الباحث القرآني
قال الله تعالى: (﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ من الملائكة، ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ بالتاء، من حفر الخندق، وبالياء من تحزيب المشركين)، يعني: فيها قراءتان: ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ و﴿بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾.
قوله: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾ ما هذه الريح؟ قلت لكم: إنها الريح الشرقية، ولهذا جاءت في الحديث: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٠٣٥)، ومسلم (٩٠٠ / ١٧)، عن ابن عباس رضي الله عنهما. ]]، الدَّبُور الريح الغربية.
يقول: (﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ بالتاء من حفر الخندق)، ولكن هذا التخصيص للآية لا ينبغي، لماذا لا ينبغي؟ لأننا إذا خَصَّصْنَا العموم في الآية قَصَرْنَا معنى اللفظ، أو قصرنا اللفظ على بعض معناه، والصواب أنه ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ من حفر الخندق وغيره من كل ما عملتم في هذه الغزوة.
(بَصِير) أي: عليم، أو ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ يعني: الجنود، ﴿إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ﴾، فالله تعالى بما يعملون بصير، من التحزُّب على النبي ﷺ، والقدوم إلى بلد الرسول عليه الصلاة والسلام لأجل القضاء عليه على زعمهم.
قال الله تعالى: (﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ [الأحزاب ١٠] من أعلى الوادي وأسفله، من المشرق والمغرِب)، جاؤوا من المشرق ومن المغرِب، جاءت قريش من الناحية الشمالية الشرقية، وجاءت غطفان ويهود بني قريظة من الناحية الجنوبية الغربية، فجاؤوا من فوق المسلمين ومن أسفل منهم.
وكما قلت لكم قبل قليل: إن الخندق من الحرة الشرقية إلى الحرة الغربية، كل الشمال الآن محفوظ بالخندق، هم جاؤوا من فوقهم ومن أسفل منهم؛ ليكونوا كفَكَّيِ الأسد، حتى يُطْبِقُوا على المدينة، هذا تخطيطهم، ولكن الله تعالى بما يعملون محيط.
يقول عز وجل: ﴿وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ﴾، زاغ الشيء بمعنى: مال، ومنه زاغت الشمس، إذا مالت بالزوال، ومنه قوله تعالى: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ [النجم ١٧] أي: ما مال.
﴿الْأَبْصَارُ﴾، (أل) هنا للعهد، أيّ عهد هو؟ الذهني، يعني: زاغت الأبصار منكم، يقول المؤلف في تفسيرها: (مالت عن كل شيء إلى عَدُوِّها من كل جانب)، يعني: أن الأبصار ما صار لها نظر إلا هذا العدو، كل شيء غفلت عن النظر إليه، إلا هذا العدو.
وقد فَسَّرَها بعض المفسرين: ﴿زَاغَتِ﴾ بمعنى: مالت عن استقرارها، أي: شخصت من قوة الرعب، صار الإنسان لا ينظر إلا إلى هذا الذي أمامه، يراقبه ويخشى منه، وهذا شيء مشاهَد بطبيعة البشر أن الإنسان إذا خاف من شيء يتجه بصره إلى أي شيء؟ إلى هذا الشيء، إلى ناحيته، وتجد البصر -كما يقول العامة- لا يُغْضِي أبدًا منفتح، يخشى من المباغتة، فالأبصار زاغت، ﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾، ﴿الْقُلُوبُ﴾ يعني: منكم، قلوبكم بلغت (﴿الْحَنَاجِرَ﴾ جمع حنجرة، وهي منتهى الحلقوم).
وقوله: (من شدة الخوف) تعليل لقوله: ﴿زَاغَتِ﴾ و﴿بَلَغَتِ﴾، ﴿الْحَنَاجِرَ﴾ جمع حنجرة، وهي منتهى الحلقوم، يعني من هنا، وهل هذا حقيقة ﴿بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾؟ قال بعضهم: إنها حقيقة، وأن الخائف اذا اشتدّ خوفه انتفخت رئته، فإذا انتفخت ضَيَّقَت على القلب فخرج، ارتفع، ولهذا يقال في الجبان أو في الخائف: انتفخ سَحره، يعني: رئته، والأصل حَمْل الشيء على حقيقته، ويجوز أن يكون هذا تصويرًا عن شدة الرعب، يعنى: حتى إنها من شدة الرعب زالت القلوب عن أماكنها، فلا تتنفس طبيعيًّا، ولا تنبض طبيعيًّا؛ لأنها زالت عن أماكنها.
ثم قال: (﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ المختلفة بالنصر واليأس)، هذا اختلاف نصر ويأس، ﴿تَظُنُّونَ﴾ أي: أنتم بالله ﴿الظُّنُونَا﴾ بالألف للإطلاق، والظنون هذه جمع ظَنّ، والمصدر لا يُجْمَع إلا إذا كان أنواعًا، أما إذا كان نوعًا واحدًا لا يمكن جمعه وإن كثر، لكن إذا كان أنواعًا صح جمعه، فهنا جُمِعَ الظن وهو مصدر؛ لتنوعه، يعني الظنون تدور في أفهامهم، أو في أفكارهم مختلفة طولًا وعرضًا: هل سيزول هؤلاء الأحزاب، هل سيقضون علينا، هل سننتصر؟ يعني تعرفون مقام الخوف ماذا يحدث للإنسان من الظنون والتفكيرات القريبة والبعيدة؛ منهم مَن ظن اليأس، أو أَيِس، قال: ما بعد هذا شيء، ومنهم مَن ظن النصر، كيف وأن النصر مع أن المقام حالك جدًّا؟ لأنه يؤمن بأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع اليسر يسرًا، ويقولون: نحن على حق، فإذا كنا على حق وصبرنا فإن النصر أيش؟ مضمون، فلذلك يظن النصر.
ومنهم أصحاب المادة والظواهر الحسية، يظنون أيش؟ الهلاك، ويَيْأَسُون من النصر؛ لأنهم ليس لديهم رصيد من الإيمان يعتمدون عليه، ولا شك أن في الذين خرجوا لهذا أن فيهم منافقين، كما سيظهر في القصة.
المهم أن الله قال: ﴿تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ وأَطْلَقَ ذلك، وأتى به بالجمع؛ لأجل أن يذهب الإنسان في تصور هذا الظن كلَّ مذهب، ظنون كثيرة مختلفة متضاربة.
* طالب: (...).
* الشيخ: إلّا، بلى، كيف؟ ولهذا جاءت الظنون بالجمع.
قال: ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ﴾، ﴿هُنَالِكَ﴾ هذه اسم إشارة إلى المكان ولَّا إلى الزمان؟ إلى المكان، أو الزمان، أو إليهما جميعًا، ﴿هُنَالِكَ﴾ تصلح للزمان وللمكان، لكن الأصل أنها للمكان، وتأتي للزمان.
قال الله تعالى: ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾ [غافر ٨٥]، أي: في ذلك الزمن خسر الكافرون، فـ﴿هُنَالِكَ﴾ (هنا) صالحة للزمان والمكان، واللام للبُعد، والكاف للخطاب، ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ﴾، اختُبِرُوا، والذي ابتلاهم مَن؟ الله عز وجل، اختبرهم، بِمَا حصل لهم من هذا الضيق العظيم الذي لا يمكن أن نعبر عنه بالنطق، ولا يمكن أن يُحس به إلا مَن وقع فيه، نحن هنا نعجز عن تصور تلك الحالة، ونعجز عن تصويرها، لكن اللي وقع فيها يدري عنها.
يقول: (﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ﴾، يقول: اختُبِرُوا ليتبين الْمُخْلِص من غيره، ﴿وَزُلْزِلُوا﴾: حُرِّكُوا، ﴿زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ من شدة الفزع).
ابتلاء عظيم وزلزال عظيم ابتُلُوا به، هذا الزلزال أصابهم، ليس زلزال الأرض، لكن زلزال النفوس، النفوس تزلزلت وحصل عليها شيء عظيم؛ لأنه اجتمع في هذه الغزوة اجتماع الأحزاب من العرب، ونقض بني قريظة، والجوع، والتعب، والإعياء، والبرد، كم؟ خمسة أشياء واحد منها يكفي في زلزلة النفس، فكيف إذا اجتمعت؟
الأمور صعبة، كان الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك المكان كان يَعْصِب على بطنه الحجر من الجوع، فكيف تتصور الحال؟ ما يمكن الإنسان يعبر عنها في الواقع، ولهذا قال: ﴿زُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ قويًّا عظيمًا، زلزل نفوسهم؛ لتَجَمُّع هذه الابتلاءات عليهم رضي الله عنهم.
ولهذا بزغ النفاق وتَكَلَّم المنافقون، ورأوا أن في هذا فرصة للكلام؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يَعِدُهُم النصر، حتى في تلك الغزوة يَعِدُهم النصر، وقصة الصخرة التي عجزوا عنها وتكسرت الفؤوس وتَعِبُوا حتى جاؤوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالوا: يا رسول الله، أنت خططت لنا؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام خَطَّ لهم الخندق، مكان الخندق خطه بقدمه.
فمن حكمة الله عز وجل أنه صار الخط على هذه الصخرة التي عجزوا عنها، لكن لشدة امتثالهم رضي الله عنهم ما قالوا: نعطفه يمينًا أو يسارًا، لكنهم جاؤوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأخبروه، فنزل من عريشه الذي كان قد بُنِيَ له على تَلّ هنالك ليشرف على القوم، نزل وأخذ الْمِعْوَل فضربها ضربة، يقول ابن إسحاق: لَمَّا ضربها الضربة أضاءت إضاءة عظيمة كأنما نحن في نهار، واندكّ منها اندكّ، ثم ضربها وكَبَّر عليه الصلاة والسلام.
* طالب: بالليل؟
* الشيخ: بالليل، فكَبَّر، ثم ضربها الثانية فأضاءت وكَبَّر تكبيرة الفتح تكبيرة عظيمة، ثم ضربها الثالثة وكَبَّرَ، وقالوا: يا رسول الله لماذا صنعت هذا؟ قال: «رَأَيْتُ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى قُصُورَ الرُّومِ، وَفِي الثَّانِيَةِ قُصُورَ كِسْرَى، وَفِي الثَّالِثَةِ قُصُورَ صَنْعَاءَ –فِي الْيَمَنِ- وَأَنَّهَا سَتُفْتَحُ»[[أخرجه أحمد (١٨٦٩٤) عن البراء بن عازب رضي الله عنه، ولفظه: أمرنا رسول الله ﷺ بحفر الخندق، قال: وعرض لنا صخرة في مكان من الخندق، لا تأخذ فيها المعاول، قال: فشكوها إلى رسول الله ﷺ، فجاء رسول الله ﷺ، قال عوف: وأحسبه قال: وضع ثوبه ثم هبط إلى الصخرة، فأخذ المعول فقال: «باسم الله»، فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر، وقال: «الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا»، ثم قال: «باسم الله»، وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر فقال: «الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا»، ثم قال: «باسم الله»، وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر، فقال: «الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا».]].
ويش يكون هذا؟ بشارة للمؤمنين ولَّا لا؟ بشارة وتقوية، لكن المنافقون -والعياذ بالله- الذين لا يثقون بوعد الله ورسوله قالوا: كيف هذا؟ الإنسان منا ما يستطيع يذهب إلى الغائط يقضي حاجته، كيف نملك قصور كسرى وقيصر وتُبَّع؟ هذا ما هو صحيح.
ولهذا يقول: (﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾: ضعف اعتقاد، ﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ بالنصر ﴿إِلَّا غُرُورًا﴾ [الأحزاب ١٢]) -أعوذ بالله- كيف ينطق البشر بمثل هذا الكلام؟ لكن -والعياذ بالله- ما دامت قلوبهم منطوية على الكفر أو على الشك؛ لأن الذين في قلوبهم مرض عندهم شك، ضعف اعتقاد، والمنافقون عندهم كفر.
قالوا: ﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾، سبحان الله العظيم! الله ورسوله يَعِدُكم غرورًا، ويكذب عليكم ويخدعكم؟! هذا لا يمكن، بل ما وعد الله ورسوله إلا حقًّا، ولكن لا يمكن أن تجني العسل إلا بعد ذَوْق شوك النحل، لا بد من تعب، ولا بد من صبر، مصابرة؛ لأنه لولا هذا ما عُرِفَ الصادق من الكاذب، ولا عُرِفَ المؤمن من الكافر، فلا بد من ابتلاء.
ولهذا.. بالمناسبة طلبة العلم قد يواجهون بعض المصاعب في الدعوة إلى الله عز وجل، قد يواجهون ذلك حتى في أنفسهم، ولكن عليهم أن يَصْبِرُوا وأن يتحمَّلُوا في الدعوة إلى الله؛ لأنهم ليسوا يدعون إلى سبيل فلان وفلان من سُبُل الطاغوت، لكن يدعون إلى سبيل الله التي توصلهم وتوصل عباد الله إلى الله عز وجل، فعليهم أن يصبروا، ليس بمجرد أن يقال لهم: أنت مطوّع، أنت متشدد، أنت فيك كذا وكذا، ينحسر ويَدَع، هذا ما هو صحيح، لا بد أن يصبر ويصابر، ويعمل بالحكمة وليس بالعنف، ولكل شيء.. مَرَّ علينا كثيرًا لكل شيء من الحالات منزلته.
والحاصل أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد وعد أصحابه بالنصر، فآمن بذلك المؤمنون، وتكلم المنافقون والذين في قلوبهم مرض بهذا الكلام، ﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾.
وكذبوا والله، ما وعدهم الله ورسوله إلا الحق والصدق، وقد صار والحمد لله، فإن هذه الأمة -ولله الحمد- بما خَلَّفَه لها رسوله ﷺ من العلم والهدى، وبما قام به الخلفاء رضي الله عنهم، فَتَحُوا قصور قيصر وكسرى واليمن، وأُنْفِقَت كنوز كسرى وقيصر في سبيل الله، وجِيء بتاج كسرى من المدائن إلى المدينة، جيء به في خلافة عمر رضي الله عنه، فتحقَّق ما وعد الله ورسوله، وإن كان النبي عليه الصلاة والسلام تُوُفِّي قبل أن يحصل ذلك، لكن هو في الحقيقة هو الذي فتح هذا؛ لأن الصحابة ما فتحوها..
إلا بشريعة الله، بشريعة الله فتحوها، فصار ذلك نصرًا للنبي ﷺ؛ لأن النصر -كما نقول كثيرًا- ليس انتصار الإنسان بشخصه، بل انتصاره بما جاء به ودعا إليه، ولو كان على أيدي أتباعه، ولو كان ذلك من بعد موته، ما دام أن ما جاء به ينتصر، والله أعلم.
﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ﴾ [الأحزاب ١٠، ١١]، فإن وقفت قلت: ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾، والثالثة: ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ﴾، يعني: وصلًا ووقفًا، ومثل ذلك قوله تعالى في سورة الأحزاب: ﴿أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾ [الأحزاب ٦٦]، ﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ [الأحزاب ٦٧]، فيها هذه القراءات الثلاث، إي نعم.
ما هي الظنون التي ظَنُّوها بالله عز وجل؟ نأخذ الفوائد إذن؟
* يستفاد من الآية الكريمة قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾: بيان مِنَّة الله عز وجل على هذه الأمة أولها وآخرها بهذا الدفاع من الله سبحانه وتعالى عن المؤمنين.
وجهه: أن الله أمرنا بأن نذكر هذه النعمة.
* ويستفاد من الآية الكريمة: أن نعمة الله عز وجل إما إيجادُ محبوب، أو دفع مكروه، والذي في الآية من باب دفع المكروه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان شدة عداوة الكفار للمؤمنين؛ لأنهم تحزَّبُوا ضدهم، قد تكون هذه القبائل ليس بينها رابطة في حد ذاتها، ولكن من أجل أنها اتفقت في عداوتها للإسلام اجتمعت.
* ويستفاد من الآية الكريمة: أن اليهود لا عهد لهم، وأنهم أهل غدر وخيانة.
وجهه: نَقْض بني قريظة للعهد الذي بينهم وبين الرسول ﷺ، وكل القبائل الثلاثة من اليهود كلها عاهدت الرسول عليه الصلاة والسلام حين قدم المدينة، ومع ذلك فإنهم نقضوا العهد، بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة، كلهم نقضوا العهد؛ لأن اليهود من أشد الناس غدرًا وكذبًا.
* ويستفاد من الآية الكريمة: بيان قدرة الله عز وجل، من قوله: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾ [الأحزاب ٩].
* ويستفاد منها: ما أشار إليه بعض أهل العلم من أن الريح إذا جاءت مُفْرَدَة فإنها تكون في العذاب، وإذا جاءت مجموعة فإنها تكون في الرحمة، إلا أنها قد تأتي مُفْرَدَة في الرحمة إذا وُصِفَت بما يدل على ذلك، مثل قوله تعالى: ﴿وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا﴾ [يونس ٢٢].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الملائكة جنود لله عز وجل؛ لقوله: ﴿وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ [الأحزاب ٩]، فإن قلت: هنا ما أُضِيفَت إلى الله عز وجل، فكيف تقول: إنهم جنود الله؟ لأنه يقول: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾، أضاف إرسالهم إليه، وقد قال تعالى في آية أخرى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾ [المدثر ٣١].
فإن قلت: هل الرب عز وجل محتاج إلى جنود؟
فالجواب: طبعًا لا، ولا يمكن يكون محتاجًا، لكن لماذا سُمُّوا جنودًا مع أنه لا حاجة به إليهم؟
لأنهم يقومون بأمره، ويدافعون عن أوليائه، فهم بمنزلة الجنود، وإلا فالله عز وجل لا يحتاج إليهم ولا إلى غيرهم؛ لأنه غني عن كل أحد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الناس لا يرون الملائكة؛ لقوله: ﴿لَمْ تَرَوْهَا﴾، وهو كذلك، لكن قد يرونهم؛ مثلما رأى الناس جبريل حين جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام يسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان، والساعة وأماراتها.
* ويستفاد من الآية الكريمة أيضًا: عموم علم الله سبحانه وتعالى بكل ما نعمل، ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ [الأحزاب ٩]، وهل يشمل ذلك عمل القلب؟ يشمله، بدليل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ [ق ١٦] ، وهو عمل قلب، أما عمل الجوارح فظاهر.
* ويستفاد من الآية الكريمة: الترغيب والترهيب، ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾، فإن هذا فيه بالنسبة للعمل الصالح ترغيب، وأن هذا العمل لن يُهْدَر؛ لأنه معلوم عند الله سبحانه وتعالى، ولا بد أن يُجَازِي عليه، وترهيب لمن؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، ما نقول: الكفار، من عمل سيئة تهديد له، عندما تحدثك نفسك يومًا من الأيام بأن تعمل سيئة لأنه لا يطلع عليها أحد من الخلق فاذكر أن الله يطلع عليك، ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾، ولهذا جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: «أَفْضَلُ الْإِيمَانِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللهَ مَعَكَ حَيْثُمَا كُنْتَ»[[أخرجه الطبراني في الأوسط (٨٧٩٦) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه. ]]، ليس معك في مكانك، ولكنه معك وهو على عرشه سبحانه وتعالى مُحِيط بك.
وقال تعالى: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ [الأحزاب ١٠]، خمسة أشياء ذَكَّرَهُم الله بهم؛ ليتبين وجه النعمة.
* فيستفاد من الآية الكريمة: أنه ينبغي لمن ذُكِّر أن يُذْكَر له وجه ما ذُكِّر به، أو لا؟ الإجمال ليس كالتفصيل.
إذن نأخذ من هذا فائدة؛ أنه ينبغي للمُذَكِّر أن يُفَصِّل فيما ذَكَّرَ به؛ ليكون ذلك أبلغ في تَذَكُّر المخاطب.
* ويستفاد من الآية الكريمة: أن الحالة التي وقعت للمسلمين حالٌ عظيمة رهيبة، وأنهم لا يستطيعون أن يدفعوا بأنفسهم، وبهذا يتبين وجه نعمة الله سبحانه وتعالى عليهم؛ لأن الأعداء محيطون بهم، ولأن أبصارهم زاغت، وقلوبهم بلغت الحناجر، والأوهام والأفكار التي عندهم قد تكون قد دَوَّخَتْهم من هنا ومن هناك؛ لقوله: ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾.
* ويستفاد من الآية الكريمة: أن المخاوف تُرْبِك الإنسان حتى في تصوراته؛ لقوله: ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾، فإن الإنسان المستقر ما تكون عنده ظنون متباينة متعارضة؛ لأنه مستقر، لكن عندما يحصل الفزع وعندما يحصل الخوف تأتي الظنون من كل جانب، من كل وجه.
* ويستفاد من الآية الكريمة: أن خوف الإنسان الخوف الطبيعي من المخلوق لا يُعَدّ شركًا، من أين تؤخَذ؟ من قوله: ﴿زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾، فإن هذا من شدة الخوف، وهو خوف من مخلوق، لكن الباعث عليه الأمر الطبيعي، وإذا كان أمرًا طبيعيًّا فإنه لا يؤاخَذ به الإنسان، ولهذا وُصِفَت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، بل وُصِفَ به أولو العزم من الرسل، قال الله تعالى عن موسى: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ [القصص ٢١]، ولما كَلَّفَه الله بالرسالة قال: ﴿أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ [الشعراء ١٤]، فهذا خوف طبيعي ما يلام عليه الإنسان.
* وفي الآية الكريمة أيضًا دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم على ما هم عليه من المرتبة العالية قد تعترضهم الظنون بسبب الضيق؛ لقوله: ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾، وهو يخاطب المؤمنين، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ [الأحزاب ٩]، فهم لشدة الضيق قد تعتريهم مثل هذه الوساوس، لكنها في الحقيقة سحابة صيف، عندما يرجع الإنسان إلى وعد الله عز وجل يزول عنه هذا كله ويتبدل.
ولهذا سيأتينا في سياق الآيات قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [الأحزاب ٢٢]، سبحان الله! يرون هذه الأحزاب العظيمة ثم يُطَمْئِنُون أنفسَهم بأن هذا ما وعد الله ورسوله، وصدق الله ورسوله؛ لأن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وهم لَمَّا رأوا هذه الأحزاب العظيمة وما يترتب على وجودهم من الشدة والضيق عرفوا أن النصر قريب، فإن الله عز وجل قال: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة ٢١٤]، شوف نصر الله قريب في مثل هذه الحالة، ﴿مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا﴾.
إذا طَبَّقْت هذه على حال المؤمنين في وقت الأحزاب وجدت أنها تنطبق، آخر الآية: ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾، إذن صدق عليهم أن هذا ما وعد الله ورسوله، وصدق الله ورسوله في قرب النصر.
والحاصل أن مثل هذه الأمور التي تأتي عارضة ما تؤثر على مرتبة الإنسان وعلى حاله؛ لأنها تزول.
* ويستفاد من الآية الكريمة: أن الإنسان إذا غلبته الحال حتى وردت عليه مثل هذه الظنون فإنه لا يَحُطّ من مرتبته، لكن كما قلت قبل قليل: إذا استقرت به الحال وهدأت هذه الظنون عرف الحق.
* ويستفاد من الآية الكريمة من قوله: ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب ١١] يستفاد منها: تصوير الحالة التي كان عليها المؤمنون في تلك اللحظة، وهو الابتلاء العظيم، هذا ابتلاء بالنسبة لما حصل من الأحداث، وبالنسبة لنفوسهم هل هي مستقرة؟
الجواب: لا، ﴿َزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾، فاجتمع عليهم الابتلاء الظاهري الذي يشاهَد بالعيان، والابتلاء الباطني الذي هو زلزلة النفوس وعدم استقرارها، ولهذا قال: ﴿زُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾.
* وفي هذه الآية الكريمة أيضًا: بيان القاعدة العامة، وهو أن الله تعالى يذكر النِّعَم مضافةً إليه، ويذكر النقم غالبًا في البناء للمجهول؛ لأن هنا قال: ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ﴾، ﴿وَزُلْزِلُوا﴾، ممن وقع ذلك؟ من الله سبحانه وتعالى، لكنه في مقام الخير يُضِيفُ الله سبحانه وتعالى الشيء إلى نفسه تمدحًا، وفي مقام خلاف ذلك تأتي الأفعال مبنية للمجهول.
وانظر إلى قول الجن: ﴿وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن ١٠]، ففي الشر قالوا: ﴿أُرِيدَ﴾، وفي الرَّشَد أضافوه إلى الله عز وجل؛ لأن الشر لا يضاف إلى الله، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ»[[أخرجه مسلم (٧٧١ / ٢٠١) عن علي رضي الله عنه. ]]، فلا يجوز للإنسان أن يضيف الشر إلى الله أبدًا، فالشر إنما يكون في المفعولات لا في الفعل؛ لأن مفعولات الله عز وجل لها جهتان: جهة باعتبارها فعلًا لله، وجهة باعتبار ذاتها، أما باعتبار ذاتها –أي: ذات المفعولات- ففيها خير وشر بذاتها، ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ [الفلق١ ٢]، وأما باعتبارها فعلًا لله فليس فيها شر، واضح يا إخوان؟
باعتبارها فعلًا لله ما فيها شر، وباعتبار ذاتها فيها خير وشر، باعتبار الفعل ليس فيها شر؛ لأن الله ما قَدَّرَها إلا لحكمة، ثم لو تأملت الأشياء التي هي شر لوجدت أنها تتضمن خيرًا ولو كانت شرًّا، الفساد في البَرّ والبحر من الْجَدْب والفقر وغير ذلك شرّ، لكن مآله الخير، ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
ثم قال: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [الأحزاب ١٢].
* يستفاد من هذه الآية الكريمة: بيان أن المنافقين ينتهزون الفرص.
وجهه: أنهم في هذه الفرصة وحالهم الحال الضيقة الحالكة بدؤوا نشاطهم، وانتهزوا الفرصة، وقالوا: وين الوعد؟ ففيه دليل على أن المنافق على اسمه منافق، إن لم يجد فرصة سكت وصَانَع ودَاهَن، وإن وجد فرصة نطق وتكلم، وهذا دأبهم، ﴿إِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾ [البقرة ١٤].
* ويستفاد من الآية الكريمة: الحذر من المنافقين؛ لأنهم لا يَأْلُون المؤمنين خبالًا، كلما وجدوا مطعنًا أو مكانًا للطعن هجموا، نسأل الله أن يُعِيذَنا منهم.
* ويستفاد من الآية الكريمة أيضًا: أن القلوب تنقسم إلى صحيحة ومريضة؛ لقوله: ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾، وكذلك الأبدان تنقسم إلى مريضة وصحيحة، وانظر حال الناس اليوم هل هم أشد على مداواة القلوب من مداواة الأبدان، أو على مداواة الأبدان من مداواة القلوب؟ الأخير إلا مَن شاء الله، أكثر الناس اليوم حريصون على مداواة الأبدان التي مآلها أن تكون جيفة يأكلها الدود دون القلوب التي عليها مدار سعادة الدنيا والآخرة، تجد الإنسان يمرض قلبه، وربما يصل إلى درجة الاحتراق، ولكنه لا يبالي به، فإذا أصيب بشوكة في بدنه هرع إلى الأطباء، ولو حصل في ذلك مشقة وتعب.
ولكن العاقل المؤمن هو الذي يكون دائمًا في نظرٍ إلى قلبه ومرضه وصحته، وسلامته وعطبه، هذا هو المؤمن حقًّا، ولا شك أن القلب إذا صحَّ صَحَّ البدن، ولست أقول: صَحّ البدن أن المؤمن لا يمرض، لكن المؤمن لو مرض يرى أن في هذا المرض منفعة له ومصلحة، ولَّا لا؟ وبهذا يكون مرض بدنه صحة لقلبه؛ لما يحصل عنده من الصبر والرضا بالله عز وجل، وانتظار الفرج، وفعل الأسباب التي جعلها الله تعالى أسبابًا يعتمد على الله تعالى بما جعله سببًا.
الحاصل أن مرض القلب أخطر من مرض البدن بكثير، والعاقل يعتني بهذا عناية أشد.
* ويستفاد من الآية الكريمة: أن الله تعالى ورسوله قد وَعَدَ المؤمنين بالنصر؛ لقوله: ﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [الأحزاب ١٢]، والوعد مذكور في القرآن والسنة للمؤمنين، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ [غافر ٥١]، وقال تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم ٤٧]، شوف الوعد العظيم، ﴿حَقًّا عَلَيْنَا﴾ مُؤَكَّد، ﴿نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، والملتزم بهذا يا إخواني هو الرب عز وجل الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، لكن مع الأسف الشديد أن كثيرًا من المؤمنين ما يلاحظون هذه الأشياء، مع أن الله تكفَّل بهذا.
وفي السنة قال النبي عليه الصلاة والسلام: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١ / ٣)، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. ]]، ونصره عليه الصلاة والسلام ليس نصرًا لذاته، ولكنه نصر لما جاء به، فيكون النصر له ولأمته من بعده أيضًا.
* ويستفاد من الآية الكريمة: بيان أن المنافق نظره قاصر، وكذلك مَن في قلبه مرض نظره قاصر.
وجهه: أنهم ما نظروا إلا إلى الساعة الحاضرة، ما فكروا في العاقبة، ومثل هذه الأمور التي تَرِد هذه أمور عوارض، لكن العاقبة للمتقين، فالأمور العوارض لا يَبْنِي عليها أحد إلا ضعيف البصيرة، حتى في أمور الدنيا أيضًا لا تنظر للأمور العارضة، فإن كما قيل: دوام الحال من المحال، ولكن ما دمت واثقًا بوعد الله عز وجل فَثِقْ أن هذا الوعد سوف يتحقق، لكن تعتريه عوارض بحكمة من حكم الله عز وجل يبتلي بها، ثم تكون العاقبة للمتقين، أظن انتهت الفوائد. (...).
عظيمة ما منهم أحد رجع عن دينه، لكن توجد كلمات –مثلًا- من ضعيف الإيمان لكنها لا تستقر.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، مع شدة دعاية المنافقين؛ لأن المنافقين لا شك أن عندهم دعاية عظيمة، ما هم ساكتين، لا يسكتون، لكن ما شاء الله، ثَبَّتَهم الله. (...)
﴿ ﴾
{"ayahs_start":9,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ جَاۤءَتۡكُمۡ جُنُودࣱ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِمۡ رِیحࣰا وَجُنُودࣰا لَّمۡ تَرَوۡهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرًا","إِذۡ جَاۤءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠","هُنَالِكَ ٱبۡتُلِیَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُوا۟ زِلۡزَالࣰا شَدِیدࣰا","وَإِذۡ یَقُولُ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۤ إِلَّا غُرُورࣰا"],"ayah":"هُنَالِكَ ٱبۡتُلِیَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُوا۟ زِلۡزَالࣰا شَدِیدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق