الباحث القرآني
لَمّا قَصَّ - سُبْحانَهُ - حالَ مَن تَقَدَّمَ مِنَ الكُفّارِ أتْبَعَهُ بِما فِيهِ التَّسْلِيَةُ لِرَسُولِهِ وبَيانِ أنَّ كُفْرَ الأُمَمِ السّابِقَةِ بِمَن أُرْسِلَ إلَيْهِمْ مِنَ الرُّسُلِ هو كائِنٌ مُسْتَمِرٌّ في الأعْصُرِ الأُوَلِ فَقالَ ﴿وما أرْسَلْنا في قَرْيَةٍ﴾ مِنَ القُرى ﴿مِن نَذِيرٍ﴾ يُنْذِرُهم ويُحَذِّرُهم عِقابَ اللَّهِ ﴿إلّا قالَ مُتْرَفُوها﴾ أيْ: رُؤَساؤُها، وأغْنِياؤُها، وجَبابِرَتُها، وقادَةُ الشَّرِّ لِرُسُلِهِمْ ﴿إنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ﴾ أيْ: بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ مِنَ التَّوْحِيدِ والإيمانِ، وجُمْلَةُ إلّا قالَ مُتْرَفُوها في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ.
ثُمَّ ذَكَرَ ما افْتَخَرُوا بِهِ مِنَ الأمْوالِ والأوْلادِ وقاسُوا حالَهم في الدّارِ الآخِرَةِ عَلى حالِهِمْ في هَذِهِ الدّارِ عَلى تَقْدِيرِ صِحَّةِ ما أنْذَرَهم بِهِ الرُّسُلُ فَقالَ: ﴿وقالُوا نَحْنُ أكْثَرُ أمْوالًا وأوْلادًا وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ (p-١٢٠٠)والمَعْنى: أنَّ اللَّهَ فَضَّلَنا عَلَيْكم بِالأمْوالِ والأوْلادِ في الدُّنْيا، وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِما نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ في الآخِرَةِ بَعْدَ إحْسانِهِ إلَيْنا في الدُّنْيا ورِضاهُ عَنّا، فَأمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِأنْ يُجِيبَ عَنْهم وقالَ: ﴿قُلْ إنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ﴾ أنْ يَبْسُطَهُ لَهُ ويَقْدِرُ أيْ: يُضَيِّقُ عَلى مَن يَشاءُ أنْ يُضَيِّقَهُ عَلَيْهِ، فَهو - سُبْحانَهُ - قَدْ يَرْزُقُ الكافِرَ والعاصِيَ اسْتِدْراجًا لَهُ، وقَدْ يَمْتَحِنُ المُؤْمِنَ المُطِيعَ بِالتَّقْتِيرِ تَوْفِيرًا لِأجْرِهِ، ولَيْسَ مُجَرَّدُ بَسْطِ الرِّزْقِ لِمَن بَسَطَهُ لَهُ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُ ورَضِيَ عَمَلَهُ، ولا قَبْضِهِ عَمَّنْ قَبَضَهُ عَنْهُ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ لَمْ يَرْضَهُ، ولا رَضِيَ عَمَلَهُ، فَقِياسُ الدّارِ الآخِرَةِ عَلى الدّارِ الأُولى في مِثْلِ هَذا مِنَ الغَلَطِ البَيِّنِ أوِ المُغالَطَةِ الواضِحَةِ ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ هَذا، ومِن جُمْلَةِ هَؤُلاءِ الأكْثَرِ مَن قاسَ أمْرَ الآخِرَةِ عَلى الأُولى، ثُمَّ زادَ هَذا الجَوابَ تَأْيِيدًا وتَأْكِيدًا.
﴿وما أمْوالُكم ولا أوْلادُكم بِالَّتِي تُقَرِّبُكم عِنْدَنا زُلْفى﴾ أيْ: لَيْسُوا بِالخَصْلَةِ الَّتِي تُقَرِّبُكم عِنْدَنا قُرْبى.
قالَ مُجاهِدٌ: الزُّلْفى: القُرْبى، والزُّلْفَةُ: القُرْبَةُ.
قالَ الأخْفَشُ: زُلْفى اسْمُ مَصْدَرٍ كَأنَّهُ قالَ بِالَّتِي تُقَرِّبُكم عِنْدَنا تَقْرِيبًا فَتَكُونُ زُلْفى مَنصُوبَةَ المَحَلِّ.
قالَ الفَرّاءُ: إنَّ الَّتِي تَكُونُ لِلْأمْوالِ والأوْلادِ جَمِيعًا.
وقالَ الزَّجّاجُ: إنَّ المَعْنى وما أمْوالُكم بِالَّتِي تُقَرِّبُكم عِنْدَنا زُلْفى، ولا أوْلادُكم بِالشَّيْءِ يُقَرِّبُكم عِنْدَنا زُلْفى، ثُمَّ حُذِفَ خَبَرُ الأوَّلِ لِدَلالَةِ الثّانِي عَلَيْهِ وأنْشَدَ:
؎نَحْنُ بِما عِنْدَنا وأنْتَ بِما عِنْ دَكَ راضٍ والرَّأْيُ مُخْتَلِفٌ
ويَجُوزُ في غَيْرِ القُرْآنِ بِاللَّتَيْنِ، وبِاللّاتِي، وبِاللَّواتِي، وبِالَّذِي لِلْأوْلادِ خاصَّةً أيْ: لا تَزِيدُكُمُ الأمْوالُ عِنْدَنا دَرَجَةً، ورِفْعَةً، ولا تُقَرِّبُكم تَقْرِيبًا ﴿إلّا مَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا﴾ هو اسْتِثْناءٌ مُنْقَطِعٌ فَيَكُونُ مَحَلَّهُ النَّصْبُ أيْ: لَكِنْ مَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا، أوْ في مَحَلِّ جَرٍّ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ في تُقَرِّبُكم، كَذا قالَ الزَّجّاجُ.
قالَ النَّحّاسُ: وهَذا القَوْلُ غَلَطٌ، لِأنَّ الكافَ والمِيمَ لِلْمُخاطَبِ فَلا يَجُوزُ البَدَلُ ولَوْ جازَ هَذا لَجازَ رَأيْتُكَ زَيْدًا.
ويُجابُ عَنْهُ بِأنَّ الأخْفَشَ والكُوفِيِّينَ يُجَوِّزُونَ ذَلِكَ، وقَدْ قالَ بِمِثْلِ قَوْلِ الزَّجّاجِ والفَرّاءِ وأجازَ الفَرّاءُ: أنْ يَكُونَ في مَوْضِعِ رَفْعٍ بِمَعْنى ما هو إلّا مَن آمَنَ، والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: فَأُولَئِكَ إلى مَن، والجَمْعُ بِاعْتِبارِ مَعْناها وهو مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ لَهم جَزاءُ الضِّعْفِ أيْ: جَزاءُ الزِّيادَةِ، وهي المُرادَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالِها﴾ [الأنعام: ١٦٠] وهو مِن إضافَةِ المَصْدَرِ إلى المَفْعُولِ أيْ: جَزاءُ التَّضْعِيفِ لِلْحَسَناتِ، وقِيلَ: لَهم جَزاءُ الإضْعافِ؛ لِأنَّ الضِّعْفَ في مَعْنى الجَمْعِ، والباءُ في بِما عَمِلُوا لِلسَّبَبِيَّةِ ﴿وهم في الغُرُفاتِ آمِنُونَ﴾ مِن جَمِيعِ ما يَكْرَهُونَ، والمُرادُ غُرُفاتُ الجَنَّةِ، قَرَأ الجُمْهُورُ جَزاءُ الضِّعْفِ بِالإضافَةِ، وقَرَأ الزُّهْرِيُّ، ويَعْقُوبُ، ونَصْرُ بْنُ عاصِمٍ، وقَتادَةُ بِرَفْعِهِما عَلى أنَّ الضِّعْفِ بَدَلٌ مِن جَزاءُ.
ورُوِيَ عَنْ يَعْقُوبَ أنَّهُ قَرَأ " جَزاءً " بِالنَّصْبِ مُنَوَّنًا، و" الضِّعْفُ " بِالرَّفْعِ عَلى التَّقْدِيرِ: فَأُولَئِكَ لَهُمُ الضِّعْفُ جَزاءً أيْ: حالَ كَوْنِهِ جَزاءً.
وقَرَأ الجُمْهُورُ في الغُرُفاتِ بِالجَمْعِ، واخْتارَ هَذِهِ القِراءَةَ أبُو عُبَيْدٍ لِقَوْلِهِ: ﴿لَنُبَوِّئَنَّهم مِنَ الجَنَّةِ غُرَفًا﴾ [العنكبوت: ٥٨] وقَرَأ الأعْمَشُ، ويَحْيى بْنُ وثّابٍ، وحَمْزَةُ، وخَلَفٌ في الغُرْفَةِ بِالإفْرادِ لِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ [الفرقان: ٧٥] .
ولَمّا ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - حالَ المُؤْمِنِينَ ذَكَرَ حالَ الكافِرِينَ، فَقالَ: والَّذِينَ يَسْعَوْنَ في آياتِنا بِالرَّدِّ لَها والطَّعْنِ فِيها حالَ كَوْنِهِمْ مُعاجِزِينَ مُسابِقِينَ لَنا زاعِمِينَ أنَّهم يَفُوتُونَنا بِأنْفُسِهِمْ، أوْ مُعانِدِينَ لَنا بِكُفْرِهِمْ أُولَئِكَ في العَذابِ مُحْضَرُونَ أيْ: في عَذابِ جَهَنَّمَ تُحْضِرُهُمُ الزَّبانِيَةُ إلَيْها لا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصًا.
ثُمَّ كَرَّرَ - سُبْحانَهُ - ما تَقَدَّمَ لِقَصْدِ التَّأْكِيدِ لِلْحُجَّةِ والدَّفْعِ لِما قالَهُ الكَفَرَةُ، فَقالَ: ﴿قُلْ إنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ ويَقْدِرُ لَهُ﴾ أيْ: يُوَسِّعُهُ لِمَن يَشاءُ ويُضَيِّقُهُ عَلى مَن يَشاءُ، ولَيْسَ في ذَلِكَ دَلالَةٌ عَلى سَعادَةٍ ولا شَقاوَةٍ وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ أيْ: يُخْلِفُهُ عَلَيْكم، يُقالُ: أخْلَفَ لَهُ وأخْلَفَ عَلَيْهِ: إذا أعْطاهُ عِوَضَهُ وبَدَلَهُ، وذَلِكَ البَدَلُ إمّا في الدُّنْيا وإمّا في الآخِرَةِ ﴿وهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ﴾ فَإنَّ رِزْقَ العِبادِ لِبَعْضِهِمُ البَعْضَ إنَّما هو بِتَيْسِيرِ اللَّهِ وتَقْدِيرِهِ، ولَيْسُوا بِرازِقِينَ عَلى الحَقِيقَةِ بَلْ عَلى طَرِيقِ المَجازِ، كَما يُقالُ: في الرَّجُلِ إنَّهُ يَرْزُقُ عِيالَهُ، وفي الأمِيرِ إنَّهُ يَرْزُقُ جُنْدَهُ، والرّازِقُ لِلْأمِيرِ والمَأْمُورِ والكَبِيرِ والصَّغِيرِ هو الخالِقُ لَهم، ومَن أخْرَجَ مِنَ العِبادِ إلى غَيْرِهِ شَيْئًا مِمّا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهو إنَّما تَصَرَّفَ في رِزْقِ اللَّهِ لَهُ فاسْتَحَقَّ بِما خَرَجَ مِنهُ الثَّوابَ عَلَيْهِ المُضاعَفَ لِامْتِثالِهِ لِأمْرِ اللَّهِ وإنْفاقِهِ فِيما أمَرَهُ اللَّهُ.
ويَوْمَ نَحْشُرُهم جَمِيعًا الظَّرْفُ مَنصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ نَحْوِ اذْكُرْ، أوْ هو مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: ﴿ولَوْ تَرى إذِ الظّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ﴾ [سبأ: ٣١] أيْ: ولَوْ تَراهم أيْضًا يَوْمَ نَحْشُرُهم جَمِيعًا لِلْحِسابِ العابِدَ والمَعْبُودَ، والمُسْتَكْبِرَ والمُسْتَضْعَفَ، ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ ﴿أهَؤُلاءِ إيّاكم كانُوا يَعْبُدُونَ﴾ تَقْرِيعًا لِلْمُشْرِكِينَ وتَوْبِيخًا لِمَن عَبَدَ غَيْرَ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - كَما في قَوْلِهِ لِعِيسى ﴿أأنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّيَ إلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ [المائدة: ١١٦] وإنَّما خَصَّصَ المَلائِكَةَ بِالذِّكْرِ مَعَ أنَّ بَعْضَ الكُفّارِ قَدْ عَبَدَ غَيْرَهم مِنَ الشَّياطِينِ والأصْنامِ؛ لِأنَّهم أشْرَفُ مَعْبُوداتِ المُشْرِكِينَ.
قالَ النَّحّاسُ: والمَعْنى أنَّ المَلائِكَةَ إذا أكْذَبَتْهم كانَ في ذَلِكَ تَبْكِيتٌ لِلْمُشْرِكِينَ.
وجُمْلَةُ ﴿قالُوا سُبْحانَكَ أنْتَ ولِيُّنا مِن دُونِهِمْ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوابَ سُؤالٍ مُقَدَّرٍ أيْ: تَنْزِيهًا لَكَ أنْتَ الَّذِي نَتَوَلّاهُ ونُطِيعُهُ ونَعْبُدُهُ مِن دُونِهِمْ، ما اتَّخَذْناهم عابِدِينَ ولا تَوَلَّيْناهم ولَيْسَ لَنا غَيْرُكَ ولِيًّا، ثُمَّ صَرَّحُوا بِما كانَ المُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَهُ فَقالُوا: ﴿بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ﴾ أيِ: الشَّياطِينَ وهم إبْلِيسُ وجُنُودُهُ ويَزْعُمُونَ أنَّهم يَرَوْنَهم وأنَّهم مَلائِكَةٌ وأنَّهم بَناتُ اللَّهِ، وقِيلَ: كانُوا يَدْخُلُونَ أجْوافَ الأصْنامِ ويُخاطِبُونَهم مِنها أكْثَرُهم بِهِمْ مُؤْمِنُونَ أيْ: أكْثَرُ المُشْرِكِينَ بِالجِنِّ مُؤْمِنُونَ بِهِمْ مُصَدِّقُونَ لَهم، قِيلَ: والأكْثَرُ في مَعْنى الكُلِّ.
﴿فاليَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكم لِبَعْضٍ نَفْعًا ولا ضَرًّا﴾ (p-١٢٠١)يَعْنِي العابِدِينَ والمَعْبُودِينَ لا يَمْلِكُ بَعْضُهم وهُمُ المَعْبُودُونَ لِبَعْضٍ، وهُمُ العابِدُونَ نَفْعًا أيْ: شَفاعَةً ونَجاةً ولا ضَرًّا أيْ: عَذابًا وهَلاكًا، وإنَّما قِيلَ لَهم هَذا القَوْلُ إظْهارًا لِعَجْزِهِمْ وقُصُورِهِمْ وتَبْكِيتًا لِعابِدِيهِمْ، وقَوْلُهُ: ولا ضَرًّا هو عَلى حَذْفِ مُضافٍ أيْ: لا يَمْلِكُونَ لَهم دَفْعَ ضَرٍّ، وقَوْلُهُ ﴿ونَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ: يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أيْ: لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهم بِعِبادَةِ غَيْرِ اللَّهِ ﴿ذُوقُوا عَذابَ النّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ في الدُّنْيا.
وقَدْ أخْرَجَ، ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، «عَنْ أبِي رَزِينٍ قالَ: كانَ رَجُلانِ شَرِيكَيْنِ، خَرَجَ أحَدُهُما إلى السّاحِلِ وبَقِيَ الآخَرُ، فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - كَتَبَ إلى صاحِبِهِ يَسْألُهُ ما فَعَلَ ؟ فَكَتَبَ إلَيْهِ أنَّهُ لَمْ يَتْبَعْهُ أحَدٌ مِن قُرَيْشٍ إلّا رُذالَةُ النّاسِ ومَساكِينُهم، فَتَرَكَ تِجارَتَهُ ثُمَّ أتى صاحِبَهُ، فَقالَ: دُلَّنِي عَلَيْهِ، وكانَ يَقْرَأُ الكُتُبَ، فَأتى النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَقالَ: إلامَ تَدْعُو ؟ قالَ: إلى كَذا وكَذا، قالَ: أشْهَدُ أنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قالَ: وما عِلْمُكَ بِذَلِكَ ؟ قالَ: إنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ إلّا اتَّبَعَهُ رَذالَةُ النّاسِ ومَساكِينُهم، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآياتُ: ﴿وما أرْسَلْنا في قَرْيَةٍ مِن نَذِيرٍ إلّا قالَ مُتْرَفُوها﴾ الآياتِ، فَأرْسَلَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - إنَّ اللَّهَ قَدْ أنْزَلَ تَصْدِيقَ ما قُلْتَ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: جَزاءُ الضِّعْفِ قالَ: تَضْعِيفُ الحَسَنَةِ.
وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في نَوادِرِ الأُصُولِ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قالَ: إذا كانَ الرَّجُلُ غَنِيًّا تَقِيًّا آتاهُ اللَّهُ أجْرَهُ مَرَّتَيْنِ، وتَلا هَذِهِ الآيَةَ ﴿وما أمْوالُكم ولا أوْلادُكُمْ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَأُولَئِكَ لَهم جَزاءُ الضِّعْفِ﴾ قالَ: تَضْعِيفُ الحَسَنَةِ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ والبُخارِيُّ في الأدَبِ المُفْرَدِ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ﴾ قالَ: في غَيْرِ إسْرافٍ ولا تَقْتِيرٍ، وعَنْ مُجاهِدٍ مِثْلُهُ، وعَنِ الحَسَنِ مِثْلُهُ.
وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنْ جابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «كُلَّما أنْفَقَ العَبْدُ مِن نَفَقَةٍ فَعَلى اللَّهِ خَلَفُها ضامِنًا إلّا نَفَقَةً في بَيانٍ أوْ مَعْصِيَةٍ» .
وأخْرَجَ نَحْوَهُ ابْنُ عَدِيٍّ في الكامِلِ، والبَيْهَقِيُّ مِن وجْهٍ آخَرَ عَنْهُ مَرْفُوعًا بِأطْوَلَ مِنهُ.
وقَدْ ثَبَتَ في الصَّحِيحِ مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - أنْفِقْ يا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ» وثَبَتَ في الصَّحِيحِ مِن حَدِيثِهِ أيْضًا قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «ما مِن يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ إلّا ومَلَكانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ نَحْسًا، فادْفَعُوا نَحْسَ ذَلِكَ اليَوْمِ بِالصَّدَقَةِ ثُمَّ قالَ: اقْرَءُوا مَواضِعَ الخَلَفِ، فَإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يَقُولُ: وما أنْفَقْتُمْ مِن شَيْءٍ فَهو يُخْلِفُهُ إذا لَمْ تُنْفِقُوا كَيْفَ يُخْلِفُ» .
وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في نَوادِرِ الأُصُولِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «إنَّ المَعُونَةَ تَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ عَلى قَدْرِ المَئُونَةِ» .
{"ayahs_start":34,"ayahs":["وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا فِی قَرۡیَةࣲ مِّن نَّذِیرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَاۤ إِنَّا بِمَاۤ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَـٰفِرُونَ","وَقَالُوا۟ نَحۡنُ أَكۡثَرُ أَمۡوَ ٰلࣰا وَأَوۡلَـٰدࣰا وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِینَ","قُلۡ إِنَّ رَبِّی یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَقۡدِرُ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ","وَمَاۤ أَمۡوَ ٰلُكُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُكُم بِٱلَّتِی تُقَرِّبُكُمۡ عِندَنَا زُلۡفَىٰۤ إِلَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ جَزَاۤءُ ٱلضِّعۡفِ بِمَا عَمِلُوا۟ وَهُمۡ فِی ٱلۡغُرُفَـٰتِ ءَامِنُونَ","وَٱلَّذِینَ یَسۡعَوۡنَ فِیۤ ءَایَـٰتِنَا مُعَـٰجِزِینَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ فِی ٱلۡعَذَابِ مُحۡضَرُونَ","قُلۡ إِنَّ رَبِّی یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَیَقۡدِرُ لَهُۥۚ وَمَاۤ أَنفَقۡتُم مِّن شَیۡءࣲ فَهُوَ یُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰزِقِینَ","وَیَوۡمَ یَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا ثُمَّ یَقُولُ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ إِیَّاكُمۡ كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ","قَالُوا۟ سُبۡحَـٰنَكَ أَنتَ وَلِیُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ","فَٱلۡیَوۡمَ لَا یَمۡلِكُ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضࣲ نَّفۡعࣰا وَلَا ضَرࣰّا وَنَقُولُ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ ذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِی كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ"],"ayah":"وَیَوۡمَ یَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا ثُمَّ یَقُولُ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ إِیَّاكُمۡ كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق