الباحث القرآني

﴿ووَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ﴾ أيْ قامَ مَقامَهُ في النُّبُوَّةِ والمُلْكِ، وصارَ نَبِيًّا مَلِكًا بَعْدَ مَوْتِ أبِيهِ داوُدَ - عَلَيْهِما السَّلامُ - فَوِراثَتُهُ إيّاهُ مَجازٌ عَنْ قِيامِهِ مَقامَهُ - فِيما ذُكِرَ - بَعْدَ مَوْتِهِ، وقِيلَ: المُرادُ وِراثَةُ النُّبُوَّةِ فَقَطْ، وقِيلَ: وِراثَةُ المُلْكِ فَقَطْ، وعَنِ الحَسَنِ - ونَسَبَهُ الطَّبَرْسِيُّ إلى أئِمَّةِ أهْلِ البَيْتِ - أنَّها وِراثَةُ المالِ، وتُعُقِّبَ بِأنَّهُ قَدْ صَحَّ: «نَحْنُ (p-171)مُعاشِرَ الأنْبِياءِ لا نُورَثُ» وقَدْ ذَكَرَهُ الصِّدِّيقُ والفارُوقُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنَ الصَّحابَةِ، وهُمُ الَّذِينَ لا يَخافُونَ في اللَّهِ تَعالى لَوْمَةَ لائِمٍ، ولَمْ يُنْكِرْهُ أحَدٌ مِنهم عَلَيْهِما. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - يَقُولُ: ««إنَّ العُلَماءَ ورَثَةُ الأنْبِياءِ، وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينارًا ولا دِرْهَمًا ولَكِنْ ورَّثُوا العِلْمَ فَمِن أخَذَهُ أخَذَ بِحَظٍّ وافِرٍ»». ورَوى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الرّازِيُّ - في الكافِي - عَنْ أبِي البُحْتُرِيِّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرٍ الصّادِقِ أنَّهُ قالَ ذَلِكَ أيْضًا. ومِمّا يَدُلُّ عَلى أنَّ هَذِهِ الوِراثَةَ لَيْسَتْ وِراثَةَ المالِ ما رَوى الكِلِينِيُّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ أنَّ سُلَيْمانَ ورِثَ داوُدَ، وأنَّ مُحَمَّدًا ورِثَ سُلَيْمانَ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - وأيْضًا وِراثَةُ المالِ لا تَخْتَصُّ بِسُلَيْمانَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فَإنَّهُ كانَ لِداوُدَ عِدَّةُ أوْلادٍ غَيْرِهِ كَما رَواهُ الكِلِينِيُّ عَنْهُ أيْضًا، وذَكَرَ غَيْرُهُ أنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - تُوُفِّيَ عَنْ تِسْعَةَ عَشَرَ ابْنًا، فالإخْبارُ بِها عَنْ سُلَيْمانَ لَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ نَفْعٍ، وإنْ كانَ المُرادُ الإخْبارَ بِما يَلْزَمُها مِن بَقاءِ سُلَيْمانَ بَعْدَ داوُدَ - عَلَيْهِما السَّلامُ - فَما الدّاعِي لِلْعُدُولِ عَمّا يُفِيدُهُ مِن غَيْرِ خَفاءٍ مِثْلِ: وقالَ سُلَيْمانُ بَعْدَ مَوْتِ أبِيهِ داوُدَ «يا أيُّها النّاسُ» ... إلَخْ. وأيْضًا السِّياقُ والسِّباقُ يَأْبَيانِ أنْ يَكُونَ المُرادُ وِراثَةَ المالِ كَما لا يَخْفى عَلى مُنْصِفٍ، والظّاهِرُ أنَّ الرِّوايَةَ عَنِ الحَسَنِ غَيْرُ ثابِتَةٍ، وكَذا الرِّوايَةُ عَنْ أئِمَّةِ أهْلِ البَيْتِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم - فَقَدْ سَمِعْتَ في رِوايَةِ الكِلِينِيَّ عَنِ الصّادِقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - ما يُنافِي ثُبُوتَها، ووِراثَةُ غَيْرِ المالِ شائِعَةٌ في الكِتابِ الكَرِيمِ فَقَدْ قالَ عَزَّ مِن قائِلٍ: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ﴾، وقالَ سُبْحانَهُ: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ورِثُوا الكِتابَ﴾ ولا يَضُرُّ تَفاوُتُ القَرِينَةِ، فافْهَمْ. وكانَ عُمُرُهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ داوُدَ - عَلَيْهِما السَّلامُ - اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً أوْ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وكانَ داوُدُ قَدْ أوْصى لَهُ بِالمُلْكِ، فَلَمّا تُوُفِّيَ مَلَكَ وعُمُرُهُ ما ذُكِرَ، وقِيلَ: إنَّ داوُدَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ولّاهُ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ في حَياتِهِ، حَكاهُ في البَحْرِ. وقالَ تَشْهِيرًا لِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعالى، وتَعْظِيمًا لِقَدْرِها، ودُعاءً لِلنّاسِ إلى التَّصْدِيقِ بِنُبُوَّتِهِ بِذِكْرِ المُعْجِزاتِ الباهِراتِ الَّتِي أُوتِيَها لا افْتِخارًا ﴿يا أيُّها النّاسُ﴾ الظّاهِرُ عُمُومُهُ جَمِيعَ النّاسِ الَّذِينَ يُمْكِنُ - عادَةً - مُخاطَبَتُهم. وقالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ: المُرادُ بِهِ رُؤَساءُ مَمْلَكَتِهِ وعُظَماءُ دَوْلَتِهِ مِنَ الثَّقَلَيْنِ وغَيْرِهِمْ، والتَّعْبِيرُ عَنْهم بِما ذُكِرَ لِلتَّغْلِيبِ، وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الأوْزاعِيِّ أنَّهُ قالَ: النّاسُ عِنْدَنا أهْلَ العِلْمِ. ﴿عُلِّمْنا مَنطِقَ الطَّيْرِ﴾ أيْ: نُطْقَهُ وهو في المُتَعارَفِ: كُلُّ لَفْظٍ يُعَبَّرُ بِهِ عَمّا في الضَّمِيرِ مُفْرَدًا أوْ مُرَكَّبًا، وقَدْ يُطْلَقُ عَلى كُلِّ ما يُصَوَّتُ بِهِ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِعارَةِ المُصَرِّحَةِ، ويَجُوزُ أنْ يُعْتَبَرَ تَشْبِيهُ المُصَوِّتِ بِالإنْسانِ، ويَكُونَ هُناكَ اسْتِعارَةً بِالكِنايَةِ، وإثْباتُ النُّطْقِ تَخْيِيلًا، وقِيلَ: يَجُوزُ أيْضًا أنْ يُرادَ بِالنُّطْقِ مُطْلَقُ الصَّوْتِ عَلى أنَّهُ مَجازٌ مُرْسَلٌ ولَيْسَ بِذاكَ. ويَحْتَمِلُ الأوْجُهَ الثَّلاثَةَ قَوْلُهُ: ؎لَمْ يَمْنَعِ الشُّرْبَ مِنها غَيْرَ أنْ نَطَقَتْ حَمامَةٌ في غُصُونِ ذاتِ أوْقالِ وقَدْ يُطْلَقُ عَلى ذَلِكَ لِلْمُشاكَلَةِ كَما في قَوْلِهِمِ: النّاطِقُ والصّامِتُ لِلْحَيَوانِ والجَمادِ، والَّذِي عُلِّمَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مِن مَنطِقِ الطَّيْرِ هو - عَلى ما قِيلَ - ما يُفْهَمُ بَعْضُهُ مِن بَعْضٍ مِن مَعانِيهِ وأغْراضِهِ. ويُحْكى أنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مَرَّ عَلى بُلْبُلٍ في شَجَرَةٍ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ ويُمِيلُ ذَنَبَهُ، فَقالَ لِأصْحابِهِ: أتَدْرُونَ ما يَقُولُ؟ قالُوا: اللَّهُ تَعالى ونَبِيُّهُ أعْلَمُ، قالَ: يَقُولُ: أكَلْتُ نِصْفَ ثَمَرَةٍ فَعَلى الدُّنْيا العَفاءُ، وصاحَتْ فاخِتَةٌ فَأخْبَرَ أنَّها تَقُولُ: لَيْتَ ذا الخَلْقَ لَمْ يُخْلَقُوا، وصاحَ طاوُسٌ فَقالَ: يَقُولُ: كَما تَدِينُ تُدانُ، وصاحَ هُدْهُدٌ فَقالَ: يَقُولُ: اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ تَعالى يا مُذْنِبُونَ، وصاحَ طِيطَوى فَقالَ: يَقُولُ: كُلُّ حَيٍّ مَيِّتٌ وكُلُّ جَدِيدٍ (p-172)بالٍ، وصاحَ خُطّافٌ فَقالَ: يَقُولُ: قَدِّمُوا خَيْرًا تَجِدُوهُ، وصاحَتْ رَخْمَةٌ فَقالَ: تَقُولُ: سُبْحانَ رَبِّي الأعْلى مِلْءَ سَمائِهِ وأرْضِهِ، وصاحَ قُمْرِيٌّ فَأخْبَرَ أنَّهُ يَقُولُ: سُبْحانَ رُبِّيَ الأعْلى، وقالَ: الحَدَأُ يَقُولُ: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إلّا اللَّهَ تَعالى، والقَطاةُ تَقُولُ: مَن سَكَتَ سَلَمَ، والبَبْغاءُ يَقُولُ: ويْلٌ لِمَنِ الدُّنْيا هَمُّهُ، والدِّيكُ يَقُولُ: اذْكُرُوا اللَّهَ تَعالى يا غافِلُونَ، والنَّسْرُ يَقُولُ: يا ابْنَ آدَمَ عِشْ ما شِئْتَ آخِرُكَ المَوْتُ، والعُقابُ يَقُولُ: في البُعْدِ مِنَ النّاسِ أُنْسٌ، والضُّفْدَعُ يَقُولُ: سُبْحانَ رُبِّيَ القُدُّوسِ، والقُنْبُرَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ العَنْ مُبْغِضَ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، والزُّرْزُورُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ قُوتَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ يا رَزّاقُ، والدُّرّاجِ يَقُولُ: الرَّحْمَنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى، انْتَهى. ونَظْمُ الضُّفْدَعِ في سِلْكِ المَذْكُوراتِ مِنَ الطَّيْرِ لَيْسَ في مَحَلِّهِ، ومَعَ هَذا اللَّهُ تَعالى أعْلَمُ بِصِحَّةِ هَذِهِ الحِكايَةِ، وقِيلَ: كانَتِ الطَّيْرُ تُكَلِّمُهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مُعْجِزَةً لَهُ، نَحْوَ ما وقَعَ مِنَ الهُدْهُدِ في القِصَّةِ الآتِيَةِ. وقِيلَ: عُلِّمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ما تَقْصِدُهُ الطَّيْرُ في أصْواتِها في سائِرِ أحْوالِها، فَيَفْهَمُ تَسْبِيحَها ووَعْظَها، وما تُخاطِبُهُ بِهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وما يُخاطِبُ بِهِ بَعْضُها بَعْضًا. وبِالجُمْلَةِ عُلِّمَ مِن مَنطِقِها ما عُلِّمَ الإنْسانُ مِن مَنطِقِ بَنِي صِنْفِهِ، ولا يُسْتَبْعَدُ أنْ يَكُونَ لِلطَّيْرِ نُفُوسٌ ناطِقَةٌ ولُغاتٌ مَخْصُوصَةٌ تُؤَدِّي بِها مَقاصِدَها كَما في نَوْعِ الإنْسانِ، إلّا أنَّ النُّفُوسَ الإنْسانِيَّةَ أقْوى وأكْمَلُ، ولا يَبْعُدُ أنْ تَكُونَ مُتَفاوِتَةً تَفاوُتَ النُّفُوسِ الإنْسانِيَّةِ الَّذِي قالَ بِهِ مَن قالَ. ويَجُوزُ أنْ يُعَلِّمَ اللَّهُ تَعالى مَنطِقَها مَن شاءَ مِن عِبادِهِ ولا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالأنْبِياءِ - عَلَيْهِمُ السَّلامُ - ويَجْرِي ما ذَكَرْناهُ في سائِرِ الحَيَواناتِ، وذَهَبَ بَعْضُ النّاسِ إلى أنَّ سُلَيْمانَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - عُلِّمَ مَنطِقَها أيْضًا إلّا أنَّهُ نُصَّ عَلى الطَّيْرِ؛ لِأنَّها كانَتْ جُنْدًا مِن جُنُودِهِ يَحْتاجُ إلَيْها في التَّظْلِيلِ مِنَ الشَّمْسِ وفي البَعْثِ في الأُمُورِ، ولا يَخْفى أنَّ الآيَةَ لا تَدُلُّ عَلى ذَلِكَ فَيَحْتاجُ القَوْلُ بِهِ إلى نَقْلٍ صَحِيحٍ، وزَعَمَ بَعْضُهم أنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - عُلِّمَ أيْضًا مَنطِقَ النَّباتِ، فَكانَ يَمُرُّ عَلى الشَّجَرَةِ فَتَذْكُرُ لَهُ مَنافِعَها ومَضارَّها، ولَمْ أجِدْ في ذَلِكَ خَبَرًا صَحِيحًا. وكَثِيرٌ مِنَ الحُكَماءِ مَن يَعْرِفُ خَواصَّ النَّباتِ بِلَوْنِهِ وهَيْئَتِهِ وطَعْمِهِ وغَيْرِ ذَلِكَ، ولا يَحْتاجُ في مَعْرِفَتِها إلى نُطْقِهِ بِلِسانِ القالِ. والضَّمِيرُ في (عُلِّمْنا) (وأُوتِينا) قِيلَ: لَهُ ولِأبِيهِ - عَلَيْهِما السَّلامُ - وهو خِلافُ الظّاهِرِ، والأوْلى كَوْنُهُ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ولَمّا كانَ مَلِكًا مُطاعًا خاطَبَ رَعِيَّتَهُ - عَلى عادَةِ المُلُوكِ - لِمُراعاةِ قَواعِدِ السِّياسَةِ مِنَ التَّمْهِيدِ لِما يُرادُ مِنَ الرَّعِيَّةِ مِنَ الطّاعَةِ والِانْقِيادِ في الأوامِرِ والنَّواهِي، ولَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَعاظُمًا وتَكَبُّرًا مِنهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ومُراعاةُ قَواعِدِ السِّياسَةِ لِلتَّوَصُّلِ بِها إلى ما فِيهِ رِضا اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - مِنَ الأُمُورِ المُهِمَّةِ، وقَدْ أمَرَ نَبِيُّنا ﷺ العَبّاسَ بِحَبْسِ أبِي سُفْيانَ حَتّى تَمُرَّ عَلَيْهِ الكَتائِبُ يَوْمَ الفَتْحِ لِذَلِكَ. وكُلِّ في الأصْلِ لِلْإحاطَةِ، وتَرِدُ لِلتَّكْثِيرِ كَثِيرًا نَحْوُ قَوْلِكَ: فُلانٌ يَقْصِدُهُ كُلُّ أحَدٍ ويَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ، وهي كِنايَةٌ في ذَلِكَ أوْ مَجازٌ مَشْهُورٌ، وهَذا المَعْنى هو المُرادُ هُنا إذا جُعِلَتْ (مِن) صِلَةً، وهو المُناسِبُ لِمَقامِ التَّحَدُّثِ بِالنِّعَمِ، وإنْ لَمْ تُجْعَلْ صِلَةً فَهي عَلى أصْلِها فِيما قِيلَ، وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّهُ لا يَتَسَنّى ذَلِكَ إلّا إذا أُرِيدَ الكُلُّ المَجْمُوعِيُّ، وهو كَما تَرى. وفِي البَحْرِ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿عُلِّمْنا مَنطِقَ الطَّيْرِ﴾ إشارَةٌ إلى النُّبُوَّةِ، وقَوْلَهُ سُبْحانَهُ: ﴿وأُوتِينا مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ إشارَةٌ إلى المُلْكِ، والجُمْلَتانِ كالشَّرْحِ لِلْمِيراثِ. وعَنْ مُقاتِلٍ أنَّهُ أُرِيدَ بِما أُوتِيَهُ النُّبُوَّةُ والمُلْكُ، وتَسْخِيرُ الجِنِّ والإنْسِ والشَّياطِينِ والرِّيحِ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - هو ما يُهِمُّهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مِن أمْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ. وقَدْ يُقالُ: إنَّهُ ما يَحْتاجُهُ المَلِكُ مِن آلاتِ الحَرْبِ وغَيْرِها. ﴿إنَّ هَذا﴾ إشارَةٌ إلى ما ذُكِرَ (p-173)مِنَ التَّعْلِيمِ والإيتاءِ ﴿لَهُوَ الفَضْلُ﴾ والإحْسانُ مِنَ اللَّهِ تَعالى ﴿المُبِينُ﴾ الواضِحُ الَّذِي لا يَخْفى عَلى أحَدٍ، أوْ أنَّ هَذا الفَضْلَ الَّذِي أُوتِيتُهُ لَهو الفَضْلُ المُبِينُ، فَيَكُونُ مِن كَلامِهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ – قَطْعًا، ذُيِّلَ بِهِ ما تَقَدَّمَ مِنهُ لِيَدُلَّ عَلى أنَّهُ إنَّما قالَ ما قالَ عَلى سَبِيلِ الشُّكْرِ، كَما قالَ ﷺ: ««أنا سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ ولا فَخْرَ»» بِالرّاءِ المُهْمَلَةِ آخِرَهُ - كَما في الرِّوايَةِ المَشْهُورَةِ – أيْ: أقُولُ هَذا القَوْلَ شُكْرًا لا فَخْرًا، ويَقْرُبُ مِن هَذا المَعْنى (ولا فَخْزَ) بِالزّايِ كَما في الرِّوايَةِ الغَيْرِ المَشْهُورَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب