الباحث القرآني
(p-١٠٣)(سُورَةُ الشُّعَراءِ) مَكِّيَّةٌ إلّا أرْبَعَ آياتٍ فَإنَّها مَدَنِيَّةٌ، وهي ﴿والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوُونَ﴾ إلى آخِرِها.
وهِيَ مِائَتانِ وسِتٌّ أوْ سَبْعٌ وعِشْرُونَ آيَةً.
﷽
﴿طسم﴾ ﴿تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ﴾ ﴿لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ألّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿إنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْناقُهم لَها خاضِعِينَ﴾ .
﷽
﴿طسم﴾ ﴿تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ﴾ ﴿لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ألّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿إنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْناقُهم لَها خاضِعِينَ﴾ .
الطّاءُ إشارَةٌ إلى طَرَبِ قُلُوبِ العارِفِينَ، والسِّينُ سُرُورُ المُحِبِّينَ، والمِيمُ مُناجاةُ المُرِيدِينَ، وفِيهِ مَسائِلُ:
المسألة الأُولى: قَرَأ قَتادَةُ: ”باخِعُ نَفْسِكَ“ عَلى الإضافَةِ، وقُرِئَ: ”فَظَلَّتْ أعْناقُهم لَها خاضِعَةً“ .
المسألة الثّانِيَةُ: البَخْعُ أنْ يَبْلُغَ بِالذَّبْحِ البِخاعَ، وهو الخُرْمُ النّافِذُ في ثَقْبِ الفِقْراتِ، وذَلِكَ أقْصى حَدِّ الذّابِحِ. ولَعَلَّ لِلْإشْفاقِ.
المسألة الثّالِثَةُ: قَوْلُهُ: ﴿طسم﴾ ﴿تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ﴾ مَعْناهُ: آياتُ هَذِهِ السُّورَةِ تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ، وتَمامُ تَقْرِيرِهِ ما مَرَّ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ذَلِكَ الكِتابُ﴾ [البَقَرَةِ: ٢] ولا شُبْهَةَ في أنَّ المُرادَ بِالكِتابِ هو القُرْآنُ، والمُبِينُ وإنْ كانَ في الحَقِيقَةِ هو المُتَكَلِّمَ فَقَدْ يُضافُ إلى الكَلامِ مِن حَيْثُ يَتَبَيَّنُ بِهِ عِنْدَ النَّظَرِ فِيهِ، فَإنْ قِيلَ: القَوْمُ لَمّا كانُوا كُفّارًا فَكَيْفَ تَكُونُ آياتُ القُرْآنِ مُبَيِّنَةً لَهم ما يَلْزَمُهم، وإنَّما يَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ الأحْكامُ ؟ قُلْنا: ألْفاظُ القُرْآنِ مِن حَيْثُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ أنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ يُمْكِنُ أنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلى فاعِلٍ مُخالِفٍ لَهم، كَما يُسْتَدَلُّ بِسائِرِ ما لا يَقْدِرُ العِبادُ عَلى مِثْلِهِ، فَهو دَلِيلُ التَّوْحِيدِ مِن هَذا الوجه، ودَلِيلُ النُّبُوَّةِ مِن حَيْثُ الإعْجازُ، ويُعْلَمُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ أنَّهُ إذا كانَ مِن عِنْدِ اللَّهِ تَعالى فَهو دَلالَةُ الأحْكامِ أجْمَعَ، وإذا ثَبَتَ هَذا صارَتْ آياتُ القُرْآنِ كافِيَةً في كُلِّ الأُصُولِ والفُرُوعِ أجْمَعَ، ولَمّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعالى أنَّهُ بَيَّنَ الأُمُورَ قالَ بَعْدَهُ: ﴿لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ألّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ مُنَبِّهًا بِذَلِكَ عَلى أنَّ الكِتابَ وإنْ بَلَغَ في البَيانِ كُلَّ غايَةٍ فَغَيْرُ مُدْخِلٍ لَهم في الإيمانِ لَمّا أنَّهُ سَبَقَ حُكْمُ اللَّهِ (p-١٠٤)بِخِلافِهِ، فَلا تُبالِغْ في الحُزْنِ والأسَفِ عَلى ذَلِكَ؛ لِأنَّكَ إنْ بالَغْتَ فِيهِ كُنْتَ بِمَنزِلَةِ مَن يَقْتُلُ نَفْسَهُ ثُمَّ لا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ أصْلًا، فَصَبَّرَهُ وعَزّاهُ وعَرَّفَهُ أنَّ غَمَّهُ وحُزْنَهُ لا نَفْعَ فِيهِ، كَما أنَّ وُجُودَ الكِتابِ عَلى بَيانِهِ ووُضُوحِهِ لا نَفْعَ لَهم فِيهِ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعالى أنَّهُ قادِرٌ عَلى أنْ يُنْزِلَ آيَةً يَذِلُّونَ عِنْدَها ويَخْضَعُونَ. فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ صَحَّ مَجِيءُ ﴿خاضِعِينَ﴾ خَبَرًا عَنِ الأعْناقِ ؟ قُلْنا: أصْلُ الكَلامِ: فَظَلُّوا لَها خاضِعِينَ، فَذُكِرَتِ الأعْناقُ لِبَيانِ مَوْضِعِ الخُضُوعِ، ثُمَّ تُرِكَ الكَلامُ عَلى أصْلِهِ، ولَمّا وُصِفَتْ بِالخُضُوعِ الَّذِي هو لِلْعُقَلاءِ، قِيلَ: ﴿خاضِعِينَ﴾ كَقَوْلِهِ: ﴿لِي ساجِدِينَ﴾ [يُوسُفَ: ٤]، وقِيلَ: أعْناقُ النّاسِ رُؤَساؤُهم ومُقَدَّمُوهم، شُبِّهُوا بِالأعْناقِ كَما يُقالُ: هُمُ الرُّءُوسُ والصُّدُورُ، وقِيلَ: هم جَماعاتُ النّاسِ، يُقالُ: جاءَنا عُنُقٌ مِنَ النّاسِ لِفَوْجٍ مِنهم.
المسألة الرّابِعَةُ: نَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ قَوْلُهُ تَعالى في سُورَةِ الكَهْفِ: ﴿فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ﴾، وقَوْلُهُ: ﴿فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ﴾ [فاطِرٍ: ٨] .
{"ayahs_start":1,"ayahs":["طسۤمۤ","تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُبِینِ","لَعَلَّكَ بَـٰخِعࣱ نَّفۡسَكَ أَلَّا یَكُونُوا۟ مُؤۡمِنِینَ","إِن نَّشَأۡ نُنَزِّلۡ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ ءَایَةࣰ فَظَلَّتۡ أَعۡنَـٰقُهُمۡ لَهَا خَـٰضِعِینَ"],"ayah":"لَعَلَّكَ بَـٰخِعࣱ نَّفۡسَكَ أَلَّا یَكُونُوا۟ مُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق