الباحث القرآني

﴿ولَقَدْ آتيْنا إبْراهِيمَ رُشْدَهُ﴾: الاهتداء لوجوه الصلاح، والإضافة ترشد إلى أنه رشد له شأن، ﴿مِن قَبْلُ﴾: من قبل موسى أو من قبل البلوغ، ﴿وكُنّا بِهِ عالِمِينَ﴾: علمنا أنه أهل لما آتيناه، ﴿إذْ قالَ لِأبِيهِ وقَوْمِهِ﴾ ظرف لـ آتينا، أو لـ رشده، أو تقديره اذكر من أوقات رشده وقت قوله لأبيه: ﴿ما هَذِهِ التَّماثِيلُ﴾: الصور التي لا روح فيها، ﴿التِي أنتم لَها عاكِفُونَ﴾ عدى العكوف باللام لتضمن معنى العبادة، فإن العكوف يستعمل بعلى، ﴿قالُوا وجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ﴾: فقلدناهم، ﴿قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أنْتُمْ وآباؤُكم في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ أي: المقلِّدون والمقلَّدون منخرطون في سلك ضلال لا يخفى على من به أدنى مسكة، ﴿قالُوا أجِئْتَنا بِالحَقِّ أمْ أنْتَ مِنَ اللّاعِبِينَ﴾ أي إما تقوله جد أم هزل، فإنهم استعجبوا واستبعدوا تضليله آباءهم، ﴿قالَ بَلْ رَبُّكم رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ إضراب عن كونه لاعبًا بإقامة البرهان على ما ادعاه، ﴿الَّذِي فَطَرَهُنَّ﴾ قيل الضمير للتماثيل، أو للسماوات والأرض، ﴿وأنا عَلى ذَلِكُمْ﴾: المذكور من التوحيد، أو على أنه خالقهن، ﴿مِنَ الشّاهِدِينَ﴾: المتحققين له المبرهنين عليه، ﴿وتاللهِ لَأكِيدَنَّ أصْنامَكُمْ﴾: أمكرنَّ بها في كسرها، ﴿بَعْدَ أنْ تُوَلُّوا﴾: عنها، ﴿مُدْبِرِينَ﴾: إلى عيدكم حين كانت البلدة خالية، وإنما قاله سرًّا، ولم يسمع إلا رجل واحد فأفشاه عليه، ﴿فَجَعَلَهُمْ﴾ أي: الأصنام، ﴿جُذاذًا﴾: مقطوعًا، فعالًا بمعنى مفعول أو جمع جذيذ، ﴿إلّا كَبِيرًا لَهُمْ﴾: للأصنام، قطعهن بفأس، واستبقى الكبير، ووضع الفأس على عنقه، ﴿لَعَلَّهم إلَيْهِ﴾: إلى كبيرهم، ﴿يَرْجِعُونَ﴾: فيعتقدون أنه هو الذي كسرهن حسدًا عليهن، أو إلى إبراهيم فيحاجهم بأنه فعله كبيرهم، أو إلى الله بتوحيده عند تحققهم عجز آلهتهم، ﴿قالُوا﴾: حين انصرفوا من العيد، ﴿مَن فَعَلَ هَذا بِآلِهَتِنا إنَّهُ لَمِنَ الظّالِمِينَ قالُوا﴾ القائل. من سمع قوله: ﴿لأكيدن أصنامكم﴾ وهذا كما يقال: أكرمني بنو فلان، وإنما المكرم من بينهم رجل: ﴿سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ﴾: بعيبهم، ﴿يُقالُ لَهُ إبْراهِيمُ﴾ مرفوع بـ يقال لأن المراد به الاسم، ﴿قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أعْيُنِ النّاسِ﴾: بمرأى منهم بحيث يتمكن صورته في أعينهم، ﴿لَعَلهم يَشْهَدُون﴾: عليه أنه الفاعل، كرهوا أن يأخذوه بغير بينة، أو يحضرون عقابه، وكان هذا هو المقصود الأكبر له لأن يبين لهم في محفل عظيم، وفور جهلهم وقلة عقلهم في عبادة الجماد، ﴿قالُوا﴾: حين أتوا به، ﴿أأنْتَ فَعَلْتَ هَذا بِآلِهَتِنا يا إبْراهِيمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهم هَذا فاسْألُوهم إنْ كانُوا يَنْطِقُونَ﴾ أراد أن يتفكروا فيعترفوا بعدم نطقهم، وأن هذا لا يصدر عن صنم جماد، فتقوم الحجة عليهم، وفي الصحيحين: ”إن إبراهيم لم يكذب غير ثلاث“، قيل: أسند إلى الكبير لأن غاية تعظيمهم إياه لسبب لمباشرة إبراهيم، فأسند إلى السبب، ﴿فَرَجَعُوا إلى أنْفُسِهِمْ﴾: بالملامة، أو راجعوا عقولهم وتفكروا، ﴿فقالُوا﴾: قال بعضهم لبعض ﴿إنَّكم أنتُمُ الظالِمُون﴾: بهذا السؤال، أو لما أنكم تركتم الأصنام بلا حافظ، أو بعبادتكم من لا يتكلم، ﴿ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُءُوسِهِمْ﴾: أطرقوا رءوسهم من الحيرة والخجل، أو انقلبوا إلى المجادلة بعد ما أقروا على أنفسهم بالظلم، شبه عودهم إلى الباطل بصيرورة أسفل الشيء مستعليًا على أعلاه، ﴿لَقَدْ عَلِمتَ ما هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ﴾ أي: قالوا لقد علمت إلخ فكيف نسألهم، ﴿قالَ أفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكم شَيْئًا ولا يَضُرُّكُمْ﴾: إن عبدتموه، أو تركتموه، ﴿أُفٍّ لَكُمْ﴾ هو صوت المتضجر، أي: قبحًا ونتنًا لكم، واللام لبيان المتأفف به، ﴿ولِما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ أفَلا تَعْقِلُونَ قالُوا﴾: أنتم مجانين لا تفهمون قبح مثل هذا الصنع، قالوا حين عجزوا عن الجواب ﴿حَرِّقُوهُ وانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ﴾: بإهلاك عدوهم، ﴿إنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ﴾: ناصرين لآلهتكم، أو إن كنتم فاعلين شيئًا، ﴿قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْدًا﴾ أي: باردًا فيه ما لا يخفى من المبالغة، ﴿وسَلامًا﴾: يسلم من حَرَّك، ﴿عَلى إبْراهِيمَ﴾، جمعوا له حطبًا وأوقدوا نارًا وقد ذكر أنّهم جمعوا حطبًا كثيرًا جدًّا حتى إن كانت امرأة تمرض فتقول: إن عافاني الله لأجمعن حطبًا لإبراهيم، ثم أوقدوا نارًا كادت الطير في الجو تحرق ورموه بالمنجنيق فيها، فقال: حسبي الله ونعم الوكيل، فاستقبله جبريل قائلًا: ألك حاجة؟ قال أما إليك فلا، فقال: سل ربك، فقال: ”حسبي من سؤالي علمه بحالى“، فما أحرقت منه سوى وثاقيه وكان في النار سبعة أيام وقيل خمسين، وقيل أربعين وهو ابن ست عشر، وكان يقول: ما أنعم أيامي في النار، وقيل: لم يبق نار في الأرض إلا طفئت، وما من دابة إلا تطفئ النار سوى الوزغ ولهذا عد من الفواسق، ﴿وأرادُوا به كَيْدًا﴾ مكرًا في إهلاكه، ﴿فَجَعَلْناهُمُ الأخْسَرينَ﴾: أخسر كل خاسر، ﴿ونَجَّيْناهُ ولُوطًا﴾: ابن أخيه من أرض العراق، ﴿إلى الأرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ﴾ أي: الشام، فإن أكثر الأنبياء بعثوا فيه، فانتشرت في العالم بركتهم قيل: كل ماء ينبع في العالم فأصله من الشام، أو المراد مكة، ﴿ووَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ ويَعْقُوبَ نافِلَةً﴾ أي: عطية حال منهما، أو النافلة ولد الولد، أو هو طلب ولدًا فأعطي إسحاق وزاده يعقوب نافلة، فيكون حالًا من يعقوب للقرينة، ﴿وكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وجَعَلْناهمْ أئِمَّة﴾: يقتدى بهم، ﴿يَهْدُونَ﴾: الناس بالحق، ﴿بِأمْرِنا وأوْحَيْنا إلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْراتِ﴾ لأن يحثوا عليه، ﴿وإقامَ الصَّلاةِ وإيتاءَ الزَّكاةِ﴾ من عطف الخاص على العام للتفضيل، ﴿وكانُوا لنا عابِدِينَ﴾: موحدين مخلصين. ﴿ولُوطًا آتَيْناهُ حُكْمًا﴾ الفصل بالحق بين الخصوم، ﴿ونَجَّيْناهُ مِنَ القَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الخَبائِثَ﴾ وهي قرية سدوم، كان عمل أهلها اللواط، ﴿إنَّهم كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ وأدْخَلْناهُ في رَحْمَتِنا﴾: في أهل رحمتنا أو في جنتنا، ﴿إنَّهُ مِنَ الصّالِحِينَ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب