الباحث القرآني
﴿هو الأوَّلُ والآخِرُ والظّاهِرُ والباطِنُ﴾ .
اسْتِئْنافٌ في سِياقِ تَبْيِينِ أنَّ لَهُ مُلْكَ السَّماواتِ والأرْضِ، بِأنَّ مُلْكَهُ دائِمٌ في عُمُومِ الأزْمانِ وتَصَرُّفٌ فِيهِما في كُلِّ الأحْوالِ، إذْ هو الأوَّلُ الأزَلِيُّ، وأنَّهُ مُسْتَمِرٌّ مِن قَبْلِ وُجُودِ كُلِّ مُحْدَثٍ ومِن بَعْدِ فَنائِهِ إذِ اللَّهُ هو الباقِي بَعْدَ فَناءِ ما في السَّماواتِ والأرْضِ وذَلِكَ يَظْهَرُ مِن دَلالَةِ الآثارِ عَلى المُؤَثِّرِ فَإنَّ دَلائِلَ تَصَرُّفِهِ ظاهِرَةً لِلْمَتَبَصِّرِ بِالعَقْلِ وهو مَعْنى ”الظّاهِرُ“ كَما يَأْتِي، وأنَّ كَيْفِيّاتِ تَصَرُّفاتِهِ مَحْجُوبَةٌ عَنِ الحِسِّ وذَلِكَ مَعْنى ”الباطِنُ“ تَعالى كَما سَيَأْتِي.
فَضَمِيرُ هو لَيْسَ ضَمِيرَ فَصْلٍ ولَكِنَّهُ ضَمِيرٌ يُعَبِّرُ عَنِ اسْمِ الجَلالَةِ لِاعْتِبارِنا الجُمْلَةَ مُسْتَأْنَفَةً ولَوْ جَعَلْتَهُ ضَمِيرَ فَصْلٍ لَكانَتْ أوْصافُ ﴿الأوَّلُ والآخِرُ والظّاهِرُ والباطِنُ﴾ أخْبارًا عَنْ ضَمِيرِ ﴿وهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [الحديد: ١] .
(p-٣٦٠)وقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الجُمْلَةُ عَلى أرْبَعَةِ أخْبارٍ هي صِفاتٌ لِلَّهِ تَعالى.
فَأمّا وصْفُ ”الأوَّلِ“ فَأصْلُ مَعْناهُ الَّذِي حَصُلَ قَبْلَ غَيْرِهِ في حالَةٍ تُبَيِّنُها إضافَةُ هَذا الوَصْفِ إلى ما يَدُلُّ عَلى الحالَةِ مِن زَمانٍ أوْ مَكانٍ، فَقَدْ يَقَعُ مَعَ وصْفٍ. (أوَّلُ) لَفْظٌ يَدُلُّ عَلى الحالَةِ الَّتِي كانَ فِيها السَّبْقُ، وقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلى تِلْكَ الحالَةِ مِن سِياقِ الكَلامِ، فَوَصْفُ ”الأوَّلُ“ لا يَتَبَيَّنُ مَعْناهُ إلّا بِما يَتَّصِلُ بِهِ مِنَ الكَلامِ ولا يُتَصَوَّرُ إلّا بِالنِّسْبَةِ إلى مَوْصُوفٍ آخَرَ وهو مُتَأخِّرٌ عَنِ المَوْصُوفِ بِـ (أوَّلُ) في حالَةٍ ما.
فَقَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:
؎ومُهَلْهَلُ الشُّعَراءِ ذاكَ الأوَّلُ
يُفِيدُ أنَّ مُهَلْهَلَ سابِقٌ غَيْرَهُ مِنَ الشُّعَراءِ في الشِّعْرِ، وقَوْلُهُ تَعالى ﴿قُلْ إنِّي أُمِرْتُ أنْ أكُونَ أوَّلَ مَن أسْلَمَ﴾ [الأنعام: ١٤] أيْ: أوَّلَهم في اتِّباعِ الإسْلامِ، وقَوْلُهُ ﴿ولا تَكُونُوا أوَّلَ كافِرٍ بِهِ﴾ [البقرة: ٤١]، أيْ: أوَّلَهم كُفْرًا. وقَوْلُهُ ﴿وقالَتْ أُولاهم لِأُخْراهُمْ﴾ [الأعراف: ٣٩]، أيْ أُولاهم في الدُّخُولِ إلى النّارِ.
وأشْهَرُ مَعانِي الأوَّلِيَّةِ هو السَّبْقُ في المَوْجُودِ، أيْ في ضِدِّ العَدَمِ، ألا تَرى أنَّ جَمِيعَ الأحْوالِ الَّتِي يَسْبِقُ صاحِبُها غَيْرَهُ فِيها هي وجُوداتٌ مِنَ الكَيْفِيّاتِ، فَوَصْفُ اللَّهِ بِأنَّهُ ”الأوَّلُ“ مَعْناهُ: أنَّهُ السّابِقُ وُجُودُهُ عَلى كُلِّ مَوْجُودٍ وُجِدَ أوْ سَيُوجَدُ، دُونَ تَخْصِيصِ جِنْسٍ ولا نَوْعٍ ولا صِنْفٍ، ولَكِنَّهُ وصْفٌ نِسْبِيٌّ غَيْرُ ذاتِيٍّ.
ولِهَذا لَمْ يُذْكَرُ لِهَذا الوَصْفِ مُتَعَلِّقٌ (بِكَسْرِ اللّامِ)، ولا ما يَدُلُّ عَلى مُتَعَلِّقٍ لِأنَّ المَقْصُودَ أنَّهُ ”الأوَّلُ“ بِدُونِ تَقْيِيدٍ.
ويُرادِفُ هَذا الوَصْفَ في اصْطِلاحِ المُتَكَلِّمِينَ صِفَةُ ”القِدَمِ“ .
واعْلَمْ أنَّ هَذا الوَصْفَ يَسْتَلْزِمُ صِفَةَ الغِنى المُطْلَقِ، وهي عَدَمُ الِاحْتِياجِ إلى المُخَصَّصِ، أيْ: مُخَصَّصٌ يُخَصِّصُهُ بِالوُجُودِ بَدَلًا مِنَ العَدَمِ، لِأنَّ ”الأوَّلُ“ هُنا مَعْناهُ المَوْجُودُ لِذاتِهِ دُونَ سَبْقِ عَدَمٍ، وعَدَمُ الِاحْتِياجِ إلى مَحَلٍّ يَقُومُ بِهِ قِيامَ العَرْضِ بِالجَوْهَرِ.
(p-٣٦١)ويَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ انْفِرادُهُ تَعالى بِصِفَةِ الوُجُودِ لِأنَّهُ لَوْ كانَ غَيْرُ اللَّهِ واجِبًا وُجُودُهُ لَما كانَ اللَّهُ مَوْصُوفًا بِالأوَّلِيَّةِ، فالمَوْجُوداتُ غَيْرُ اللَّهِ مُمْكِنَةٌ، والمُمْكِنُ لا يَتَّصِفُ بِالأوَّلِيَّةِ المُطْلَقَةِ، فَلِذَلِكَ تَثْبُتُ لَهُ الوَحْدانِيَّةُ، ثُمَّ هَذِهِ الأوَّلِيَّةُ في الوُجُودِ تَقْتَضِي أنْ تَثْبُتَ لِلَّهِ جَمِيعُ صِفاتِ الكَمالِ اقْتِضاءً عَقْلِيًّا بِطَرِيقِ الِالتِزامِ البَيِّنِ بِالمَعْنى الأعَمِّ (وهو الَّذِي يَلْزَمُ مِن تَصَوُّرِ مَلْزُومِهِ وتَصَوُّرِهِ الجَزْمُ بِالمُلازَمَةِ بَيْنَهُما) .
وأمّا وصْفُ ”الآخِرُ“ فَهو ضِدُّ الأوَّلِ، فَأصْلُهُ: هو المَسْبُوقُ بِمَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ مُتَحَدَّثٍ عَنْها في الكَلامِ أوْ مُشارٍ إلَيْها فِيهِ بِما يُذْكَرُ مِن مُتَعَلِّقٍ بِهِ، أوْ تَمْيِيزِهِ، عَلى نَحْوِ ما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ هو الأوَّلُ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿حَتّى إذا ادّارَكُوا فِيها جَمِيعًا قالَتْ أُخْراهم لِأُولاهُمْ﴾ [الأعراف: ٣٨] أيْ: أُخْراهم في الإدْراكِ في النّارِ، وقَوْلِ النَّبِيءِ ﷺ آخِرُ أهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّةَ. . . إلَخْ، وقَوْلِ الحَرِيرِيِّ في المَقامَةِ الثّانِيَةِ وجَلَسَ في أُخْرَياتِ النّاسِ، أيِ: الجَماعاتِ الأُخْرَياتِ في الجُلُوسِ، وهو وصْفٌ نِسْبِيٌّ.
ووَصْفُ اللَّهِ تَعالى بِأنَّهُ ”الآخِرُ“ بَعْدَ وصْفِهِ بِأنَّهُ ”الأوَّلُ“ مَعَ كَوْنِ الوَصْفَيْنِ مُتَضادَّيْنِ يَقْتَضِي انْفِكاكُ جِهَةِ الأوَّلِيَّةِ والآخِرِيَّةِ، فَلَمّا تَقَرَّرَ أنَّ كَوْنَهُ ”الأوَّلُ“ مُتَعَلِّقٌ بِوُجُودِ المَوْجُوداتِ اقْتَضى أنْ يَكُونَ وصْفُهُ بِـ ”الآخِرُ“ مُتَعَلِّقًا بِانْتِقاضِ ذَلِكَ الوُجُودِ، أيْ هو ”الآخِرُ“ بَعْدَ جَمِيعِ المَوْجُوداتِ في السَّماءِ والأرْضِ، وهو مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى ﴿يَرِثُ الأرْضَ ومَن عَلَيْها﴾ [مريم: ٤٠] وقَوْلِهِ ﴿كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إلّا وجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨] .
فَتَقْدِيرُ المَعْنى: ”والآخِرُ“ في ذَلِكَ أيْ في اسْتِمْرارِ الوُجُودِ الَّذِي تَقَرَّرَ بِوَصْفِهِ بِأنَّهُ ”الأوَّلُ“ . ولَيْسَ في هَذا إشْعارٌ بِأنَّهُ زائِلٌ يَنْتابُهُ العَدَمُ، إذْ لا يُشْعِرُ وصْفُ ”الآخِرُ“ بِالزَّوالِ لا مُطابَقَةً ولا التِزامًا، وهَذا هو صِفَةُ البَقاءِ في اصْطِلاحِ المُتَكَلِّمِينَ. فَآلَ مَعْنى ”الآخِرُ“ إلى مَعْنى الباقِي، وإنَّما أُوثِرَ وصْفُ ”الآخِرُ“ بِالذِّكْرِ لِأنَّهُ مُقْتَضى البَلاغَةِ لِيَتِمَّ الطِّباقُ بَيْنَ الوَصْفَيْنِ المُتَضادَّيْنِ، وقَدْ عُلِمَ عِنْدَ المُتَكَلِّمِينَ أنَّ البَقاءَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِاللَّهِ تَعالى وأنَّهُ لا يُنافِي الحُدُوثَ عَلى خِلافٍ في تَعْيِينِ الحَوادِثِ الباقِيَةِ، بِخِلافِ وصْفِ القِدَمِ بِأنَّهُ مُخْتَصٌّ بِاللَّهِ تَعالى ومُتَنافٍ مَعَ الحُدُوثِ.
واعْلَمْ أنَّ في قَوْلِهِ ﴿هُوَ الأوَّلُ والآخِرُ﴾ دَلالَةَ قَصْرٍ مِن طَرِيقِ تَعْرِيفِ جُزْأيِ الجُمْلَةِ.
(p-٣٦٢)فَأمّا قَصْرُ الأوَّلِيَّةِ عَلى اللَّهِ تَعالى في صِفَةِ الوُجُودِ فَظاهِرٌ، وأمّا قَصْرُ الآخِرِيَّةِ عَلَيْهِ في ذَلِكَ وهو مَعْنى البَقاءِ، فَإنْ أُرِيدَ بِهِ البَقاءُ في العالَمِ الدُّنْيَوِيِّ عَرَضَ إشْكالُ المُتَعارِضِ بِما ورَدَ مِن بَقاءِ الأرْواحِ، وحَدِيثُ ”أنَّ عَجْبَ الذَّنَبِ لا يَفْنى وأنَّ الإنْسانَ مِنهُ يُعادُ“ . ورَفْعُ هَذا الإشْكالِ أنْ يُجْعَلَ القَصْرُ ادِّعائِيًّا لِعَدَمِ الِاعْتِدادِ بِبَقاءِ غَيْرِهِ تَعالى لِأنَّهُ بَقاءٌ غَيْرُ واجِبٍ بَلْ هو بِجَعْلِ اللَّهِ تَعالى.
والجَمْعُ بَيْنَ وصْفَيِ ﴿الأوَّلُ والآخِرُ﴾ فِيهِ مُحَسِّنُ الطِّباقِ.
والظّاهِرُ الأرْجَحُ أنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الظُّهُورِ الَّذِي هو ضِدُّ الخَفاءِ فَيَكُونُ وصْفُهُ تَعالى بِهِ مَجازًا عَقْلِيًّا، فَإنَّ إسْنادَ الظُّهُورِ في الحَقِيقَةِ هو ظُهُورُ أدِلَّةِ صِفاتِهِ الذّاتِيَّةِ لِأهْلِ النَّظَرِ والاسْتِدْلالِ والتَّدَبُّرِ في آياتِ العالَمِ فَيَكُونُ الوَصْفُ جامِعًا لِصِفَتِهِ النَّفْسِيَّةِ، وهي الوُجُودُ، إذْ أدِلَّةُ وُجُودِهِ بَيِّنَةٌ واضِحَةٌ ولِصِفاتِهِ الأُخْرى مِمّا دَلَّ عَلَيْها فِعْلُهُ مِن قُدْرَةٍ وعِلْمٍ وحَياةٍ وإرادَةٍ، وصِفاتُ الأفْعالِ مِنَ الخَلْقِ والرِّزْقِ والإحْياءِ والإماتَةِ كَما عَلِمْتَ في قَوْلِهِ ”هو الأوَّلُ“ عَنِ النَّقْصِ أوْ ما دَلَّ عَلَيْها تَنْزِيهُهُ عَنِ النَّقْصِ كَصِفَةِ الوَحْدانِيَّةِ والقِدَمِ والبَقاءِ والغِنى المُطْلَقِ ومُخالَفَةِ الحَوادِثِ، وهَذا المَعْنى هو الَّذِي يُناسِبُهُ المُقابَلَةُ بِالباطِنِ.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنَ الظُّهُورِ، أيِ الغَلَبَةِ كالَّذِي في قَوْلِهِ تَعالى ﴿إنَّهم إنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكم يَرْجُمُوكُمْ﴾ [الكهف: ٢٠]، فَمَعْنى وصْفِهِ تَعالى بِـ ”الظّاهِرُ“ أنَّهُ الغالِبُ.
وهَذا لا يُناسِبُ مُقابَلَتَهُ بِـ ”الباطِنُ“ إلّا عَلى اعْتِبارِ مُحَسِّنِ الإيهامِ، وما وقَعَ في حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ في صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِن قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ «وأنْتَ الظّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ» فَمَعْنى فاءِ التَّفْرِيعِ فِيهِ أنَّ ظُهُورَهُ تَعالى سَبَبٌ في انْتِفاءِ أنْ يَكُونَ شَيْءٌ فَوْقَ اللَّهِ في الظُّهُورِ، أيْ في دَلالَةِ الأدِلَّةِ عَلى وُجُودِهِ واتِّصافِهِ بِصِفاتِ الكَمالِ، فَدَلالَةُ الفاءِ تَفْرِيعٌ لا تَفْسِيرٌ.
و”الباطِنُ“ الخَفِيُّ يُقالُ: بَطَنَ، إذا خَفِيَ ومَصْدَرُهُ بُطُونٌ.
ومَعْنى وصْفِهِ تَعالى بِباطِنٍ وصْفُ ذاتِهِ وكُنْهِهِ لِأنَّهُ مَحْجُوبٌ عَنْ إدْراكِ الحَواسِّ الظّاهِرَةِ قالَ تَعالى ﴿لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] .
(p-٣٦٣)والقَصْرُ في قَوْلِهِ ﴿والظّاهِرُ والباطِنُ﴾ قَصْرٌ ادِّعائِيٌّ لِأنَّ ظُهُورَ اللَّهِ تَعالى بِالمَعْنَيَيْنِ ظُهُورٌ لا يُدانِيهِ ظُهُورُ غَيْرِهِ، وبُطُونَهُ تَعالى لا يُشْبِهُهُ بُطُونُ الأشْياءِ الخَفِيَّةِ إذْ لا مَطْمَعَ لِأحَدٍ في إدْراكِ ذاتِهِ ولا في مَعْرِفَةِ تَفاصِيلِ تَصَرُّفاتِهِ.
والجَمْعُ بَيْنَ وصْفِهِ بِـ ”الظّاهِرُ“ بِالمَعْنى الرّاجِحِ و”الباطِنُ“ كالجَمْعِ بَيْنَ وصَفِهِ بِـ ﴿الأوَّلُ والآخِرُ﴾ كَما عَلِمْتَهُ آنِفًا. وفي الجَمْعِ بَيْنَهُما مُحَسِّنُ المُطابَقَةِ.
وفائِدَةُ إجْراءِ الوَصْفَيْنِ المُتَضادَّيْنِ عَلى اسْمِ اللَّهِ تَعالى هُنا التَّنْبِيهُ عَلى عِظَمِ شَأْنِ اللَّهِ تَعالى لِيَتَدَبَّرَ العالِمُونَ في مَواقِعِها. واعْلَمْ أنَّ الواواتِ الثَّلاثَةَ الواقِعَةَ بَيْنَ هَذِهِ الصِّفاتِ الأرْبَعِ مُتَّحِدَةُ المَعْنى تَقْتَضِي كُلُّ واحِدَةٍ مِنها عَطْفَ صِفَةٍ.
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الواوُ الأُولى مَعْناها الدَّلالَةُ عَلى أنَّهُ الجامِعُ بَيْنَ مَجْمُوعِ الصِّفَتَيْنِ الأوَّلِيَّةِ والآخِرِيَّةِ. والثّالِثَةُ عَلى أنَّهُ الجامِعُ بَيْنَ الظُّهُورِ والخَفاءِ، وأمّا الوُسْطى فَعَلى أنَّهُ الجامِعُ بَيْنَ مَجْمُوعِ الصِّفَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ ومَجْمُوعِ الصِّفَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ اهـ. وهو تَشَبُّثٌ لا داعِيَ إلَيْهِ ولا دَلِيلَ عَلَيْهِ ولَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَقالَ: هو الأوَّلُ الآخِرُ، والظّاهِرُ الباطِنُ، بِحَذْفِ واوَيْنِ. والمَعْنى الَّذِي حاوَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ: تَقْتَضِيهُ مَعانِي هاتِهِ الصِّفاتِ بِدُونِ اخْتِلافِ مَعانِي الواواتِ.
* * *
﴿وهْوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ عَطَفَ عَلى جُمْلَةِ ﴿هُوَ الأوَّلُ والآخِرُ﴾ إلَخْ عُطِفَتْ صِفَةُ عِلْمِهِ عَلى صِفَةِ ذاتِهِ، وتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الجُمْلَةِ في أوائِلِ سُورَةِ البَقَرَةِ.
{"ayah":"هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡـَٔاخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق