الباحث القرآني

ولَمّا أبْطَلَ شُبْهَتَهم فَعُلِمَ بِذَلِكَ أنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لَهُ، وأنَّهم في مَحَلِّ الخَطَرِ، وكانَ قَدْ بَقِيَ مِن شُبَهِهِمْ أنَّهم يَقُولُونَ: نَحْنُ نَعْبُدُ المَلائِكَةَ فَهم يَشْفَعُونَ لَنا، وكانَ الأنْبِياءُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ لا يُنْكِرُونَ أنَّ المَلائِكَةَ مُقَرَّبُونَ أبْطَلَ ما يَتَعَلَّقُونَ بِهِ مِنهُمْ، وبَيَّنَ أنَّهُ لا أمْرَ لَهم وأنَّهم بَرِيئُونَ مِنهُمْ، فَقالَ عاطِفًا عَلى ﴿إذِ الظّالِمُونَ﴾ [سبإ: ٣١] ﴿ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ أيْ نَجْمَعُهم جَمْعًا بِكُرْهٍ بَعْدَ البَعْثِ، وعَمَّ التّابِعَ والمَتْبُوعَ بِقَوْلِهِ: ﴿جَمِيعًا﴾ ولَمّا كانَتْ مَواقِفُ الحَشْرِ طَوِيلَةً وزَلازِلُهُ مَهُولَةً قالَ: ﴿ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ﴾ أيْ تَوْبِيخًا لِلْمُشْرِكِينَ وإقْناطًا مِمّا يَرْجُونَ مِنهم مِنَ الشَّفاعَةِ. ولَمّا كانَتِ العِبادَةُ لا تَنْفَعُ إلّا إذا كانَ المَعْبُودُ راضِيًا بِها وكانَتْ خالِصَةً، قالَ مُبَكِّتًا لِلْمُشْرِكِينَ ومُوَبِّخًا لِيَكُوَنَ هُناكَ سُؤالٌ وجَوابٌ (p-٥٢٠)فَيَكُونُ التَّقْرِيعُ أشَدَّ والخَجَلُ بِهِ أعْظَمَ، والخَوْفُ والهَوانُ أتَمَّ وألْزَمَ، ويَكُونُ اقْتِصاصُ ذَلِكَ عِظَةً لِلسّامِعِينَ، وزَجْرًا لِلْجاهِلِينَ، وتَنْبِيهًا لِلْغافِلِينَ، عَلى طَرِيقِ ﴿أأنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّيَ إلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ [المائدة: ١١٦] الآياتُ: ﴿أهَؤُلاءِ﴾ أيِ الضّالُّونَ؛ وأشارَ إلى أنَّهُ لا يَنْفَعُ مِنَ العِبادَةِ إلّا ما كانَ خالِصًا فَقالَ: ﴿إيّاكُمْ﴾ أيْ خاصَّةً ﴿كانُوا يَعْبُدُونَ﴾ بِأفْعالِهِمُ الِاخْتِيارِيَّةِ والقَسْرِيَّةِ لِيَعْلَمَ أنَّهم عَبِيدٌ لَكم تَسْتَحِقُّونَ عِبادَتَهُمْ، وفي التَّعْبِيرِ بِما يَدُلُّ عَلى الِاخْتِصاصِ تَنْبِيهٌ لِقُرَيْشٍ عَلى أنَّهُ لا يُعْتَدُّ مِنَ العِبادَةِ إلّا بِالخالِصِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب