الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا يَقَع يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ تَقْرِيعِ الْكُفَّارِ فِي عِبَادَتِهِمْ مَن عَبَدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ، مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَقَالَ: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ [[في ف: "يحشرهم".]] وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ . قَالَ مُجَاهِدٌ: عِيسَى، والعُزَير، وَالْمَلَائِكَةُ. ﴿فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾ أَيْ: فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى [لِلْمَعْبُودِينَ] [[زيادة من أ.]] أَأَنْتُمْ دَعَوْتُمْ هَؤُلَاءِ إِلَى عِبَادَتِكُمْ مِنْ دُونِي، أَمْ هُمْ عَبَدُوكُمْ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ، مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ مِنْكُمْ لَهُمْ؟ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ. مَا قُلْتُ لَهُم﴾ [[بعدها في ف، أ: (إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فيهم فلما توفيتني) .]] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ؛ [الْمَائِدَةِ: ١١٦ -١١٧] وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا يُجيِب بِهِ الْمَعْبُودُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ قَرَأَ الْأَكْثَرُونَ بِفَتْحِ "النُّونِ" مِنْ قَوْلِهِ: ﴿نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ أَيْ: لَيْسَ لِلْخَلَائِقِ كُلِّهِمْ أَنْ يَعْبُدُوا أَحَدًا سِوَاكَ، لَا نَحْنُ وَلَا هُمْ، فَنَحْنُ مَا دَعَوْنَاهُمْ إِلَى ذَلِكَ، بَلْ هُمْ قَالُوا [[في أ: "فعلوا".]] ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَمْرِنَا وَلَا رِضَانَا وَنَحْنُ بُرَآءُ مِنْهُمْ وَمِنْ عِبَادَتِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ [سَبَأٍ: ٤٠ -٤١] . [[في هـ: "به" والمثبت من أ، وهو الصواب.]] وَقَرَأَ آخَرُونَ: "مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُتَّخَذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ" أَيْ: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَعْبُدَنَا، فَإِنَّا عَبِيدٌ لَكَ، فُقَرَاءُ إِلَيْكَ. وَهِيَ قَرِيبَةُ الْمَعْنَى مِنَ الْأُولَى. ﴿وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ﴾ أَيْ: طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ، أَيْ: نَسُوا مَا أَنْزَلْتَهُ إِلَيْهِمْ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِكَ، مِنَ الدَّعْوَةِ إِلَى عِبَادَتِكَ وَحْدَكَ لا شريك لك. ﴿وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ هَلْكَى. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَيْ لَا خَيْرَ فِيهِمْ. وَقَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى حِينَ أَسْلَمَ: يَا رَسُولَ المَليك إِنَّ لسَاني ... رَاتقٌ مَا فَتَقْتُ إذْ أَنَا بُورُ ... إذْ أُجَارِي الشَّيطَانَ فِي سَنَن الغيْ ... يِ، وَمَن مالَ مَيْلَه مَثْبُورُ ... قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ﴾ أَيْ: فَقَدْ كَذَّبَكُمُ الَّذِينَ عَبَدْتُم فِيمَا زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ لَكُمْ أَوْلِيَاءُ، وَأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمُوهُمْ قُرْبَانًا يُقَرِّبُونَكُمْ [[في أ: "يقربوبكم".]] إِلَيْهِ زُلْفَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٥ -٦] . وقوله: ﴿فَمَا [[في أ: "فلا" وهو خطأ.]] تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا﴾ أَيْ: لَا يَقْدِرُونَ عَلَى صَرْفِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ وَلَا الِانْتِصَارِ لِأَنْفُسِهِمْ، ﴿وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ﴾ أَيْ: يُشْرِكْ بِاللَّهِ، ﴿نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب