الباحث القرآني

(p-٤٦٣)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهم جَمِيعًا﴾ يَعْنِي المُشْرِكِينَ؛ وقالَ مُقاتِلٌ: يَعْنِي المَلائِكَةَ ومَن عَبَدَها ﴿ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أهَؤُلاءِ إيّاكم كانُوا يَعْبُدُونَ﴾ وهَذا اسْتِفْهامُ تَقْرِيرٍ وتَوْبِيخٍ لِلْعابِدِينَ؛ فَنَزَّهَتِ المَلائِكَةُ رَبَّها عَنِ الشِّرْكِ فـَ ﴿قالُوا سُبْحانَكَ﴾ أيْ: تَنْزِيهًا لَكَ مِمّا أضافُوهُ إلَيْكَ مِنَ الشُّرَكاءِ ﴿أنْتَ ولِيُّنا مِن دُونِهِمْ﴾ أيْ: نَحْنُ نَتَبَرَّأُ إلَيْكَ مِنهُمْ، ما تَوَلَّيْناهم ولا اتَّخَذْناهم عابِدِينَ، ولَسْنا نُرِيدُ ولِيًّا غَيْرَكَ ﴿بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ﴾ أيْ: يُطِيعُونَ الشَّياطِينَ في عِبادَتِهِمْ إيّانا ﴿أكْثَرُهم بِهِمْ﴾ أيْ: بِالشَّياطِينِ ﴿مُؤْمِنُونَ﴾ أيْ: مُصَدِّقُونَ لَهم فِيما يُخْبِرُونَهم مِنَ الكَذِبِ أنَّ المَلائِكَةَ بَناتُ اللَّهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعالى: ﴿فاليَوْمَ﴾ يَعْنِي في الآخِرَةِ ﴿لا يَمْلِكُ بَعْضُكم لِبَعْضٍ﴾ يَعْنِي العابِدِينَ والمَعْبُودِينَ ﴿نَفْعًا﴾ بِالشَّفاعَةِ ﴿وَلا ضَرًّا﴾ بِالتَّعْذِيبِ ﴿وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ فَعَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ ﴿ذُوقُوا عَذابَ النّارِ﴾ الآيَةُ. ثُمَّ أخْبَرَ أنَّهم يُكَذِّبُونَ مُحَمَّدًا والقُرْآنَ بِالآيَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ، وتَفْسِيرُها ظاهِرٌ. ثُمَّ أخْبَرَ أنَّهم لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، ولَمْ يُكَذِّبُوا مُحَمَّدًا عَنْ يَقِينٍ، ولَمْ يَأْتِهِمْ قَبْلَهُ كِتابٌ ولا نَبِيٌّ يُخْبِرُهم بِفَسادِ أمْرِهِ، فَقالَ: ﴿وَما آتَيْناهم مِن كُتُبٍ يَدْرُسُونَها﴾ قالَ قَتادَةُ: ما أنْزَلَ اللَّهُ عَلى العَرَبِ كِتابًا قَبْلَ القُرْآنِ (p-٤٦٤)وَلا بَعَثَ إلَيْهِمْ نَبِيًّا قَبْلَ مُحَمَّدٍ؛ وهَذا مَحْمُولٌ عَلى الَّذِينَ أنْذَرَهم نَبِيُّنا [مُحَمَّدٌ] ﷺ؛ وقَدْ كانَ إسْماعِيلُ نَذِيرًا لِلْعَرَبِ. ثُمَّ أخْبَرَ عَنْ عاقِبَةِ المُكَذِّبِينَ قَبْلَهم مُخَوِّفًا لَهُمْ، فَقالَ: ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ يَعْنِي الأُمَمَ الكافِرَةَ ﴿وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ﴾ وفِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: ما بَلَغَ كُفارُّ مَكَّةَ مِعْشارَ ما آتَيْنا الأُمَمَ الَّتِي كانَتْ قَبْلَهم مِنَ القُوَّةِ والمالِ وطُولِ العُمُرِ، قالَهُ الجُمْهُورُ. والثّانِي: ما بَلَغَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِعْشارَ ما أعْطَيْنا هَؤُلاءِ مِنَ الحُجَّةِ والبُرْهانِ. والثّالِثُ: ما بَلَغَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِعْشارَ شُكْرِ ما أعْطَيْناهُمْ، حَكاهُما الماوَرْدِيُّ. والمِعْشارُ: العُشْرُ. والنَّكِيرُ: اسْمٌ بِمَعْنى الإنْكارِ، قالَ الزَّجّاجُ: والمَعْنى: فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِي؛ وإنَّما حُذِفَتِ الياءُ، لِأنَّهُ آخِرُ آيَةٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب