(p-١٦٣)سُورَةُ الشُّعَراءِ
مَكِّيَّةٌ كُلُّها، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ: إلّا أرْبَعَ آياتٍ مِنها نَزَلْنَ بِالمَدِينَةِ مِن قَوْلِهِ: ﴿والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوُونَ﴾ [الشُّعَراءِ: ٢٢٤] إلى آخِرِها.
قَوْلُهُ ﴿طسم﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ أقْسَمَ بِهِ، والمُقْسَمُ عَلَيْهِ ﴿إنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ﴾، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ القُرْآنِ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّالِثُ: أنَّهُ مِنَ الفَواتِحِ الَّتِي افْتَتَحَ اللَّهُ بِها كِتابَهُ، قالَهُ الحَسَنُ.
(p-١٦٤)الرّابِعُ: أنَّها حُرُوفُ هِجاءٍ مُقَطَّعَةٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ وصِفاتِهِ: أمّا الطّاءُ فَفِيها قَوْلانِ:
أحَدُها: أنَّها مِنَ الطُّولِ.
الثّانِي: أنَّها مِنَ الطّاهِرِ.
وَأمّا السِّينُ فَفِيها ثَلاثَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: أنَّها مِنَ القُدُّوسِ.
الثّانِي: أنَّها مِنَ السَّمِيعِ.
الثّالِثُ: مِنَ السَّلامِ.
وَأمّا المِيمُ فَفِيها ثَلاثَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: أنَّها مِنَ المَجِيدِ.
الثّانِي: مِنَ الرَّحِيمِ.
الثّالِثُ: مِنَ المَلِكِ.
وَلِأصْحابِ الخَواطِرِ في تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّ الطّاءَ شَجَرَةُ طُوبى، والسِّينَ سِدْرَةُ المُنْتَهى، والمِيمَ مُحَمَّدٌ المُصْطَفى ﷺ .
الثّانِي: أنَّ الطّاءَ طَرَبُ التّائِبِينَ، والسِّينَ سَتْرُ اللَّهِ عَلى المُذْنِبِينَ، والمِيمَ مَعْرِفَتُهُ بِالغاوِينَ، وقَدْ ذَكَرْنا في تَفْسِيرِ ﴿الم﴾ مِن زِيادَةِ التَّأْوِيلاتِ ما يُجْزِئُ تَخْرِيجُهُ قَبْلَ هَذا المَوْضِعِ.
قَوْلُهُ: ﴿باخِعٌ نَفْسَكَ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: قاتِلٌ نَفْسَكَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ، والبَخْعُ القَتْلُ، قالَهُ ذُو الرُّمَّةِ:
؎ ألا أيُّهَذا الباخِعُ الوَجْدُ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ نَحَتْهُ عَنْ يَدَيْهِ المَقادِرُ
الثّانِي: مُحْرِجٌ نَفْسَكَ، قالَهُ عَطاءٌ، وابْنُ زَيْدٍ.
(p-١٦٥)قَوْلُهُ: ﴿إنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً﴾ فِيها وجْهانِ:
أحَدُهُما: ما عَظُمَ مِنَ الأُمُورِ القاهِرَةِ.
الثّانِي: ما ظَهَرَ مِنَ الدَّلائِلِ الواضِحَةِ.
﴿فَظَلَّتْ أعْناقُهم لَها خاضِعِينَ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: لا يَلْوِي أحَدٌ مِنهم عُنُقَهُ إلى مَعْصِيَةٍ.
الثّانِي: أنَّهُ أرادَ أصْحابَ الأعْناقِ فَحَذَفَهُ وأقامَ المُضافَ إلَيْهِ مَقامَهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ عِيسى.
الثّالِثُ: أنَّ الأعْناقَ الرُّؤَساءُ، ذَكَرَهُ ابْنُ شَجَرَةَ، وقالَهُ قُطْرُبٌ.
الرّابِعُ: أنَّ العُنُقَ الجَماعَةُ مِنَ النّاسِ، مِن قَوْلِهِمْ: أتانِي عُنُقٌ مِنَ النّاسِ أيْ جَماعَةٌ، ورَأيْتُ النّاسَ عُنُقًا إلى فُلانٍ، ذَكَرَهُ النَّقّاشُ.
قَوْلُهُ: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا إلى الأرْضِ كَمْ أنْبَتْنا فِيها مِن كُلِّ زَوْجٍ﴾ أيْ نَوْعٍ مَعَهُ قَرِينَةٌ مِن أبْيَضَ وأحْمَرَ، وحُلْوٍ وحامِضٍ.
أحَدُها: حَسَنٌ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ.
الثّانِي: أنَّهُ مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ والأنْعامُ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّالِثُ: أنَّهُ النّافِعُ المَحْمُودُ كَما أنَّ الكَرِيمَ مِنَ النّاسِ هو النّافِعُ المَحْمُودُ.
الرّابِعُ: هُمُ النّاسُ نَباتُ الأرْضِ كَما قالَ تَعالى: ﴿واللَّهُ أنْبَتَكم مِنَ الأرْضِ نَباتًا﴾ ﴿واللَّهُ أنْبَتَكم مِنَ الأرْضِ نَباتًا﴾ [نُوحٍ: ١٧] فَمَن دَخَلَ الجَنَّةَ فَهو كَرِيمٌ، ومَن دَخَلَ النّارَ فَهو لَئِيمٌ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["طسۤمۤ","تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُبِینِ","لَعَلَّكَ بَـٰخِعࣱ نَّفۡسَكَ أَلَّا یَكُونُوا۟ مُؤۡمِنِینَ","إِن نَّشَأۡ نُنَزِّلۡ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ ءَایَةࣰ فَظَلَّتۡ أَعۡنَـٰقُهُمۡ لَهَا خَـٰضِعِینَ","وَمَا یَأۡتِیهِم مِّن ذِكۡرࣲ مِّنَ ٱلرَّحۡمَـٰنِ مُحۡدَثٍ إِلَّا كَانُوا۟ عَنۡهُ مُعۡرِضِینَ","فَقَدۡ كَذَّبُوا۟ فَسَیَأۡتِیهِمۡ أَنۢبَـٰۤؤُا۟ مَا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ","أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَمۡ أَنۢبَتۡنَا فِیهَا مِن كُلِّ زَوۡجࣲ كَرِیمٍ","إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰۖ وَمَا كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّؤۡمِنِینَ","وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلرَّحِیمُ"],"ayah":"لَعَلَّكَ بَـٰخِعࣱ نَّفۡسَكَ أَلَّا یَكُونُوا۟ مُؤۡمِنِینَ"}