الباحث القرآني

مكيّة، إلّا قوله وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ إلى آخر السورة فإنّها مدنية، وهي خمسة آلاف وخمسمائة واثنان وأربعون حرفا، وألف ومائتان وسبع وتسعون كلمة ومائتان وسبع وعشرون آية أخبرنا أبو الحسين الخبازي قال: حدّثنا أبو الشيخ الاصفهاني قال: حدّثنا أبو العباس الطهراني قال: حدّثنا يحيى بن يعلى بن منصور قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدّثنا أبي عن أبي بكر عن عكرمة عن ابن عباس أنّ رسول الله ﷺ‎ قال: أعطيت السورة التي يذكر فيها البقرة من الذكر الأوّل، وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى (عليه السلام) ، وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم السورة التي يذكر فيها البقرة من تحت العرش، وأعطيت المفصّل نافلة [[تفسير القرطبي: 13/ 87.]] . وأخبرني أبو الحسن محمد بن القاسم الماوردي الفارسي قال: حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن منصور الخيزراني ببغداد قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن حبيب قال: حدّثنا يعقوب بن يوسف قال: حدّثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا خارجة عن عبد الله عن إسماعيل بن أبي رافع عن الرقاشي وعن الحسن عن أنس أنّه سمع رسول الله ﷺ‎ يقول: إنّ الله أعطاني السبع مكان التوراة، وأعطاني الطواسين مكان الزبور، وفضّلني بالحواميم والمفصّل ما قرأهن نبيّ قبلي [[تفسير القرطبي: 13/ 87. مع زيادة: «وأعطاني المبين مكان الإنجيل» .]] . وأخبرني كامل بن أحمد النحوي وسعيد بن محمد المقري قالا: أخبرنا أحمد بن محمد ابن جعفر الشروطي قال: حدّثنا إبراهيم بن شريك الكوفي قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله اليربوعي قال: حدّثنا سلام بن سليم قال: حدّثنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه أبي أمامة عن أبي بن كعب قال: قال لي رسول الله ﷺ‎: «من قرأ سورة الشعراء كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدّق بنوح وكذب به وهود وشعيب وصالح وإبراهيم، وبعدد من كذّب بعيسى وصدّق بمحمد ﷺ‎» [93] [[تفسير مجمع البيان: 5/ 239.]] . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طسم اختلف القرّاء فيها وفي أختيها فكسر الطاء فيهن على الإمالة حمزة والكسائي وخلف وعاصم في بعض الروايات. وقرأ أهل المدينة بين الكسر والفتح وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم وقرأ غيرهم بالفتح على التضخيم، وأظهر النون في السين هاهنا وفي سورة القصص أبو جعفر وحمزة للتبيين والتمكين، وأخفاها الآخرون لمجاورتها حروف الفم. وأمّا تأويلها فروى الوالبي عن ابن عباس قال: طسم قسم وهو من اسماء الله سبحانه، عكرمة عنه: عجزت العلماء عن علم تفسيرها. مجاهد: اسم السورة. قتادة وأبو روق: اسم من أسماء القرآن أقسم الله عزّ وجلّ به، القرظي أقسم الله سبحانه بطوله وسنائه وملكه. وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حنش [[في النسخة الثانية: حبش المقري.]] قال: حدّثني أحمد بن عبيد الله بن يحيى الدارمي قال: حدّثني محمد بن عبده المصّيصي قال: حدّثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي قال: حدّثنا محمد بن بشر الرقّي قال: حدّثنا أبو عمر حفص بن ميسرة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية طسم قال رسول الله ﷺ‎: «الطاء طور سيناء والسين الاسكندرية والميم مكة» [[زاد المسير: 6/ 30.]] [94] . وقال جعفر الصادق (عليه السلام) : الطاء طوبى والسين سدرة المنتهى والميم محمد المصطفى ﷺ‎. تِلْكَ آياتُ أي هذه آيات الْكِتابِ الْمُبِينِ لَعَلَّكَ باخِعٌ قاتل نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وذلك حين كذّبه أهل مكة فشق ذلك عليه فأنزل الله سبحانه هذه الآية، نظيرها في الكهف. إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ ذليلين قال: لو شاء الله سبحانه لأنزل عليهم آية يذلّون بها فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله عزّ وجل، ابن جريج: لو شاء لأراهم أمرا من أمره لا يعمل أحد منهم بمعصية. وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حبّان قال: حدّثنا إسحاق بن محمد قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا إبراهيم بن عيسى [[في النسخة الثانية: ابراهيم بن إسحاق.]] قال: حدّثنا علي بن علي قال: حدّثني أبو حمزة الثمالي في هذه الآية قال: بلغنا- والله أعلم- أنّها صوت يسمع من السماء في النصف من شهر رمضان يخرج له العواتق من البيوت. وبه عن أبي حمزة قال: حدّثني الكلبي عن أبي صالح مولى أم هاني أنّ عبد الله بن عباس حدّثه قال: نزلت هذه الآية فينا وفي بني أميّة قال: سيكون لنا عليهم الدولة فتذلّ لنا أعناقهم بعد صعوبة، وهوان بعد عزة. وأمّا قوله سبحانه خاضِعِينَ ولم يقل خاضعة وهي صفة الأعناق ففيه وجوه صحيحة من التأويل: أحدها: فظل أصحاب الأعناق لها خاضعين فحذف الأصحاب وأقام الأعناق مقامهم لأنّ الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون، فجعل الفعل أوّلا للأعناق ثم جعل خاضعين للرجال، كقول الشاعر: على قبضة مرجوة ظهر كفّه ... فلا المرء مستحي ولا هو طاعم [[جامع البيان للطبري: 19/ 78.]] فأنّث فعل الظهر لأنّ الكفّ تجمع الظهر وتكفى منه كما أنّك مكتف بأن تقول: خضعت للأمر أن تقول: خضعت لك رقبتي، ويقول العرب: كلّ ذي عين ناظر إليك وناظرة إليك لأنّ قولك: نظرت إليك عيني ونظرت بمعنى واحد، وهذا شائع في كلام العرب أن يترك الخبر عن الأول ويعمد الى الآخر فيجعل له الخبر كقول الراجز: طول الليالي أسرعت في نقضي ... طوين طولي وطوين عرضي [[تفسير القرطبي: 13/ 90.]] فأخبر عن الليالي وترك الطول، قال جرير: أرى مرّ السنين أخذن منّي ... كما أخذ السرار من الهلال [[تفسير القرطبي: 7/ 264.]] وقال الفرزدق: نرى أرماحهم متقلّديها ... إذا صدئ الحديد على الكماة [[جامع البيان للطبري: 1 9/ 77.]] فلم يجعل الخبر للأرماح وردّه الى هم لكناية القوم وإنما جاز ذلك لأنه لو أسقط من وطول والأرماح من الكلام لم يفسد سقوطها معنى الكلام، فكذلك رد الفعل الى الكناية في قوله أعناقهم لأنه لو أسقط الأعناق لما فسد الكلام ولأدّى ما بقي من الكلام عنها وكان فظلوا خاضعين لها واعتمد الفرّاء وأبو عبيد على هذا القول. وقال قوم: ذكر الصفة لمجاورتها المذكر وهو قوله هم، على عادة العرب في تذكير المؤنث إذا أضافوه الى مذكر، وتأنيث المذكر إذا أضافوه الى مؤنّث، كقول الأعشى: وتشرق بالقول الذي قد أذعته ... كما شرقت صدر القناة من الدم [[تفسير القرطبي: 9/ 132.]] وقال العجاج: لما رأى متن السماء أبعدت. وقيل: لما كان الخضوع وهو المتعارف من بني آدم أخرج الأعناق مخرج بني آدم كقوله وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ [[سورة يوسف: 4.]] وقوله سبحانه يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ [[سورة النمل: 18.]] ومنه قول الشاعر: تمززتها والديك يدعو صباحه ... إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا [[لسان العرب: 6/ 355.]] وقيل: إنما قال خاضِعِينَ [[في النسخة الثانية زيادة: لأجل رؤوس الآي ليكون على نسق واحد، وقيل: أراد: فظلّوا خاضعين.]] فعبّر بالأعناق عن جميع الأبدان، والعرب تعبّر ببعض الشيء عن كله كقوله بِما قَدَّمَتْ يَداكَ [[سورة الحج: 10.]] وقوله أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ [[سورة الإسراء: 13.]] ونحوهما. قال مجاهد: أراد بالأعناق هاهنا الرؤساء والكبراء، وقيل: أراد بالأعناق الجماعات والطوائف من الناس، يقال: جاء القوم عنقا أي طوائف وعصبا كقول الشاعر: انّ العراق وأهله عنق ... إليك فهيت هيتا [[لسان العرب: 10/ 273.]] وقرأ ابن أبي عبلة: فظلّت أعناقهم لها خاضعة. وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ أي وعظ وتذكير مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ في الوحي والتنزيل إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا أخبار وعواقب وجزاء ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ وهذا وعيد لهم أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ لون وصنف من النبات ممّا يأكل الناس والأنعام كَرِيمٍ حسن يكرم على الناس، يقال: نخلة كريمة إذا طاب حملها وناقة كريمة إذا كثر لبنها. أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا عبد الله بن يوسف قال: حدّثنا الحسن بن محمد بن بختويه قال: حدّثنا عمرو بن ثور وإبراهيم بن أبي يوسف [[في النسخة الثانية: بن أبي سفيان.]] قالا: حدّثنا محمد بن يوسف الغزالي قال: حدّثنا سفيان عن رجل عن الشعبي في قوله أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ قال: الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنّة فهو كريم، ومن دخل النار فهو لئيم. إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكرت لَآيَةً لدلالة على وجودي وتوحيدي وكمال قدرتي وحكمتي وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ لما سبق من علمي فيهم، قال سيبويه: كانَ هاهنا صلة، مجازه: وما أكثرهم مؤمنين وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ بالنقمة من أعدائه الرَّحِيمُ ذو الرحمة بأوليائه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب