الباحث القرآني

قال الله عز وجل: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ [الحديد ٣] أربعة أشياء: ﴿الْأَوَّلُ﴾ يعني: ليس قبله شيء؛ لأنه لو كان قبله شيء لكان الله مخلوقًا، وهو عز وجل الخالق، ولهذا فسر النبي ﷺ الأول بأنه الذي ليس قبله شيء، كل الموجودات بعد الله عز وجل، ما فيه أحد مع الله ولا قبل الله. ﴿وَالْآخِرُ﴾ الذي ليس بعده شيء؛ لأنه لو كان بعده شيء لكان ما يأتي بعده غير مخلوق لله، ومع العلم بأن المخلوقات كلها مخلوقة لله عز وجل، فهو الذي ليس بعده شيء. إذن: هو الأول لا ابتداء له، الآخر لا انتهاء له، ليس بعده شيء. ﴿وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ الظاهر: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تفسيرها: «الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ»[[أخرجه مسلم (٢٧١٣ / ٦١) من حديث أبي هريرة.]] كل المخلوقات تحته جل وعلا، فليس فوقه شيء. الباطن): قال النبي ﷺ: «الَّذِي لَيْسَ دُونَهُ شَيْءٌ»[[أخرجه مسلم (٢٧١٣ / ٦١) من حديث أبي هريرة.]]، يعني ما يحول دونه شيء، خبير عليم بكل شيء، لا يحول دونه جبال ولا أشجار ولا جدران ولا غير ذلك، ليس دونه شيء، الأول والآخر اشتملا على عموم الزمان، والظاهر والباطن على عموم المكان، قلنا: هذه الأسماء الأربعة تضمنت الاشتمال على الزمنية في قوله: ﴿الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ﴾، والمكانية في قوله: ﴿الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾. ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد ٣] كل شيء فالله عليم به، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [آل عمران ٥]، لو عمل الإنسان في جوف بيته، في حجرة مظلمة، فهل يعلم الله تعالى عمله؟ نعم. يعلم، بل زد على ذلك أنه يعلم ما توسوس به نفسك، كما قال الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ [ق ١٦]، أنت إذا فكرت في شيء فالله يعلم به قبل أن يكون، هل يعلم الماضي البعيد؟ نعم. بكل شيء، هل يعلم المستقبل البعيد؟ نعم، بكل شيء، ولهذا قال موسى عليه الصلاة والسلام لما سأله فرعون: ﴿فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى﴾ [طه ٥١] يعني ويش ما شأنها؟ قص علينا: ﴿قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾ [طه ٥٢]، ﴿لَا يَضِلُّ﴾ يعني ما يجهل؛ لأن الضلال معناه الجهل، كما قال الله عز وجل في نبيه: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ [الضحى ٧]، ﴿ضَالًّا﴾ ما هو معناه أنه فاسق، لا، معناه أنه جاهل ما يدري، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي﴾ أيش ﴿مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ﴾ [الشورى ٥٢]، وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [العنكبوت ٤٨] إذن الله بكل شيء عليم. يا أخي، إذا علمت أن الله بكل شيء عليم، هل يمكنك أن تقدم على معصية الله وأنت في خفاء عن الناس؟ أجب، أجيبوا يا جماعة، نعم ولَّا لا؟ * طلبة: لا. * الشيخ: لا؛ لأنك تعلم أن الله يعلمك، ما يمكن، قال الله عز وجل: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ﴾ الجواب ﴿بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف ٨٠]. فإذن إذا آمنت بأن الله جل وعلا عليم بكل شيء فإنه يستلزم ألا تقوم بمعصيته ولو في الخفاء، وألا تترك طاعته ولو في الخفاء، ولقد قال الله عز وجل عن نوح عليه الصلاة والسلام: إنه قال: ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ﴾ لئلا يسمعوا ﴿وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾ [نوح ٧] تغطوا بها لئلا يبصروا والعياذ بالله؛ لأنهم يكرهون الحق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب