الباحث القرآني
(وورث سليمان داود) أي ورثه العلم والنبوة أو الكتب، دون باقي أولاده، قال قتادة والكلبي: كان لداود تسعة عشر ولداً ذكراً، فورث سليمان من بينهم نبوة، ولو كان المراد وراثة المال لم يخص سليمان بالذكر، لأن جميع أولاده في ذلك سواء، وكذا قال جمهور المفسرين.
فهذه الوراثة هي وراثة مجازية، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: العلماء ورثة الأنبياء، قال قتادة: في الآية ورث نبوته وملكه وعلمه؛ وأعطى ما أعطي داود وزيد له تسخير الريح، والجن والشياطين، وكان أعظم ملكاً منه، وأقضى منه، وكان داود أشد تعبداً من سليمان، شاكراً لنعم الله تعالى.
(وقال) سليمان لبني إسرائيل تحدثا بما أنعم الله به عليه، وشكر النعمة التي خصه بها (يا أيها الناس علمنا) الضمير فيه وفي أوتينا لكل من داود وسليمان، قال القرطبي: تفضل الله علينا زيادة على ما ورثنا من داود من العلم والنبوة، والخلافة في الأرض أن فهمنا (منطق الطير) أي فهم ما يريده كل طائر إذا صوت، والمعاني التي في نفوسها، سمى صوت الطير منطقاً لحصول الفهم منه، كما يفهم من كلام الناس. وقدم منطق الطير لأنها نعمة خاصة به، لا يشاركه فيها غيره. قال الفراء: منطق الطير كلام الطير، فجعل كمنطق الرجل. ومعنى الآية فهمنا ما يقول الطير.
ومقتضى هذا أن كُلاًّ منهما كان يعلم أصوات الطير؛ وما تريده. قال الخطيب: علمنا أي أنا وأبي بأيسر أمر وأسهله. وفي البيضاوي النطق والمنطق في التعارف: كل لفظ يعبر به عما في الضمير؛ مفرداً كان أو مركباً مفيداً كان أو غير مفيد. وقد يطلق على كل ما يصوت به على التشبيه أو التبع كقولهم: نطقت الحمامة، ومنه الناطق والصامت للحيوان والجماد، فإن الأصوات الحيوانية من حيث إنها تابعة للتخيلات نزلت منزلة العبارات، سيما وفيها ما يتفاوت باختلاف الأغراض، بحيث يفهمها ما هو من جنسه.
ولعل سليمان مهما سمع صوت حيوان علم بقوته القدسية الغرض الذي صوت لأجله، والغرض الذي توخاه به انتهى. قال جماعة من المفسرين: إنه علم منطق جميع الحيوانات، وإنما ذكر الطير لأنه كان جنداً من جنوده، يسير معه لتظليله من الشمس، فخص بالذكر لكثرة مداخله. وقال قتادة والشعبي: إنما علم منطق الطير خاصة، ولا يعترض ذلك بالنملة فإنها من جملة الطير، وكثيراً ما تخرج لها أجنحة فتطير، وكذلك كانت هذه النملة التي سمع سليمان كلامها وفهمه.
أخرج أحمد في الزهد وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن أبي الصديق [[أبو الصديق الناجي واسمه بكر بن عمرو، وقال ابن سعد في الطبقات يتكلمون في أحاديثه يستنكرونها وقال غيره: ثقة تابعي، قال الذهبي يحتج به في الصحاح والكلام هنا عن قصة دعاء النملة موقوف عليه. المطيعي.]] الناجي قال: خرج سليمان بن داود يستسقي بالناس، فمر على نملة مستلقية على قفاها رافعة قوائمها إلى السماء، وهي تقول: اللهم إنا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن رزقك، فإما أن تسقينا، وإما إن تهلكنا، فقال سليمان: للناس ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.
وقد ذكر الخازن والنسفي في تفسيريهما منطق بعض الطيور، وما تقوله القمري وغيرها، وكذا القرطبي بلا إسناد صحيح متصل يعتمد عليه، ويصار إليه فتركنا ذكره هاهنا فإنه لا يأتي بكثير فائدة للمنقحين.
(وأوتينا من كل شيء) تدعو إليه الحاجة، كالعلم والنبوة والحكمة والمال وتسخير الجن، والإنس، والطير، والرياح، والوحش، والدواب، وكل ما بين السماء والأرض. وجاء سليمان بنون العظمة، والمراد نفسه بياناً لحاله من كونه مطاعاً لا يخالف، لا تكبراً وتعظيماً لنفسه، عن جعفر [[يعتبر الشيعة الإمامية والشيعة الإثنا عشرية وطائفة الإسماعيلية جعفر بن محمد أحد الأئمة المعصومين ويعدون قوله بمنزلة التنزيل، ورحم الله جعفراً الصادق وأباه محمداً الباقر، وأجدادهما الطاهرين لو رأيا كيف اتخذهما بعض الناس أرباباً لالتمسا في يديهما السيوف. المطيعي.]] بن محمد قال: أعطي سليمان ملك مشارق الأرض ومغاربها، فملك سليمان سبعمائة سنة وستة أشهر، ملك أهل الدنيا كلهم، وأعطي كل شيء.
وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة، حتى إذا أراد الله أن يقبضه أوحى إليه أن يستودع علم الله وحكمته أخاه؛ وولد داود كانوا أربعمائة وثمانين رجلاً، أنبياء بلا رسالة. قال الذهبي: هذا باطل وقد رويت قصص في عظم ملك سليمان عن القرظي وغيره لا تطيب النفس بذكر شيء منها، فالإمساك عن ذكرها أولى.
(إن هذا) أي ما تقدم ذكره من التعليم والإيتاء (لهو الفضل المبين) أي الظاهر الواضح، الذي لا يخفي على أحد. أو المظهر لفضيلتنا وإنما قال ذلك شكراً لا فخراً.
{"ayah":"وَوَرِثَ سُلَیۡمَـٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّیۡرِ وَأُوتِینَا مِن كُلِّ شَیۡءٍۖ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِینُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق