التيمي.]] ، عن أسلم العجلي، عن بشر بن شغاف، عن عبد الله بن عمرو قال: جاء إعرابي إلى النبي ﷺ‎ فسأله عن الصّور، فقال: «قرن ينفخ فيه» [[مسند أحمد: 2/ 162.]] [121] . وقال مجاهد: الصّور كهيئة البوق، وقيل: هو بلغة أهل اليمن، وعلى هذا أكثر المفسّرين، يدلّ عليه قول النبي ﷺ‎: «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ» [[كنز العمّال: 14/ 625، ح 39743.]] [122] . وقال قتادة وأبو عبيدة: هو جمع صورة يقال: صورة وصور، وصور: مثل سور البناء والمسجد، وجمعها سور وسئور وأنشد أبو عبيدة: سرت إليها في أعالي السور فمعنى الآية: ونفخ في صور الخلق. وقد ورد في كيفيّة نفخ الصور حديث جامع صحيح وهو ما أخبرنا الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم المهرجاني قراءة عليه أبو بكر محمّد بن عبد الله بن ابراهيم الشافعي ببغداد، قال: أخبرني أبو قلابة الرقاشي قال: أخبرني أبو عاصم الضحّاك بن مخلد، عن إسماعيل بن رافع، عن محمّد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ‎: إنّ الله عزّ وجلّ لمّا فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل وهو واضعه على فيه، شاخص بصره إلى العرض ينتظر متى؟ قال: قلت يا رسول الله: وما الصور؟ قال: القرن، قال: قلت: كيف هو؟ قال: عظيم، والذي بعثني بالحقّ إنّ أعظم داره فيه كعرض السماء والأرض، فينفخ فيه بثلاث نفخات: الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لربّ العالمين، فأمر الله عزّ وجل إسرافيل (عليه السلام) بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع فيفزع من في السموات والأرض إلّا من شاء الله، فيأمره فيمدّها ويطيلها وهو الذي يقول الله عزّ وجلّ: وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ فيسيّر الله عزّ وجلّ الجبال فيمرّ من السحاب فيكون سرابا، وترجّ الأرض بأهلها رجّا فيكون كالسفينة الموثّقة في البحر، تضربها الأمواج وتلقيها الرياح، أو كالقنديل المعلّق بالعرش يرجّحه الأرواح وهي التي يقول الله عزّ وجلّ: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ فتمتدّ الأرض بالناس على ظهرها فتذهل المراضع وتضع الحوامل ويشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى يأتي الأقطار فتلقّاها الملائكة تضرب وجوهنا، فيرجع ويولّي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضا، وهو الذي يقول الله عزّ وجلّ يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ. فبينا هم كذلك إذ تصدّعت الأرض من قطر إليّ قطروا أو أمرا عظيما لم يروا مثله، وأخذهم من الكرب والهول ما الله به عليم، ثمّ نظروا إلى السماء فهي كالمهل، ثمّ انشقّت فتناثرت نجومها وانكشفت شمسها وقمرها. قال رسول الله ﷺ‎: «والأموات يومئذ يعلمون بشيء من ذلك» [123] . قال أبو هريرة: يا رسول الله فمن استثنى الله عزّ وجلّ حيث يقول فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ. قال ﷺ‎: «أولئك هم الشهداء وإنّما يصل الفزع إلى الأحياء وهم أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ووقاهم الله فزع ذلك اليوم وآمنهم، وهو عذاب بعثه الله تعالى إلى شرار خلقه، وهو الذي يقول الله يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ إلى قوله وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ فيمكثون في ذلك البلاء ما شاء الله إلّا أنّه يطول عليهم، ثمّ يأمر الله عزّ وجلّ إسرافيل فينفخ نفخة الصعق فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ فإذا اجتمعوا جاء ملك الموت إلى الجبّار ويقول: قد مات أهل السماء والأرض إلّا من شئت، فيقول الله سبحانه وهو أعلم من بقي فقال: أي ربّ بقيت أنت الحيّ الذي لا تموت، وبقي حملة العرش، وبقي جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، وبقيت أنا فيقول الله عزّ وجل فيموت جبرائيل وميكائيل فينطق الله العرش فيقول: أي ربّ يموت جبرائل وميكائيل، فيقول: اسكت إنّي كتب الموت على كلّ من تحت عرشي فيموتان. ثمّ يأتي ملك الموت فيقول: أي ربّ قد مات جبرائيل وميكائيل فيقول وهو أعلم بمن بقي فيقول: بقيت أنت الحيّ الذي لا تموت وبقيت حملة عرشك فيقول ليمت حملة عرشي فيموتون، فيأمر الله العرش فيقبض الصور من إسرافيل فيموت. ثمّ يأتي ملك الموت فيقول: يا ربّ قد مات حملة عرشك فيقول وهو أعلم بمن بقي فيقول: بقيت أنت الحيّ الذي لا تموت وبقيت أنا فقال: أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت فإذا لم يبق إلّا الله الواحد الأحد الصمد الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وكان آخرا كما كان أوّلا طوى السموات كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ. ثمّ قال: أنا الجبّار، لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ، ولا يجيبه أحد، ثمّ يقول تبارك وتعالى جلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ... يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ ... وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ فيبسطها بسطا ثمّ يمدّها مدّ الأديم العكاضي لا يرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً. ثمّ يزجر الله الخلق زجرة واحدة، فإذا هم في هذه الأرض المبدّلة في مثل ما كانوا فيه من الأوّل، من كان في بطنها، كان في بطنها ومن كان على ظهرها كان على ظهرها، ثمّ ينزل الله سبحانه عليهم ماء من تحت العرش كمني الرجال، ثمّ يأمر السحاب أن تنزل بمطر أربعين يوما حتى يكون] من فوقهم] إثنا عشر ذراعا، ويأمر الله سبحانه الأجساد أن تنبت كنبات الطراثيث وكنبات البقل حتى إذا تكاملت أجسادهم كما كانت، قال الله سبحانه: ليحي حملة العرش، فيحيون. ثمّ يقول الله تعالى: ليحي جبريل وميكائيل. فيحييان، فيأمر الله إسرافيل، فيأخذ الصور فيضعه على فيه، ثمّ يدعو الله الأرواح فيؤتى بها، تتوهّج أرواح المؤمنين نورا والأخرى ظلمة، فيقبضها جميعا ثمّ يلقيها على الصور، ثمّ يأمر الله سبحانه إسرافيل أن ينفخ نفخة للبعث فتخرج الأرواح كأنّها النحل قد ملأت ما في السماء والأرض، فيقول الله سبحانه: ليرجعنّ كلّ روح إلى جسده، فتدخل الأرواح الخياشم، ثمّ تمشي في الأجساد كما يمشي السمّ في اللديغ. ثمّ تنشق الأرض عنهم سراعا، فأنا أوّل من ينشق عنه الأرض، فتخرجون منها إلى ربّكم تنسلون عراة حفاة عزّلا مهطعين إلى الداعي، فيقول الكافرون: هذا يَوْمٌ عَسِرٌ» [124] . قوله عزّ وجل: فَفَزِعَ أي فيفزع، والعرب تفعل ذلك في المواضع التي يصلح فيها أذا، لأنّ إذا يصلح معها فعل ويفعل كقولك: أزورك إذا زرتني، وأزورك إذا تزورني. مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ أن لا يفزع وقد ذكرنا في الخبر الماضي أنّهم الشهداء وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ قرأ الأعمش وحمزة وخلف وحفص أَتَوْهُ مقصورا على الفعل بمعنى جاءوه عطفا على قوله: فَفَزِعَ وأَتَوْهُ اعتبارا بقراءة ابن مسعود. أخبرنا محمّد بن نعيم قال: حدّثنا الحسين [[في النسخة الثانية: الحسن.]] بن أيّوب قال: حدّثنا علي بن عبد العزيز قال: حدّثنا أبو عبيد قال: حدّثنا هشام، عن مغيرة، عن إبراهيم، وأخبرنا محمّد بن عبدوس قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب قال: حدّثنا محمّد بن الجهم قال: حدّثنا الفرّاء قال: حدّثني عدّة، منهم المفضل الضبي وقيس وأبو بكر كلّهم عن جحش بن زياد الضبي كلاهما عن تميم بن حذلم قال: قرأت على عبد الله بن مسعود وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ بتطويل الألف، فقال: وَكُلٌّ أَتَوْهُ قصره وقرأ الباقون بالمدّ وضمّ التاء على مثال فاعلوه كقوله: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً [[سورة مريم: 95.]] وهي قراءة علي رضي الله عنه داخِرِينَ صاغرين. قوله تعالى: وَتَرَى الْجِبالَ يا محمّد تَحْسَبُها جامِدَةً قائمة واقفة مستقرّة مكانها. وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ حين تقع على الأرض فتستوي بها. قال القتيبي: وذلك أنّ الجبال تجمع وتسير وهي في رؤية العين كالواقفة وهي تسير، وكذلك كلّ شيء عظيم وكلّ جمع كثير يقصر عنه البصر لكثرته وعظمته ويعد ما بين أطرافه فهو في حسبان الناظر واقف وهو يسير، وإلى هذا ذهب الشاعر في وصف جيش: يا رعن مثل الطود تحسب أنّهم ... وقوف لحاج والركاب تهملج [[لسان العرب: 3/ 249.]] صُنْعَ اللَّهِ نصب على المصدر وقيل: على الإغراء أي اعلموا وأبصروا الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ أي أحكم [كلّ شيء، قتادة] : أحسن. إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ قرأ أهل الكوفة تَفْعَلُونَ بالتاء. غيرهم بالياء، واختار أبو عبيدة بقوله: أَتَوْهُ إنّما هو خبر عنهم مَنْ جاءَ أي وافى الله بِالْحَسَنَةِ بالإيمان. قال أبو معشر: كان إبراهيم يحلف ما يستثني أنّ الحسنة: لا إله إلّا الله، قتادة: بالإخلاص. وأخبرني الحسين بن محمد ابن فنجويه قال: حدّثنا محمد ابن شنبه قال: حدّثنا عبيد [[في النسخة الثانية: عبد.]] الله بن أحمد بن منصور قال: حدّثنا سهل بن بشر قال: حدّثنا عبد الله بن سليمان قال: حدّثنا سعد بن سعيد قال: سمعت علي بن الحسين يقول: رجل غزا في سبيل الله، فكان إذا خلا المكان قال: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، فبينما هو ذات يوم في أرض الروم في موضع في حلفاء وبرديّ رفع صوته يقول: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، خرج عليه رجل على فرس عليه ثياب بيض، فقال: يا عبد الله ما ذات قلت؟ قال: قلت الذي سمعت، والذي نفسي بيده إنّها الكلمة التي قال الله عزّ وجل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ. فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وأخبرني أبو عبد الله محمّد بن عبد الله العباسي قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمّد بن عثمان [النصيبي ببغداد] قال: حدّثنا أبو بكر محمّد ابن الحسين السبيعي بحلب قال: حدّثني الحسين بن إبراهيم الجصّاص قال: أخبرنا حسين بن الحكم قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان، عن [فضيل] بن الزبير، عن أبي داود السبيعي، عن أبي عبد الله الهذلي قال: دخلت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: يا عبد الله ألا أنبّئك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنّة، والسيّئة التي من جاء بها أكبّه الله في النار، ولم يقبل معها عمل؟ قلت: بلى، قال: الحسنة حبّنا والسيّئة بغضنا فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها أي فله من هذه الحسنة خير يوم القيامة، وهو الثواب والأمن من العذاب ، قال ابن عباس: فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها أي فمنها يصل إليه الخير، الحسن: معناه له منها خير، عكرمة وابن جريج: أمّا أن يكون له خير من الإيمان فلا، وإنّه ليس شيء خير من لا إله إلّا الله ولكن له منها خير، وعن ابن عباس أيضا فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها يعني الثواب لأنّ الطاعة فعل العبد والثواب فعل الله سبحانه. وقيل: هو إنّ الله عزّ وجل يقبل إيمانه وحسناته، وقبول الله سبحانه خير من عمل العبد، وقيل: فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها يعني رضوان الله سبحانه، قال الله تعالى: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [[سورة التوبة: 72.]] . وقال محمّد بن كعب وعبد الرحمن بن زيد فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها يعني الإضعاف، أعطاه الله الحسنة بالواحدة عشرا صاعدا، فهذا خير منها، وقد أحسن بن كعب وابن زيد في تأويلهما لأنّ للإضعاف خصائص منها أنّ العبد يسئل عن عمله ولا يسأل عن الإضعاف، ومنها أنّ للشيطان سبيلا إلى عمله ولا سبيل له إلى الإضعاف، ولأنّه لا مطمع للخصوم في الإضعاف، ولأنّ دار الحسنة الدنيا ودار الإضعاف الجنّة، ولأنّ الجنّة على استحقاق العبد، والتضعيف كما يليق بكرم الربّ وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ قرأ أهل الكوفة فَزَعٍ منونا يَوْمَئِذٍ بنصب الميم وهي قراءة ابن مسعود، وسائر القرّاء قرءوا بالإضافة واختاره أبو عبيد قال: لأنّه أعمّ التأويلين أن يكون الأمن من جميع فزع ذلك اليوم، وإذا قال: مِنْ فَزَعِ يَوْمِئِذٍ صار كأنّه فزع دون فزع، وهو اختيار الفرّاء أيضا، قال: لأنّه فزع معلوم، ألا ترى أنّه قال: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ» فصيّر معرفة؟ فإذا أضفته كان معرفة فهو أعجب إلي وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ يعني الشرك. أخبرنا عبد الله بن حامد الوزّان قال: أخبرنا مكّي بن عبدان قال: حدّثنا عبد الله بن هاشم قال: حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي المحجل، عن أبي معشر، عن إبراهيم مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ قال: لا إله إلّا الله. وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ قال: الشرك. وأخبرنا عبد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن محمّد بن شعيب البيهقي قال: حدّثنا بشر ابن موسى قال: حدّثنا روح، عن حبيب بن الشهيد، عن الحسن قال: ثمن الجنّة لا إله إلّا الله. فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ قال ابن عباس: ألقيت، الضحّاك: طرحت، أبو العالية: قلبت، وقيل لهم: هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّما أُمِرْتُ يقول الله سبحانه لنبيّه محمّد (عليه السلام) قل: إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها يعني مكّة جعلها حرما آمنا، فلا يسفك فيها دم حرام، ولا يظلم فيها أحد، ولا يهاج، ولا يصطاد صيدها، ولا يختلي خلالها، وقرأ ابن عباس «التي حرمها» إشارة إلى البلدة. وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ خلقا وملكا وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ [[سورة يس: 17.]] نسختها آية القتال وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ على نعمه، سَيُرِيكُمْ آياتِهِ يعني يوم بدر، نظيرها في سورة الأنبياء: سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ وقال مجاهد: سَيُرِيكُمْ آياتِهِ في أنفسكم وفي السماء والأرض والرزق، دليله قوله: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ [[سورة فصّلت: 53.]] وقوله: وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ [[سورة الذاريات: 20- 21.]] فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب