الباحث القرآني

وأما قوله تَعالى: ﴿وَورث سُلَيْمان داوُد﴾ فَهو مِيراث العلم والنبوة لا غير. وَهَذا بِاتِّفاق أهل العلم من المُفَسّرين وغَيرهم وهَذا لأن داوُد عَلَيْهِ السَّلام كانَ لَهُ أولاد كَثِيرَة سوى سُلَيْمان فَلَو كانَ المَوْرُوث هو المال لم يكن سُلَيْمان مُخْتَصًّا بِهِ. وأيضا فَإن كَلام الله يصان عَن الإخبار بِمثل هَذا فَإنَّهُ بِمَنزِلَة أن يُقال ماتَ فلان وورثه ابْنه ومن المَعْلُوم أن كل أحد يَرِثهُ ابْنه ولَيْسَ في الإخبار بِمثل هَذا فائِدَة وأيضا فَإن ما قبل الآية وما بعْدها يبين أن المُراد بِهَذِهِ الوراثة وراثة العلم والنبوة لا وراثة المال قالَ تَعالى ﴿وَلَقَد آتَيْنا داوُود وسليمان علما وقالا الحَمد لله الَّذِي فضلنا على كثير من عباده المُؤمنِينَ وورث سُلَيْمان داوُود﴾ وَإنَّما سيق هَذا لبَيان فضل سُلَيْمان وما خصّه الله بِهِ من كرامته وميراثه ما كانَ لأبيه من أعلى المَواهِب وهو العلم والنبوة ﴿إن هَذا لَهو الفضل المُبين﴾ وكَذَلِكَ قَول زَكَرِيّا عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلام ﴿وَإنِّي خفت الموالِي من ورائي وكانَت أمرَأتي عاقرا فَهَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي ويَرِث من آل يَعْقُوب واجعله رب رَضِيا﴾ فَهَذا مِيراث العلم والنبوة والدعوة إلى الله وإلّا فَلا يظنّ بنبي كريم أنه يخاف عصبته أن يرثوه ماله فَيسْأل الله العَظِيم ولدا يمنعهُم مِيراثه ويكون أحق بِهِ مِنهُم، وقد نزه الله أنبياءه ورُسُله عَن هَذا وأمْثاله فبعدا لمن حرف كتاب الله ورد على رَسُوله كَلامه ونسب الأنبياء إلى ما هم بُرَآء منزهون عَنهُ والحَمْد لله على توفيقه وهدايته.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب