الباحث القرآني

﴿ولَقَدْ آتَيْنا إبْراهِيمَ رُشْدَهُ﴾ أيِ الرُّشْدَ اللّائِقَ بِهِ وبِأمْثالِهِ مِنَ الرُّسُلِ الكِبارِ وهو الرُّشْدُ الكامِلُ أعْنِي الِاهْتِداءَ إلى وُجُوهِ الصَّلاحِ في الدِّينِ والدُّنْيا والإرْشادَ بِالنَّوامِيسِ الإلَهِيَّةِ وقِيلَ: الصُّحُفُ، وقِيلَ: الحِكْمَةُ، وقِيلَ: التَّوْفِيقُ لِلْخَيْرِ صَغِيرًا، واخْتارَ بَعْضُهُمُ التَّعْمِيمَ. وقَرَأ عِيسى الثَّقَفِيُّ (رَشَدَهُ ) بِفَتْحِ الرّاءِ والشِّينِ وهُما لُغَةٌ كالحُزْنِ والحَزَنِ ﴿مِن قَبْلُ﴾ أيْ مِن قَبْلِ مُوسى وهارُونَ، وقِيلَ مِن قَبْلِ البُلُوغِ حِينَ خَرَجَ مِنَ السِّرْبِ، وقِيلَ مِن قَبْلِ أنْ يُولَدَ حِينَ كانَ في صُلْبِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وقِيلَ مِن قَبْلِ مُحَمَّدٍ ﷺ والأوَّلُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم قالَ في الكَشْفِ: وهو الوَجْهُ الأوْفَقُ لَفْظًا ومَعْنًى، أمّا الأوَّلُ فَلِلْقُرْبِ، وأمّا الثّانِي فَلِأنَّ ذِكْرَ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ لِلتَّأسِّي، وكانَ القِياسُ أنْ يُذْكَرَ نُوحٌ ثُمَّ إبْراهِيمُ ثُمَّ مُوسى عَلَيْهِمُ السَّلامُ لَكِنْ رُوعِيَ في ذَلِكَ تَرْشِيحُ التَّسَلِّي والتَّأسِّي فَقَدْ ذُكِرَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ لِأنَّ حالَهُ وما قاساهُ مِن قَوْمِهِ وكَثْرَةِ آياتِهِ وتَكاثُفِ أُمَّتِهِ أشْبَهُ بِحالِ نَبِيِّنا عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ثُمَّ ثَنّى بِذِكْرِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وقِيلَ ( مِن قَبْلُ ) لِهَذا ألا تَرى إلى قَوْلِهِ تَعالى ﴿ونُوحًا إذْ نادى مِن قَبْلُ﴾ [الأنْبِياءَ: 76] أيْ مِن قَبْلِ هَؤُلاءِ المَذْكُورِينَ، وقِيلَ مِن قَبْلِ إبْراهِيمَ ولُوطٍ اهَـ ﴿وكُنّا بِهِ عالِمِينَ﴾ أيْ بِأحْوالِهِ وما فِيهِ مِنَ الكَمالاتِ، وهَذا كَقَوْلِكَ في خَيْرٍ مِنَ النّاسِ: أنا عالِمٌ بِفُلانٍ فَإنَّهُ مِنَ الِاحْتِواءِ عَلى مَحاسِنِ الأوْصافِ بِمَنزِلٍ. وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ هَذا كِنايَةً عَنْ حِفْظِهِ تَعالى إيّاهُ وعَدَمِ إضاعَتِهِ، وقَدْ قالَ عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمَ إلْقائِهِ في النّارِ وقَوْلِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَهُ سَلْ رَبَّكَ: عِلْمُهُ بِحالِي يُغْنِي عَنْ سُؤالِي، وهو خِلافُ الظّاهِرِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب