الباحث القرآني

ولَمّا كانَتِ الشِّدَّةُ في الحَقِيقَةِ إنَّما هي لِلثّابِتِ لِأنَّهُ ما عِنْدَهُ إلّا الهَلاكُ أوِ النُّصْرَةُ، وأمّا المُنافِقُ فَيُلْقِي السَّلَمَ ويَدْخُلُ دارَهُ الذُّلُّ بِالمُوافَقَةِ عَلى جَمِيعِ ما يُرادُ مِنهُ، تَرْجَمَ حالَ المُؤْمِنِينَ قاصِرًا الخِطابَ عَلى الرَّأْسِ لِئَلّا يَدْخُلَ في مَضْمُونِ الخَبَرِ إعْلامًا بِأنَّ مَنصِبَهُ الشَّرِيفَ أجَلُّ مِن أنْ يُبْتَلى فَقالَ تَعالى: ﴿هُنالِكَ﴾ أيْ في [ذَلِكَ] الوَقْتِ العَظِيمِ البَعِيدِ الرُّتْبَةِ ﴿ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ﴾ أيْ خُولِطَ الرّاسِخُونَ في الإيمانِ بِما شَأْنُهُ أنْ يُحِيلَ ما خالَطَهُ ويُمِيلَهُ، وبَناهُ لِلْمَجْهُولِ لَمّا كانَ المَقْصُودُ إنَّما هو مَعْرِفَةُ المُخْلِصِ مِن غَيْرِهِ، مَعَ العِلْمٍ بِأنَّ فاعِلَ ذَلِكَ هو الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ، ولَمْ يُؤَكِّدِ الِابْتِلاءَ بِالشِّدَّةِ لِدَلالَةِ الِافْتِعالِ عَلَيْها، وصُرِفَ الكَلامُ عَنِ الخِطابِ مَعَ ما تَقَدَّمَ مِن فَوائِدِهِ، وعَبَّرَ بِالوَصْفِ لِيَخُصَّ الرّاسِخِينَ فَقالَ: ﴿وزُلْزِلُوا﴾ أيْ حُرِّكُوا ودُفِعُوا وأُقْلِقُوا وأُزْعِجُوا بِما يَرَوْنَ مِنَ الأهْوالِ بِتَظافُرِ الأعْداءِ مَعَ الكَثْرَةِ، وتَطايُرِ الأراجِيفِ ﴿زِلْزالا شَدِيدًا﴾ فَثَبَتُوا (p-٣٠٤)بِتَثْبِيتِ اللَّهِ لَهم عَلى عَهْدِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب