الباحث القرآني
قال: (﴿لَعَلَّكَ﴾ يا محمد ﴿بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾ قاتلها غمًّا من أجل ﴿أَلَّا يَكُونُوا﴾ أي: أهل مكة ﴿مُؤْمِنِينَ﴾.
و(لعل) هنا للإشفاق، أي: أشفق عليها بتخفيف هذا الغم).
﴿لعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾ [الشعراء ٣] هذه (لعل) للإشفاق، وتكون للتعليل، وتكون للترجي؛ فإذا تعلَّقت بمكروه فهي للإشفاق، وإذا تعلَّقت بمحبوب فهي للترجي، وإذا تعلقت بعلة من العلل فهي للتعليل.
هنا للإشفاق مثلما تقول: لعل الحبيب هالك. أنت تترجى أن حبيبك يهلك؟! لا، لكن تشفق، الله تعالى أشفق على نبيه ﷺ من أن يُهلِك نفسه، يقتلها من الغم بسبب عدم إيمانهم؛ الرسول عليه الصلاة والسلام يعاني من عدم إيمانهم يعاني المشقة الشديدة، ويحزن ويضيق صدره، ولكن الله تعالى يسليه بمثل هذه الآية: ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ [النحل ١٢٧].
وهنا يقول: ﴿لعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾ مهلكها ﴿أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾، ففي هذا دليل على أن الإنسان الداعية لا ينبغي أن يهلك نفسه بالهم والغم لعدم قبول الناس للحق؛ لأنه إذا أتى بما يجب عليه انشرح صدره، كفاية أن تأتي بما وجَبَ عليك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم إنِ امتثلَ الناس فهو نعمة على الجميع، وإن لم يمتثلوا فلا تغتمَّ؛ لأنك إذا اغتَمَمْتَ اشتغلْتَ بغيرِك عن نفسك، وصار همك إن صليت ولاء الناس، وإن جلست ولاء الناس، وإن قمت ولاء الناس، هذا ما هو بصحيح؛ لأنه يفسد عليك عبادتك أنت خاصة، فأنت اشتغل بنفسك، وغيرك أدِّ ما أوجب الله عليك لهم، ثم إنِ اهْتَدَوْا، وإلا فلستَ عليهم بمسيطر، وبهذا يستريحُ الإنسان راحة عظيمة، ويكون مقبلًا على عبادته محسنًا لها.
* طالب: نزلت بعد الواقعة.
* الشيخ: أيهم؟
* الطالب: الشعراء.
* الشيخ: الشعراء؟
* طالب: (...).
* الشيخ: (...) في الإتقان لما رتَّب السُّوَر ما ذكر دليلًا أن هذه نزلت بعد هذه، وهذه نزلت بعد هذه، ما ذكر دليلًا.
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما يثبُت؛ لأن الزهري من التابعين، مرسَل.
* طالب: «وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ».
* الشيخ: «وَدُنْيا مُؤْثَرَة».
* الطالب: «وَدُنْيا مُؤْثَرَة» (...) ودع الناس.
* الشيخ: «فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ العَوَامِ».
* الطالب: (...).
* الشيخ: نقول: عليك بخاصَّة نفسك، ومن خاصَّة نفسك: أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؛ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ﴾ [المائدة ١٠٥] متى؟
* الطلبة: ﴿إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾.
* الشيخ: ﴿إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾، نعم إذا رأيت ألَّا تدعَ نفسَك ملاحقة الناس والاشتغال بهم عن دينهم، ولكن هل هذا الحديث الآن منطبق؟ «إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ»[[أخرجه أبو داود (٤٣٤١)، والترمذي (٣٠٥٨)، وابن ماجه (٤٠١٤) من حديث أبي ثعلبة الخشني.]] ينطَبِقُ على وقتِنا الحاضِر؟
* طلبة: نعم (...).
* الشيخ: كيف؟
* طالب: الشح.
* الشيخ: الشح مطاع؟
* طالب: (...).
* الشيخ: عند كل حد؟
* الطالب: ما هو كل أحد.
* الشيخ: عند الغالب؟
* الطالب: عند الغالب.
* الشيخ: يعنى معنى ذلك أنه إذا أمرته نفسه بشيء أطاعها.
* طالب: (...) يتبعون أهواءهم.
* الشيخ: وهوى متبعًا واضح.
* طالب: (...).
* الشيخ: لكن، نطبق الحديث على الواقع الآن، هل الشح المطاع؟ أنا أظن مثلما قلتم: إن الشح المطاع عند أكثر الناس الآن وارد، وهوى متبعًا أيضًا ورادة.
* طالب: كلهم.
* الشيخ: «ودنيا مُؤثَرَة»؟
* طالب: (...).
* الشيخ: «وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ».»
* طالب: واردة عند الاختلاف.
* طالب آخر: هذا كثير يا شيخ.
* الشيخ: هذا كثير صحيح، لكن الكلام على الغالب.
* طالب: في الغالب يقال..
* طالب آخر: (...).
* الشيخ: لا في الغالب، على كل حال، فعليك بخاصَّة نفسك (...).
* * *
* طالب: ﴿طسم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (٤) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (٥) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٦) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩) وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (١١) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ [الشعراء ١ - ١٤].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، تقدَّم أن الله سبحانه وتعالى يبتدِئُ بعضَ السُّوَرِ بالحروف الهجائية، فهل لهذه الحروف معنى؟
* طالب: الله أعلم بمرادها.
* الشيخ: نعم، أقول: ما نفهم اللغة العربية.
* طالب: يعني: هل لها حكمة؟
* الشيخ: لا، (...) وهل لها يعني حكمة في..؟
* طالب: (...).
* الشيخ: قوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ [الشعراء ٢] الإشارة بصيغة البعد؛ لعلو شأنه..؟
* طالب: ومرتبته.
* الشيخ: ولماذا سُمِّيَ كتابًا؟
* طالب: لأنه مكتوب في المصاحف.
* الشيخ: طيب، ويش بعد؟ كتابته في اللوح المحفوظ، كتابته بين الناس ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس ١١ - ١٤].
و﴿الْمُبِينِ﴾ هنا بمعنى؟
* طالب: البين والمظهر.
* الشيخ: وإن احتملتهما.
* الطالب: (...) أنه..
* الشيخ: أي؟
* الطالب: أنه يشمل الأمرين.
* الشيخ: المظهر يعني.
قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾ [الشعراء ٣]، (لعل) ويش معناها؟
* الطالب: هنا أي: لا تأسى عليهم.
* الشيخ: أي؟
* الطالب: للإشفاق.
* الشيخ: للإشفاق، نعم؛ أن الله يُشْفِقُ على نبيِّه ﷺ أن يُهلِكَ نفسَه بعدم إيمانهم.
في هذه الآية ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾ [الشعراء ٣].
* طالب: (...).
* الشيخ: لا تكون مخلوقةً، مثل القرآن ما هو مخلوق، ولَّا نعم مثل الشمس والقمر مخلوقات.
* طالب: على مَنْ أوجدها؟
* الشيخ: يعني: الآية هي العلامة، لكن أهم شيء عندي أن نقول: الخاصة، أو المعجزة مثلًا؛ لأن علامةَ الشيء معناه ما يختص به، لو كان هذا الشيء ما يختص بالله ما صار آية له، فالآية هي العلامة الخاصة التي لا تكون لغير مَن كانت له.
فالشمس والقمر ما يمكن أحد أن يأتي بمثلهما، والقرآن ما يمكن أحد يأتي بمثله.
* طالب: نقول: الآية هنا بمعنى أيش؟
* الشيخ: العلامة الخاصَّة لمن كانت له بحيث لا يستطيع أحد أن يأتي بمثلها، سواء كانت كونية أو شرعية، وكذلك في الآية هذه أن جميع آيات القران معجزات، ولو كانت آية واحدة فإنها معجزة، قد تكون معجزة بذاتها، وقد تكون معجزة بسياقها؛ لأنه مثلًا: ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ [المدثر ٢١] قد لا يستطيع أحد أن يقول: إنها معجزة، وأن كل إنسان يمكن يأتي بكلمة ثم نظر، لكنها معجزة في سياقها، وفي موضعها.
فالآيات حقيقة كما قلنا هي حروف من كلمات الناس، وهذه الحروف ليست معجزة؛ لأنها من كلامهم، يستطيعونها، لكن مكانها وسياقها، وما تدل عليه هذا هو المعجز.
* طالب: (...).
* الشيخ: معلوم هذا، لا (...)؛ لأنَّ معنى ذلك أنه في استطاعة الإنسان أن يفعل لولا المانع، وهذا ما يسميه العلماء مذهب أهل الصِّرْفة الذين يقولون: إن الناس مصرفون عن معارضة القرآن، لا عاجزون.
وفرق بين مَنْ يقول باستطاعته أن يفعل لولا المانع، وأن نقول: ليس باستطاعتهم أن يفعلوا، وأيهم أبلغ؟ الأخير؛ ولهذا مذهبُ الصِّرْفة يقول العلماء: إنه مذهب باطل، وأنه ليس باستطاعة أحد أن يفعل أبدًا.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي معلوم، ولا (...).
* طالب: (...) هل ينقل على حقيقته (...)؟
* الشيخ: كيف يعني؟ الله سبحانه وتعالى يُعَبِّر عنه، لا بلفظه.
* طالب: يعني ليس هذا لفظه؟
* الشيخ: ليس هو لفظه حقيقة، ولهذا مثلًا كلام موسى باللغة العبرية، وكلام فرعون باللغة القبطية، وما أشبه ذلك، ثم إنَّ الكلمات أيضًا تختلف يعني نفس الآيات تُنْقَل مرة كذا، ومرة كذا، الله يعبِّر ويكون السياق هو الذي يقتضي هذا التعبير دون ذاك.
{"ayah":"لَعَلَّكَ بَـٰخِعࣱ نَّفۡسَكَ أَلَّا یَكُونُوا۟ مُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق