الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ووَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ﴾ . أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ووَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ﴾ قالَ: ورَثَّهُ نُبُوَّتَهُ ومُلْكَهُ وعِلْمَهُ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقالَ يا أيُّها النّاسُ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الأوْزاعِيِّ قالَ: النّاسُ عِنْدَنا أهْلُ العِلْمِ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿عُلِّمْنا مَنطِقَ الطَّيْرِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْنا كَعْبٌ الحَبْرُ، فَقالَ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، ألا أُخْبِرُكَ بِأغْرَبِ شَيْءٍ قَرَأْتُ في كُتُبِ الأنْبِياءِ، إنَّ هامَةً جاءَتْ إلى سُلَيْمانَ، فَقالَتْ: السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ اللَّهِ. فَقالَ: وعَلَيْكِ السَّلامُ يا هامُ، أخْبِرِينِي كَيْفَ لا تَأْكُلِينَ الزَّرْعَ؟ فَقالَتْ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، لِأنَّ آدَمَ عَصى رَبَّهُ في سَبَبِهِ، لِذَلِكَ لا آكُلُهُ. قالَ: فَكَيْفَ لا تَشْرَبِينَ الماءَ؟ قالَتْ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، لِأنَّ اللَّهَ أغْرَقَ بِالماءِ قَوْمَ نُوحٍ، مِن أجْلِ ذَلِكَ تَرَكْتُ شُرْبَها. قالَ: فَكَيْفَ تَرَكَتِ العُمْرانَ وسَكَنْتِ (p-٣٤١)الخَرابَ؟ قالَتْ: لِأنَّ الخَرابَ مِيراثُ اللَّهِ، وأنا أسْكُنُ في مِيراثِ اللَّهِ، وقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ في كِتابِهِ فَقالَ: ﴿وكَمْ أهْلَكْنا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها﴾ [القصص: ٥٨] إلى قَوْلِهِ: ﴿وكُنّا نَحْنُ الوارِثِينَ﴾ [القصص: ٥٨] [القَصَصِ: ٥٨] . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدَ في ”الزُّهْدِ“، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي الصِّدِّيقِ النّاجِيِّ قالَ: خَرَجَ سُلَيْمانُ بْنُ داوُدَ يَسْتَسْقِي بِالنّاسِ، فَمَرَّ بِنَمْلَةٍ مُسْتَلْقِيَةٍ عَلى قَفاها، رافِعَةٍ قَوائِمَها إلى السَّماءِ وهي تَقُولُ: اللَّهُمَّ إنّا خَلْقٌ مِن خَلْقِكَ، لَيْسَ بِنا غِنًى عَنْ رِزْقِكَ، فَإمّا أنْ تَسْقِيَنا، وإمّا أنْ تُهْلِكَنا. فَقالَ سُلَيْمانُ لِلنّاسِ: ارْجِعُوا فَقَدْ سُقِيتُمْ بِدَعْوَةِ غَيْرِكم. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأُوتِينا مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: كانَ داوُدُ يَقْضِي بَيْنَ البَهائِمِ يَوْمًا وبَيْنَ النّاسِ يَوْمًا، فَجاءَتْ بَقَرَةٌ فَوَضَعَتْ قَرْنَها في حَلْقَةِ البابِ، ثُمَّ تَبَغَّمَتْ كَما تَبَغَّمُ الوالِدَةُ عَلى ولَدِها، وقالَتْ: كُنْتُ شابَّةً كانُوا يُنْتِجُونِي ويَسْتَعْمِلُونِي، ثُمَّ إنِّي كَبِرْتُ، فَأرادُوا أنْ يَذْبَحُونِي. ثُمَّ قالَ داوُدُ: أحْسِنُوا إلَيْها (p-٣٤٢)ولا تَذْبَحُوها. ثُمَّ قَرَأ: ﴿عُلِّمْنا مَنطِقَ الطَّيْرِ وأُوتِينا مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ . وأخْرَجَ الحاكِمُ في ”المُسْتَدْرَكِ“ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قالَ: أُعْطِيَ سُلَيْمانُ مُلْكَ مَشارِقِ الأرْضِ ومَغارِبِها، فَمَلَكَ سُلَيْمانُ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وسِتَّةِ أشْهُرٍ، مُلْكَ أهْلِ الدُّنْيا كُلِّهِمْ مِنَ الجِنِّ، والإنْسِ، والدَّوابِّ، والطَّيْرِ، والسِّباعِ، وأُعْطِيَ كُلَّ شَيْءٍ، ومَنطِقَ كُلِّ شَيْءٍ، وفي زَمانِهِ صُنِعَتِ الصَّنائِعُ المُعْجِبَةُ، حَتّى إذا أرادَ اللَّهُ أنْ يَقْبِضَهُ إلَيْهِ أوْحى إلَيْهِ أنِ اسْتَوْدِعْ عِلْمَ اللَّهِ وحِكْمَتَهُ أخاهُ ووَلَدَ داوُدَ، كانُوا أرْبَعَمِائَةٍ وثَمانِينَ رَجُلًا، أنْبِياءَ بِلا رِسالَةٍ. قالَ الذَّهَبِيُّ: هَذا باطِلٌ. وأخْرَجَ الحاكِمُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قالَ: بَلَغَنا أنَّ سُلَيْمانَ كانَ عَسْكَرُهُ مِائَةَ فَرْسَخٍ؛ خَمْسَةٌ وعِشْرُونَ مِنها لِلْإنْسِ، وخَمْسَةٌ وعِشْرُونَ لِلْجِنِّ، وخَمْسَةٌ وعِشْرُونَ لِلْوَحْشِ، وخَمْسَةٌ وعِشْرُونَ لِلطَّيْرِ، وكانَ لَهُ ألْفُ بَيْتٍ مِن قَوارِيرَ عَلى الخَشَبِ، فِيها ثَلاثُمِائَةٍ صَرِيحَةٍ، وسَبْعُمِائَةِ سُرِّيَّةٍ، فَأمَرَ الرِّيحَ العاصِفَ فَرَفَعَتْهُ، فَأمَرَ الرِّيحَ فَسارَتْ بِهِ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: إنِّي زِدْتُ في مُلْكِكَ ألّا يَتَكَلَّمَ أحَدٌ بِشَيْءٍ إلّا جاءَتِ الرِّيحُ فَأخْبَرَتْكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ ”الزُّهْدِ“، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: مَرَّ سُلَيْمانُ بْنُ داوُدَ وهو في مُلْكِهِ قَدْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ، عَلى رَجُلٍ (p-٣٤٣)حَرّاثٍ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، فَلَمّا رَآهُ قالَ: سُبْحانَ اللَّهِ، لَقَدْ أُوتِيَ آلُ داوُدَ مُلْكًا. فَحَمَلَتْها الرِّيحُ فَوَضَعَتْها في أُذُنِهِ، فَقالَ: ائْتُونِي بِالرَّجُلِ. فَأُتِيَ بِهِ، فَقالَ: ماذا قُلْتَ؟ فَأخْبَرَهُ، فَقالَ سُلَيْمانُ: إنِّي خَشِيتُ عَلَيْكَ الفِتْنَةَ، لَثَوابُ ”سُبْحانَ اللَّهِ“، عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيامَةِ أعْظَمُ مِمّا أُوتِيَ آلُ داوُدَ، فَقالَ الحَرّاثُ: أذْهَبَ اللَّهُ هَمَّكَ كَما أذْهَبْتَ هَمِّي. قالَ: وكانَ سُلَيْمانُ رَجُلًا أبْيَضَ جَسِيمًا، أشْعَرَ غَزّاءً، لا يَسْمَعُ بِمَلِكٍ إلّا أتاهُ فَقاتَلَهُ فَدَوَّخَهُ، يَأْمُرُ الشَّياطِينَ فَيَجْعَلُونَ لَهُ دارًا مِن قَوارِيرَ، فَيَحْمِلُ ما يُرِيدُ مِن آلَةِ الحَرْبِ فِيها، ثُمَّ يَأْمُرُ العاصِفَ فَتَحْمِلُهُ مِنَ الأرْضِ، ثُمَّ يَأْمُرُ الرُّخاءَ فَتُقْدِمُهُ حَيْثُ شاءَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ يَحْيى بْنِ كَثِيرٍ قالَ: قالَ سُلَيْمانُ بْنُ داوُدَ لِبَنِي إسْرائِيلَ: ألا أُرِيَكم بَعْضَ مُلْكِي اليَوْمَ؟ قالُوا: بَلى يا نَبِيَّ اللَّهِ. قالَ: يا رِيحُ، ارْفَعِينا. فَرَفَعَتْهُمُ الرِّيحُ فَجَعَلَتْهم بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، ثُمَّ قالَ: يا طَيْرُ، أظِلِّينا. فَأظَلَّتْهُمُ الطَّيْرُ بِأجْنِحَتِها لا يَرَوْنَ الشَّمْسَ، قالَ: يا بَنِي إسْرائِيلَ، أيُّ مُلْكٍ تَرَوْنَ؟ قالُوا: نَرى مُلْكًا عَظِيمًا. قالَ: فَوالَّذِي نَفْسُ سُلَيْمانَ بِيَدِهِ، لَقَوْلُ العَبْدِ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، وهو عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، خَيْرٌ مِن مُلْكِي هَذا، ومِنَ الدُّنْيا وما فِيها، يا بَنِي إسْرائِيلَ، مَن خَشِيَ (p-٣٤٤)اللَّهَ في السِّرِّ والعَلانِيَةِ، وقَصَدَ في الغِنى والفَقْرِ، وعَدَلَ في الرِّضا والغَضَبِ، وذَكَرَ اللَّهَ عَلى كُلِّ حالٍ فَقَدْ أُعْطِيَ مِثْلَ ما أُعْطِيتُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب