الباحث القرآني
﴿هُنالِكَ﴾ ظَرْفُ مَكانٍ، ويُسْتَعْمَلُ لِلزَّمانِ، وقِيلَ: إنَّهُ مَجازٌ وهو أنْسَبُ هُنا، وأيًّا ما كانَ، فَهو ظَرْفٌ لِما بَعْدَهُ، لا (لِتَظُنُّونَ) كَما قِيلَ، أيْ في ذَلِكَ الزَّمانِ الهائِلِ، أوْ في ذَلِكَ المَكانِ المُدْحَضِ، ﴿ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ﴾ أيِ اخْتَبَرَهُمُ اللَّهُ تَعالى، والكَلامُ مِن بابِ التَّمْثِيلِ، والمُرادُ عامَلَهم سُبْحانَهُ وتَعالى مُعامَلَةَ المُخْتَبِرِ، فَظَهَرَ المُخْلِصُ مِنَ المُنافِقِ، والرّاسِخُ مِنَ المُتَزَلْزِلِ، وابْتِلاؤُهم عَلى ما رُوِيَ عَنِ الضَّحّاكِ بِالجُوعِ، وعَلى ما رُوِيَ عَنْ مُجاهِدٍ بِشِدَّةِ الحِصارِ، عَلى ما قِيلَ بِالصَّبْرِ عَلى الإيمانِ.
﴿وزُلْزِلُوا زِلْزالا شَدِيدًا﴾ أيِ اضْطَرَبُوا اضْطِرابًا شَدِيدًا مِن شِدَّةِ الفَزَعِ وكَثْرَةِ الأعْداءِ، وعَنِ الضَّحّاكِ «أنَّهم زُلْزِلُوا عَنْ أماكِنِهِمْ حَتّى لَمْ يَكُنْ لَهم إلّا مَوْضِعُ الخَنْدَقِ»، وقِيلَ: أيْ حُرِّكُوا إلى الفِتْنَةِ فَعُصِمُوا.
وقَرَأ أحْمَدُ بْنُ مُوسى اللُّؤْلُئِيُّ عَنْ أبِي عَمْرٍو «زِلْزِلُوا» بِكَسْرِ الزّايِ، قالَهُ ابْنُ خالَوَيْهِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وعَنْ أبِي عَمْرٍو إشْمامُ زايِ (زُلْزِلُوا) وكَأنَّهُ عَنى إشْمامَها الكَسْرَ، ووَجْهُ الكَسْرِ أنَّهُ إتْباعُ حَرَكَةِ الزّايِ الأُولى لِحَرَكَةِ الثّانِيَةِ، ولَمْ يَعْتَدَّ بِالسّاكِنِ كَما لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ مَن قالَ: مِنتِنٌ، بِكَسْرِ المِيمِ إتْباعًا لِحَرَكَةِ التّاءِ، وهو اسْمُ فاعِلٍ مِن أنْتَنَ. وقَرَأ الجَحْدَرِيُّ وعِيسى «زَلْزالًا» بِفَتْحِ الزّايِ، ومَصْدَرُ فَعْلَلَ مِنَ المُضاعَفِ يَجُوزُ فِيهِ الفَتْحُ والكَسْرُ نَحْوُ قَلْقَلَ قَلْقالًا، وقَدْ يُرادُ بِالمَفْتُوحِ اسْمُ الفاعِلِ نَحْوُ: صَلْصالٍ بِمَعْنى مُصَلْصِلٍ، فَإنْ كانَ مِن غَيْرِ المُضاعَفِ فَما سُمِعَ مِنهُ عَلى فَعْلالٍ مَكْسُورُ الفاءِ نَحْوُ: سَرْهَفَهُ سَرْهافًا، ﴿وإذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى ( إذْ زاغَتِ ) وصِيغَةُ المُضارِعِ لِما مَرَّ مِنَ الدِّلالَةِ عَلى اسْتِمْرارِ القَوْلِ واسْتِحْضارِ صُورَتِهِ.
﴿والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ ظاهِرُ العَطْفِ أنَّهم قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا مُنافِقِينَ فَقِيلَ: هم قَوْمٌ كانَ المُنافِقُونَ يَسْتَمِيلُونَهم بِإدْخالِ الشُّبْهَةِ عَلَيْهِمْ، وقِيلَ: قَوْمٌ كانُوا ضُعَفاءَ الِاعْتِقادِ لِقُرْبِ عَهْدِهِمْ بِالإسْلامِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِهِمُ المُنافِقِينَ أنْفُسَهُمْ، والعَطْفُ لِتَغايُرِ الوَصْفِ كَقَوْلِهِ: إلى المَلِكِ القَرْمِ وابْنِ الهُمامِ.
﴿ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ﴾ مِنَ الظَّفَرِ وإعْلاءِ الدِّينِ ﴿إلا غُرُورًا﴾ أيْ وعْدَ غُرُورٍ، وقِيلَ: أيْ قَوْلًا باطِلًا، وفي البَحْرِ: أيْ أمْرًا يَغُرُّنا ويُوقِعُنا فِيما لا طاقَةَ لَنا بِهِ.
رُوِيَ «أنَّ الصَّحابَةَ بَيْنَما يَحْفِرُونَ الخَنْدَقَ عَرَضَتْ لَهم صَخْرَةٌ بَيْضاءُ مُدَوَّرَةٌ شَدِيدَةٌ جِدًّا، لا تَدْخُلُ فِيها المَعاوِلُ، فَشَكَوْا إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأخَذَ المِعْوَلَ مِن سَلْمانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ، فَضَرَبَها ضَرْبَةً دَعَّها وبَرَقَتْ مِنها بَرْقَةً أضاءَ مِنها ما بَيْنَ لابَتَيِ المَدِينَةِ حَتّى لَكَأنَّ (p-159)مِصْباحًا في جَوْفِ لَيْلٍ مُظْلِمٍ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وكَبَّرَ المُسْلِمُونَ، ثُمَّ ضَرَبَها الثّانِيَةَ فَصَدَعَها وبَرَقَتْ مِنها بَرْقَةً أضاءَ مِنها ما بَيْنَ لابَتَيْها، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وكَبَّرَ المُسْلِمُونَ، ثُمَّ ضَرَبَها الثّالِثَةَ فَكَسَرَها، وبَرَقَتْ بَرْقَةً أضاءَ مِنها ما بَيْنَ لابَتَيْها، فَكَبَّرَ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وكَبَّرَ المُسْلِمُونَ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: أضاءَ لِي في الأُولى قُصُورُ الحِيرَةِ، ومَدائِنُ كِسْرى، كَأنَّها أنْيابُ الكِلابِ، فَأخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ أنَّ أُمَّتِي ظاهِرَةٌ عَلَيْها، وأضاءَ لِي الثّانِيَةَ قُصُورُ الحُمْرِ مِن أرْضِ الرُّومِ كَأنَّها أنْيابُ الكِلابِ، وأخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ أنَّ أُمَّتِي ظاهِرَةٌ عَلَيْها، وأضاءَ لِي في الثّالِثَةِ قُصُورُ صَنْعاءَ، كَأنَّها أنْيابُ الكِلابِ، وأخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ أنَّ أُمَّتِي ظاهِرَةٌ عَلَيْها، فَأبْشِرُوا بِالنَّصْرِ، فاسْتَبْشَرَ المُسْلِمُونَ، وقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ يُدْعى مُعْتِبَ بْنَ قُشَيْرٍ وكانَ مُنافِقًا: أيَعِدُنا مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنْ يَفْتَحَ لَنا مَدائِنَ اليَمَنِ وبِيضَ المَدائِنِ وقُصُورَ الرُّومِ، وأحَدُنا لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَقْضِيَ حاجَتَهُ إلّا قُتِلَ، هَذا واللَّهِ الغُرُورُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى في هَذا» .
{"ayah":"هُنَالِكَ ٱبۡتُلِیَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُوا۟ زِلۡزَالࣰا شَدِیدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق