(هو الأول) قبل كل شيء بلا بداية، أو السابق على جميع الموجودات من حيث إنه موجدها ومحدثها (والآخر) بعد كل شيء بلا نهاية، أو الباقي بعد فنائها، ولو بالنظر إلى ذاتها مع قطع النظر عن غيرها، أو الأول خارجاً والآخر ذهناً، أو الأول الذي تبتدأ منه الأسباب وتنتهي إليه المسببات (والظاهر) العالي الغالب على كل شيء، أو الظاهر وجوده بالأدلة الواضحة.
(والباطن) أي العالم بما بطن، من قولهم: فلان يبطن أمر فلان، أي يعلم داخلة أمره، أو المعنى المحتجب حقيقة ذاته عن إدراك الأبصار والحواس والعقول، فلا تكتنهها الألباب والأحلام لا في الدنيا ولا في الآخرة فاضمحل ما في الكشاف من أن فيه حجة على من جوز إدراكه في الآخرة بالحاسة، وقد فسر هذه الأسماء الأربعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعين المصير إلى ذلك كما أخرج ابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والبيهقي.
" عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله خادماً، فقال: قولي اللهم رب السموات السبع، ورب العرش العظيم، وربنا ورب كل شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحب والنوى، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين واغننا من الفقر ".
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة من وجه آخر مرفوعاً مثل هذا في الأربعة الأسماء المذكورة، وتفسيرها، وأخرج أبو الشيخ في العظمة.
" عن عمر وأبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال لا يزال الناس يسألون عن كل شيء حتى يقولوا هذا الله كان قبل كل شيء، فماذا كان قبل الله؟ فإن قالوا لكم ذلك فقولوا: هو الأول قبل كل شيء، والآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فوق كل شيء، وهو الباطن دون كل شيء، وهو بكل شيء عليم ".
وأخرج أبو داود.
" عن أبي زميل قال: سألت ابن عباس فقلت: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله لا أتكلم به، قال: فقال لي: أشيء من شك قال: وضحك قال: ما تجا من ذلك أحد، قال: حتى أنزل الله (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ) الآية قال: وقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئاًً فقل: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم). لا يعزب عن علمه شيء من المعلومات ".
" عن أبي هريرة قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما هذا قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذه العنان هذه روايا الأرض يسوقها الله تعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ثم قال: هل تدرون ما فوقكم قالوا الله ورسوله أعلم، قال: فإنها الرقيع سقف محفوظ، وموج مكفوف، ثم قال: هل تدرون كم بينكم وبينها قالوا الله ورسوله أعلم، قال: بينكم وبينها خمسمائة سنة، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك قالوا: الله ورسوله أعلم، قال سماآن بعد ما بينهما خمسمائة سنة، حتى عد سبع سموات ما بين كل سماء كما بين السماء والأرض، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك قالوا الله ورسوله أعلم، قال: فإن فوق ذلك العرش، وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين ثم قال هل تدرون ما تحتكم قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها الأرض، ثم قال: هل تدرون ما الذي تحت ذلك قالوا الله ورسوله أعلم، قال فإن تحتها أرض أخرى، بينهما مسيرة خمسائة سنة، حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة، ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السابعة السفلى لهبط على الله ثم قرأ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم " أخرجه [[رواه الترمذي.]] الترمذي وقال حديث غريب.
وقال بعض أهل العلم في تفسير هذا الحديث: إنما أراد لهبط على علم الله وقدرته وسلطانه، وعلم الله في كل مكان، وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه، والعنان اسم للسحاب، ومعنى روايا الأرض الحوافل، والرقيع اسم لسماء الدنيا.
{"ayah":"هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡـَٔاخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمٌ"}