الباحث القرآني
ثم قال: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ ﴿جَحَدُوا﴾ الضمير يعود على ﴿فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ﴾، والجحد: الإنكار، و(جحد) يتعدى بنفسه، ولكنه قد يُضمَّن معنى التكذيب فيتعدى بالباء، ﴿وَجَحَدُوا﴾ مكذّبين بها.
وهنا الجحد ضُمِّن معنى التكذيب؛ ولهذا تعدى بالباء؛ ذلك لأن الجحد قد يكون تكذيبًا، وقد يكون مراعاة لمصلحة من المصالح، وأسبابه متعددة؛ لأنه قد يقول لك قائل: ماذا فعلت؟ فتجحد لمصلحة تريدها، لا تكذيبًا.
ولكنه هنا تكذيب، جحدهم هذا تكذيب، وأيش الدليل؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، الدليل أنه عُدِّي بالباء، والذي يُعدى بالباء هو التكذيب.
﴿وَجَحَدُوا بِهَا﴾ أي: كذّبوا بها جحدًا، هم كذّبوا ومع ذلك ما أظهروه؛ ولهذا يقول المؤلِّف: (أي: لم يقروا بها)، معناه هو التكذيب، والمؤلِّف أتى بـ(لم يقروا) لأمرين: الأمر الأول: لأجل أن يسلم التعليق بالباء؛ لأن (أقر) تتعدى شو هو؟ بالباء.
والثاني: لأجل -على رأيه- ألَّا يتضمن ذلك إخفاءها لمن طلبها؛ يعني فكأن المؤلِّف جعل الجحد نفي الإقرار، ولكننا لا نوافقه على هذا التفصيل؛ أولًا: أنه فسَّر المثبت بالمنفي ولَّا لا؟ جحد مُثبت، لم يقر منفي.
الثاني: أنه بتفسيره هذا يفوّت معنى دلّت عليه الآية وهو كتمانهم لهذه الآيات لو سُئلوا عنها؛ لأن كون الإنسان ما يُقر ما هو مثلما إذا جحد وكتم عن غيره، فإبقاء الآية على ما هي عليه، ويقال: إنه عُدّي الجحد بالباء، لماذا؟ لتضمينه معنى التكذيب، ويكون دالًّا على أمرين: على إخفائها عند طلبها، وعلى التكذيب بها عند عرضها، فالآية بلا شك..
ولا حاجة أن نقول: إن الآية أبلغ مما ذكر المؤلِّف، لكننا نقول: إن تفسير المؤلِّف لها فيه نظر من وجهين:
الوجه الأول: تفسير الإثبات بالنفي، وهذا قصور.
والثاني: أنه فوّت معنًى وهو: الجحود عند السؤال، فهو تكذيبٌ عند العرض، وجحودٌ عند الطلب.
* طالب: قوله تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ (...)؟
* الشيخ: إي، معلوم يكذّبون ويخفون ولكنهم متيقنون.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: إي، هم ما اعترفوا ظاهرًا، إنما الكلام بس تفسيره بهذا خطأ.
قال: (﴿وَ﴾ قد ﴿اسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ أي: تيقنوا).
خدوا بالكم يا جماعة، المؤِّلف قال: (﴿وَ﴾ قد ﴿اسْتَيْقَنَتْهَا﴾ )، فما الذي أوجب له أن يقدّر (قد)؟
نقول: لأن الجملة حالية، والجملة الحالية إذا كانت فعلًا ماضيًا يقدّر فيها (قد) للتحقيق.
والثاني قال: ﴿اسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ قال: (أي: تيقنوا أنها من عند الله)، ففسّر (استيقن) بـ(تيقن)، إشارة إلى أن السين والتاء زائدتان، ولكن الأولى أن تبقى السين والتاء على بابها، ولا يُحكم بزيادتها؛ لأن الاستيقان أبلغ من التيقن، ومن المعروف عندهم أنهم يقولون: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، فالاستيقان أبلغ، فهم قد استيقنوها استيقانًا كاملًا ليس عندهم فيها شك، ومع ذلك جحدوا بها، يكون هذا الجحد مع الاستيقان أبلغ؛ ولهذا قال: ﴿ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ إلى آخره.
وقوله تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ ولم يقل: واستيقنوها، فإضافة الاستيقان إلى النفس أبلغ؛ أي: أنه يقينٌ بلغ نفوسهم حتى تمكن منها، ومع ذلك -والعياذ بالله- جحدوا بها وأنكروها.
وقوله: ﴿ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ يقول المؤلِّف: (تكبرًا عن الإيمان بما جاء به موسى)، ففسّر الكلمتين بكلمة واحدة وهي: التكبر، ولكنه أيضًا لو نظرنا إلى الآية الكريمة وجدنا أنها أبلغ مما فسّرها به.
قوله: ﴿ظُلْمًا﴾ الظلم في الأصل: النقص، ومنه قوله تعالى: ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ [الكهف ٣٣] أيش معنى: ﴿لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ﴾ أي: لم تنقص.
فالأصل فيه أنه بمعنى النقص، وكل من نقص حق غيره فهو ظالمٌ، إذا نقص الإنسان حق نفسه فهو ظالمٌ لها، إذا نقص حق غيره فهو ظالمٌ له.
هنا هؤلاء نقصوا حق موسى عليه الصلاة والسلام، فهم ظالمون، ونقصوا حق أنفسهم؛ حيث لم يقودوها إلى ما فيه صلاحها فهم أيضًا ظالمون.
ثم هذا الظلم والنقص ما الحامل عليه؟ قال: ﴿عُلُوًّا﴾، وهذا معنًى غير الظلم؛ يعني: ترفّعًا عما جاء به موسى عليه الصلاة والسلام، يرون أن موسى: من موسى الذي يأتي إلى فرعون، الذي يقول لقومه: أنا ربكم الأعلى، ثم يقول: أنا رسولٌ إليك، لا بد أن تتبعني! بطبيعة البشر الفاسق أن يترفع يقول: أبدًا؛ فلهذا جحدوا ﴿ظُلْمًا﴾ لمن؟ لموسى وأنفسهم، ﴿عُلُوًّا﴾: ترفّعًا عن موسى وعما جاء به أيضًا، فهم -والعياذ بالله- اتصفوا بالوصفين.
وقوله: ﴿ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ يقول المؤلِّف: (راجع إلى الجحد).
صحيح لا للاستيقان؛ لأن الاستيقان هو ظلم، إذا استيقنوا أن موسى صادق، ما هو ظلم، هذا حق، استيقانهم عدلٌ وتواضع، لكن ما استيقنوا هم؛ يعني: ما انقادوا لهذا الاستيقان.
إذن فهو راجعٌ إلى الجحد؛ يعني: جحدوا بها ظلمًا وعلوًّا.
لكن فائدة الإتيان بالجملة الحالية: ﴿وَاسْتَيْقَنَتْهَا﴾ فائدة الإتيان بها بين المتعلَّق والمتعلِّقين: المبادرة بالتشنيع عليهم؛ لأن كونهم يجحدون مع الاستيقان أشد وأعظم، الجاحد مع الشك قد يُعذر، لكن مع الاستيقان لا وجه له.
ففائدة الاعتراض بالجملة الحالية: ﴿وَاسْتَيْقَنَتْهَا﴾ بين المتعلِّق ومتعلَّقه ويش فائدتها؟ المبادرة بالتشنيع عليهم، وبيان أنهم بلغوا في هذا الوصف غايته اللي هو الظلم والعلو.
ما إعراب ﴿ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ هل هي مفعول لأجله؛ يعني: من أجل الظلم والعلو، أو هي مصدرٌ بمعنى الحال؛ أي: ظالمين عالين؟
* طلبة: الأخير أولى.
* الشيخ: الأخير أولى؛ لأن الظلم والعلو إذا جعلناه مفعولًا من أجله فهو سابق على الجحد؛ إذ إنهم ظلموا وعلوا ثم جحدوا.
فعلى هذا نقول: إن ظلمًا وعلوًّا إنها مصدرٌ بمعنى اسم الفاعل؛ أي: جحدوا بها حال كونهم؟
* طالب: ظالمين وعالين.
* الشيخ: ظالمين عالين.
قال الله تبارك وتعالى: (﴿فَانظُرْ﴾ يا محمد) إلى آخره، ﴿فَانظُرْ﴾ نظر اعتبار أو نظر إبصار؟
* الطلبة: نظر اعتبار.
* الشيخ: نظر اعتبار؛ لأن نظر الإبصار هنا متعذِّر، لأيش؟ لسبق زمنه لكنه نظر اعتبار.
والخطاب على كلام المؤلِّف يعود إلى رسول الله ﷺ: (﴿فَانظُرْ﴾ يا محمد).
وقد مرّ علينا عدة مرات: أن الخطاب بالمفرد في القرآن لا يختص بالرسول عليه الصلاة والسلام إلا ما دل عليه الدليل، ما دل عليه الدليل يكون على ما دل عليه، وإلا فهو عامٌ، ويصير التقدير: فانظر أيها المخاطَب، ما هو: بيا محمد، فانظر أيها المخاطَب؛ لأن القرآن بين أيدي كل أحد.
أما ما دل عليه الدليل على أنه خاصٌ بالرسول عليه الصلاة والسلام فهو خاصٌ به، مثل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة ٦٧]، ومثل قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح ١].
ويدلنا على أن الخطاب المفرد عام؛ أولًا ما ذكرناه من التعليل: أن القرآن بين أيدي الناس جميعًا.
ثانيًا: قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ﴾ [الطلاق ١] خاطب بالإفراد والجمع؛ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ﴾، فدل هذا على أن الخطاب الموجه للرسول عليه الصلاة والسلام موجهٌ للأمة ما لم يدل الدليل على اختصاصه به، مثل ما مثّلنا بمثالين، وكذلك منه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم ١]، فإن هذا خاصٌ بالرسول عليه الصلاة والسلام، هو الذي حرّم، لكن مع ذلك الحكم عام.
إذن ﴿فَانظُرْ﴾ وأيش نقول؟ نقول: أيها المخاطَب.
﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ في هذه الآية الجملة هذه أولًا: (كان) ترفع الاسم وتنصب الخبر ولَّا لا؟ هذا المعروف عندكم أن (كان) ترفع الاسم وتنصب الخبر، ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ [النساء ٩٦].
ثانيًا: أنه إذا كان الفاعل مؤنثًا كان الفعل مؤنثًا، فهنا ما نرى خبرًا لكان ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾.
* طالب: (...).
* الشيخ: هيا زين، والثاني؟
* الطالب: الثاني: أن (عاقبة) مؤنث مجازي (...).
* الشيخ: زين، الجواب الثاني صحيح؛ يعني: (عاقبة) مؤنث مجازي لا حقيقي، والفرق بين المؤنث المجازي والحقيقي: ما كان له فرج فهو مؤنث حقيقي، وما لم يكن له فرج وإنما تأنيثه لفظي فهو مؤنثٌ مجازي.
أما الأول وهو قوله: إنها ناقصة أو إنها تامة فليس بتام.
* الطالب: كان تامة، والخبر مقدم وهو (كيف).
* الشيخ: نعم، هذا الصحيح: الخبر مقدم وهو (كيف)، مقدّم وجوبًا ولَّا جوازًا؟
* الطالب: وجوبًا.
* الشيخ: لماذا؟ لأنه اسم استفهام، والاستفهام له الصدارة، ما يمكن يأتي استفهام في وسط الكلام، لا بد أن يكون متقدمًا. فهمنا الإعراب.
إذن ﴿عَاقِبَةُ﴾ أيش معنى العاقبة؟ العاقبة في الأصل: التأخر، ومنه: العقب في القدم، عقب القدم ما هو؟ العرقوب المؤخَّر، أيش معنى العاقبة؟ الأمر المتأخر؛ يعني: انظر ماذا كان من أمرهم في النهاية.
وقوله: ﴿الْمُفْسِدِينَ﴾ الذين صار شأنهم الإفساد، والمراد بالإفساد هنا ليس إفساد العمران، فقد يكون العمران في زمن فرعون قد بلغ غايته، لكن المراد بالإفساد الإفساد المعنوي؛ إفساد الأخلاق والعقائد.
وربما يتبعه إفساد العمران كما قال الله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ [الروم ٤١]، ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ﴾ [النحل ١١٢]، وبهذا التقدير وهو أن الأصل في الإفساد الموجود في القرآن ما هو؟ إفساد الأخلاق والعقائد، ويتبعه فساد الأعمال، بهذا نعرف أن ما يطنطن به الناس الآن في الرفاهية والطمأنينة والأمن وما أشبه ذلك، وإذا أتوا إلى ذكر الدين يقول: العقيدة السمحة، ولا يذكر العمل، ثم كلمة (السمحة) أيضًا تدل على ضعفٍ في هذه العقيدة، (سمحة) كل شيء تسمح به، صحيح أنها هي الحنفية السمحة لا شك، لكنها لها أعمال ولها حزم؛ ولهذا التركيز على الترفيه البدني والنعيم البدني مع ذكر العقيدة وحدها في نظري أنه خطير؛ لأنه يبدأ كل واحد ينشد وأيش ينشد؟ هذين الأمرين؛ يقول: أنا عندي عقيدة سليمة، عقيدة سمحة، ليّنة، هيّنة، كل شيء تقبله، ويقول: أنا أنشد أيضًا رفاهية البدن والأمن وما أشبه ذلك، لكن استقامة الدين والسعي في إقامته بين الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله، هذا أمرٌ لا يكاد يُذكر.
وفي الحقيقة: أن الرفاهية إذا كانت بالبدن وحده فهي فساد، ما يدوم هذا أبدًا، على أن الرفاهية المطلقة للبدن لا بد أن تكون مصحوبة بقلقٍ في القلب؛ لأن الله تعالى إنما ضمن الحياة الطيبة لمن؟ ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [النحل ٩٧] شوف عقيدة وعمل، وبدأ بالعمل أيضًا، ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ حياة طيبة في الدنيا، وأجرٌ حسنٌ في الآخرة.
هذا الذي يجب أن يُركّز عليه، أما الرفاهية المطلقة فإنها ضرر عظيم على الإنسان، توجب الغفلة عن الله سبحانه وتعالى، وانشغال الإنسان بطلب الرفاهية الجسدية الزائلة.
يقول بعض السلف: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف (...)، اللي أنتم فيه من النعيم والسرور وانشراح الصدر، وما أشبه ذلك.
* * *
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ [النمل ١٧] وقبل أن نتكلم..
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي، لا، خذناه (...)، وقلنا لكم: تأكيد ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾، ما هو مؤكد بكلام.
* يستفاد من هذه الآية: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [النمل ١٤].
* يستفاد منها فوائد؛ أولًا: أنه على قوة الآيات التي جاء بها موسى لم يستفد منها هؤلاء، يؤخذ من قوله: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا﴾، والآيات إذا قويت ما يبقى مجال للجحد، ولكن -والعياذ بالله- أعمى الله بصائرهم فجحدوا بها.
* ويستفاد من ذلك: أن جحد هؤلاء المرسل إليهم كان عن عناد لا عن شبهة؛ لقوله: ﴿وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾، وهل هذا وقع لكفار قريش مع النبي عليه الصلاة والسلام؟
* طلبة: وقع (...).
* الشيخ: نعم، وقع؛ لقوله تعالى: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام ٣٣]، ولا شك أن هذا واقع من الرؤساء والزعماء، لكن عامة الناس قد لا يكون لديهم هذا الأمر، وإنما هم إما مقلدون أما الزعماء والكبراء، فلا شك في هذا، وفي هذا دليل على سوء أحوال آل فرعون؛ لقوله: ﴿ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ ﴿ظُلْمًا﴾ لمن؟ لأنفسهم ولموسى، ﴿وَعُلُوًّا﴾ ترفعًا عن الحق.
* وفيها دليل على أن الاتصاف بهذين الوصفين يجعل الإنسان من الأمة الفرعونية، وهما الظلم والعلو، وما من صفة يخرج بها العبد عن سواء السبيل إلا وله فيها إمام من أهل الكفر؛ ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الناس سيركبون سنن من كان قبلهم[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٣٤٥٦)، ومسلم (٢٦٦٩ / ٦)، والحاكم في المستدرك (٨٦١٠) من حديث ابن عباس، واللفظ له.]].
والجحد بالحق للفاعل إمام مثل فرعون وقارون، الحسد للإنسان فيه إمام مثل اليهود، الرياء للإنسان فيه إمام كالمنافقين، وهكذا، بل إنه من المنافقين أيضًا، فما من خصلة يخرج بها العبد عن سواء السبيل إلا وله فيها إمام من أهل الكفر.
* وفي هذا دليل على ذم الترفع عن الحق؛ لقوله: ﴿وَعُلُوًّا﴾، ولا فرق بين أن يكون ذلك عن حسن نية أو لا؟ فالطريقة هذه مذمومة ولو عن حسن نية، وقولنا: عن حسن نية؛ ليدخل في ذلك بعض المقلدين الذين إذا عُرض عليهم الدليل من الكتاب والسنة قالوا: نحن نتبع فلانًا؛ لأنه أعلم منا، هذا عن حسن نية فيما يبدو، وأيش وجه حسن النية؟ لأنهم يرون أن هذا الإمام الذي اتبعوه أعلم منك، ويقول: نحن جهال ولا نعرف وليس لنا إلا أن نقلد، والرجل هذا أعلم منا، وأيش تقول؟
* طالب: (...) هذا قول الله ورسوله قال: ولكن هذا القول قول فلان هو الذي (...) عن حسن نية لا عن تعصب للرأي، فهذا الكلام فيه ذم؛ لأنه اتبعه عندما عرض عليه قول الرسول لم يقبل.
* الشيخ: نعم.
* ويُستفاد من هذه الآية: أنه إذا كان هذا الوصف مذمومًا وفرعونيًّا، فإن عكسه محمود، ما هو العكس؟
* طلبة: التواضع.
* الشيخ: التواضع للحق وقبوله، هذا لا شك أنه ممدوح؛ لأن الله تعالى إذا أثنى بالسوء على وصف، فإن ضده يثني عليه بالحسن.
* وفي الآية أيضًا دليل على أنه ينبغي للإنسان أو يجب أن يتفكر ويتأمل في عواقب من سبق؛ لقوله: ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾، وهل الإنسان ينظر في عواقب المفسدين أو في عواقب المفسدين والمصلحين؟
* طالب: الاثنين.
* الشيخ: طيب، إذن ما فائدة (...) ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ﴾؛ لأن المقام مقام تهديد، وإذا كان المقام مقام ترغيب فإننا نقول للإنسان: انظر كيف كان عاقبة المصلحين.
﴿فَانْظُرْ كَيْفَ﴾؛ لأن المقام مقام تحذير، وإذا كان المقام مقام ترغيب فإننا نقول للإنسان: انظر كيف كان عاقبة المتقين. نعم واضح ﴿فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ﴾ [هود ١١٦].
فالمسألة تختلف، في مقام الترهيب نحيل الإنسان على عواقب المفسدين، في مقام الترهيب. وفي مقام الترغيب نحيله على عواقب المصلحين؛ لأجل أن يحذر من أولئك ويرغب في هؤلاء.
وفيها دليل على فضيلة التأمل والتفكُّر في أخبار من مضى، وأن دراسة علم التاريخ من الأشياء التي جاء بها الشرع، فإننا لا يمكن أن ننظر كيف كان عاقبتهم إلا بدراسة أخبارهم وتتبعها. نعم فعلم التاريخ إذن من الأمور المقصودة، لكن هل هو من الأمور المقصودة ذاتيًّا أو عرضيًّا؟
عرضيًّا، إلا سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وخلفائه الراشدين فإنها من الدين؛ لأنها كلها أحكام، بخلاف النظر في التاريخ لأجل الاعتبار فقط، فلكل مقام مقال؛ لأن النظر في التاريخ للاعتبار فقط قد يعتبر الإنسان بغيره فيستغني عنه، لكن النظر في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام فإنها أحكام فقه، هذا مقصودٌ لذاته ما يستغني الإنسان بغيرها عنها، ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، إذا كان الإنسان يتفكر في عمرانهم وقوتهم، ومع ذلك أهلكهم الله، هذا لا بأس به، وأما إذا كان يريد أن يتفكر بقوتهم من أجل مدحهم والثناء عليهم، فهذا ما يجوز، ولهذا ما أمرنا الله سبحانه أن ننظر إلى قوتهم إلا بعد أن أمرنا أن ننظر إلى عاقبتهم.
وعلى هذا فالذين يذهبون إلى ديار ثمود للتفرج والتنزه هؤلاء عصاة، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ». فلا يجوز أن الإنسان يذهب في رحلة مثلًا إلى ذلك المكان إلا إذا كان يدخل وهو باكٍ «فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٣٣) ومسلم (٢٨٩٠ / ٣٨) من حديث ابن عمر.]].
الحمد لله، الإنسان في غنى عن هذا، ما هو بلازم يروح، لكن مع الأسف الآن أنها صارت آثارًا، يعني يقصد منها بيان قوة هؤلاء وإبداعهم وإحكامهم لأمورهم، ولا يلتفتون إلى ما أحل الله بهم من العقوبة والعياذ بالله.
* طالب: الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالإسراع، كيف مثلًا..
* الشيخ: إي، هذه هي.
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النمل ١٥].
* يستفاد من هذه الآية: بيان ما منَّ الله سبحانه وتعالى به على داود وسليمان؛ لقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا﴾.
* وفيها دليل أيضًا على ثناء الله تعالى على نفسه؛ لأن كونه يتمدح سبحانه وتعالى بإيتاء داود وسليمان علمًا هذا من الثناء، وهل هذا محمودٌ بالنسبة للخلق أن يتمدح الإنسان بفضله ولّا لا؟ ليس هذا محمودًا إلا إذا كان في ذلك مصلحةٌ للغير، ما هو لك أنت، أما الله تعالى فيتمدّح بنفسه للثناء على نفسه، لكن أنت ما تفعل هذا، أما إذا كان فيه مصلحة للغير، كإنسان مثلًا يأثر عن نفسه شيئًا لأجل أن يُقتدَى به في الخير، فهذا لا بأس به، أو لأجل أن ينتفع الناس بما عنده، فهذا أيضًا لا بأس به.
ابن مسعود رضي الله عنه قال:« لو أعلم أن أحدًا تبلغه الإبل أعلم مني بكتاب الله لطلبت إليه» أو كما قال[[متفق عليه؛ البخاري (٥٠٠٢) ومسلم (٢٤٦٣ / ١١٥) من حديث ابن مسعود، بلفظ: ولو أعلم أحدًا هو أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه.]].
والعلماء ما زالوا يمدحون كتبهم، ابن مالك يقول:
؎تُقَرِّبُ الْأَقْصَى بِلَفْظٍ مُوجَزِ ∗∗∗ وَتَبْسُطُ الْبَذْلَ بِوَعْدٍ مُنْجَزِ؎وَتَقْتَضِي رِضًا بِغَيْرِ سُــخْـــطِ ∗∗∗ فَائِقَـــــــةً أَلْفِيَّــــــةَ ابْــــنِمُــــعْـــطِ
* طالب: لو ما قال: فائقة (...).
* الشيخ: المهم على كل حال أن مثل هذا ما هو لمصلحة الإنسان، هذا لمصلحة غيره؛ لأجل أن ينتفعوا من هذا المؤلَّف مثلًا.
* طالب: أحيانًا يزيد يا شيخ أو يبالغ.
* الشيخ: على كل حال.. ما فيه إسراف؛ شيء (...) مع أنه في الحقيقة الإنسان قد يُتهم، مهما كانت نيته قد يُتَّهم، لكن ما على الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين ربه ما يهمه الناس.
المهم في هذه الآية دليل على تمدّح الله سبحانه وتعالى بما تفضّل به على عباده؛ بقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا﴾.
الثالث: فضيلة داود وسليمان وأنهما أهلٌ لهذه النعمة؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام ١٢٤] فما من فضلٍ يعطيه الله العبد إلا وهو في مكانه؛ لأن الله حكيم.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم. وفيه دليل على فضيلة العلم؛ لقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا﴾.
وهذا لا شك فيه، فضل العلم، قال الله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر ٩] لكن يبقى النظر ما هو العلم الممدوح؟ هذا هو الذي الآن الناس فيه في جدل، ما هو العلم الممدوح؟
* طالب: (...).
* الشيخ: المراد بذلك علم الشريعة، المراد به علم الشريعة، هذا هو العلم الممدوح، أما ما سوى علم الشريعة فإنه لا يُمدح إلا حيث يوصل إلى محمود، اللي غير علم الشريعة ما يُمدح إلا حيث يوصل إلى أمرٍ محمود.
عكس ما كان عليه الناس اليوم، كثير من الناس الجُهّال يمدحون العلم بغير الشريعة، بعض الناس والعياذ بالله يرى أن علم الشريعة تأخُّر، وأن علم الطبيعة تقدّم، ولهذا يمتدح هؤلاء العلماء (...) وطبقات الأرض وغير ذلك، وتجده مثلًا يتمدح: هذا أصل العلم، أو هذا هو العلم وما أشبه ذلك. أو إذا رأى من الصنائع الغريبة (...) العلم العلم، يعني: ما فيه شك أن الآن هذا يفضِّل هذا العصر على عصر الصحابة. هذا ليس هو المقصود، كل ما أثنى الله على العلم فليس هذا هو المقصود، بل المقصود به علم الشريعة؛ لأن علم الشريعة هو اللي ينفع الخلق، حتى علم الشريعة هو اللي يدلهم على هذه العلوم التي يتمدحون بها؛ لأن الله يأمر بأن نسعى في الأرض ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ [الملك ١٥]، ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأعراف ١٨٥] وما أشبه ذلك.
فالحاصل يا جماعة الآن: أن العلم الذي منّ الله به على داود وسليمان وأثنى عليهما به هو علم الشريعة، وهكذا جميع ما في النصوص من مدح العلم فهو علم الشريعة؛ لأنه هو الذي يُحمد لذاته، وما عداه فمتى يُحمد؟
* طلبة: إذا كان موصلًا.
* الشيخ: إذا كان موصلًا إلى أمر محمود، وإلا فإنه إن أوصل إلى أمرٍ مذموم كان مذمومًا، وإن أوصل إلى أمرٍ لا يُحمد ولا يُذم فهو لا يُحمد ولا يُذم.
* طالب: (...).
* الشيخ: (...).
* طالب: (...) يأتون بشبهة (...)، الشبهة هذه تنطلى على بعض الجهال (...) يقول: يزيد في العمر (...) لو ربما يعني ما وافق (...) الرسول ﷺ ولا علم الصحابة، ومع هذا (...) وصلنا إلى أعماق البحار (...) قرأت عنهم كثيرًا هؤلاء الناس.
* الشيخ: هذا من الجهل، ولهذا علمهم هذا الآن ما هو محمود إلا إذا أوصل إلى أمرٍ محمود، وإلا ما هو محمود، هلا وصلوا إلى أعماق البحار وإلى آفاق الفضاء، هؤلاء هم الذين صنعوا ما يدمر الخلق نعم من القنابل والأسلحة. هل هذا محمود؟
* طالب: لا.
* الشيخ: ثم نقول: هذه العلوم هل تنافي العلم الشرعي؟ نحن نتمنى أن المسلمين أيضًا يصلون إلى هذه الأمور لينفعوا أنفسهم وينفعوا الخلق.
* طالب: يا شيخ النصوص التي في الكتاب والسنة من مدح للعلم تقصد العلم الشرعي؟
* الشيخ: أبدًا العلم الشرعي.
* طالب: قول تعالى (...) مع قوله تعالى (...) كيف هذا؟
* الشيخ: ما فيها شيء، ما بينها تعارض.
* طالب: (...) رحمة مجرد رحمة.
* الشيخ: لكن هذه الرحمة في محلها. هذه الرحمة في محلها.
* وفيه دليلٌ على فضيلة داود وسليمان أيضًا من جهة اعترافهما بنعمة الله وشكرهما لها؛ لقوله: ﴿وَقَالَا﴾..
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، ذكرناها من وجه، وهذا من وجهٍ آخر وهو قيامهما بشكر نعمة الله ﴿وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا﴾ لم يقولا: إننا أوتينا هذا على علمٍ منا، أو لأننا أذكياء. أو ما أشبه ذلك. قالا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
* وفي هذا دليل أيضًا على أن الشكر يكون بالقول كما هو أيضًا بالفعل، يكون بالقول وبالفعل ويكون أيضًا بالعقيدة -بالاعتقاد- فالشكر له ثلاثة محلات: القلب، واللسان، والجوارح.
قال الشاعر:
؎أَفَادَتْكُـــــمُ النَّعْمَـــــــاءُ مِنِّيثَلَاثَـــــةً ∗∗∗ يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرَالْمُحَجَّبَا
الدليل على هذا أن الشكر يكون في ثلاثة مواضع، هنا في اللسان، وقال النبي عليه الصلاة والسلام وقد قيل له: «كيف تفعل هذا -وكان يقوم حتى تتورم قدماه- وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك؟ فقال: «أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا»[[متفق عليه؛ البخاري (١١٣٠) ومسلم (٢٨١٩ / ٧٩) من حديث المغيرة.]] فجعل الفعل شكرًا لله سبحانه وتعالى، وقال تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ [سبأ ١٣].
وأما الاعتراف بالنعم بالقلب فهو من الشكر؛ أيش الدليل؟ قوله تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ﴾ [النحل ٥٣].
هذا الخبر يريد الله منا أن نعتقده، ولهذا ذم الله تبارك وتعالى الذين نسبوا نعمته إلى أنفسهم ولّا لا؟ وأيش قال عن قارون؟ ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص ٧٨]، فقال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا﴾ [القصص ٧٨].
وهذه المسألة كل المواضع الثلاثة في الشكر قلّ من يقوم بها، فبعض الناس مثلًا يعتمد على السبب في جلب النعمة إليه وينسى المسبب، فهمتم؟ عندما يعطيه الإنسان شيئًا حاجةً من الحاجات تجد أنه يقوم في قلبه من شكر هذا المعطي أكثر مما يقوم بشكر الله، تجده يثني أيضًا على هذا أكثر مما يثني على الله، تجده يقوم بخدمة هذا أكثر مما يقوم بخدمة الله.
مع أن هذا الذي وصلت النعمة على يده ما هو إلا طريق ليوصلها إليك فقط، وإلا فالذي جعل في قلبه أن يوصل هذه النعمة إليك مَن هو؟ الله سبحانه وتعالى، وهو الذي يسَّر هذا.
فالحاصل أن الناس الآن أكثرهم أو غالبهم يخلون في مقام الشكر إما بالقلب أو باللسان أو بالجوارح.
* وفي هذا دليل على أن الإنسان يُشرع له إذا منّ الله عليه بنعمة أن يحمده عليها، وقد ورد في النصوص في مثل ذلك، فعندما تنتهي من الأكل والشرب تقول: الحمد لله، عندما تستيقظ تحمد الله، عندما تلبس ثوبًا تحمد الله. وهكذا. وهذا من الأمور المشروعة؛ حمد الله سبحانه وتعالى على النعم.
* وفي الآية دليل على تواضع داود وسليمان ومعرفتهما للحقيقة في قوله: ﴿فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ما ذكر التفضيل المطلق على جميع المؤمنين ﴿عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. وهل يستفاد من ذلك وصف الأنبياء بالإيمان؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، يعني: هل يشعر قوله: ﴿عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أنهما من المؤمنين؟
* طالب: إي نعم.
* الشيخ: الظاهر أنه يُشعر بهذا، يعني أننا شاركناهم في وصف الإيمان وفضّلنا الله على كثيرٍ منهم.
* وفي الآية دليل على أن الإنسان إذا رأى أنه أفضل من غيره بنعمة الله عليه فإن هذا لا ينافي التواضع، يعني: عندما تشعر أن الله أنعم عليك بالمال، فضّلك على هذا، هل معنى ذلك أنك ترفّعت وتكبّرت؟ لا، بل إنك لا يمكن أن تدرك نعمة الله عليك حتى تعرف ضدها في غيرك، ولّا لا؟ ما يمكن تعرف هذا إلا إذا عرفت ضده.
إذا رأيت مثلًا إنسانًا مبتلى في بدنه والله تعالى قد عافاك؛ عرفت فضل نعمة الله، فقل: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به وفضّلني عليه.
عندما ترى جاهلًا وأنت منّ الله عليك بالعلم، كذلك أيضًا ترى فضل نعمة الله عليك بهذا، ولا يُعد هذا من باب الترفُّع والاستهانة بالغير، ولهذا قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وهذه قد يتراءى للإنسان أنه إذا رأى فضله على غيره بما أنعم الله عليه قد يتراءى له أن ذلك أمر مذموم، وأنه يتضمن الترفُّع (...) والاستهانة بالغير، وليس الأمر كذلك.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، وفيها أيضًا هذه الفائدة وأن التحدث بها من الشكر. يستفاد منها هذه الفائدة: مشروعية التحدث بنعمة الله، لكن لا على سبيل الافتخار والعلو على الغير، ولهذا جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ»[[أخرجه الترمذي ( ٣١٤٨ ) من حديث أبي سعيد.]].
فالإنسان إذا تحدث بنعمة الله غير مفتخرٍ بها فإنه لا بأس به، لا بأس بذلك، بل قد يكون هذا مشروعًا لأنه ثناء على الله سبحانه وتعالى بما أنعم به عليه.
* طالب: (...).
* الشيخ: (...).
* الطالب: (...).
* الشيخ: كيف ذلك؟
* الطالب: (...) قال الله: ﴿عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أنهما قد عملا (...).
* الشيخ: (...) فيه يعني فيه إشكال؛ لأننا الآن ما عندنا علم أن الأنبياء علموا بأن محمدًا سيُبعث، في القرآن: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ﴾ [آل عمران ٨١]. كلمة (رسول) نكرة ولا معرفة؟
* طالب: نكرة.
* الشيخ: نكرة، ما تدل على أن الله عين محمدًا ﷺ لهؤلاء، وإن كان ابن عباس رضي الله عنه قال: «إن الله أخذ على النبيين الميثاق لئن بُعث محمد»[[تفسير ابن كثير (٨ / ١١٠).]]. فهذا تفسيرٌ منه، أما الآية لا ما تدل على هذا.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي ما يخالف (...) صحيح يدل عليه.
* الطالب: (...).
* الشيخ: يقين أن داود اطّلع على التوراة لأنه بعد موسى، إي نعم هذه (...).
* طالب: (...).
* الشيخ: (...).
* الطالب: (...) إثبات علم الله (...).
* الشيخ: وأيش رأيكم في الفائدة هذه؛ إثبات علم الله لأنه أعطى علمًا وفاقد الشيء لا يُعطيه.
* الطالب: (...).
* الشيخ: (...) هذه شهادة بأنها قويةٌ جدًّا. نعم إذن (...) إثبات علم الله، وجهه: أن الله سبحانه وتعالى أعطى هؤلاء علمًا ولا يعطي العلم إلا من كان عالمًا؛ لأنه يُعلِّمَهُمْ. يعلمهم بماذا؟ بما يعلم هو.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا هذه ولا هذه، حسب نية الإنسان، حتى الأولى شعوره بعلوه بما فضّله الله به على غيره قد يكون علوًّا، وهذه مثلها أيضًا، قد يكون ازدراءً، وقد يكون الإنسان ينظر إلى نعمة الله تعالى على غيره على وجه الحكمة، يقول: إن الله حكيم، ولولا أن هذا أهل ما أعطاه، ثم يسعى في تكميل الفضائل (...) المهم هذه المسألة ترجع إلى النية في هذا وهذا.
* طالب: شيخ (...).
* الشيخ: ما عندي علم، ما أعرف.
* طالب: شيخ (...) الفائدة (...) لا يعارض أن تقول (...) لأني أعلم (...) داود وسليمان، مع ذلك قُدِّم (...).
* الشيخ: بأي شيء تزن؟
* الطالب: أزنه بهذا
* الشيخ: بالعلم.
* الطالب: (...) منطق الطير (...).
* الشيخ: وعلى كل حال الفائدة حاصلة، صحيح يعني أنه ما يلزم من فضل الإنسان في صفة أن يفضل غيره فضلًا مطلقًا، نعم لكن بس يعني أخذًا من هذا، هل يمكن تؤخذ من هذه الآية، أن من فضل غيره في صفة لا يلزم أن يكون أفضل منه فضلًا مطلقًا، يؤخذ من..؟
* طلبة: يؤخذ من اللي بعده.
* الشيخ: اللي بعده (...).
* طالب: بيان حكمة داود وسليمان حيث قرن الحمد بعلته (...).
* الشيخ: هنا إذا لم يذكرا ذلك على أي شيء يحمدان الله؟ هما يريدان أن يحمداه على هذا الأمر.
* * *
اللي بعده ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾ [النمل ١٦].
* في هذا دليل على أن سليمان متأخر عن داود؛ لقوله: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ﴾ والإرث كما قلنا: أن يخلف الإنسان غيره في شيءٍ ما؛ علمًا كان أو مالًا.
* وفيه دليل على مشروعية تحدث الإنسان بنعمة الله؛ لقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾.
* وفيه أيضًا على أن هذا التحدث لا بأس أن يكون علنًا، يعني قصدي يعني شاملًا؛ لأن قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ نداءٌ للبعيد، فكأنه -أي: سليمان- أعلن ذلك في جميع الناس.
* وفي هذا دليلٌ على أن الطير تنطق؛ لقوله: ﴿مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾.
* وفيه أن نطقها مفهومٌ ومعلوم، ولكن فيما بينها معلوم ولغيرها؟
* طلبة: (...).
* الشيخ: أي مجهول إلا لمن علمه الله، فلهذا قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء ٤٤].
* وفيه أيضًا في هذه الآية دليل على أن الله سبحانه وتعالى أعطى سليمان من كل شيءٍ يتم به الملك؛ لقوله: ﴿وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾، وهو نظير قوله تعالى عن ملكة سبأ: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل ٢٣] أي: مما يتم به الملك. هذا إذا قيّدنا أن كل شيء يتم به الملك، فمن لبيان الجنس، وإذا قلنا: إن ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ عام لكل شيء فإن (مِن) تكون للتبعيض؛ لأنهم ما أُعطوا كل شيء، بل بعض كل شيء.
* وفيه دليل على أن ما يعطيه الله تعالى العبد من العلوم والفهم فهو من فضله؛ لقوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾ وقد قال الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس ٥٨].
طيب هل يستفاد من ذلك: أن من علِم لغة غيره فله ميزة على غيره؟ إي ميزة على غيره؛ لأنه تمدح بقوله: ﴿عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾.
إذن تعلُّم اللغة غير العربية هي في الحقيقة من نعمة الله على العبد، لكن يستعملها في أي شيء؟ إن استعملها مكان اللغة العربية فإنه مخطئ، وكان عمر يضرب على ذلك، وإن استعملها لمصلحة دينية فهذا له أجر في ذلك، فإذا استعملها في الدعوة إلى الله وتفهيم الخلق الذين لا يفهمون اللغة العربية بهذه الوسيلة فهي وسيلة.
المهم أنه لا شك أن الإنسان اللي يتعلم لغة غيره فله ميزة على غيره في هذا، لكن كونه محمودًا أو غير محمود يرجع إلى ما يتوصل به إلى هذه اللغة.
* طالب: (...).
* الشيخ: كيف؟ هذا صحيح لكن كونه يتمدّح بأنه عُلِّم هذا المنطق، هل هو لأجل كونه آية أو لأنه أمر يخفى على غيره؟ الصحيح أنه آية ويخفى على غيره.
على كل حال المسألة هذه (...) إلى داخل مسألة أقسام هذه الآية، أن الإنسان يُمدح إذا علم لغة غيره، لكن لا شك أنه علم، وأنه إذا تُوصل به إلى أمرٍ مقصود فهو محمود، وإن تُوصل به إلى أمرٍ مذموم فهو مذموم.
فمثلًا إذا كان الإنسان متعلمًا لغة غير العربية، اللي بيحلها محل العربية ويبدأ يخاطب غيره بهذه اللغة فلا شك أنه مذموم، ويُنهى عنه؛ لأنه يخالف الشرع من جهة، ويخالف العقل من جهة أخرى.
الأمم الآن تسعى بكل وسيلة للحفاظ على لغاتها، بل إنها تسعى لإحياء لغاتها البائدة، مثلما يصنع اليهود الآن، يحاولون بشتى الوسائل أن قومهم يرجعون إلى اللغة العبرية، فكيف أننا نضيع اللغة العربية التي هي لغة العالَم. لغة العالَم شرعًا ولا قدرًا؟
* طلبة: شرعًا.
* الشيخ: ولهذا يجب على جميع العالم أن يتعلم اللغة العربية؛ لأن القرآن باللغة العربية، ولا يمكن فهمه إلا باللغة العربية، ولكن نحن الآن مع الأسف أننا نرى أن غير اللغة العربية هي العالمية، نعم مثلما أننا نرى الآن الشهور غير العربية هي العالمية؛ لأننا في الحقيقة ما عرفنا قدر أنفسنا، وإلا فالمسلمون هم العالم في دينهم وفي كتابهم وفي تاريخهم.
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ﴾ [البقرة ١٨٩] لمن؟
* طالب: للناس.
* الشيخ: ولا للعرب؟ والعرب يضيعون (...) لا مواقيت للناس.
﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ متى؟ ﴿يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [التوبة ٣٦] وقد فسّرها الرسول عليه الصلاة والسلام بهذه الأشهر العربية، نعم ولكن
؎لَقَدْ أَسْمَعْتَ لَوْ نَادَيْتَ حَيًّا ∗∗∗ وَلَكِنْ لَا حَيَاةَ لِمَنْ تُنَادِي
* طالب: (...).
* الشيخ: (...) يبين (...) فالحاصل أني أقول: إنه مع الأسف الشديد أن بعض الناس الآن يتعلم لغة هؤلاء ويجعلها هي لغة التخاطب فيما بينهم، وهذا لا شك أنه نقص في الشرع والعقل.
* طالب: معجبين بلا عقل، معجبين بغيرهم بلا عقل.
* الشيخ: إي نعم صحيح بدون تمييز.
* طالب: (...).
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لو حصل هذا كان طيبًا. يعني لو أن الناس نُقلوا من اللغة العامية إلى اللغة العربية هذا طيب، من أحسن ما يكون؛ لأنه دليل على فهم القرآن والسنة.
لكن إذا لم يمكن فهذا تغيير لهجة فقط، ولو تأمّلت ما عليه الناس الآن من اللغة العامية لوجدت أن كل كلماتهم لها أصول في اللغة العربية في الأصل، لكن اختلاف لهجات، فبودنا الحقيقة أن نرجع إلى اللغة العربية الفصحى، ولكن يجب أن نتخلى عن لغتنا هذه العاميّة (...) نرجع للفصحى.
لكن يعجبني واحد مسلم سيرلانكي في إحدى المؤسسات عندنا جاء مرة يتكلم معي يتكلم باللغة الفصحى ولا يلحن، هذا العجيب، العجيب أنه ما يلحن، هو سيرلانكي أصلًا، لكن تعلم اللغة العربية على اللغة الفصحى؛ لأن القواميس باللغة الفصحى، لكن يكلمني تمامًا باللغة الفصحى ولا لحن. هذا طيب.
{"ayahs_start":14,"ayahs":["وَجَحَدُوا۟ بِهَا وَٱسۡتَیۡقَنَتۡهَاۤ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمࣰا وَعُلُوࣰّاۚ فَٱنظُرۡ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِینَ","وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ وَسُلَیۡمَـٰنَ عِلۡمࣰاۖ وَقَالَا ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِیرࣲ مِّنۡ عِبَادِهِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","وَوَرِثَ سُلَیۡمَـٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّیۡرِ وَأُوتِینَا مِن كُلِّ شَیۡءٍۖ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِینُ"],"ayah":"وَوَرِثَ سُلَیۡمَـٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّیۡرِ وَأُوتِینَا مِن كُلِّ شَیۡءٍۖ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِینُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق