الباحث القرآني

ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿هُنالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيدًا﴾ أيْ عِنْدَ ذَلِكَ امْتَحَنَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ فَتَمَيَّزَ الصّادِقُ عَنِ المُنافِقِ، والِامْتِحانُ مِنَ اللَّهِ لَيْسَ لِاسْتِبانَةِ الأمْرِ لَهُ (p-١٧٣)بَلْ لِحِكْمَةٍ أُخْرى وهي أنَّ اللَّهَ تَعالى عالِمٌ بِما هم عَلَيْهِ لَكِنَّهُ أرادَ إظْهارَ الأمْرِ لِغَيْرِهِ مِنَ المَلائِكَةِ والأنْبِياءِ، كَما أنَّ السَّيِّدَ إذا عَلِمَ مِن عَبْدِهِ المُخالَفَةَ وعَزَمَ عَلى مُعاقَبَتِهِ عَلى مُخالَفَتِهِ وعِنْدَهُ غَيْرُهُ مِنَ العَبِيدِ وغَيْرُهم فَيَأْمُرُهُ بِأمْرٍ عالِمًا بِأنَّهُ يُخالِفُهُ فَيُبَيِّنُ الأمْرَ عِنْدَ الغَيْرِ فَتَقَعُ المُعاقَبَةُ عَلى أحْسَنِ الوُجُوهِ حَيْثُ لا يَقَعُ لِأحَدٍ أنَّها بِظُلْمٍ أوْ مِن قِلَّةِ حِلْمٍ. وقَوْلُهُ: ﴿وزُلْزِلُوا﴾ أيْ أُزْعِجُوا وحُرِّكُوا فَمَن ثَبَتَ مِنهم كانَ مِنَ الَّذِينَ إذا ذُكِرَ اللَّهُ وجِلَتْ قُلُوبُهم، وبِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ مَرَّةً أُخْرى، وهُمُ المُؤْمِنُونَ حَقًّا. * * * ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿هُنالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيدًا﴾ ﴿وإذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا﴾ ﴿وإذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنهم يا أهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكم فارْجِعُوا ويَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وما هي بِعَوْرَةٍ إنْ يُرِيدُونَ إلّا فِرارًا﴾ فَسَّرَ الظُّنُونَ وبَيَّنَها، فَظَنَّ المُنافِقُونَ أنَّ ما قالَ اللَّهُ ورَسُولُهُ كانَ زُورًا ووَعْدُهُما كانَ غُرُورًا حَيْثُ قَطَعُوا بِأنَّ الغَلَبَةَ واقِعَةٌ وقَوْلُهُ: ﴿وإذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنهم ياأهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ﴾ أيْ لا وجْهَ لِإقامَتِكم مَعَ مُحَمَّدٍ كَما يُقالُ لا إقامَةَ عَلى الذُّلِّ والهَوانِ أيْ لا وجْهَ لَها، ويَثْرِبُ اسْمٌ لِلْبُقْعَةِ الَّتِي هي المَدِينَةُ فارْجِعُوا أيْ عَنْ مُحَمَّدٍ، واتَّفِقُوا مَعَ الأحْزابِ تَخْرُجُوا مِنَ الأحْزانِ ثُمَّ السّامِعُونَ عَزَمُوا عَلى الرُّجُوعِ واسْتَأْذَنُوهُ وتَعَلَّلُوا بِأنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ أيْ فِيها خَلَلٌ لا يَأْمَنُ صاحِبُها السّارِقَ عَلى مَتاعِهِ والعَدُوَّ عَلى أتْباعِهِ، ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ كَذِبَهم بِقَوْلِهِ: ﴿وما هي بِعَوْرَةٍ﴾ وبَيَّنَ قَصْدَهم وما تُكِنُّ صُدُورُهم وهو الفِرارُ وزَوالُ القَرارِ بِسَبَبِ الخَوْفِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب