الباحث القرآني

(p-٢١٥)﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكم إذْ جاءَتْكم جُنُودٌ فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا وجُنُودًا لَمْ تَرَوْها وكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ ﴿إذْ جاءُوكم مِن فَوْقِكم ومِن أسْفَلَ مِنكم وإذْ زاغَتِ الأبْصارُ وبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ وتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ﴾ ﴿هُنالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيدًا﴾ ﴿وإذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا﴾ [الأحزاب: ١٢] ﴿وإذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنهم ياأهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكم فارْجِعُوا ويَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وما هي بِعَوْرَةٍ إنْ يُرِيدُونَ إلّا فِرارًا﴾ [الأحزاب: ١٣] ﴿ولَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِن أقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ لَآتَوْها وما تَلَبَّثُوا بِها إلّا يَسِيرًا﴾ [الأحزاب: ١٤] ﴿ولَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأدْبارَ وكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾ [الأحزاب: ١٥] ﴿قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الفِرارُ إنْ فَرَرْتُمْ مِنَ المَوْتِ أوِ القَتْلِ وإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلّا قَلِيلًا﴾ [الأحزاب: ١٦] ﴿قُلْ مَن ذا الَّذِي يَعْصِمُكم مِنَ اللَّهِ إنْ أرادَ بِكم سُوءًا أوْ أرادَ بِكم رَحْمَةً ولا يَجِدُونَ لَهم مِن دُونِ اللَّهِ ولِيًّا ولا نَصِيرًا﴾ [الأحزاب: ١٧] ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقِينَ مِنكم والقائِلِينَ لِإخْوانِهِمْ هَلُمَّ إلَيْنا ولا يَأْتُونَ البَأْسَ إلّا قَلِيلًا﴾ [الأحزاب: ١٨] ﴿أشِحَّةً عَلَيْكم فَإذا جاءَ الخَوْفُ رَأيْتَهم يَنْظُرُونَ إلَيْكَ تَدُورُ أعْيُنُهم كالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ فَإذا ذَهَبَ الخَوْفُ سَلَقُوكم بِألْسِنَةٍ حِدادٍ أشِحَّةً عَلى الخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأحْبَطَ اللَّهُ أعْمالَهم وكانَ ذَلِكَ عَلى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [الأحزاب: ١٩] ﴿يَحْسَبُونَ الأحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وإنْ يَأْتِ الأحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أنَّهم بادُونَ في الأعْرابِ يَسْألُونَ عَنْ أنْبائِكم ولَوْ كانُوا فِيكم ما قاتَلُوا إلّا قَلِيلًا﴾ [الأحزاب: ٢٠] . (p-٢١٦)ذَكَّرَهُمُ اللَّهُ تَعالى بِنِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ في غَزْوَةِ الخَنْدَقِ، وما اتَّصَلَ بِها مِن أمْرِ بَنِي قُرَيْظَةَ، وقَدِ اسْتَوْفى ذَلِكَ أهِلُ السِّيَرِ، ونَذْكُرُ مِن ذَلِكَ ما لَهُ تَعَلُّقٌ بِالآياتِ الَّتِي نُفَسِّرُها. و”إذْ“ مَعْمُولَةٌ لِـ: (نِعْمَةَ)، أيْ: إنْعامَهُ عَلَيْكم وقْتَ مَجِيءِ الجُنُودِ، والجُنُودُ كانُوا عَشَرَةَ آلافٍ، قُرَيْشٌ ومَن تابَعَهم مِنَ الأحابِيشِ في أرْبَعَةِ آلافٍ يَقُودُهم أبُو سُفْيانَ، وبَنُو أسَدٍ يَقُودُهم طُلَيْحَةُ، وغَطَفانُ يَقُودُهم عُيَيْنَةُ، وبَنُو عامِرٍ يَقُودُهم عامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وسُلَيْمٌ يَقُودُهم أبُو الأعْوَرِ، واليَهُودُ النَّضِيرُ رُؤَساؤُهم حُيَيُّ بْنُ أخْطَبَ وابْنا أبِي الحُقَيْقِ، وبَنُو قُرَيْظَةَ سَيِّدُهم كَعْبُ بْنُ أسَدٍ، وكانَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الرَّسُولِ ﷺ عَهْدٌ، فَنَبَذَهُ بِسَعْيِ حُيَيِّ بْنِ أخْطَبَ. وقِيلَ: فاجْتَمَعُوا خَمْسَةَ عَشَرَ ألْفًا، وهُمُ الأحْزابُ، ونَزَلُوا المَدِينَةَ، فَحَفَرُوا الخَنْدَقَ بِإشارَةِ سَلْمانَ، وظَهَرَتْ لِلرَّسُولِ ﷺ بِهِ تِلْكَ المُعْجِزَةُ العَظِيمَةُ مِن كَسْرِ الصَّخْرَةِ الَّتِي أعْوَزَتِ الصَّحابَةَ ثَلاثَ فِرَقٍ، ظَهَرَتْ مَعَ كُلِّ فِرْقَةٍ بُرْقَةٌ، أراهُ اللَّهُ مِنها مَدائِنَ كِسْرى وما حَوْلَها، ومَدائِنَ قَيْصَرَ وما حَوْلَها، ومَدائِنَ الحَبَشَةِ وما حَوْلَها؛ وبُشِّرَ بِفَتْحِ ذَلِكَ، وأقامَ الذَّرارِيَّ والنِّساءَ بِالآطامِ، وخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ والمُسْلِمُونَ في ثَلاثَةِ آلافٍ، فَنَزَلُوا بِظَهْرِ سَلْعٍ، والخَنْدَقُ بَيْنَهم وبَيْنَ المُشْرِكِينَ، وكانَ ذَلِكَ في شَوّالٍ، سَنَةَ خَمْسٍ، قالَهُ ابْنُ إسْحاقَ. وقالَ مالِكٌ: سَنَةَ أرْبَعٍ. وقَرَأ الحَسَنُ: وجُنُودًا، بِفَتْحِ الجِيمِ؛ والجُمْهُورُ: بِالضَّمِّ. بَعَثَ اللَّهُ الصَّبا لِنُصْرَةِ نَبِيِّهِ، فَأضَرَّتْ بِهِمْ؛ هَدَمَتْ بُيُوتَهم، وأطْفَأتْ نِيرانَهم، وقَطَعَتْ حِبالَهم، وأكْفَأتْ قُدُورَهم، ولَمْ يُمْكِنْهم مَعَها قَرارٌ. وبَعَثَ اللَّهُ مَعَ الصَّبا مَلائِكَةٌ تُشَدِّدُ الرِّيحَ وتَفْعَلُ نَحْوَ فِعْلِها. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو في رِوايَةٍ، وأبُو بَكْرَةَ في رِوايَةٍ: ”لَمْ يَرَوْها“، بِياءِ الغَيْبَةِ؛ وباقِي السَّبْعَةِ، والجُمْهُورُ: بِتاءِ الخِطابِ. ﴿مِن فَوْقِكُمْ﴾ مِن أعْلى الوادِي مِن قِبَلِ مَشْرِقِ غَطَفانَ ﴿ومِن أسْفَلَ مِنكُمْ﴾ مِن أسْفَلِ الوادِي مِن قِبَلِ المَغْرِبِ، وقُرَيْشٌ تَحَزَّبُوا وقالُوا: نَكُونُ جُمْلَةً حَتّى نَسْتَأْصِلَ مُحَمَّدًا. وقالَ مُجاهِدٌ: ﴿مِن فَوْقِكُمْ﴾ يُرِيدُ أهْلَ نَجْدٍ مَعَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، و﴿مِن أسْفَلَ مِنكُمْ﴾ يُرِيدُ مَكَّةَ وسائِرَ تِهامَةَ، وهو قَوْلٌ قَرِيبٌ مِنَ الأوَّلِ. وقِيلَ: إنَّما يُرادُ ما يَخْتَصُّ بِبُقْعَةِ المَدِينَةِ، أيْ: نَزَلَتْ طائِفَةٌ في أعْلى المَدِينَةِ، وطائِفَةٌ في أسْفَلِها، وهَذا قَرِيبٌ مِنَ القَوْلِ الأوَّلِ، وقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلى مَعْنى المُبالَغَةِ، أيْ: جاءُوكم مِن جَمِيعِ الجِهاتِ، كَأنَّهُ قِيلَ: إذْ جاءُوكم مُحِيطِينَ بِكم، كَقَوْلِهِ: ﴿يَغْشاهُمُ العَذابُ مِن فَوْقِهِمْ ومِن تَحْتِ أرْجُلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٥٥] المَعْنى: يَغْشاهم مُحِيطًا بِجَمِيعِ أبْدانِهِمْ. وزَيْغُ الأبْصارِ: مَيْلُها عَنْ مُسْتَوى نَظَرِها، فِعْلُ الوالِهِ الجَزِعِ. وقالَ الفَرّاءُ: زاغَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ، فَلَمْ تَلْتَفِتْ إلّا إلى عَدُوِّها. وبُلُوغُ القَلْبِ الحَناجِرَ: مُبالَغَةٌ في اضْطِرابِها ووَجِيبِها، دُونَ أنْ تَنْتَقِلَ مِن مَقَرِّها إلى الحَنْجَرَةِ. وقِيلَ: بَحَّتِ القُلُوبُ مِن شِدَّةِ الفَزَعِ، فَيَتَّصِلُ وجِيبُها بِالحَنْجَرَةِ، فَكَأنَّها بَلَغَتْها. وقِيلَ: يَجِدُ خُشُونَةً وقَلْبُهُ يَصْعَدُ عُلُوًّا لِيَنْفَصِلَ، فالبُلُوغُ لَيْسَ حَقِيقَةً. وقِيلَ: القَلْبُ عِنْدَ الغَضَبِ يَنْدَفِعُ، وعِنْدَ الخَوْفِ يَجْتَمِعُ فَيَتَقَلَّصُ بِالحَنْجَرَةِ. وقِيلَ: يُفْضِي إلى أنْ يَسُدَّ مَخْرَجَ النَّفَسِ، فَلا يَقْدِرُ المَرْءُ أنْ يَتَنَفَّسَ، ويَمُوتُ خَوْفًا، ومِثْلُهُ: ﴿إذِ القُلُوبُ لَدى الحَناجِرِ﴾ [غافر: ١٨] . وقِيلَ: إذا انْتَفَخَتِ الرِّئَةُ مِن شِدَّةِ الفَزَعِ والغَضَبِ، أوِ الغَمِّ الشَّدِيدِ، رَبَتْ وارْتَفَعَ القَلْبُ بِارْتِفاعِها إلى رَأْسِ الحَنْجَرَةِ، ومِن ثَمَّ قِيلَ لِلْجَبانِ، انْتَفَخَ سَحْرُهُ. والظُّنُونُ: جَمْعٌ لِما اخْتَلَفَتْ مُتَعَلِّقاتُهُ، وإنْ كانَ لا يَنْقاسُ عِنْدَ مَن جَمَعَ المَصْدَرَ إذا اخْتَلَفَتْ مُتَعَلِّقاتُهُ، ويَنْقاسُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وقَدْ جاءَ الظُّنُونُ جَمْعًا في أشْعارِهِمْ، أنْشَدَ أبُو عَمْرٍو في كِتابِ الألْحانِ: ؎إذا الجَوْزاءُ أرْدَفَتِ الثُّرَيّا ظَنَنْتُ بِآلِ فاطِمَةَ الظُّنُونا (p-٢١٧)فَظَنَّ المُؤْمِنُونَ الخُلَّصُ أنَّ ما وعَدَهُمُ اللَّهُ مِنَ النَّصْرِ حَقٌّ، وأنَّهم يَسْتَظْهِرُونَ؛ وظَنَّ الضَّعِيفُ الإيمانِ مُضْطَرِبُهُ، والمُنافِقُونَ، أنَّ الرَّسُولَ ﷺ والمُؤْمِنِينَ سَيُغْلَبُونَ، وكُلُّ هَؤُلاءِ يَشْمَلُهُمُ الضَّمِيرُ في ﴿وتَظُنُّونَ﴾ . وقالَ الحَسَنُ: ظَنُّوا ظُنُونًا مُخْتَلِفَةً، ظَنَّ المُنافِقُونَ أنَّ المُسْلِمِينَ يُسْتَأْصَلُونَ، وظَنَّ المُؤْمِنُونَ أنَّهم يُبْتَلُونَ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أيْ: يَكادُونَ يَضْطَرِبُونَ، ويَقُولُونَ: ما هَذا الخُلْفُ لِلْوَعْدِ ؟ وهَذِهِ عِبارَةٌ عَنْ خَواطِرَ خَطَرَتْ لِلْمُؤْمِنِينَ، لا يُمْكِنُ البَشَرَ دَفْعُها. وأمّا المُنافِقُونَ فَعَجَّلُوا ونَطَقُوا. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ظَنَّ المُؤْمِنُونَ الثُّبْتُ القُلُوبِ بِاللَّهِ أنْ يَبْتَلِيَهم ويَفْتِنَهم، فَخافُوا الزَّلَلَ وضَعْفَ الِاحْتِمالِ؛ والضِّعافُ القُلُوبِ الَّذِينَ هم عَلى حَرْفٍ والمُنافِقُونَ ظَنُّوا بِاللَّهِ ما حَكى عَنْهم، وكَتَبَ: (الظُّنُونا) و(الرَّسُولا) و(السَّبِيلا) في المُصْحَفِ بِالألِفِ، فَحَذَفَها حَمْزَةُ وأبُو عَمْرٍو وقْفًا ووَصْلًا؛ وابْنُ كَثِيرٍ، والكِسائِيُّ، وحَفْصٌ: بِحَذْفِها وصْلًا خاصَّةً؛ وباقِي السَّبْعَةِ: بِإثْباتِها في الحالَيْنِ. واخْتارَ أبُو عُبَيْدٍ والحُذّاقُ أنْ يُوقَفَ عَلى هَذِهِ الكَلِمَةِ بِالألِفِ، ولا يُوصَلَ، فَيُحْذَفُ أوْ يُثْبَتُ؛ لِأنَّ حَذْفَها مُخالِفٌ لِما اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ مَصاحِفُ الأمْصارِ، ولِأنَّ إثْباتَها الوَصْلَ مَعْدُومٌ في لِسانِ العَرَبِ، نَظْمِهِمْ ونَثْرِهِمْ، لا في اضْطِرارٍ ولا غَيْرِهِ. أمّا إثْباتُها في الوَقْفِ فَفِيهِ اتِّباعُ الرَّسْمِ ومُوافَقَتُهُ لِبَعْضِ مَذاهِبِ العَرَبِ؛ لِأنَّهم يُثْبِتُونَ هَذِهِ الألِفَ في قَوافِي أشْعارِهِمْ وفي تَصارِيفِها، والفَواصِلُ في الكَلامِ كالمَصارِعِ. وقالَ أبُو عَلِيٍّ: هي رُءُوسُ الآيِ، تُشَبَّهُ بِالقَوافِي مِن حَيْثُ كانَتْ مَقاطِعَ، كَما كانَتِ القَوافِي مَقاطِعَ. و﴿هُنالِكَ﴾ ظَرْفُ مَكانٍ لِلْبَعِيدِ هَذا أصْلُهُ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، أيْ: في ذَلِكَ المَكانِ الَّذِي وقَعَ فِيهِ الحِصارُ والقِتالُ ﴿ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ﴾ والعامِلُ فِيهِ (ابْتُلِيَ) . وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: (هُنالِكَ) ظَرْفُ زَمانٍ؛ قالَ: ومَن قالَ إنَّ العامِلَ فِيهِ ﴿وتَظُنُّونَ﴾ فَلَيْسَ قَوْلُهُ بِالقَوِيِّ؛ لِأنَّ البَداءَةَ لَيْسَتْ مُتَمَكِّنَةً. وابْتِلاؤُهم، قالَ الضَّحّاكُ: بِالجُوعِ. وقالَ مُجاهِدٌ: بِالحِصارِ. وقِيلَ: بِالصَّبْرِ عَلى الإيمانِ. ﴿وزُلْزِلُوا﴾ قالَ ابْنُ سَلامٍ: حُرِّكُوا بِالخَوْفِ. وقِيلَ؛ (زُلْزِلُوا) فَثَبَتُوا وصَبَرُوا حَتّى نُصِرُوا. وقِيلَ: حُرِّكُوا إلى الفِتْنَةِ فَعُصِمُوا. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (وزُلْزِلُوا)، بِضَمِّ الزّايِ. وقَرَأ أحْمَدُ بْنُ مُوسى اللُّؤْلُؤِيُّ، عَنْ أبِي عَمْرٍو: بِكَسْرِ الزّايِ، قالَ ابْنُ خالَوَيْهِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ، وعَنْ أبِي عَمْرٍو: إشْمامُ زايِ زُلْزِلُوا. انْتَهى، كَأنَّهُ يَعْنِي إشْمامَها الكَسْرَ، ووَجْهُ الكَسْرِ في هَذِهِ القِراءَةِ الشّاذَّةِ أنَّهُ أتْبَعَ حَرَكَةَ الزّايِ الأُولى بِحَرَكَةِ الثّانِيَةِ، ولَمْ يَعْتَدَّ بِالسّاكِنِ، كَما يَعْتَدُّ بِهِ مَن قالَ: مِنتِنٌ، بِكَسْرِ المِيمِ إتْباعًا لِحَرَكَةِ التّاءِ، وهو اسْمُ فاعِلٍ مِن أنْتَنَ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿زِلْزالًا﴾ بِكَسْرِ الزّايِ؛ والجَحْدَرِيُّ، وعِيسى: بِفَتْحِها، وكَذا: ”﴿إذا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزالَها﴾ [الزلزلة: ١]“ ومَصْدَرُ فَعْلَلَ مِنَ المُضاعَفِ يَجُوزُ فِيهِ الكَسْرُ والفَتْحُ نَحْوُ: قَلْقَلَ قَلْقالًا. وقَدْ يُرادُ بِالمَفْتُوحِ مَعْنى اسْمِ الفاعِلِ، فَصَلْصالٌ بِمَعْنى مُصَلْصِلٍ، فَإنْ كانَ غَيْرَ مُضاعَفٍ، فَما سُمِعَ مِنهُ عَلى فِعْلانٍ، مَكْسُورِ الفاءِ، نَحْوُ: سَرْهَفَهُ سِرْهافًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب