الباحث القرآني
(...) لما ذكر جزاء المؤمنين ذكر جزاء غيرهم؛ لأن القرآن مثانٍ تُثَنَّى فيه المعاني، فإذا ذُكِر الثواب ذُكِرَ العقاب، وإذا ذُكِر المؤمن ذُكِر الكافر؛ وذلك لئلا تسأم النفس إذا بقيت في موضوع واحد، ولأجل أن يكون الإنسان عند تلاوة القرآن دائرًا بين الخوف والرجاء، ومعلوم لنا جميعًا أن الموضوع إذا كان واحدًا فإن النفس تَمَلُّه وتسأم منه، فإذا نُوِّع صار في ذلك تنشيط لها.
قال: ﴿وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا﴾ قال المؤلف: (القرآن بالإبطال) ﴿يَسْعَوْنَ﴾ السعيُ يُطْلَق على مجرد الحركة، ويُطلَق على الركض بشدة؛ ففي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة ٩] المراد بذلك مُطلَق الحركة، وليس المراد أن تركض، وإذا قلت: يسعى في الطواف بين الصفا والمروة يسعى بين العلمين فالمراد بذلك الركض، هنا ﴿يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا﴾ يحتمل أن يكون المراد بذلك مُطلَق الحركة ويحتمل أن يُراد به الحركة بشدة وإقدام، وهذا الأخير أبلغ أي: أن هؤلاء يَسْعَون جاهدين في آيات الله.
وقول المؤلف: ﴿فِي آيَاتِنَا﴾ أي: (القرآن)؛ وجهه أن الذين كفروا لا ينكرون آيات الله الكونية، وإنما ينكرون آيات الله الشرعية على أنهم أحيانًا يطلبون آياتٍ كونيَّةً تعجيزًا للرسول ﷺ، كما حكى الله عنهم في قوله: ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا﴾ [الإسراء ٩٠ - ٩٣] كم آية طلبوها من الآيات الكونية هنا؟ ومع ذلك قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي﴾ يعني: تنزيهًا له أن يبعث رسول بدون آيات يؤمن على مثلها البشرُ، وما أنا إلا بشر رسول، المهم أن الآيات هنا خصَّها المؤلف بالآيات الشرعية وقال: إن المراد بها القرآن. ويحتمل أن يراد بها الآيات الكونية والآيات الشرعية جميعًا؛ لأن هؤلاء كما يعاجزون في القرآن يعاجزون أيضًا في الآيات الكونية.
وكان القرآن آية من آيات الله لاشتماله على ما يَعْجَز عليه البشر، بل إن الله عز وجل تحدَّى البشر وغيره ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء ٨٨]، وقال تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ [العنكبوت ٥٠، ٥١].
قال: (﴿وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾ لنا، مقدرين عجزنا وأنهم يفوتوننا).
﴿مُعَاجِزِينَ﴾ المعاجز هو الطالب لإعجاز غيرِه فهي (عَاجَزَه) مثل (قَاتَلَه)، فالمعنى أنهم يعاجزون الله أي: يطلبون على زعمهم ما به العجز؛ ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (أي: مُقَدِّرين عجزنا وأنهم يفوتوننا).
هؤلاء الذين فعلوا ذلك يعاجزون الله ويطلبون ما به عجز على زعمهم، ويقولون: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال ٣٢] هذا تعجيز لله عز وجل، لكن الله سبحانه وتعالى حكيم لا يجيبهم إلى ما أرادوا، بل هو يجعل هذه الأمور حسب ما تقتضيه الحكمة.
قال الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾، قلت لكم قبل قليل: إن هذه الجملة هي خبر أيش؟ ﴿الَّذِينَ يَسْعَوْنَ﴾ خبر المبتدأ، الآن جملة خبرية، وقوله: ﴿أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾ أي: محضرون في نفس العذاب لا إليه، بل يحضرون حتى يوقعوا في نفس العذاب، والعذاب بمعنى العقوبة والنكال، وهذا خبر يُراد به التهديد لا مجرد أن نعلم بأن هؤلاء سيحضرون في العذاب ويُعَذَّبون، بل المراد التهديد والتحذير من صنيعهم.
ثم قال: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ﴾ ﴿قُلْ﴾ الخطاب للنبي ﷺ، ويجوز أن يراد به يتأتى خطابه أو كل من يصح توجيه الخطاب إليه، يخاطب هؤلاء الذين يَسْعَون في آياتنا معاجزين ويقولون: عجز الله فيما يدعون.
(﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ﴾ يوسعه) هذا معنى ﴿يَبْسُطُ﴾ من البسط وهو التوسعة؛ ولهذا يقال: بسط الكلام واختصر الكلام، بسطه بمعنى وسعه وطوله، والرزق بمعنى العطاء.
(﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾ من عباده امتحانًا ﴿وَيَقْدِرُ﴾ يُضيِّقُه بعد البسط أو ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾ ابتلاءً) انتبه ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾، قوله: ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾ مر علينا كثيرًا بأن كل فعل عَلَّقه الله بالمشيئة فهو مقرون بالحكمة؛ ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان ٣٠]، فمشيئته سبحانه وتعالى تابعة لحكمته، فإذا اقتضت حكمته أن يوسع الرزق لأحد وسَّعه، وإذا اقتضت حكمته أن يضيقه ضيقه.
وقوله: ﴿مِنْ عِبَادِهِ﴾ المراد بالعباد العبودية العامة؛ لأن المشاهد أن الكافرين والمؤمنين على السواء؛ منهم من يبسط الله لهم الرزق، ومنهم من يضيقه، فالمراد بالعباد -إذن- العبودية العامة.
وقد مر علينا أن العبودية تنقسم: إلى عامة، وخاصة؛ فالعامة التي تشمل جميع الخلق والمراد بها العبودية الكونية التي قال الله عنها: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم ٩٣]، وأما الخاصة فهي عبودية الطاعة الشرعية وهي التي قال فيها: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان ٦٣] إلى أخره.
﴿مِنْ عِبَادِهِ﴾ قال المؤلف: (امتحانًا) كيف معنى امتحان؟ يعني: اختبار يختبره؛ هل يشكر أم يكفر؟ ولهذا قال سليمان عليه الصلاة والسلام: ﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ [النمل ٤٠] حين رأى عرش بلقيس حاضرًا بين يديه في هذه المدة الوجيزة قال: ﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ [النمل ٤٠] وقال تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء ٣٥] يعني ابتلاء واختبارًا، وكم من إنسان كان في حال الفقر أصلح مما كان بعد الغنى، وكم من إنسان بالعكس كان فقيرًا مُسْرفًا على نفسه ولما أغناه الله هداه الله، فالله عز وجل يبسط الرزق لمن يشاء حسب ما تقتضيه الحكمة.
قال: ﴿وَيَقْدِرُ لَهُ﴾ ﴿لَهُ﴾ هل يعود على المبسوط له أو يعود على من يشاء عمومًا؟ المؤلف رحمه الله ذكر فيها المعنيين قال: ﴿وَيَقْدِرُ﴾ يُضيِّق له بعد البسط؛ يعني أنه عز وجل يبسط الرزق لمن يشاء ثم يُضَيِّقه عليه ليبلوه؛ يعطي النعم ثم يُزيلها امتحانًا واختبارًا؛ يمنُّ الله على الإنسان بالأولاد فيموتون، بالمال فيفنى، هذا تضييق بعد أيش؟ بعد البسط، أو أن المعنى: ﴿يَبْسُطُ﴾ ﴿وَيَقْدِرُ لَهُ﴾ أي: لمن يشاء، لا لهذا الذي كان مبسوطًا له الرزق؛ يعني أنه سبحانه وتعالى يبسط الرزق عند قوم ويقدره لآخرين، وهل المعنيان يتنافيان؟ لا، وإذا كانا لا يتنافيان فقد مر علينا أن القاعدة في التفسير أن المعنيين إذا كانا لا يتنافيان فإن الآية تُحْمَل عليهما جميعًا.
﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ﴾ [سبأ ٣٩] (﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ في الخير ﴿فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ يخلفه للإنسان يُقال كلُّ إنسان يرزُق عائلته أي: من رزق الله).
﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ ﴿مَا﴾ هذه شرطية، وفعل الشرط (أنفق)، وجوابه ﴿فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾، واقترن بالفاء؛ لأنه جملة اسمية، ويقترن جواب الشرط بالفاء في سبعة مواضع؛ ينشد لنا الأخ البيت الذي نظم فيها..
* طالب:
؎اسْمِيَّةٌ طَلَبِيَّةٌ وَبِجَامِدٍ ∗∗∗ وَبِـ(مَا)..........
* الشيخ: لا.
* طالب:
اسمية طلبية وبجامد وبـ(ما) وبـ(لن) وبـ(قد) وبالتنفيس.
* الشيخ: وبما، لا (...) الترتيب.
* الطالب:
؎.................. ∗∗∗ وَبِـ(مَا) وَ(قَدْ) وَبِـ(لَنْ)وَبِالتَّنْفِيسِ
* الشيخ: نعم.
؎اسْمِيَّةٌ طَلَبِيَّةٌ وَبِجَامِدٍ ∗∗∗ وَبِـ(مَا) وَ(قَدْ) وَبِـ(لَنْ)وَبِالتَّنْفِيسِ
هذه الآية من أي الأقسام السبعة؟ اسمية.
وقوله تعالى: (﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ﴾ أي: الله ﴿يُخْلِفُهُ﴾ أي يأتي بخلفه) واعلم أن هناك فرقًا بين يَخلُف ويُخلِف؛ فيَخْلُف يُراد به الشيءُ الذي خَلَفَ غيرَه؛ قال الله تعالى عن موسى حين وَجَّه الخلفَ لهارونَ ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ﴾ [الأعراف ١٤٢] أي: صِرْ خَلَفًا عني في قومي، وأما (أَخْلَفَ) الرباعي فالمراد أعطى الخلف؛ فالمخلف معطي الخلف، والخالف الذي خَلَف غيره، انتبه للفرق بين الثلاثي والرباعي، الثلاثي ويش معناه؟ خَلَفَ غيره، والرباعي أعطى الخلف. ومنه الحديث حديث أبي سلمة قال: «وَأخْلِفْ لِي فِي عَقَبِي»[[لم نقف على هذا المتن، ولعل المقصود ما أخرجه مسلم (٩٢٠ / ٧) بسنده عن أم سلمة، قالت: دخل رسول الله ﷺ على أبي سلمة وقد شقَّ بصره، فأغمضه، ثم قال: «إن الرُّوح إذا قُبِضَ تبعه البصر»، فضج ناس من أهله، فقال: «لا تَدْعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يُؤَمِّنُون على ما تقولون»، ثم قال: «اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونَوِّر له فيه».]]، وحديث أم سلمة نفس الشيء قالت: «وَأخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهُ»، فاجتمع في الحديث الكلام جميعًا، حديث أم سلمة: «مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأخْلِفْ لِي»[[أخرج مسلم (٩١٨ / ٤) بسنده عن أم سلمة زوج النبي ﷺ قالت: سمعتُ رسول الله ﷺ، يقول: «ما من عبد تصيبُه مصيبة، فيقول: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها إلا أجره الله في مصيبته». ]] ما هي بـ(واخلُف) «وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا آجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا» » طيب، هنا من الرباعي ولَّا من الثلاثي؟ من الرباعي ﴿فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ أي: يعطي ما يكون خَلَفًا عنه.
وقوله: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ﴾ الإنفاق معناه بذل المال، والمؤلف رحمه الله قيَّدَه بقوله: (﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ﴾ في الخير)، وهذا القيد الذي قيَّده به المؤلف دلَّت عليه آيات متعددة كما قال تعالى: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ﴾ [البقرة ٢٧٢].
﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة ٢٧٢]، والآيات في هذا كثيرة؛ لأن من أنفق في غير الخير فالخلف غير مضمون له، لكن من أنفق في الخير فالخلف مضمون له، يشمل هذا النفقات الواجبة كإنفاق الإنسان على زوجته وأمه وأبيه وابنه وبنته وما أشبه ذلك، ويشمل أيضًا الإنفاق في الزكاة لأنها هي أُمُّ الإنفاقات لأن الإنفاق في الزكاة أحد أركان الإسلام، ويشمل الإنفاق في الجهاد في سبيل الله، ويشمل الإنفاق في وجوه الخير كالإحسان إلى الناس وغير ذلك.
وقوله: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ هذا الإخلاف هل هو في الكمية أو في الكيفية؟ بمعنى هل إن الله عز وجل يعطيك بدلًا عنه في الكمية إذا أنفقت عشرة أعطاك عشرة، أو في الكيفية بمعنى أن الباقي يُنْزِل الله فيه البركة حتى يكون مقابلًا لما أنفقت مضمومًا إليه؟ الظاهر أنه يشمل الأمرين؛ أن الله يخلفه يعطيك خلفًا عنه في الكمية، فإذا أنفقت عشرة فتح الله لك باب الرزق وأعطاك عشرة، أو أنه يكون خلفًا عن الكيفية، فإن أنفقت عشرًا من مئة وبقي تسعون، فإن هذه التسعين تقوم مقام مئة أو أكثر بالبركة التي يُحِلُّها الله عز وجل؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ»[[أخرجه مسلم (٢٥٨٨ / ٦٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]] يعني أن الصدقة لا تنقص المالَ ولكنها تزيده كما قال تعالى هنا: ﴿فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾.
قال: ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ ﴿خَيْرُ﴾ أصلها أخير؛ لأنها اسم تفضيل، لكنها حذفت الهمزة تخفيفًا لكثرة استعمالها.
و﴿الرَّازِقِينَ﴾ المعطين، كيف نقول ﴿خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ مع أن الذي يبسط الرزق ويعطي الرزق هو الله؟
نقول: لأن غير الله يرزق لكنه رزق محدود، يقال: رزق عائلته قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [النساء ٨] فإذن الرزق يكون من الله ويكون من غيره، لكنه من الله شامل عامٌّ، ومن غيره ناقص خاصٌّ، فالإنسان يكون كما قال المؤلف رحمه الله يقول: إنه (يقال: كُلّ إنْسَان يَرْزُق عَائِلَته) يعني: يعطيها، لكن عطاء الإنسان عائلتَه أو رزق غير عائلته منين؟ من رزق الله، لولا أن الله أعطاك ما أعطيت غيرك، فيعود المعنى إلى أن الرزق لِمَن؟ لله سبحانه وتعالى، نعم ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.
قال: (واذكر يوم نحشرهم جيعًا ثم نقول للملائكة).
(واذكر) قدَّرها المؤلف لأن (إذ) ظرف، والظرف كالجار والمجرور لا بد له من متعلَّق، وهذا المتعلق يكون مذكورًا ويكون مُقَدَّرًا كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾ [الأنعام ٩٣] العامل مذكور ولَّا محذوف؟ ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾ مذكور؛ ﴿تَرَى﴾، ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ﴾ [الأنفال ٥٠] العامل هنا مذكور، وقد يُحْذَف وهو كثير في القرآن، هنا عامل ﴿يَوْمَ﴾ محذوف؛ واذكر ﴿يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ اذكر ذلك اليوم تحذيرًا منه وتخويفًا؛ لأن هذا اليوم يوم عظيم وقوله: ﴿نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾ ﴿نَحْشُرُهُمْ﴾ أي: نجمعهم، و﴿جَمِيعًا﴾ حال من الهاء في قوله: ﴿نَحْشُرُهُمْ﴾، ومتى يكون ذلك؟ قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ [التغابن ٩]، يكون هذا يوم القيامة يحشُر الله تعالى الأوَّلين والآخرين؛ قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الواقعة ٤٩، ٥٠]، وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ [هود ١٠٣].
(﴿نحشرهم جميعًا﴾ أي: المشركين ﴿ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ ) قوله: ﴿أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ الهمزة للاستفهام، و﴿هَؤُلَاءِ﴾ ويش إعرابها؟ مفعول مُقَدَّم لـ(يعبدون) أو هي مبتدأ والمفعول ﴿إِيَّاكُمْ﴾؛ لأن ﴿يَعْبُدُونَ﴾ الآن مفرغة؛ يعني أنها لم تأخذ مفعولها، وإذا لم تأخذ مفعولها صار ما سبق هو المفعول.
طيب، وهل يجوز تقديم مفعول خبر (كان) عليها؟
الجواب: نعم يجوز وقد مر علينا هذا في باب (كان وأخواتها) أنه يجوز تقديم خبرها ويجوز تقديم معمول خبرها؛ قال الله تعالى: ﴿أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ﴾ [هود ٨] قَدَّم عامل الخبر على الأداة، هنا قدم عامل الخبر على الأداة ﴿إِيَّاكُمْ﴾ مفعول لـ﴿يَعْبُدُونَ﴾؛ يعني: أهؤلاء كانوا يعبدونكم؟ ولكنه فَصَل الضمير لِتَقَدُّمِه.
قال: (﴿أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ﴾ بتحقيق الهمزتين وإبدال الأولى ياءً وإسقاطها) عندنا همزتان: همزة ﴿هَؤُلَاءِ﴾، وهمزة ﴿إِيَّاكُمْ﴾ فيها ثلاث قراءات:
القراءة الأولى: (تحقيق الهمزتين)، وصفة النطق بها: ﴿أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ﴾.
القراءة الثانية: يقول: (وإبدال الأولى ياءً): ﴿أَهَؤُلَايِ إِيَّاكُمْ﴾ تجعل الهمزة ياء.
الثالثة: (إسقاط الهمزة الأولى) ﴿أَهَؤُلَا إِيَّاكُمْ﴾ بدون همزة.
* الطالب: إسقاط الأولى (هؤلاء) بدون..(أهؤلاء).
* الشيخ: ما هو يعني الهمزة الأولى، يعني الهمزة الأولى من الهمزتين المتجاورتين، وهي همزة (أولاء) الثانية وهمزة (إياكم)، فهذه ثلاث قراءات، وبأَيِّها قرأت (...).
يقول: ﴿كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ ﴿كَانُوا﴾ متى؟ في الدنيا، يقول الله تعالى ذلك توبيخًا وتقريعًا لهؤلاء العابدين الذين كانوا يعبدون الملائكة، والملائكة تقدم لنا كثيرًا أنها جمع مَلَك، وأصل ملك مَلْأَك، وأصل المَلْأَك مَأْلَك، كذا؟ ففيها أصول، لكنها للاستعمال وصلت إلى هذا الوضع.
﴿قَالُوا﴾ الضمير يعود على الملائكة، (﴿سُبْحَانَكَ﴾ تنزيهًا لك عن الشريك) يعني أننا نُنَزِّهك عن أن نكون شركاء لك لا نحن ولا غيرنا، وتنزيه الله سبحانه وتعالى يكون عن شيئين: أحدهما: النقص، والثاني: مشابهة المخلوقين، وإن كان مشابهة المخلوقين من النقص، لكن هذا من باب التفصيل في القول؛ ينزَّه الله عن النقص فمثلًا لا يوصف الله تعالى بالعمى والصمم والعجز والضعف وما أشبه ذلك؛ مشابهة المخلوقين فيما له من صفات الكمال فلا يقال: علمه كعلم المخلوقين أو وجهه كوجه المخلوقين أو يده كيد المخلوقين وما أشبه ذلك، فهو مُنَزَّه عن هذين الأمرين.
هنا مُنَزَّه عن أن يكون له شريك؛ لأن لو كان له شريك لكان ناقصًا؛ إذ إن الشريك معين لمن شاركه أو مالك لما يملكه، فالله سبحانه مُنزَّه عن هذا؛ تقول الملائكة: (سبحانك أي تنزيهًا لك عن الشريك)، وأفادنا المؤلف بقوله: (تنزيهًا) أفادنا أن ﴿سُبْحَانَ﴾ منصوبة على أنها اسم مصدر فتكون مفعولًا مطلقًا وهي ملازمة للنصب على المفعولية المطلقة دائمًا وملازمة للإضافة، فلا تقع مضافة وإلا منصوبة على مفعولها المطلق.
(﴿سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ﴾ أي: لا موالاة بيننا وبينهم من جهتنا) يعني أن هذه الجملة الخبرية الثبوتية ﴿أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ﴾ معناها جملة سلبية أي: لا نتولاهم، بل أنت ولينا من دونهم، فلا موالاة بيننا وبينهم، وإذا انتفت الموالاة ثبت ضدها وهي المعاداة، يعني: فهؤلاء أعداؤنا وأنت ولينا من دونهم، وهذا كقوله تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ [البقرة ٢٥٧].
(﴿بَلْ﴾ للانتقال ﴿كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾ أي: الشياطين؛ أي: يطيعونهم في عبادتهم إيانا ﴿أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ مُصَدقون فيما يقولون).
﴿بَلْ﴾ للانتقال لأن (بل) تأتي للإضراب الانتقالي وللإضراب الإبطالي، فإن كان المقصود بها إبطال ما سبق وإثبات ما لَحِق فالإضراب إبطاليٌّ، وإذا كان المقصود بها الانتقال من معنى إلى آخر فوقه أو دونه يُسَمى إضرابًا انتقاليًّا.
هنا المؤلف يقول: إن هذا الإضراب انتقالي؛ يعني: أنهم لم يبطلوا ما سبق، فهم باقون على قولهم: ﴿سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ﴾، ولا موالاة بيننا وبينهم، ولا نواليهم ولا يوالوننا، بل نزيد على ذلك ﴿كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾، والمراد بـ(الجن) هنا الشياطين؛ لأن الجن هم الشياطين في الواقع؛ قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف ٥٠]، فهم يعبدون الجن بماذا؟ إن كان المراد (...).
إذا كانوا يعبدون الملائكة فما هو ظاهر السياق؟ فكيف عبادتهم للجن هنا؟ عبادتهم للجن عبادة طاعة، أي أنهم يطيعونهم في الإشراك، فالجن تأمرهم أن يجعلوا الملائكة شركاء مع الله في العبادة فيطيعونهم، ومَن أطاع غير الله في معصية الله فقد اتخذه إلهًا؛ قال الله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ﴾ [التوبة ٣١]، وقد رُوِيَ أنهم كانوا إذا أَحَلُّوا ما حرَّم الله أحلُّوه، وإذا حرموا ما أحلَّ الله حرموه فجعلوهم إلهًا مع الله سبحانه وتعالى في التحليل والتحريم والطاعة؛ فيكون معنى قوله: ﴿بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾ أي: يطيعونهم في عبادة مَنْ؟ في عبادة الملائكة، ومن أطاع غيره في معصية الله فقد اتخذه إلهًا ﴿بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾.
(﴿أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ مُصَدِّقُون فيما يقولون لهم) قال: ﴿أَكْثَرُهُمْ﴾، ولم يقل: كلهم، مع أن الجميع يعبدون الملائكة طاعةً للجن، فلماذا عَبَّروا بقولهم: ﴿أَكْثَرُهُمْ﴾، ولم يقولوا: كلهم؟
جواب ذلك أن يقال: إن هؤلاء المشركين ينقسمون إلى قسمين:
قسم عامة أتباع لا يعرفون شيئًا وجدوا آباءهم على دين فمَشَوْا عليه.
والقسم الآخر مجتهدون يعرفون الأمر، ولكنهم يؤمنون بهؤلاء الجن ويصدِّقونهم ويكفرون بالرسل وهؤلاء هم الأكثر، ومع ذلك فإن الأتباع وهم القسم الأول إذا تبيَّن لهم الحق وأصرُّوا على اتباع هؤلاء وقالوا كما قالت الأمم: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف ٢٢] فإنهم مستحقون للعذاب؛ لأنه كفروا عن بَصيرة.
﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾ [سبأ ٤٢]، ﴿فَالْيَوْمَ﴾ (أل) هنا للعهد، ما نوعه؟
* طالب: الذهني.
* الشيخ: لا، ما هو الذهني ولا الحضوري، الحضور يعني اليوم، هذا للعهد الذكري، والمذكور هو قوله: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ﴾ أي: فاليوم الذي نحشرهم فيه لا يَمِلك بعضُكم لبعض نفعًا ولا ضرًّا.
وقوله: ﴿الْيَوْمَ﴾ لماذا نصبت أو بماذا نصبت؟
* طالب: بدل.
* الشيخ: لا.
* طالب: نحذر اليوم.
* الشيخ: لا.
* طالب: على الظرفية.
* الشيخ: على الظرفية، والعامل فيها قوله: ﴿لَا يَمْلِكُ﴾ يعني: فلا يملك اليوم بعضكم لبعض نفعًا ولا ضرًّا.
(﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ﴾ أي: بعض المعبودين لبعض العابدين ﴿نَفْعًا﴾ شَفاعة ﴿وَلَا ضَرًّا﴾ تعذيبًا) ﴿لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ﴾ مَنِ الذي انتفى ملكُه؟ العابدون أو المعبودون؟
* طلبة: المعبدون.
* الشيخ: الذي لا يملك: المعبود؛ لأن العابد يرجو من وراء المعبود النفعَ أو الضررَ، فنقول: لا يملك العابد للمعبود ضرًّا ولا نفعًا، كما أنه لا يملك المعبود للعابد ضرًّا ولا نفعًا، وهذا والله أعلم هو الحكمة؛ لأن الله عز وجل قال: ﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ﴾ وجعله مبهمًا ليشمل العابد والمعبود، والتابع والمتبوع، فكلُّ أحدٍ يوم القيامة لا يملك لأحد نفعًا ولا ضرًا.
المؤلف يقول: (شفاعة) مع أن كلمة (نفع) أعم من الشفاعة، لكن كأنه رحمه الله قيَّدها بالشفاعة؛ لقولهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر ٣] فادَّعَوْا أن عبادتهم إياهم من أجل أن تشفع لهم عند الله سبحانه وتعالى وتُقَرِّبُهم إليه.
﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾ يعني نفعًا في عبادتكم إياهم في الشفاعة، والأصح وفي غيرها، ﴿وَلَا ضَرًّا﴾ بعدم عبادتكم إياهم؛ أي أنهم إذا لم تعبدوهم فإنهم لن يضروكم، وكما أنهم لا يملكون في ذلك اليوم نفعًا ولا ضرًّا فكذلك لا يملكون في الدنيا نفعًا ولا ضرًّا.
فإن قلت: إنه قد يَعْبُد الإنسان غيرَ الله فيدعوه لكشف ضُرٍّ فيَنْكَشِف ذلك الضر، فما الجواب عن هذه الآية وغيرها؟
نقول: إن هذا الذي حصل لم يحصُل بالدعاء أو بالعبادة ولكن حصل عنده، فليس ذلك سببًا، فإذا قلت: قولك: إنه حصل عنده لا به دَعْوَى تحتاج إلى بُرْهان وإلَّا لكان الواجب أن يُحال الأمرُ على الشيء أو على السبب الظاهر؛ وهو دعاء هذه الأصنام، فاهمون الاعتراض هذا ولَّا لا؟
يعني قد تقول: إن هذا الشيء عند الدعاء لا بالدعاء، فيقال لك: هذه دعوى منك، ما دام دعا هذا الصنم أن يشفيَه فشُفِيَ فالأصل إحالة الحكم على السبب الظاهر، وهو هذا الدعاء، فدعوى أنه حصل بغير هذا السبب الظاهر تحتاج إلى دليل. فالجواب أن لدينا دليلًا على ذلك وهو قوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس ١٨]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ [الأحقاف ٥] فهاتان الآيتان وما أشبههما كلها تدل على أن هذه الأصنام لا تنفع لا بجلْب نفع ولا بدفع ضرر، فإن وُجِدَ شيء حصل بعد الدعاء فقد حَصَل عنده لا به.
فإن قلت: كيف يكون هذا الشيء؟! وما الحكمة مِنْ أن الله عز وجل يجعل حدوث هذا النفع أو اندفاع هذا الضرر عند دعاء هذه الأصنام؟ نقول: فتنة وامتحانًا، فإن الله تعالى قد يمتحن العبد بالشيء المُحَرَّم يُصِرُّ عليه أو يبتليه بالشيء المحرم يمتنع منه، والله على كل شيء قدير (...).
* * *
قال الله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾ [سبأ ٣٨].
* في هذه الآيات من الفوائد:
* أولًا: أنَّ مِنْ عباد الله مَنْ يسعى لإبطال آيات الله عز وجل بكل ما يستطيع من قوة؛ وجه ذلك أن الله أثبته وأثبت عذابه فقال: ﴿أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾، وليس شيئًا مفروضًا مُقَدَّرًا بل هو شيء واقع.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان ما يصل إليه عُتو الإنسان وطغيانه؛ حيث يسعى في آيات الله معاجزًا لله عز وجل، فمَنْ أنت حتى تعاجز الله وتطلب تعجيزه وتتحداه؟!
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن هؤلاء المعاجزين الذين يسعون في آيات الله معاجزين سوف يكونون يوم القيامة في العذاب؛ لقوله: ﴿أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾، ربما يقول قائل: إنهم في العذاب محضرون حتى في الدنيا، ويكون المراد بالعذاب هنا العذاب القلبي؛ لأن الكافر مهما نُعِّمَ في الدنيا فإنه في ألم وعذاب في قلبه؛ لأن الكافر لا يشبع من الدنيا، فهو في حُزْنٍ خوفًا من ذهاب الموجود، وفي هَمٍّ طلبًا لوجود المفقود؛ لأنه يريد أن تنمو له الدنيا وتزدهر ويخشى أيضًا مِنْ أن تفوت بخلاف المؤمن.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الجزاء والعقوبة؛ لقوله: ﴿أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾.
ثم قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ لَهُ﴾ [سبأ ٣٩]* في هذه الآية من الفوائد: طلب الإعلان في أنه الأمور كلها بيد الله مِنْ بَسْطٍ وتضييق؛ لقوله: ﴿قُلْ﴾ إذ إنه ليس المراد أن تقولها في نفسك، بل تقولها في نفسك ولغيرك أيضًا.
* ومن فوائدها: أن الأرزاق بيد الله؛ لقوله: ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ لَهُ﴾، ويترتب على هذا فائدة وهي أن نطلب الرزق ممن؟ مِنَ الله؛ لأنه هو الذي يبسط الرزق ويقدر، ويتفرع عليها فائدة أخرى: وهي ألا نطلب رزق الله بمعاصيه؛ لأن طلب رزق الله بمعاصيه مُنافٍ للأدب، كيف تَطْلُب الرزق مِن مَنْ بيده الرزق بمعصيته؟! ولهذا حَذَّر النبي عليه الصلاة والسلام من ذلك فقال: «إِنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وَأَجَلَهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ»[[أخرج الحاكم (٢١٦٣) بسنده عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: «إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه، فلا تستبْطِؤوا الرزق، واتقوا الله أيها الناس وأَجْمِلوا في الطلب...» الحديث.]] يعني: فاطلبوا الرزق طلبًا جميلًا وهو ما وافق الشرع، وعلى هذا فطَلَبُ الرزق بالغشِّ والكذب والظلم طلب مشروع ولَّا غير مشروع؟ غير مشروع، بل وينافي الأدب مع الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تمام ربوبية الله سبحانه وتعالى وسلطانه لكونه يَبْسُط ويقدر، ولا أحد يمكن أن يَعْتَرِض عليه، وحتى لو اعترض عليه هل ينفع هذا الاعتراض؟ لا ينفع؛ لأن الله مدبر لما يشاء.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الحثُّ على الإنفاق؛ لقوله: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ ووجه ذلك أن الإنسان إذا أَنْفَقَ فإن نفسه الأمارة بالسوء تقول له: إذا أنفقت من مالك نَقَصْتَ منه فلا تُنْفِق، فيقول الله عز وجل: ﴿مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: أن الإنفاق -وإن قلَّ- فهو مَخْلُوف، من أين تؤخذ؟ ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ فإنها نكرة في سياق الشرط مؤكدة بـ(من) الزائدة، هذا إذا لم تَكُن ﴿مِنْ﴾ بيانًا لـ﴿مَا﴾ في قوله: ﴿مَا أَنْفَقْتُمْ﴾.
* ومن فوائدها: أن الله سبحانه وتعالى خير الرازقين بكثرة العطاء وبدوام العطاء، فَمَنْ سِوى الله مِنَ الرازقين لا يعطي الكثير، وإذا أعطى الكثير فإنه يَمَلُّ ولا يستمر في عطائه، أما الله عز وجل فإنه خير الرازقين في عطائه كثرةً واستمرارًا.
* ومن فوائدها: إثبات رازقٍ سوى الله، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ فإن هذا يدلُّ على وجود مُفَضَّلٍ ومفضل عليه مُشْتَرِكَيْنِ في أصل المُفَضَّل به وهو الرزق، ولكن رزقُ غيرِ الله من رزق الله؛ لأن هذا الذي أعطاني مثلًا من أين له العطاء؟ من الله فيكون إعطائه إياي من رزق الله الذي أعطاه، وأيضًا فإن رزق غير الله رزق محدود ليس شاملًا لكل أحد وليس شاملًا لكل زمن.
* ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: أن أفعال العباد مخلوقة لله ففيها رَدٌّ على مَنْ؟ القدرية، من أين تؤخذ الفائدة هذه؟ لقوله: ﴿مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾، ونحن نعلم أن الرزق الذي يأتينا يكون كثيرًا من كسبنا نتجر ونحرث ونعمل ونحصل على الرزق، فيكون في هذا دليل على أن فعل العبد مخلوق لله سبحانه وتعالى، وفيها أيضًا ردٌّ على الجبرية وهم الجهمية أيضًا؛ لقوله: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ﴾ حيث أضاف الفعل إلى العبد، والجبرية يقولون: إن الإنسان مسلوب القُدْرة والاختيار، وفعله لا يُنْسَب إليه إلا على سبيل المجاز، وإلَّا فإنه لا اختيار له في فعله.
ثم قال عز وجل: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ [سبأ ٤٠].
* يستفاد من الآية الكريمة: أنه ينبغي تذكير الناس بيوم المعاد؛ وجه الدلالة أن ﴿يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ متعلق بمحذوف تقديره: اذكر يوم يحشرهم، وهل هذا يشمل تذكير النفس؟ يعني بمعنى أن نفسك إذا غفلت ينبغي أن تُذَكِّرها يوم الحشر ويوم الموت أو لا؟ نعم، يشمل؛ لأن قوله: (اذكر) المُقَدَّر يحتمل أن المعنى: اذكر في نفسك هذا اليوم، أو اذكر لغيرك هذا اليوم، وكلاهما حق فينبغي للإنسان أن يُذَكِّرَ نفسه مآله، كلما ركنت إلى الدنيا وأرادت الانغماس فَلْيُذَكِّرْها يوم النُّقْلَة من هذه الدنيا، ويذكرها قومًا انتقلوا عن هذه الدنيا وكانوا أشد منه قوة وأكثر أموالًا وأولادًا، ثم يُذَكِّرها ما وراء ذلك من الحساب والعقاب وهو اليوم المشهود الذي يُجْمَع له الناس.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات البعث؛ لقوله: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: أن الحشر عامٌّ لكُلِّ أحد حتَّى مَنْ أَكَلَتْه السباع وأحرقته النيران، مِنْ أين يؤخذ؟ من قوله: ﴿جَمِيعًا﴾ وهو كذلك، فالذي أكلتْه السباع وأحرقتْه النيران لا بد أن يُحْشَر يوم القيامة كما قال الله تعالى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ [الأنبياء ١٠٤].
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات القول لله؛ ﴿ثُمَّ نَقُولُ﴾، وهذا -أعني إثبات القول والكلام لله سبحانه وتعالى- هو مذهب أهل السنة والجماعة ومذهب الأشاعرة ومذهب المعتزلة، بلى، لكنهم يختلفون في تفسير هذا الكلام؛ فالكلام عند أهل السنة والجماعة كلامٌ حقيقيٌّ بحروف وأصوات مسموعة وهو غير مخلوق.
والكلام عند المعتزلة كلام بحروف وأصوات مسموعة لكنه ليس من صفات الله فهو مخلوق عندهم، يقولون: إن الله تعالى يخلق كلامًا فيَنْسُبُه إليه على سبيل التشريف والتعظيم كنسبة البيت إليه ونسبة المساجد إليه ونسبة الناقة إليه ونسبة الأرواح إليه، وما أشبه ذلك.
والأشاعرة يثبتون لله كلامًا لكنهم يقولون: إنه بغير حروف وبغير أصوات مسموعة، بل هو المعنى القائم بنفسه، وهذا الذي يُسْمَع الذي سَمِعَه موسى وسمعه محمد عليه الصلاة والسلام ويسمعه الناس يوم القيامة هذه أصوات يَخْلُقُها الله عز وجل لتعبِّر عما في نفسه، وليست هي كلام الله، بل هي عبارة عنه.
أما أهل السنة والجماعة فيقولون: إن كلام الله تبارك وتعالى كلام حقيقي بحرف وصوت مسموع، لكن هذا الصوت لا يشبه أصوات المخلوقين؛ لأنه من كلام الله، وكلامه صفة من صفاته لا تشبه صفات المخلوقين.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تقريع أولئك المشركين وتوبيخهم بسؤال مَنْ يدَّعُونَهم آلهة حتى يظهروا البراءة منهم؛ لقوله: ﴿أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ﴾ [سبأ ٤٠، ٤١] فسؤال المعبودين عن عبادة العابدين يُراد به أيش؟ التقريع والتوبيخ لأولئك العابدين، وأن هؤلاء المعبودين تبرؤوا منهم وقالوا: ﴿سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ﴾، وهذا من أشدِّ ما يكون من التَّخْجِيل والتوبيخ والتَّنْديم؛ لأنه يُظْهِر كذب هؤلاء العابدين وافتراءهم.
* ومن فوائدها: إثبات الملائكة وأن مِن الناس مَنْ عبدهم من دون الله؛ لقوله يقول للملائكة: ﴿أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: بيان ما عند الملائكة عليهم الصلاة والسلام من تعظيم الله؛ حيث قالوا: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ أي تنزيهًا عن أن يكون لك شريك لا مِنَّا ولا مِنْ غيرنا.
* ومنها: إثبات ربوبية الله سبحانه وتعالى للملائكة؛ حيث قالوا: ﴿أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ﴾.
* ومن فوائد الآية: إثبات الجن؛ لقوله: ﴿بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾، والجن عالَم غيبيٌّ مخلوق من نار، وفيهم المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي كما في سورة الجن.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الكفر بالجن.
* طالب: العكس.
* الشيخ: العكس؟
* طالب: إي نعم.
* الشيخ: طيب، قوله: ﴿أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ هذا إقرار ولَّا إنكار؟
* طلبة: إنكار.
* الشيخ: زين، إذن المراد بالإيمان هنا الإيمان بعبادتهم، ما هو بوجودهم؛ لأن الإيمان بوجودهم واجب، لكن الإيمان بأن لهم حقًّا في العبودية..
ومن هنا نعرف ما مر علينا واستشكلتموه في كتاب التوحيد أن المصدِّق بالسحر لا يدخل الجنة، مع أن السحر حقيقة، التصديق به أمر واقعي، لكن المراد التصديق به يعني ممارسته والإيمان به، أي بما ينتج عنه، بحيث يمارسه الإنسان بنفسه، وأما التصديق بأن السحر له آثار فهذا أمر لا يمكن إنكاره.
{"ayahs_start":38,"ayahs":["وَٱلَّذِینَ یَسۡعَوۡنَ فِیۤ ءَایَـٰتِنَا مُعَـٰجِزِینَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ فِی ٱلۡعَذَابِ مُحۡضَرُونَ","قُلۡ إِنَّ رَبِّی یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَیَقۡدِرُ لَهُۥۚ وَمَاۤ أَنفَقۡتُم مِّن شَیۡءࣲ فَهُوَ یُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰزِقِینَ","وَیَوۡمَ یَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا ثُمَّ یَقُولُ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ إِیَّاكُمۡ كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ","قَالُوا۟ سُبۡحَـٰنَكَ أَنتَ وَلِیُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ"],"ayah":"وَیَوۡمَ یَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا ثُمَّ یَقُولُ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ إِیَّاكُمۡ كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق